|
مجتمعات القسوة و"أعمى العـــمادية"!!
سهيل أحمد بهجت نسرف كثيرا نحن أرباب ومثقفي العالم الإسلامي ـ وأشكك في إنتماء هذا النمط إلى الثقافة ـ في مدح إنجازتنا "الحضارية"!! وأننا كمسلمين "ساهمنا" في بناء الحضارة الحديثة، بل ونزعم زعما هوأقرب إلى "النكتة" بأن الغربيين "سرقوا" منجزاتهم الحضارية من "القرآن" ومن "المسلمين"، ولكن هل الحقيقة كذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك فإن جريمة المسلمين أكبر وعذرهم أقبح من ذنبهم لأن هذا يعني أنهم تخلوا عن كل ما هوجميل في دينهم. هناك من القصص الحقيقية المؤلمة في عالمنا الإسلامي والتي تعجز الكلمات عن بشاعتها وقبح مجتمعاتنا لمجرد وجودها، ولن أتحدث هنا عن تجربتي المرّة والمؤلمة، بل أترك ذلك للآخرين، ولكنني ساتحدث هنا عن قصة "أعمى العمادية ـ آميدية ـ القضاء التابع لمحافظة دهوك"، فهذا رجل أعمى لا يبصر شيئا، وهوفي الوقت نفسه كهل مسن في عمر الأجداد، وهويعمل "حمـــــالا" يرتزق من حمل أثقال الآخرين ليعطوه مبلغا زهيدا يقضي به حوائجه، وعبقرية هذا "الأعمى" تكمن في أنه قد حفظ كل شوارع وأزقة القضاء وللأسف وقع في إحدى المواقع التي كانت تجري فيها (حفريات)!! فأصيب من جراء ذلك بآلام أعاقته عن القيام بعمله، ولحسن حظه يوجد بعض الطيبين "خوش مروف" من الأتقياء ممن يرمي له بعض البقشيش والفاكهة!! هذه قصة من قصص مروعة كثيرة سمعتها في حياتي، فهناك قصة "المعوق الذي أكلته الجرذان" و"العجوز السوداء" التي اكتشف أحدهم أنها ليست سوداء وإنما يغطيها "الذباب" لأن لا أحد هناك يقوم بمساعدتها في أن تغتسل، وقصة "المجنون" الذي كان يعاني كل يوم من الصبيان الذين كانوا يرمونه بالحجارة، والصبي الذي كان والده يكوي يديه بالحديد ـ وهولم يبلغ 6 سنوات ـ كل هذا عدى قصص تعذيب الحيوانات من قبل الكبار والصغار وما كانت تعانيه الكلاب والقطط من أنواع من التشفـّي والسّادية. إن مجتمعاتنا الإسلامية يغلب عليها طابع القسوة والإيذاء وحب البطش (خصوصا بالضعفاء)، بل وصل النفاق بنا حدا أصبحنا فيه "وكلاء الله" على الأرض فيقسّـم الملاّ والواعظ الجنة والنار بين هذا وذاك، والمضحك المبكي أن المسلمين حولوا الذات الإلهية نفسها إلى ما يشبه الطاغية، ما نبهني إلى هذا في وقت مبكر من حياتي هوأنني حينما كنت أرسم "وأنا أحب رسم الإنسان تحديدا" راح بعض أقربائنا ـ وهم من أرباب التدين التقليدي ـ يرهبونني بالقول: بالتأكيد ستدخل جهنم لأنك ترسم الأشخاص والأحياء.."!! ثم رأيت هؤلاء الذين كانوا يخوفونني من نار جهنم يقولون لي: أن الله قادر على كل شيء وممكن أن طاغية كصدام حسين أن يدخل الجنة وينعم ـ مع ضحاياه ـ بالحور العين.."!! أدركت حينها أن ما يصفونه بالله ليس إلا أهواء متوارثة تنسب كذبا إلى الله، وقد ضربت لكم هذه القصة مثلا لكي نرى كيف أن الدين تحول إلى لعبة بيد الظالمين والقتلة وأن الله عند غالبية المسلمين أصبح رمزا للفوضى والظلم والشفاعة السيئة ـ الواسطة ـ فيمكن لصبي مشلول أراد أن يتجاوز أزمته النفسية عبر التلهي بالرسم أن يدخل "الجحيم وجهنم والسعير"!! بينما طاغية جبان ونذل وغاشم كصدام حسين والقذافي اللعين ممن يذبحون الشعب ذبحا ويتلهون بآلام الناس ونهب أموالهم وثرواتهم، أن يدخلوا "جنات النعيم" وأن يخطفوا منا زوجاتنا الحور العين في الآخرة أيضا. إن مجتمعاتنا المسلمة في أغلبها تعاني هذا الداء الرهيب ـ السادية وحب الساديين ـ لذلك لا يكون غريبا أن يأمرنا وعاظ السلاطين ولواطوا بني أمية وبني العباس بكل ما هومنكر وقبيح، وإني لأنصح إخوتي الشيعة ـ وأرجومنهم أن يوغلوا في الإنسانية أكثر ـ أن لا يتركوا البكاء على الحسين وتمثيل مأساة مقتله وأطفاله فهذه القصص هي التي أبقت في مجتمعنا صوت الرحمة والإنسانية وأن نبكي لكل مظلوم "لا للمسلم فقط" بل لليهودي والمسيحي وحتى عابد البقرة والنار، متى تنبت نبتتة الإنسانية الحقيقية في مجتمعاتنا؟ أترك الجواب للقاريء العزيز.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |