|
بعض الملاحظات حول حق المرأة في التصرف بجسدها وعواطفها
اشكر السيد حامد حمودي عباس والسيدة تانيا جعفر على حوارهم القيم حول حق المرأة في التصرف بجسدها و مشاعرها بنفسها عندما عقبت على موضوع احد الكتاب حول نتائج الاستفتاءات المخيبة للأمل التي طرحها الحوار المتمدن حول موضوع (هل تؤيد أن تكون للمرأة علاقات جنسية قبل الزواج واعتبار تلك العلاقات شأنا شخصيا ليس لأحد الحق بالتدخل فيه؟) والنتائج المخيبة للآمال, لان حسب رأي الكاتب بان من المفروض أن يكون أكثر زوار الحوار المتمدن هم من اليساريين و العلمانيين و الشريحة المثقفة وأنا أضيفت أيضا إن معظمهم يعيش في الدول الغربية, وكما أشرت إلى أن كثرة التعليقات حول الموضوع اثارت انتباهي, إضافة إلى إن الموضوع حساس والنقاش حوله محرم في مجتمعاتنا الشرقية والإسلامية. في بداية المقال أكدت على أن الطريق لا زال طويلا للوصول إلى تلك المرحلة التي يكون للمرأة الحق في التصرف بجسدها و مشاعرها. الإنسان يعيش في الدول الشرقية والإسلامية تحت ضغط اجتماعي كبير سواء أكان رجلا أم امرأة, و لكن الضغط على المرأة لا يقاس بالمقارنة مع الضغط المسلط على الرجل وتسمية المرأة بالحرمة لهو اكبر دليل على الدور الدوني للمرأة في المجتمع. اتفق مع السيد حامد بان تقبل المجتمع لفكرة حق المرأة في التصرف بجسدها و مشاعرها ضعيف جداً ويحتاج إلى أرضية صالحة وأسس موضوعية تتجلى في بنية ووعي المجتمع, فحتى المكتسبات التي حصلت عليها المرأة الغربية لم تأت بين ليلة و ضحاها بل كانت نتاج سلسلة طويلة من كفاح و نضال الحركات النسوية (الفمنيستية ) و الحركات اليسارية والمدافعة عن حقوق الإنسان . طرح الفكرة بهذا الشكل العلني هو ليس معناه بان المرأة في مجتمعاتنا الشرقية حصلت على جميع حقوقها وبقيت فقط مسالة حقها في التصرف بجسدها و عواطفها والتحرر الجنسي, بل الفكرة هي إثارة هذا الموضوع الحساس - التابو – للنقاش مهم جدا في مجتمعاتنا , لان العلاقات الجنسية تمارس سواء قبل الزواج أم بدون الزواج وحتى مع الجنس المشابه (مثلي الجنس) ولكن بشكل غير مرئي وسري ومشوه وتحت ضغط, مما ينتج عنه مأسي حقيقية تجد تعبيرها في الكبت وأوضاع نفسية معقدة ومحطمة وعلاقات جنسية وعاطفية غير طبيعية ورياء لا مثيل له. نعم, الطريق مليء بالأشواك وملغم والوصول إلى هذه المرحلة يستغرق وقتاً طويلاً, إذ لا زال هناك الكثير من الدول التي لا حق للمرأة حتى في سياقه سيارة, وفي دول أخرى لا زالت المرأة محرومة من حق التصويت والترشيح . والأكثر خزيا نراه في واقع وجود ملايين الفتيات يتعرضن للختان سنويا ويفرض عليهن الزواج القسري و الرضوخ لقرار الرجل في تعدد زوجاته. لم اشر بان إثارة موضوع حق المرأة في التصرف بجسدها هو المطلب الوحيد والرئيسي والاني للمرأة في مجتمعاتنا الشرقية و الإسلامية , بل حللت, حسب رأيي المتواضع, أسباب عدم تقبل المجتمع وكذلك اليساريين والعلمانيين والمثقفين لحق المرأة في التصرف بجسدها و مشاعرها بنفسها. الأديان السماوية بشكل عام والدين الإسلامي بشكل خاص يدعم الفكر الذكوري ويعطي الرجل الحق الكامل في التصرف بجسد وعواطف وذهن المرأة. أن قوة وتأثير الدين الإسلامي في مجتمعاتنا على حياة الفرد كبيرة ومؤثرة, حيث الشريعة الإسلامية هي التي تنظم حياة الفرد وتدخل في كل تفاصيلها. مجتمعاتنا الإسلامية تنظر نظرة أخلاقية بحتة للعلاقات الجنسية التي لا تقوم على اساس الزواج, والطرف الأكبر الذي يجب أن يتحمل المسؤولية هي المرأة . لا يهم كيف تكون العلاقة بين الشخصين في إطار الزواج الديني ,المهم تسميته زواج وتحت مباركة رجال الدين, ولكن لا اعرف حتى الآن : ماذا تسمى تلك الاهانات والأساءات التي توجه للمرأة تحت اسم زواج المتعة و زواج المسيار ......... الخ. ولكني لا أجد فرقأ بين ذلك وبين ممارسة الجنس في بيوت الدعارة ؟ ألأ يعتبر زواج المتعة أو اشكاله الأخرى المحلل دينيا وشرعيا التحرر الجنسي غير الإنساني ولصالح الرجل فقط ؟ الفرق هنا يبرز في كون المتعة لا تجري في بيوت الدعارة, يدار من قبل سماسرة الجنس، و تلك الأنواع من الزواج تدار من قبل رجال الدين, ولكن الوظيفة واحدة والضحية هي المرأة في الحالتين. والنقطة المهمة من تحليلي هو كذب ورياء مجتمعاتنا الإسلامية فيما يسمى -الأخلاق والعفة - من خلال جسد المرأة وغشاء بكارتها والذي من الممكن إجراء عملية جراحية والحصول عليه مرة ثانية وخداع الزوج الفخور بأنه الرجل الأول الذي يمس جسدها , والاهم من كل ذلك في مقالي السابق هو ربط غشاء البكارة بظاهرة بشعة كبيرة تحصل يوميا وهو سلب المرأة حق الحياة بسبب فقدان غشاء بكارتها وحتى إذ لم يكن بسبب ممارسة الجنس بل لأسباب أخرى فسيولوجية أو أسباب تعرض الفتاة لحوادث جسدية .كم هو عدد الفتيات اللواتي تم سلب حق الحياة منهن فقط بسبب شكوك وأوهام وبعد ذلك بين الطب الشرعي إن الفتاة عذراء ولم تمارس أي جنس, أو قتل النساء فقط بسبب علاقات عاطفية إنسانية , أو تم اغتصابها من قبل احد إفراد العائلة, أو حتى رفض الزواج من شخص في الأسرة يتم اختياره لها. كانت هناك تعليقات تقول بأن التوقيت غير مناسب لطرح هذا الموضوع حاليا وليس هو من أولويات اليساريين و العلمانيين التطرق لمسالة الجنس لأنه لن يكن في صالحهم ألان , وسنكون هدف سهل لقوى الظلام في قمع الشيوعيين واليساريين واتهامهم بالإلحاد والمشاعية وتشويه سمعتهم. نعم يتهم الشيوعيون واليساريون في مجتمعاتنا بكونهم يروجون لمشاعية المرآة وممارسة الجنس حتى مع إفراد عائلته وبالكفر والالحاد, ولا اعتقد ان قوى الإسلام السياسي والقوى الرجعية سوف تتوقف يوما ما ولو للحظة واحدة عن التشهير وتشويه سمعة اليساريين والعلمانيين وناشطات نسويات بتلك الاتهامات القذرة بغض النظر عما إذا طرح هذا الموضوع للنقاش أم لا . السؤال هنا لماذا عممت هذه النظرة عندما يتم الحديث عن الشيوعيين في مجتمعاتنا الشرقية و الإسلامية ؟ اعتقد انها برأيي من تشيء المرآة ( اعتبار المرأة شيء او بضاعة ) في نظر المجتمع أي اعتبار المرأة مللك مثل أي شيء أخر يمكن ان يمتلك, وعندما نقول الشيوعية يعني ليس هناك ملكية خاصة وبالتالي المرأة (سلعة-ملكية) تخضع لقانون الملكية المشاعية , و ربطه بالأخلاق يأتي برأيي لضرب الفكر الشيوعي و اليساري وهي الطريقة الفعالة وسهلة التقبل اجتماعيا في وعي الفرد في المجتمع الإسلامي لان الأخلاق مرتبطة بذهنه بجسد المرأة وغشاء بكارتها و التي يجب أن تكون ملكية خاصة لرجل معين وليس للآخرين حق امتلاكها في مجتمع لا زال هو مجتمع الرجل بكامله . لكن في المجتمعات الغربية عندما ينتقدون الفكر الشيوعي ينتقدونه باعتباره فكراً مركزياً شمولياً تغيب عنه الديمقراطية وحقوق الإنسان - المعسكر الاشتراكي نموذجاً - بشكل عام . حيث ان الفرد الغربي لا يربط الشيوعية بمشاعية المرأة أو النظر إلى الشيوعيين بمفهوم أخلاقي مرتبط بالعلاقة الجنسية أو جسد المرأة . في 1848 عندما اصدر المفكران العبقريان كارل ماركس وفريدرك أنجلس البيان الشيوعي, كانت حركة تحرر المرأة في بداياتها. وقد رد على متهمي الشيوعيين بمشاعية المرأة ب: ((لكنكم، أيها الشيوعيون، تريدون إدخال إشاعة النساء". كذا تزعق بنا بصوت واحد البرجوازية كلها. فالبرجوازي يرى في امرأته مجرَّد أداة إنتاج. وهو يسمع أن أدوات الإنتاج يجب أن تشتغل جماعيا. وطبعا، لا يسعه إلاّ أن يعتقد بأنّ قدَر الاشتراكية سيصيب النساء أيضا. ولا يدور في خلده أنّ الأمر يتعلق، ضبطا، بإلغاء وضع النساء كمجرّد أدوات إنتاج. وللمناسبة، لا شيء أكثر إثارة للسخرية من ذعر برجوازيتنا الأخلاقي المسرف في أخلاقيته، من إشاعة النساء الرسمية، المدَّعَى بها على الشيوعيين. فالشيوعيون ليسوا بحاجة إلى إدخال إشاعة النساء، فقد وُجدت على الدوام تقريبا. فبرجوازيّونا، غير القنوعين بأن تكون تحت تصرّفهم، نساء بروليتاريتهم وبناتهم، ناهيك عن البغاء الرسمي، يجدون متعة خاصة في أن يتداينوا باتفاق متبادل. فالزواج البرجوازي، في الحقيقة، هو إشاعة النساء المتزوجات. وقصارى ما يمكن أن يُلام عليه الشيوعيون، هو أنهم يريدون إحلال إشاعة رسمية وصريحة للنساء محل إشاعة مستترة نفاقا. وللمناسبة، من البديهي أنه بإلغاء علاقات الإنتاج الراهنة تزول أيضا إشاعة النساء الناجمة عنها، أي (يزول) البغاء الرسمي وغير الرسمي.))
(( لكنكم، أيها الشيوعيون والتحرريون والمدافعون عن حقوق المرأة ، تريدون إدخال إشاعة النساء وإباحة الجنس". كذا تزعق بنا بصوت واحد البرجوازية و الرجال والنساء المتعصبين للفكر الرجولي وقوامته على المرأة في الشرق ومنظريهم من ملالي وشيوخ الإسلام السياسي المتعفن كلها. فالبرجوازي والرجل المتعصب جنسيا يرى في امرأته مجرَّد أداة لخدمته وأداة متعة له واحد أملاكه. وهو يسمع أن أدوات الإنتاج يجب أن تشتغل جماعيا. وطبعا، لا يسعه إلاّ أن يعتقد بأنّ قدَر الاشتراكية سيصيب النساء أيضا. ولا يدور في خلده أنّ الأمر يتعلق، ضبطا، بإلغاء وضع النساء كمجرّد أدوات إنتاج وخدم للرجل ورغباته. وبالمناسبة، لا شيء أكثر إثارة للسخرية من ذعر (رجعيينا وشيوخنا وحتى أشباه اليساريين والعلمانيين) الأخلاقي المسرف في أخلاقيته، من التحرر الجنسي للمرأة، المدَّعَى به على الشيوعيين. فالشيوعيون ليسوا بحاجة إلى إدخال إشاعة النساء والتحرر الجنسي، فهم يدركون حق المرأة في التصرف بجسدها وعواطفها ومشاعرها, ولكن يمارسها الرجال الأغنياء في المجتمع بحكم قدرتهم المالية على ذلك. ماذا يسمى تعدد الزوجات حسب الشرع المحمدي , زواج المتعة , زواج المسيار , الزواج العرفي , زواج السياحي ...... الخ من أنواع الزواج الديني والقانوني.\ فهؤلاء ، غير القنوعين بأن تكون تحت تصرّفهم، نساء الفقراء وبناتهم، ناهيك عن البغاء الرسمي والبغاء الإسلامي الشرعي ، يجدون متعة خاصة في أن يتبادلوا النساء باتفاق, وكذلك الزواج من صغيرات السن وفقا للسنة النبوية الحميدة . فالزواج في مفاهيمهم القروسطية ، في الحقيقة، هو إشاعة النساء للرجل فقط !!! . وقصارى ما يمكن أن يُلام عليه الشيوعيون، هو أنهم يريدون إحلال علاقات جنسية وعاطفية إنسانية بين الرجل والمرأة يحترم فيها جسدهم ومشاعرهم , وإنهاء مشاعية النساء للرجل الموجودة حاليا والمعترف به دينيا وقانونيا. من البديهي أن إلغاء علاقات الإنتاج الرأسمالية الراهنة تزول أيضا إشاعة النساء الناجمة عنها، أي (يزول) البغاء الرسمي وغير الرسمي.)) يتحمل اليساريون والعلمانيون مسئولية التقصير في عدم الترويج لثقافة الحقوق الجنسية للمرأة والرجل, وبالتالي فهم يشاركون الى درجة ما في التعتيم على هذا الأمر المهم جدا وترك المجال والساحة للقوى الدينية والرجعية في التحكم في الموضوع حتى أصبحت وجهة نظر هذه القوى هي المسيطرة في عموم مفاصل المجتمع الشرقي وثقافته وبما فيه الأحزاب اليسارية والعلمانية وشخصياتها إلى حد كبير!. احد الطرق لتحرر الفرد في مجتمعاتنا برأي, سواء أكان رجلا أم امرأة, هو تحطيم تلك التقاليد والعادات الذكورية التي ترسخت عبر الدين وشيوخ الدين في عقول الناس وفي البنية الاجتماعية و ابتعاده عن الفضاء والتنظيم الهيكلي العام للمجتمع و حصره في الإطار الشخصي, أي ترك الدين كأمر شخصي للفرد وإبعاده عن أسس وأساليب تنظيم حياة الفرد في المجتمع كما حصل في تحديد دور المسيحية والأديان الأخرى في الأطر العامة للمجتمعات الغربية بشكل عام وإبقائه كشأن شخصي للإفراد. طبعا الوصول إلى هذه الدرجة من الوعي الاجتماعي والثقافي والسياسي يحتاج إلى أسس موضوعية وتطور اجتماعي واقتصادي وفكري كبير مصاحب لتنوير ديني وهذا يحتاج إلى نضال وعمل مرهق وكبير في مجتمعاتنا والطريق ما زال طويلا. عندما قلت بان العلاقة الجنسية الراقية المبنية على العواطف والمشاعر المتبادلة بين الطرفين والبعيدة عن الكذب والنفاق هو ليس ادعاء حق المرآة في ممارسة الجنس كما يمارسها الرجل المريض الذي لم يصل إلى إشباع رغباته و نزواته الحيوانية و يحاول صيد أي فريسة إذ حصل عليها, حيث تم تفسير مقالي الأخير من قبل البعض باني ادعي إلى تفسخ الأسرة وانحلالها. الأسرة برأيي يفترض أن تقوم على اتفاق أو شراكة طوعية بين شخصيين ناضجين, والعلاقة الجنسية والعاطفية الراقية تستند إلى احترام الإنسان لجسده وعواطفه وجسد وعواطف الطرف المقابل, ولابد إن يكون الزواج طوعيا و مبني على رغبة واتفاق الطرفين بعيدا عن كل المصالح المادية أو الاجتماعية. في هذا الجو السليم من العلاقة لا يحتاج الإنسان إلى الكذب والرياء, بل فقط إلى المشاعر والرغبة المتبادلة والأمان والثقة والتفاهم والاحترام يكون مقياساً لإدامة العلاقة أو الشراكة الزوجية والجنسية واستمرارها . التعليم والحوار والنقاش المفتوح مع الشباب و الشابات حول الثقافة الجنسية الراقية و تعلم الفرد احترام جسده و مشاعره سواء أكان رجلا أم امرأة يخلق مجتمع واعياً وأنسانياً سليماً مبنياً على الصدق والثقة بالنفس: الرجل سيتحرر من أن يكون كحيوان مفترس يهجم على أي فريسة ليمتلكها, وتتحرر المرأة من الخوف وعدم الثقة بالنفس من حيوانية – الرجل المتعصب - الذي لا يرى في المرأة إلا أداة لتلبية رغباته فقط ونزواته الحيوانية البعيدة عن القيم الإنسانية الراقية. العلاقات العاطفية والجنسية يجب إن تكون شأن شخصي بين الطرفين بعيدا عن سلطة الدين والدولة والمجتمع الذي من مسؤوليته إشاعة الثقافة الجنسية وترسيخ الحقوق الإنسانية المتعلقة بها للرجل والمرأة وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص. للمزيد عن الموضوع
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |