|
عمروبن العاص والاستراتيجية العراقية سهيل أحمد بهجت كانت زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد "عمروبن العاص" إلى العراق فرصة سانحة لي ككاتب ومراقب سياسي لكي أقوم بالحكم على السياسية الخارجية العراقية ومدى نجاحها وفشلها بالمعايير العراقية والوطنية، وبينما يستعد الشعب العراقي للاحتفال بعيد النوروز العالمي وذكرى ثورة البطل الفارسي الإيراني الشهير كاوه الحداد على الطاغية الداهاك، فإن الحكومة العراقية تحضر نفسها لأسبوع مكافحة الفساد والذي نرجوأن لا يكون أسبوعا للثرثرة الكلامية فقط، إننا كعراقيين بحاجة ماسّة لبناء مراكز البحوث والدراسات الجيوبوليتيكية لكي تستطيع الحكومة العراقية من بناء منظومة سياسية براغماتية تراعي مصالح الشّعب العراقي أولا وأخيرا وبعيدا عن الأيديولوجيا الدينية والنظريات القومية العنصرية التي تهدد على الدوام بتمزيق الوحدة الوطنية. ردّد عمروموسى وبشكل مكرر عبارة "عروبة العراق"!! في إشارة واضحة لا لبس فيها إلى أن على الدّولة العراقية أن تعود إلى العهود السابقة في أن يصبح مرة أخرى جزءا من المحاور التكتلات في إعادة سمجة لما عاشه العراق أيام قادسية الدكتاتور البعثي صدام وجبهات القتال شرقا وجنوبا، وإذا كان العراق بحاجة إلى علاقة متينة ـ وهوالبلد المظلوم جغرافيا ـ مع كافة دول الجوار والعالم، إلا أن المالكي صرح تصريحا يشفي الصدور حينما أعلن وفي خضم زيارة عمروموسى بأن: العراق يرفض سياسة المحاور.." وبالتالي لن يكون العراق بحاجة لأن يقف في الصف العربي ضد إيران ومع إيران ضد الولايات المتحدة، فالعراق لا يمكن له وهوالبلد المنهك والمدمر أن يكون جزءا من أي صراع، كما أن العراق حريص ـ وأن عليه أن يكون حريصا ـ في توفير أجواء السلم والاستقرار في داخل ومحيط العراق، ولكن على العراق أن لا يتخلى أيضا عن تحالفه مع الدول الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تزال تدعم الدولة العراقية وإن كان من أهم أولويات العراق الحفاظ على الهدوء الحالي وتفادي أي صدام أمريكي إيراني. يمكن للعراق أن يحول نفسه إلى محور إيجابي في المنطقة، عبر تحويل البلد إلى مغناطيس لجلب الاستثمارات المالية والمشاريع الإقتصادية بعيدا عن التنظير الأيديولوجي الفارغ، وقد سبق لنا وأن رأينا كيف أن أحزابا دينية وتيارات معممة وحينما تمت مناقشة "قانون الاستثمار" في البرلمان راحت هذه الكتل القروسطية المتخلفة تضع القيد تلوالآخر على المستثمر الأجنبي، بحجة أنه يهودي وصهيوني إمبريالي!! يمكن أن يتسلل إلى الاقتصاد العراقي، مع أن العراق لا يملك أي اقتصاد على الإطلاق. إن الدولة العراقية يجب أن تبني فلسفتها السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية على أساس العلمانية المعتدلة والبراغماتية التي ستمكن العراق من تجاوز المحنة الطائفية والقومية، والواضح أن المالكي حينما اختار لقائمته الانتخابية اسم "إئتلاف دولة القانون" كان مدركا تماما أن الشعب أصبح واعيا ورافضا للمتجارة بالدين أولا وتقسيم العراق قوميا وعنصريا ثانيا، ولذلك لم يكن غريبا أن يفشل المراهنون على الطائفية والقوميون العنصريون الذين يكررون على الدوام تسمية الشعب العراقي بـ"الشعوب العراقية"!! لتقسيم العراق على نسق الزرقاوي وأشباهه. لذلك نقولها لعمروبن العاص: العراق ليس دولة "عربية" و"إسلامية" بل العراق "عراق إنساني مقدس بذاته".
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |