اللغةُ الوسطى عندَ (فاطمة الزهراء بنيس )

 

عبداللطيف الحسيني

alanabda9@gmail.com

 ما لا أعنيهِ تلك اللغة التي تُكتبُ بها النصوصُ المسرحيّة التي تُقرأُ بوجهين: الفصحى والعاميّة معاً, ما أعنيهِ: اللغة العاديّة التي تُتقنُها (بنيس) في لوعة الهروب . هذه اللغةُ التي يكتبُ بها جلُّ شعراء المغرب، ضمنا محمد بنيس: الأكثر شهرة، إنّها تلك اللغة المغاربيّة التي تركَها أغلبُ شعراء الشرق . أقصدُ بها اللغة  الكلاسيكيّة التي تقولُ معانيها البلاغية أكثرَ ممّا يقوله مناخُ النصِّ المرنِ القابل للإيحاء، بعكس ِما تقولُه لغةُُ ( لوعة الهروب) التي تستجدي البلاغة العربيّة في صلابتها، وربّما في حوشيتها التي كَتَبَ بها (البياتيُّ ونازكُ الملائكة وفدوى طوقان).

هؤلاء الثلاثة تشرّبوا الكلاسيكية، فما كانَ منها أنْ تكونَ أمينة إن طلبوها . وهي من أقربِ الموارد، ليستْ بحاجةٍ إلى استجداءٍ وطلبٍ, وفاطمة لا تكتبُ بهذه اللغة، بل تحاكيها بقليلٍ من تأثرها بمناخٍ شعريٍّ مُترجَم ٍ: فرنسيّ ربما وإسباني . لأجل كليهما فنصُّها لا يعاني من ركّة في التعبير، بل تجاريه، ولا تقولها فاطمة، إلا حين تهربُ وتخونُها (لذةُ النصّ) . هذا إنْ علمنا أنّ فاطمة تكتبُ الشعرَ نثراً . تكتبُه،لكنْ بأدواتِ الستينيات، حين كانَ الشعرُ يريدُها، ولا يريدُ غيرها، ربما تتفاجأُ فاطمة بهذا الكلام النظري، لكنْ ما يقوله نصُّ (لوعة الهروب) يؤكّدُه التطبيقُ، لنْ آتي بأمثلةٍ عمّا ذهبتُ إليه، فقط لأُُوكّد، وليؤكّد معي تكرارُ القافية التي تجيدُها فاطمة أحيانا، وهي تعلمُ أنّ النثرَ يُبعدُ أيّ طقسٍ كلاسيكيّ، القافية خصوصاً، من هنا جاءتْ كلمةُُ الشاعر: (عبدالكريم الطبال) كلمةًً مضضيّةً، فيها اندفاعٌ لهروب قول ما لا يُقال عن المجموعة ، يريدُ أنْ يقولَ ما تريدُه فاطمة، وما  تحبّذه فاطمة، إنها كلمة شعريّة أكثر ممّا هي نقديّة، كانَ بإمكاني أنْ أقولَ إنها كلمة هروبية . أتتْ تقريظيّة أكثر ممّا أتتْ تحليليّة . فلنقرأْ (فاطمة الزهراء) في: (بين ذراعيْ قمر).

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com