المواطن الغربي يحسد المواطن العربي

 

جهاد علاونه

jehad_alawneh@yahoo.com

طبعاً هي كثيرة الأمور التي نستحق ُ أن نحسد عليها مثل: الأندية الثقافية والأحزاب السياسية، وكذلك ومنتزهات الترفيه، والألعاب الإلكترونية، وأجهزة الكمبيوتر المنتشرة في البوت الأردنية بالعشرات في كل منزل، طبعاً بمقابل ذلك يجب أن نحمد الله على الحكومات العربية النزيهة والتي تخلو من الفساد المالي والثقافي .

وبالرغم من أنني علماني ومتشدد ٌ بعلمانيتي اليسارية، غير أنني أستمع كثيراً للدروس الدينية مهما كانت قاسية على وظائفي الثقافية، ولا تهمني من أي مشكاة أو عن أي مشكاة تصدر المهم أنني أستمع للجميع، وصدري وسيع، وفي حارتنا بحكوا عنّي: عُمرنا ما شفنا أبو علي زعلان!!

واليوم أنا في إحدى الحارات لتقديم التعازي, وفي الحقيقة هذي المرة إشي بزعل طبه وغصب، أو إشي بخلي الواحد يزعل طبه وأحيانا بخلي الواحد (يسب ..ال...) وطبعاً دائماً ما يخرج من بين الحضور فارس داعية لحيته تتقدم ذقنه, حيث يحمد الله كثيراً ويثنى عليه...... والآن هاهو وقد قام ..وقال أما بعد:

"والله يا أخوان هذا الدين بحاجة إلى جهد كبير، والله في أمريكيا بحسدونا هم واليهود والنصارى على هذا الدين، والله يا أخوان هؤلاء الذين ينتحرون في السويد أهاليهم بنادولنا تعالوا ساعدوننا يا مسلمين ...إلخ"

طبعاً أنا جالس وأستمع لتلك القصص والمغامرات، ولست معتاداً على تكذيب الآخرين بس يعني بصراحه الشيخ زادها،زادها جداً، مش بس زادها، وكمان على الآخر، يعني أنا رحت ما أصدق حالي، رُحت ما أصدق إنه السويدي ألآن جالس في أعتى وأجمل مقهى في السويد وبين ذراعيه عشيقته، وبنفس الوقت يحسدني أنا الأردني الذي لا توجد بمدينته أندية ليلية، أو حتى نادي واحد، أو هيك مرة واحده يطلع مش هو وحبيبته بل هو وزوجته وما يلحقهمش على الطريق 10 عرصات، ويحسدني أنا الأردني الذي يمشي طوال النهار من سربيس إلى سربيس، ومن محطة نقل إلى محطة نقل أخرى، أنا الأردني : تخيلوا معي، كيف يحسدني السويدي على معدل دخلي الشهري، الذي لا يتجاوز 150 دولاراً أمريكياً، وكنت أريد أن أقول للشيخ : إذا السويدي بنتحر بالسويد وهو يبلغ من العمر 50عاماً أو أربعون عاماً، فصدقني لو أنه في الأردن لإنتحر في سن العشرين سنة من عمره .

كدتُ أن أصدق ذلك الشيخ الوقور بأن الأمريكي الجمهوري والأمريكي الديمقراطي، يحسدون جهاد العلاونه على الديموقراطية التي يتمتع بها في الأردن، ولا يدري الأمريكي بأنني فصلتُ من عملي وكنتُ أهددُ يومياً بترك الثقافة والكلام الفارغ .

فعلاً أنا كدتُ أن أصدق الشيخ وسرحتُ معه بأفكاري، وصدقتُ فعلاً بأن الياباني يحسدني وأن أبناء الياباني يحسدون أبنائي على الألعاب الإلكترونية التي يلعبها أولادي طوال النهار، أوصرتُ أقول بيني وبين نفسي : أي إفرحوا يا أولاد جهاد العلاونه، إنتوا عايشين عيشه بحسدكم عليها أولاد الأستراليين واليابانيين، أي هو الشيخ معقول إنه مش عارف إنه صارلي سنه بحاول أجمع ثمن كمبيوتر لي ولأولادي ومش عارف أشتريه ؟؟؟

ومسكين إبن الياباني الذي لا يملك وسائل ترفيه إلكترونية كاللتي يملكها أبني علي وإبنتاي : برديس ولميس، العصافير الأردنية المهاجرة من منتزه إلى منتزه ومن دار أوبريت إلى دار سينما .

لماذا لا نتوقف أو لماذا لا تتوقف أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء عن بث تلك السموم في كل مكان، إنهم دائماً في المساجد والخطب والوعظ والإرشاد يقنعون المواطن العربي المسلم من أن اليهود والأمريكان والأستراليين والفرنسيين، كل هؤلاء يحسدون المؤمن المسلم على دينه الإسلامي وعلى حاكمه العادل المستبد .

حتى أن المرأة في باريس تحسدُ المرأة الأردنية على جمالها وعلى أناقتها وترتيب ثيابها وقدرتها على الحب وممارسة الجنس مع عشيقها، إن المرأة الفرنسية العبدة الذليلة الخانعة تحسد المرأة العربية الملكة التي تجلس في بيتها وكأنها (كيس خضره) أو (شوال طماطم) وتتخيل نفسها ملكة على بيتها وزوجها وأولادها والكل في خدمتها .

حقاً إننا محسودون على عيشتنا وصدقوني في بلدتي نساء لم يشاهدن الشارع من عشرين عاماً، وهذا فضلٌ من الله، نحسدُ عليه، وهنالك بنات أصبحت أعمارهن 40 عاماً ولم يذقن طعم القبلة أو مسحة الرأس من يد ناعمة عاشقة، وهنالك في مدينتنا شباب ينتشرون هنا وهناك باحثون عن مأوى وعن زاوية يشربون بها (لتر بيره) فلا يجدونه وهذه في الحقيقة نعمة كبيرة من الله عليهم يحسدهم عليها الطليان والأمريكان .

هم يحسدوننا في الدول الغربية على عدد النسخ التي يطبعها الكاتب الأردني أو العربي والتي أعلاها 1000 نسخة، علماً أن ألمانيا أقل نسبة طباعة هي 15000 نسخة .

هم الآن يجلسون على المقاهي في الولايات المتحدة الأمريكية ويحسدون المواطن العراقي على تجربته الديمقراطية ويحسدون المصري على معدل دخله السنوي ويتمنى الأمريكي أن يحصل على فيزا عمل للولايات المتحدة المصرية .....إلخ .

الطالب الجامعي السويسري، يحسد الطالب الجامعي السوري، والمهندس الألماني يحسد المهندس العربي، والمصيبة الكبرى أن المثقف سارتر كان يحسدُ المثقف المصري على جمال عبد الناصر، وكذلك اليوم يحسدني أنا المثقفون الألمان، تخيلوا معي !!!وخصوصاً الذين يقرؤون في سيرتي الذاتية، تخيلوا معي وبدون الإستهزاء على شخصي العظيم !!! تخيلوا وتصوروا كيف بالمثقف الأمريكي والفرنسي والبريطاني يحسد جهاد العلاونه المثقف الأردني الذي تبحث عنه طوال النهار الأجهزة الأمنية لكي تقدم له مكافئة على أعماله الثقافية التي تسعى لتطوير المجتمع المدني .

يعني أخيراً، مش هذا الكلام عيب عليك يا شيخ؟

عيب أم مش عيب على شيبته ؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com