بين مفهوم المواطنة الأمريكية و مفهوم المواطنة العراقية .. في ضوء وصول الرئيس اوباما للحكم

 

مازن الياسري

alyasery_site@yahoo.com

مرت فترة على فوز المرشح الديمقراطي السيناتور باراك حسين اوباما، بالانتخابات الأمريكية الرئاسية .. وبطبيعة الحال نحن بحاجة لقرأه فوز اوباما من أكثر من زاويا .. كما لابئس بالمقارنة بين واقع المواطنة الأمريكية الذي افرز وصول اوباما و بين واقع المواطنة في العراق .

الولايات المتحدة الأمريكية، البلد الأكبر على المعمورة بمقدراته و نفوذه، رغم تاريخه القصير و الحافل .. انه القطب الواحد في عالمنا .. وبطبيعة الحال فالعالم بأسره يتابع كل صغيرة و كبيرة في هذا البلد .. وخاصة ألانتخابات الرئاسية في أمريكا، حيث هي شغل شاغل للعالم اجمع .. فرئيس هذا البلد لا ينحصر دوره في مجال بلاده فقط أو في المجال الإقليمي بل يتعدى ذلك للتأثير في العالم اجمع .. الولايات المتحدة وكما توصف بقلعة الرأسمالية و ببلاد التجربة الديمقراطية، الموقف العالمي و خاصة الشعبي حيالها منقسم بين مؤيد و داعم و رافض و معادي .. فالمؤيدون يمجدون إما المعارضون فيشوهون .. انه صراع الإيجاب و السلب (جدلية التاريخ بين المتناقضين) .. إلا إن حدث الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي توجت المرشح الديمقراطي (باراك اوباما) لمنصب الرئيس الرابع و الأربعين للولايات المتحدة الأمريكية جعلت جميع المنصفين و الموضوعيين على بقاع المعمورة الشاسعة تتأمل بأحترام ما جرى في بلد الديمقراطية .

ففي المرحلة التي يعج بها العالم بالأحداث و التحديات و الصراعات .. وفي أقسى مراحل النزاعات الحضارية و الثقافية نجد إن العالم الحر (كما يسمى) أصبح بقيادة رجل اسود اللون و من أصول افريقية مسلمة، إنها قمة ما وصل إليه العالم المعاصر من مفاهيم المواطنة .

 

الرجل الأسود في البيت الأبيض

لعل أهم المشكلات التاريخية التي برزت في الولايات المتحدة وتركت ضلالها على الواقعين الداخلي و الخارجي في أمريكا ... قضية التمييز ضد السود، فعلى الرغم من إن الولايات المتحدة بلد متنوع في سكانه فالأمريكان من عدة أعراق و ثقافات مختلفة تجمعت من مختلف اقصاع العالم بهجرات متنوعة، إلا إن التمييز ضد السود كان الظاهرة الأبرز .. معاناة السود الأمريكان أو (النغر) كما كان يطلق عليهم على سبيل النكاية استمرت لفترات متأخرة من القرن العشرين، بل إن جزء طفيف منها قد لا يزال موجود ليومنا هذا .. ولكن كل ذلك لم يحول دون وصول رجل اسود البشرة من أصول افريقية مسلمة لسدة الحكم في البيت الأبيض .

فوز اوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية، يعد متغير هام في تاريخ الولايات المتحدة و العالم وفي مفاهيم المواطنة حول العالم .. ففوز اوباما أعطى مؤشر جديد في مجال حقوق المواطنة و الانتماء و المشاركة و بالنهاية هو متغير في ملف حقوق الإنسان .. فوز اوباما وجلوسه في البيت الأبيض يعني إمكانية أي شخص من أي جنس أو عرق أو لون أو دين، ان يحكم الولايات المتحدة ما دامت جنسيته أمريكية .. بعبارة أخرى أصبح كل أمريكي بغض النظر عن أصوله قادر على الحلم له أو لأولاده بحكم هذه الدولة أو المساهمة بأي مفصل رسمي فيها .. في حين ان بعض السكان في مختلف دول العالم مصادر منهم حتى الحلم في ضوء التمييز الذي تنتهجه حكوماتهم و أنظمتهم السياسية .. ففي البلاد العربية مثلاً نحن نعيش وسط ملكيات عائلية او جمهوريات بصبغة الممالك، الحكم محصور فيها بأيدي عوائل او مذاهب او أعراق ... الخ .. في حين بقية الشعب ليس لهم الحق في الحلم بحكم بلادهم .. و لا حاجة للأمثلة فالرسالة واضحة كما اضن ..

 

بين أمريكا و العراق

على الرغم من كون العراق يفوق محيطه الإقليمي إجمالاً وبنسب كبيرة، بالنضج السياسي و الديمقراطية السلوكية السياسية .. وعلى الرغم من كل التحديات التي عاشها البلد خلال السنوات الماضية .. إلا إن حيز الحقوق و المواطنة على محدوديته النسبية هو يعلو ما موجود في الدول الإقليمية و المجاورة .. ولكن لنا وقفة بين المواطنة الأمريكية و المواطنة العراقية .. المواطنة الأمريكية تلك التي أوصلت الرئيس اوباما إلى البيت الأبيض متناسية لون بشرته و أصوله .. هل ممكن أن تتحقق في العراق .

بعبارة ابسط هل من الممكن أن نصل لمرحلة من الإيمان بالمواطنة بحيث يستطيع أي ممن يمتلكون الجنسية العراقية الترشيح لرئاسة البلاد بعيداً عن انتمائهم القومي و الديني و المذهبي و ألاثني .. هل هذا وارد في ونحن ندعي المواطنة الكاملة ضمن الدستور ؟

هل يستطيع عراقي مسيحي او صابئي او ايزيدي او من أي مكون اخر مادام يمتلك الانتماء و الكفاءة .. ان يتمتع بكامل حقوق المواطنة ومنها حقه بترشيح نفسه للتنافس لحكم بلاده التي ينال حقوقه و ينفذ واجباته من خلال دستورها .. الذي يضمن قيم المواطنة .

ام لازالت قيم المواطنة لدينا حبراً على ورق .. المواطنة لابد أن تصبح امراً واقعاً لأنها أساس الوطنية .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com