|
الموازنة العامة للدولة العراقية بين الماضي والحاضر الكاتب:هلال الطعان(باحث واكاديمي عراقي) الناشر: المؤسسة الاعلامية العراقية(معاً) قبل الخوض في الموضوع يجب معرفة مالمقصود بالموازنة العامة public Budget ))؟ فالموازنة العامة هي ترجمة رقمية في شكل وتقسيم معين لنشاط السلطات العامة (الحكومة ) المتوقع خلال فترة زمنية مقبلة غالبا" ماتكون سنة . اي ان الموازنة هي تخمين للايرادات العامة المتوقع تحصيلها وتقدير الانفاق العام لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها السلطات العامة من القيام بنشاطها خلال السنة القادمة . وتعد الموازنة العامة اداة اقتصادية تساعد على اجراء التحاليل الاقتصادية وبالتالي رسم السياسات الاقتصادية بجانب كون الموازنة اداة رقابة السلطة التشريعية على التصرفات المالية للسلطة التنفيذية . وتخضع الموازنة الى عدد من القواعد ( لامجال لذكرها في مقال صحفي واحد ) تحدد هذه القواعد معالم الموازنة من الوجهة التشريعية والادارية والتنفيذية اذ تنصب هذه القواعد على علاقة السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية الممثلة للشعب فالسلطة التشريعية تعمل على اجازة الموازنة واعتماد الحساب الختامي لها . ويرجع نشوء اول موازنة في العراق الى عام 1921 اذ نظمت وفقا" لأحكام قانون اصول المحاسبات العثماني لسنة 1910 والتعليمات المالية التي اصدرتها الحكومة العراقية المؤقتة انذاك في ظل الاحتلال البريطاني . وبصدور دستور عام 1925 حدد الباب السادس منه الامور المالية والقواعد التي تنظم الموازنة التي يجب ان يقرها البرلمان كما اشار الى كيفية مراقبة البرلمان لها . وبقي العمل بقانون المحاسبات العثماني ونظام السلطة في الامور المالية حتى سنة 1940 اذ صدر قانون اصول المحاسبات العام رقم (28) لسنة 1940 الذي حل محل قانون اصول المحاسبات العثماني ونظام السلطة في الامور المالية . وبقيام ثورة 14 تموز عام 1958 الغي الدستور وتم حل البرلمان وفي دستور 29 نيسان عام 1964 حددت المادة التاسعة منه حق السلطة التنفيذية (وزارة المالية) في اعداد الموازنة العامة والموازنات الملحقة . ثم صدر بعد ذلك قانون الموازنة العامة الموحدة للدولة رقم 107 لسنة 1985 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 3083 في 2/2/1986 والمتضمن خمس وعشرون مادة وبعد ذلك صدرت بعض التعديلات على القانون اعلاه في عام 1990. الا ان الملاحظ ان اسس تخطيط موازنات الدولة العراقية منذ صدور القانون رقم 28 لسنة 1940 وحتى بعد صدور القانون رقم 107 لسنة 1985 وتعديلاته لم تخرج عن نطاق قواعد اعداد الموازنة الادارية ولم تحصل اي تغيرات هامة تذكر على قواعد تخطيط واعداد وتنفيذ الموازنة العامة منذ عام 1968 وحتى احداث 9/4/2003 بالرغم من حصول التغيرات الاقتصادية الكبيرة على الاقتصاد العراقي خلال هذه الفترة . فالموازنة العامة للدولة في عهد النظام السابق كانت تخطط وتصادق وتنفذ بسرية تامة جدا"وليس من حق اي مواطن او مسؤول في الدولة الاطلاع على ارقامها وفقراتها اما الشعب العراقي فلا يعلم ماهي الموازنة ولم يسمع بها في يوم ما وفي حال تسريب اي رقم او معلومة عن الموازنة وان كانت معلومة بسيطة فان ذلك يعتبر نوع من الجناية القانونية التي يعاقب عليها الشخص الفاعل بأقصى العقوبات قد تصل الى حد الاعدام شنقا" حتى الموت اما ماكان يسمى بمجلس الشعب فكان يصادق على الموازنة برفع اليد والموافقة بالاجماع والتصفيق ولا يعلم شيئا" عن الموضوع كما ان مراقبة تنفيذ الموازنة لم تكن موجودة فلا احد احد له صلاحية مراقبة انفاقها الا ازلام النظام السابق ونذكر على سبيل المثال لا الحصر في كيفية انفاق الموازنة كيف ان رئيس النظام السابق اعطى لنجله قصي مليار دولار بقصاصة صغيرة من الورق لا تتعدى حجم اليد الواحدة وهذه القصاصة موجودة في البنك المركزي العراقي حاليا" ؟! او كانت الموازنة تنفق على حروب خاسرة طائشة مع دول الجوار الجغرافي لا مصلحة للشعب العراقي فيها فلا ناقة ولا جمل والتي ادت الى تدمير الجنتلمان العراقي اي الاقتصاد العراقي كما كان يوصف سابقا" وتحميله ديون لدول ومنظمات ومؤسسات مالية وشركات وتجار قدرت بأرقام فلكية لايزال الاقتصاد العراقي يعاني منها اضافة الى الاف بل ملايين من الشهداء والارامل . اما بعد احداث 9/4/2003 وسقوط النظام السابق فقد صدر قانون الادارة المالية رقم 95 لسنة 2004 الذي ينظم الاجراءات التي تحكم تنمية وتبني وتسجيل وادارة وتنفيذ الموازنة الفيدرالية للعراق والامور المتصلة بها والتي تشمل القرض العام والضمانات والرقابة الداخلية والمحاسبة والتدقيق. وتكون مبادئ الشفافية والشمولية والانسجام ذات اهمية جوهرية عند تهيئة وتنفيذ الموازنة الفيدرالية والامور المتصلة بها ولأول مرة في تاريخ وزارة المالية تم اطلاع المواطنين على ارقام الموازنة واصبحت من اولويات الوزارة في عهد الوزارة التي تشكلت عام 2006 نشر الوعي للمواطن بخصوصر نشر معلومة الموازنة اضافة الى الانفتاح على وسائل الاعلام المختلفة . فسيلتزم مبدا الشفافية ان تنشر معلومات الموازنة وفق المعايير المقبولة دوليا" ويستلزم مبدأ الشفافية ان تشمل الموازنة كل المؤسسات والدوائر الحكومية التي تقوم بعمليات حكومية وان تقدم الموازنة فكرة متماسكة ومتكاملة عن عملياتها وفكرة اجمالية على التصويت عليها من قبل الجهة الحكومية التي ستكون السلطة التشريعية الوطنية (البرلمان العراقي ) الذي له الحق قانونا" في المصادقة عليها واجراء عملية المناقلة بين ابوابها وتخفيضها طبقا" لأحكام المادة (62) من الدسنور العراقي واستنادا" الى احكام الفقرة خامسا" أ من المادة مائة وثمانية وثلاثون من الدستور وله حق الاعتراض عليها كما انها تنشر في جريدة الوقائع العراقية وباقي الصحف المحلية الرسمية وغير الرسمية ويطلع عليها ابناء الشعب العراقي وعلى تفاصيلها دون تخوف او مسؤولية من اية جهة حكومية ويتم مناقشتها بشكل علني في مجلس النواب العراقي وعلى شاشات التلفزة وامام القنوات الفضائية والصحافة . كما ان اليوم وانسجاما" مع التسمية الجديدة لجمهورية العراق ولأقرار مبدأ ( الفدرالية ) في التصويت الذي جرى في 15/ت1/2005 فان قانون الموازنة اذ يصدر بهذا الوصف انما مطابق واقع ان ( الفدرالية ) نوع من انواع الادارة وليست ( اتحاد فدراليا" ) . كما ان تقسيم الانفاق العام على المحافظات العراقية في الموازنة يتم على اساس عدد السكان ومعيار المحرومية لكل منطقة وان اعداد الموازنة يأخذ بنظر الاعتبار العوامل الداخلية والخارجية المحيطة بـ ( بيئة العمل ) فالخارجية تتمثل بألتزامات العراق امام المجتمع الدولي من خلال ( اتفاقية الترتيبات الساندة S.B.A وثيقة العهد الدولي ) واما الداخلية فتتمثل بحاجات الاقتصاد العراقي والرؤية الوطنية المعبر عنها بوضوح في ستراتيجية التنمية الوطنية للسنوات الثلاث كما ان اقرارها لايكون بقرار فردي دكتاتوري بل تم من خلال موافقة مجلس النواب العراقي ومجلس الرئاسة ومن ثم تنفذ من قبل السلطة التنفيذية المتمثلة بوزارة المالية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |