|
سلسلة: "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ" نذير علي القرشي الحلقة الرابعة /أنداد الله حلقات كشفية لواقع المسلمين في العراق وفلسطين وأحرار العالم, ومحاولة لتحفيز الهمم واتخاذ المواقف ضد الاستكبار والصهيونية العالمية, مستندين في ذلك على الكتاب الحكيم الذي فيه تبيان لكل شيء. لسماحة العلامة المفكر الشيخ القرشي بسم الله الرحمن الرحيم {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} النساء63 قبل الولوج بموضوع اليوم أحب أن أجيب عن مجمل التساؤلات التي وردتني من قبل القراء الكرام بعد مقالتي الثالثة من هذه السلسلة والتي ذكرت فيها محمود الصرخي ودعواته الأخيرة بالانضمام تحت لواء أستاذيه الجديدين السيستاني والأفغاني, و كانت بعض من هذه التساؤلات مشروعة والأخرى غير ذلك أو خارجة عن حدود طلب الحقيقة مهما كان نوعها بالإضافة إلى طريقة الطرح المرسل؟! في أولى مقالاتي(1) أشرت إلى أنني سأتناول فصائل المقاومة وقادتها, وأبين نقاط القوة والضعف, وأين أصابوا وأين أخطئوا فيها, وأشير إلى بعض الحلول المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ وبينت حينها أيضاً إنني سوف لن أتطرق إلى خونة الأمة والجواسيس عليها, والمتعاونين مع قوى الاستكبار العالمي سواء كان تعاونهم بالأمس أو اليوم أو غداً لا يهم ذلك عندي حيث أنهم مكشوفون عند أبناء الحرفة الواحدة وان حاولوا خداع الأمة؛ وتقع المسؤولية في إظهارهم للأمة وكشف القناع عن حقيقتهم على عاتق ذوي الاختصاص, فالقائد العسكري الخائن الذي باع مهنته وشرفها وسلم العراق إلى المحتل يجب شرعاً على زملائه من العسكريين أن يفضحوه بين أوساط العسكر المخلصين ولا تأخذهم به رأفة, وكذلك يجب أبراز المخلصين منهم والذين لم يبيعوا الوطن للعدو الكافر, وكذلك ينطبق هذا الأمر على السياسيين سواء كانوا في صفوف المعارضة للنظام السابق أو ممن كانوا مع النظام وعلموا بخيانة وتعامل جهة ما أو سياسي ما مع القوات الغازية الكافرة فيجب عليهم شرعاً فضحهم بين أبناء الأمة, وما ينطبق على هؤلاء وهؤلاء ينطبق من باب أولى على ما يسمى دارجاً بـ (رجال الدين) فهم كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : {أشرار علماء أمتنا المضلون عنا، القاطعون للطرق إلينا، المسمون أضدادنا بأسمائنا ، الملقبون أندادنا بألقابنا ، يصلون عليهم وهم للعن مستحقون}.(2) وبذات الوقت يجب الإشارة إلى العلماء الحقيقيين الواعيين الوطنيين الذين لم يساوموا على الوطن, وعند الغور في هذا الأمر والتتبع فيه والمراقبة له عن كثب من خلال الفعاليات والنشاطات التي قام بها البعض ممن تصدى لحقيقة العدو الكافر وتحرك ضده بالفعل أو بالقول كما حدث مع التيار الصدري وقائده والذي تناولناه في دراسة نقدية موسعة في السابق(3) وفي أثناء بحثنا ذاك كان لابد أن أضع الحلول البديلة والتي أراها أنجح الحلول وأقربها مطابقة للقوانين والموازين الشرعية لواقع العراق وأحرار الأمة الإسلامية, وفي هذه الإثناء لا استطيع أن أكون بعيداً عن المرجعية العاملة الناطقة المجاهدة التي ثبتت وفعلت المواقف القرآنية من خلال تحركها في المجالات كافة, سواء على الصعيد الجماهيري وتوعيتها, أو من خلال الفتاوى والبيانات الشرعية المساندة للمجاهدين والمقاومين للمحتل الكافر, أومن خلال الأطروحات التي كتبتها وعملت على نشرها بين أوساط الأمة, أومن خلال التيارات والتنظيمات والأحزاب المجاهدة والمقاومة التي أسندتها وتبنتها, أو عن طريق المواقف المبدئية التي اتخذتها. عندما أستشهد السيد محمد صادق الصدر(قد) فجعنا وصدمنا بهول المصيبة التي حلت علينا وعلى العراقيين جميعا, فمن أدرك وقائع السنين الأخيرة من حياة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قد) ورأى انتشار الحركة الدينية الموحدة للجماهير الواسعة بين شباب الأمة في نهاية السبعينيات بالعراق, وكيفية القضاء عليها بالاشتراك والتعاون ما بين النظام السابق والمؤسسة الدينية في النجف الأشرف في حينها ــ لتيقن أن استشهاد محمد صادق الصدر(قد)كان الكارثة والزلزال الحقيقي الذي وقع على العراق وأبنائه, وخسر العراق بذلك "مشروع المفارقات" كما عبر عن مشروعه الأستاذ عادل رؤوف (4). بقينا بعد استشهاده فترة من الزمن مضطربين, من يا ترى يمكن أن يحل محل السيد الشهيد ويستطيع أن يسد فراغه, علماً أنه لم يتركنا من دون أن يضع لنا الخطوط العريضة التي نرجع إليها في حال استشهاده, والذي أشار إليهم بوضوح قولا وفعلا كما هو معروف من سيرته الطاهرة في خطب الجمعة ولبسه الرداء الأبيض مدللا على استعداده للموت؛ فحين التأمل في أقواله ونصائحه لنا وبعد بدء البحث في دائرة المرجعية النجفية المحيطة بنا واستبعادنا لمرجعيات خارج الوطن في ذلك الحين لم نجد ممن تتوفر فيه المواصفات المطلوبة في ذلك الوقت غير مرجعية السيد علي الحسني البغدادي (أعزه الله) وحينما عرض عليه الموضوع من خلال أحد طلبته المقربين إليه شاركنا الرأي وتحفظ على قبول قيادة التيار وتولي إقامة صلاة الجمعة لأسباب يعرفها لم نكن ندركها في ذلك الحين (5). خلال هذه الفترة تسارعت الأحداث على العراق, وركد نشاط التيار, وأطمئن الكافر الذي خطط لاحتلال العراق من زوال هذا الأسد الذي كانت صلاته المليونية وخطبه النارية تشعل النفوس حرارة, وتوقظ القلوب توهجاً وأيماناً, وموحداً بها الشعب ضد الطاغية والاستكبار, وموجههم إلى راية الإسلام المحمدي الأصيل بوجيز العبارة وبراعة الأسلوب. وجاء العدو الكافر غازياً للعراق بجيوشه المدججة بسلاحي العلم والآلة الحربية المتطورة, يتقدمهم جيش من المرتزقة السياسيين والجواسيس والعملاء وتأييد وسكوت من قبل علماء السوء المذكورين في الحديث النبوي المتقدم. وخلال هذه الفترة ظهر لنا ممن تنطبق عليه المواصفات التي ذكرها السيد الشهيد (قد) وأولها رفضه لاحتلال القوى الكافرة لثرى العراق الأبي كما ذكرنا ذلك في مقال سابق (6). والنتيجة التي استخلصتها بعد دراستي لأراء السيد أحمد الحسني البغدادي وجدته ومن خلال التتبع الدقيق لأطروحاته الفقهية والفكرية ولنشاطاته السياسة ووضوح أمانته وغيرته على دين الله وحرقته على شعب العراق المظلوم من رجاله وشبابه المجاهدين والمقاومين بكل توجهاتهم الفكرية والعقائدية ماداموا يستهدفون قوات الاحتلال الكافرـ لذا فهو يؤيدهم ويدعمهم معنوياً وفقهياً من خلال الفتاوى المؤيدة والساندة لهم والمستنبطة من القرآن والسيرة النبوية, لذلك تبنينا نهجه في مقارعة أعداء الله لتوفر مجمل الشروط الشرعية فيه, لذا يرى المتتبع لمقالاتي أني أستشهد في أفكاره ومواقفه في كل مناسبة تدعوا لذلك لا مادحاً له على حساب شريعة الله, وإنما لتطابق أراه ومواقفه مع الدستور المحمدي الأصيل بالإضافة إلى وضوح ثوابته الوطنية المستمدة من الشرع الحنيف؛ ولو خالف ذلك -لا سامح الله- لخالفناه وعاديناه بعد أن ننصحه مراراً وتكراراً وبمختلف الطرق التي نراها مؤثرة وفاعلة؛ علما أني رأيته في بداية معركة النجف الأولى عندما كان في سوريا حيث جاءنا مباشرة بعد إعلان القتال ضد قوات الاحتلال ومن دون الذهاب إلى أهله والاستراحة ولو لفترة قليلة - كما ذكر لنا ذلك أحد أفراد حمايته المرافقين له (عماد النقاش)- متوجها إلى مركز العمليات في جهة شارع الرسول قرب ضريح الإمام علي(عليه السلام) للقاء السيد مقتدى وتأييده, وبعدها وصلتني فتاواه المناصرة في حق كل المجاهدين مصرحاً بها: بأن الذي يسقط منهم في ساحات القتال يعتبر شهيد؛ حيث أعطت هذه الفتوى الزخم المعنوي للشباب الثائر في تلك الأثناء والتي كان توقيتها مهم جداً بعد خذلان أغلب المراجع في تلك الفترة الحساسة. وحاولت الوصول إليه ولكن لم يحالفني الحظ في كل مرة, وقبل انتهاء معركة النجف الثانية بأسبوع تقريباً حيث كنا في مسجد الكوفة نشرف ونحضر الاستشهاديين للمرحلة الأخيرة من المعركة مع جيش الاحتلال وإذا فوجئنا بزيارة السيد المرجع القائد احمد الحسني البغدادي (دام ظله) في وسط مسجد الكوفة مع أفراد حمايته الخاصة, وألقى حينها خطبة أثلجت قلوب الاستشهاديين جميعاً فمنهم من كان يبكي شوقا للشهادة ومنهم من ارتمى على يديه يقبلها وأخريين بقوا مندهشين ومصدومين بهذا الرجل الشجاع الذي تجاوز العقد السادس من عمره وهو يشاركهم جهادهم عملياً وليس فتوائياً أو فكرياً فحسب؛ وبعدها في سنة 2005م رأيته والأستاذ عادل رؤوف في مكتب السيد الشهيد في سوريا في منطقة السيدة زينب (عليها السلام), ولم يتسنى لي التعريف بشخصي لهم لكثرة المحيطين بهم, هذه هي اللحظات التي جمعتني مع السيد البغدادي (دام عزه). عند شروعي بالكتابة عن نهج التيار الصدري أرسلت للسيد البغدادي رسالة (7) موضحاً له أنني سأدرس جميع مواقفه وأفكاره وفتاواه من خلال موقعه قائلاً له: أني سأنتقدك في أي موضع أراه مخالف للشريعة الإسلامية أو داعياً للطائفية المقيتة ومبتعدا عن روح الوحدة الإسلامية التي أمرنا بها {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }الأنبياء92. وحين أطلعت على بعض من فتاواه وأفكاره بادئ الأمر عندما كنت أحتاج إليها كمصادر توثيقية, أوقفني عمق الطرح السياسي وسعة الاطلاع وبساطة الطرح لمجمل المواقف السياسية وكذلك الفتاوى التي أستنبطها وتطرق إليها والتي لا تخرج عن دائرة الشرع الحنيف, فبالرغم من جرأة الطرح فيها بالنسبة للشارع العراقي والعربي ولكنها تبقى ضمن أطار القانون الإلهي المنزل على رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم), مما أوقفني طويلاً متأملاً كتاباته وأفكاره والذي شجعني على ذلك مواقفه الصريحة غير الخجولة ولا المترددة في جميع قضايا الساعة بما يخص قضية العراق وبطرفيها من المقاومة والاحتلال, لذا عكفت على دراستها متأملا إياها على ضوء القران الكريم والسنة النبوية الشريفة فخرجت بنتائج مرعبة عن الوضع السياسي العراقي والمؤسسة الحوزوية, بالإضافة إلى عثوري على طبيعة وطرق التحريف لدين الله التي انتهجته هذه المؤسسة, والظلم الذي أوقعته على أبنائها المخلصين الذين عملوا على تطويرها وإخراجها من دائرة الجمود والتبعية للحكام الظلمة فوصفتهم بكل التهم وألصقت بهم كل نقيصة, وأبرزت كل خامل ومتكاسل ومعطل لفريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(البناء والنقد) وفريضة الجهاد وفقهه (المقاومة) و متهاون بتطبيق شرع الله إلى ساحاتها الأمامية متصرفاً بدين الله مادام قد أمن من عدم وقوع الضرر عليه فإذا تعارض موضوع ما مع استقراره الحياتي أو مجرد تهديده بالنفي أو السجن أو القتل أو إبراز شخص أخر مقابله ليأخذ مكانه ... نراه يتخذ الموقف الأسهل والأقرب إلى النفس والذي ليس فيه ضرر على نفسه وإن كان الضرر سيقع على الأمة في ذات الوقت أو بعد عدة سنين كما حصل مع الأنظمة السابقة التي حكمت العراق وما نتج عنها من احتلال كافر مدمر للبلد وللمنطقة برمتها, وهم قد قرأوا أن في الجهاد الذي عطلوه عز للعباد واستقرار للبلاد من مطامع الأعداء, والتي كان من نتائجها أنهم وضعونا في خانة الدفاع والمقاومة للأعداء أو المحتلين, بل وحتى هذا الجهاد الدفاعي يحاولون الالتفاف عليه وتذويبه أو تسييسه حسب رغباتهم وتغليب مصالحهم ومراكزهم على دين الله(8). عندما نريد دراسة شخصية ما يجب التعرف إلى تاريخ الأسرة التي نشأ وترعرع فيها ذلك الشخص, ولمعرفة أسرة السيد البغدادي أطلعت على نسبه الشريف وتاريخهم العلمي والجهادي (9) فوجدته شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء. وإطلالة مختصرة على حياة السيد احمد البغدادي (أعزه الله) سوف أنتخب بعض ما يذكر في هكذا تكلم السيد احمد الحسني البغدادي ج3ص288-290 {في جواب له على سؤال عن بداية عمله الحركي حيث يقول: انخرطت في باكورة شبابي وبالتحديد في شتاء 1963 في تنظيمات الشباب المسلم في العراق بقيادة وتأسيس عز الدين الجزائري, مضيفا أن مسؤوله الحزبي أصبح بعد سنة الشهيد محمد صالح الحسيني وهذا الأخير انخرط في صفوف المقاومة الفلسطينية في لبنان؟ ويذكر السيد البغدادي أيضاً أنه في سنة 1965م لبس الزي الحوزوي أي (العمامة) وترك التنظيم بعد مناقشة دامت سنة مع السيد أبي إبراهيم الخليل الذي ذهب إلى فرنسا للحصول على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي؟ وكذلك يقول عن السبب المقنع الذي قدمه لقيادة الحزب لطلب الاستقالة يقول السيد: أريد التفرغ للدرس والتدريس, وأنا سأبقى معكم على تواصل ولا أقطع صلتي بكم ...وبالفعل بقيت المودة والتواصل الدؤوب, بل ذهبت إلى ابعد من ذلك حيث تزوجت حفيدة الشيخ المجاهد عبد الكريم الجزائري, (10) وبنت أخت الشيخ عز الدين الجزائري.}(11) أن رجلا مثل السيد البغدادي الذي تربى في حجر المرجعية العربية المجاهدة ليس غريبا منه أن ينخرط في صفوف حركة حزبية مثل حركة الشباب المسلم فهو قد أطلع على الحركات الإسلامية التي تكونت في بداية القرن المنصرم وعاش وعرف بعض من مؤسسيها وخبر المعترك الحزبي الذي دار في تلك الفترة, وكذلك من خلال تتبع موقعه نرى تأثر شخصيته بمسؤوله الحزبي محمد صالح الحسيني حيث نراه يميل في تحركاته إلى طريقة التنظيمات وحركات التحرر العالمي من خلال خطبه وأحاديثه التي غالباً ما يستشهد بمقولات وأفعال مؤسسيها والذين هم عادة غير مسلمين كـ(جيفارا و هوشي منه ..) حيث يذكر هؤلاء على صعيد التشبيه والدلالة ــ الدلالة كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخرـ وليقول للمؤسسة الحوزوية النجفية أذا كان هؤلاء حرروا بلدانهم وهم من غير المسلمين فمن باب أولى انتم الذين تفتخرون بالرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم ) وببطل الإسلام علي, والثائر الشهيد الحسين(عليهما السلام) أن تنتهجوا نهجهم ولا ترضوا بالاحتلال الأجنبي لبلد الإسلام, لا أن تتعاونوا مع القوات الغازية وتمدون يد العون والتأييد لها فبأي إسلام تدينون بالله عليكم؟!. فالسيد البغدادي منذ 45 سنة يعمل ويتعامل مع الأحزاب الإسلامية والعلمانية وينصح التيارات المختلفة بما يختزنه من خبرة تراكمية من خلال دراسته الفقهية المعمقة بالإضافة إلى خبرته بالألاعيب الحوزوية التي يتقمصها رجال الحوزة, وهذا واضح من خلال عدم انضمام أي ممن تصدى ظاهراً للعمل ضد قوات الاحتلال معه لكونه أبن هذه المؤسسة ويعرف كل ((خفاياها وزواياها وبلاياها!)) لذا لا يتجرأ أحد من أن يخدعه بطرح ما, أو تيار ما, أو حزب ما, إلا وله اطلاع بأولياته وبتاريخ شخصياته, ولو كان هناك نوايا حسنة للشخصيات الدينية والحوزوية المتصدية للعمل المناهض للمحتل والخالية من الهوى والتعاون مع المحتل مباشرة أو تسبيبا, لشكلت معه وحدة ائتلافية في التحرك المشترك ضد قوات الاحتلال, فهو دعا جميع ممن عمل ضد الاحتلال ليقفوا موقفاً واحدا ضده, بل ذهب أبعد من ذلك حينما قال: لو خرجت عاهرات العراق بمظاهرات ضد المحتل لخرجت معهن وهو يستخدم أيضاً هنا تعبير التشبيه والدلالة, لذلك نراه يحاور كل الأحزاب والتيارات غير الإسلامية على هذه القاعدة وكذلك يحاور أطراف من حزب البعث السابق الذين سلموا بسياستهم البلد إلى الغزاة ولم يعملوا خلال كل هذه السنين من الحكم قيادة ظل أو تكتل يعمل بصورة سرية في حال سقوط الدولة نتيجة غزو خارجي أو ما شابه ذلك كما حصل, فتشرذموا في البلدان وسرقوا ما استطاعوا سرقته وظلت أبواقهم تطبل بنفس الوتيرة التي كنا نسمعها أيام النظام السابق فهذا أمير المؤمنين, وهذا السفير الشرعي ,وآخر يدعوا أن المقاومة أغلبها لتشكيلات حزب البعث, وطرف أخر يقول أننا نستطيع أن نحرك الشارع العراقي بأي وقت نشاء..وهلم جرا, وكثير هي الدعاوي التي يدعونها فهم تعودوا على الكذب والخداع كما تعود المراجع الأربعة على تظليل الناس وسكوتهم عن المحتل وجرائمه وعدم رفضه؛ ورغم كل هذا الذي فعلوه بالعراق يقول السيد البغدادي ماداموا يرفعون البندقية ضد الاحتلال الآن, سأكون معهم, وكل ما يضعف العدو ويسرع من رحيله فهو معه حسب القاعدة التي ذكرناها, لذلك نراه يؤيد التيار الصدري وقائده الشاب ويذهب معه إلى أبعد الحدود, ولم نعرف أو نقرأ في التاريخ الحديث مرجعا من الحوزة النجفية يخضع لطالب علم مبتدئ لولا الدين الذي يحمله والوطنية الخالصة والتي ضحى من أجلهما بالمراكز المرموقة والملايين التي عرضت عليه, كما عرضت على غيره فوقع غيره بفخ المركز والدولار, وبقي السيد يعاني الفقر والمطاردة من قبل أعوان السلطان وقوات الاحتلال التي لو أشار لها ولومن طرف خفي لنصبوه مركزاً بدل السيستاني ولسخروا له كل الماكنة الإعلامية العالمية, ولجعلوا منه بطلاً إسلاميا ولكنه عصياً على كل هؤلاء وهؤلاء, ودليلنا هجرته من بيته ومغادرته العراق خفية كما نقل لنا العلامة الشهيد صفاء اللامي(رحمة الله عليه) وهو أبن النجف وتركه الدرس والتدريس وسكن في سوريا في شقة صغيرة وهي بنفس الوقت مكتبه الذي يستقبل به ضيوفه كما جاء ذلك في الحوار الذي أجرته معه العربية نت, وهو القائد العصامي الذي لو خضع لعُشرْ الشروط الإيرانية لأغدقوا عليه الملايين كما أغدقوا على غيره والذين ليس لهم ذات المنزلة ولا بذات الجماهير التي تتبعه. كذلك ليس لديه فضائية باسمه حتى نشكك به, كما لبقية المراجع فالكل يحاربه وهو ينتهج طريقة جده علي (عليه السلام) فلا يضره أن كان الكل قد عاداه وهو في سلامة من دينه, وسيكون له الخسران إن ساوم على دينه ولو ملكوه الدنيا وما فيها كما خسر غيره دينه وباعه بثمن بخس وباع وطنه وأهله فخسر الجميع, فحياك الله أيها السيد الغيور على دين الله وعلى هذا الجهاد المرير {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }هود الآية 112 هذه الآية التي شيبت رسول البشرية فحري بك وأنت في طريق الاستقامة أن تبيض لحيتك ويشيب رأسك, أقول هذا في حياتك الآن حتى أعرف الأمة برجالها الحقيقيين الثوريين النزيهين في زمن تلوث النفوس والقلوب والعقول, لا بعد رحيلك عنا كما تدعوا دوما بالشهادة وتتمناها, فإذا تحققت بكيناك وتأسفنا عليك كما فعل الشعب العراقي مع السيدين الشهيدين محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر(رحمهما الله) فالكل صار له الوصال بهم وخاصة رجالات الحوزة النجفية! حتى أن أحدهم وزع الحلوى والعصير فرحاً في منطقة السيدة زينب(عليها السلام) لاستشهاد محمد صادق الصدر(رحمه الله) ونراه بعد ثلاثة أشهر يذهب إلى أحدى الدول الأوروبية ليعزي أبناء العراق ويقول أنه وعائلته العلمية لهم تاريخ طويل بالجهاد مع آل الصدرـ لاحظ عزيزي القارئ كيف يتاجرون بكل شيء فلا محظور عند هؤلاء المعممين الانتهازيين, فأينما تميل يميلوا؟! كذلك يذكر السيد البغدادي شخصية يرمز لها بابي إبراهيم الخليل وهذا الوصف المبهم منه الآن وفي زمن أصبح كل شيء مكشوف والعالم كما تقول سيدنا أصبح قرية واحدة فلماذا تكنيه ولا تقول أسمه وأنت المعروف بصراحتك مع الصديق والعدو, فهل هذا الشخص بقى في فرنسا أم أنه ذهب إلى إيران أو ألتحق بالنظام السابق وقتله كما قتل معظم أصحاب الكفاءات التي تعارضه, أو قد رجع وقتلته المافيا الأمريكية, أو قد يكون ألتحق بحكومة المالكي وترك الحزبية والأحلام الوردية لأن العقلية الحزبية (الشيعية) العراقية من النوع الانفعالية بالحدث الآني كما حصل في بداية الانتفاضة الشعبانية, وكذلك عند دخول قوات الاحتلال إلى العراق ولاحظنا كيف أنفعل الشارع العراقي في الوسط والجنوب بين مؤيد للغزو وهذه نسبة الأكثرية ورافض للمحتل جملة وتفصيلا وبين حائر لا يعرف أين ستؤول إليه الأمور. كذلك نستنتج من كلام السيد البغدادي دام عزه بأن زواجه هو الأخر كان زواجاً سياسياً ثورياً حيث أقترن بحفيدة الشيخ عبد الكريم الجزائري (رضوان الله عليه) وهو من كبار علماء النجف المجاهدين حقاً لازوراً والذي تسلم المرجعية والذي كان له صولات عديدة، وجولات في عالم السياسة في جميع الأزمنة والعصور التي عاش بها: كثورة العشرين واحتلال بريطانيا للعراق، والمواقف الأخرى في إبرام العقود والمعاهدات، وغير ذلك من البنود التي أملتها الحكومة البريطانية على العراق أيام الانتداب, ويظهر أن السيد البغدادي حتى في هذا المجال كان يفكر بالمستقبل وبالسمعة السياسية له, وهذه الدقة في الأمور تجعل منه قائداً حقيقياً للعراق لو عرف أبناء العراق قادتهم الحقيقيين ورجعوا إلى عقولهم وتركوا عواطفهم في هذا الأمر. وفي الختام أقول للسيد البغدادي ما قاله الله لرسوله الكريم بعدما حمله ثقل الأمانة معطياً له السلاح الصحيح للتغلب عل جميع الصعاب التي تواجهه وهو القائل(صلى الله عليه وآله وسلم) (ما أوذي نبي مثلما أوذيت) (12) لذا يعطيه الباري الوصفة السحرية التي بها جاز ونجح في كل التحديات التي واجهته حين يقول عز أسمه الكريم: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً* نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً* إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً* إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً* إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً* وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً* رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً* وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً}المزمل1-10 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) و (5) و (6) مقالة تحت عنوان( القائد الوطني والخطاب المخادع)المنشورة على موقع الكادر بتاريخ 15/4/2008م. (2) ميزان الحكمة/محمدي الريشهري/ج3, ص425/ط1,طبع ونشر دار الحديث. (3) دراسة نقدية للتيار الصدري مكونة من أربعة عشر حلقة تحت عنوان( التيار الصدري بين القيادة العاطفية والقيادة الربانية) منشورة جميعها على موقع الكادر. (4) يذهب المفكر العراقي عادل رؤوف في كتابه محمد محمد صادق الصدر - مرجعية الميدان- مشروعه التغييري ووقائع الاغتيال . في الصفحة 297-298, واصفاً مشروع السيد محمد صادق الصدر (قد) بمشروع ـ المفارقات ـ حيث يجمل رؤوف هذه المفارقات بعدة نقاط نوجزها كالآتي: المفارقة الأولى:- الشهيد الصدر(رض) لم يكن يتوقع من المقربين منه أن يتصدى للدور الضخم والمهم والخطير في مرحلة حساسة ومعقدة أشد التعقيد, حيث كان بعيداً عن السياسة كما هو معروف عنه ولم تبد عليه ملامح قيادية كما يعترف كل زملائه الذين من طبقته. المفارقة الثانية:- الشائع عن شخصية الشهيد محمد صادق الصدر(رض) البساطة ولا أحد يستطيع أن يصدق انه أستطاع ان ينجز هذا التحول الكبير في المسار الاسلامي في العراق, وهو تحول أثبت الكثير من الذكاء والبراعة والإبداع. المفارقة الثالثة:- هي تتعلق بزمن مشروعه التغييري, حيث ان الزمن لا يكاد يستوعب ضخامة هذا المشروع وأبعاده ومفرداته ومجالاته, حيث ببضع سنوات أستطاع الشهيد الصدر ان يحقق ما لايمكن انجازه ربما في عقود. المفارقة الرابعة:- مكان تحرك المشروع, وهو العراق المحكوم إلى أعتى دكتاتورية في العالم والى قيود سياسية هائلة, والى تجارب سياسية لا يمكن أن تشجع أحداً على أن يُفكّر بالقدرة على((تحييد)) السلطة, ومن ثم انطلاق برحلة تأسيسية متسارعة لعمل إسلامي كان قبل سنوات يستفز هذه السلطة في أبسط مظاهره. (7) http://www.alsaed-albaghdadi.com/all%20page/qeraa130.html رسالة نذير القرشي للسيد البغدادي (8) للتوسع في الموضوع راجع كتاب سياحة في الشرق لمؤلفه المجتهد السيد النجفي القوجاني (1295هـ - 1363هـ) ومؤلفات علي شريعتي وأخص بالذكر منها كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي معرفة الذات وكتاب دين ضد الدين مؤلفات عادل رؤوف وخاصة كتابي العمل الإسلامي في العراق بين المرجعية والحزبية – قراءة نقدية لمسيرة نصف قرن (1950م -2000م) وكتاب محمد باقر الصدر بين دكتاتوريتين, وكذلك موسوعة الجهاد الكبرى (هكذا تكلم أحمد الحسني البغدادي – المقاومة مستمرة والاحتلال إلى زوال وشعبنا لن يموت / ج1-3) والموجود على موقعه www.alsaed-albaghdadi.com . (9) راجع كتاب (جهاد السيد البغدادي - دراسة حوارية نقدية وثائقية خلال نصف قرن لمسيرة الامام المجاهد محمد الحسني البغدادي 1298هـ - 1392هـ) في حقل مؤلفات على موقع http://www.alsaed-albaghdadi.com . (10) آل الجزائري: من الأسر العلمية المعروفة بتقواها وصلاحها وأدبها، ينتهي نسبها إلى بني أسد، هاجرت إلى النجف في أوائل القرن العاشر الهجري، وشيدت لها بيوت علمية فيها، وقد انتشر صيتهم في الأوساط العلمية والأدبية في النجف والبصرة ونواحيها، وجدها الأكبر هو الشيخ عبد النبي بن الشيخ سعد، ممن قرأ على الشيخ علي بن عبد العالي الكركي . عن كتاب (الكليني والكافي/ تأليف الدكتور الشيخ عبد الله الرسول عبد الحسين الغفار مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة)صفحة 87-88 وقد أسس الشيخ عبد الكريم الجزائري الحزب النجفي السري الذي ضم الشيخ محمد رضا الشبيبي والشيخ محمد باقر الشبيبي والشيخ عبد حسين الحلي والشيخ عبد الحسين مطر إلى جانب عدد من رؤساء العشائر والشخصيات الاجتماعية. كانت مشاريع هذا الحزب تتم بالتنسيق مع المرجع الثائر الميرزا الشيرازي، وكان لهذا الحزب دور بارز في إشعال ثورة العشرين الكبرى ضد الاحتلال البريطاني في حزيران 1920م . عن كتاب ( محمد علي كمال الدين، الثورة العراقية الكبرى ص 74). في حين أسس الإمام المجاهد الشيخ محمد جواد الجزائري ـ والد عز الدين الجزائري مؤسس تنظيم الشباب المسلم الذي التحق فيه السيد أحمد البغدادي ـ بعد الغزو البريطاني الاستعماري للعراق سنة 1333هـ (جمعية النهضة الإسلامية) بغية تحرير العراق وإقامة حكومة وطنية مستقلة,وكانت.. أول جمعية سرية في العراق عملت لطرد المستعمر, وقامت بالثورة النجفية, وهيأت لثورة العراق الكبرى ـ ثورة العشرين ـ وقد أخذ الحماس الجماعة من أعضاء الجمعية ـ قبل أن يحصلوا آراء الجمعية ـ وهجموا على مركز الحكومة المحتلة بتاريخ 6-ج2-1336هـ /20آذار-1918م.وقتلوا الحاكم البريطاني وعدداُ من جنود حاميته, واستعد المستعمرون لاحتلال النجف, وطلبوا المدد, فقررت الجمعية إعلان الثورة, واشتبكت مع جيش المستعمرين – وكان خمسة وأربعين ألفاً- طوال أربعين يوماً, خسر فيها المستعمرون كثيراً من جيشهم وذخائرهم حتى غافلوا الموقع المهم من خطوط البلدة الدفاعية, وملكوا الحكم, وأعدموا أحد عشر بطلاً من الثوار, ونفوا ما يزيد على مائة.. وكان الشيخ محمد جواد الجزائري ممن حُكِم عليه بالإعدام ((حيث شارك في حمل السلاح في جبهات القتال؛ حتى هيأ بنفسه ــ في ثورة النجف ـ مصنعاً لإعداد الذخيرة للثوار ـ وهو المجتهد المجدد, والمدرس الناجح في العلوم والآداب, وقد ذهبت بعض أصابعه أثناء قيامه بإدارة المصنع,.. وهنا أحس المستعمر وشبكاته بخطورة الجزائري, فاعتقله زمناً في بغداد بمعتقل " أمّ العظام" وعذب بالسجن الرياضي, ونقل إلى سجن "الشعيبة" مكبّلاً بما يزيد 25كغم من الحديد, وكان أثر القيد في رجليه حتى أخر حياته)) .. وتحت الضغط على المستعمرين أُبدل الحكم إلى التعذيب والسجن وانفي سنة وعشرة أشهر. عن كتاب (محمد جواد الجزائري ـ مؤسس (النهضة الإسلامية) في العراق – حياته وآثاره ,إصدار مؤسسة العرف للمطبوعات 1422هـ ـ2002م. (11) راجع كتاب هكذا تكلم أحمد الحسني البغدادي ج3 ص288-290 في حقل مؤلفات على موقع http://www.alsaed-albaghdadi.com. (12) بحار الأنوار-المجلسي / جزء 39 / ص56
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |