|
عوائق الديمقراطية .. تداعيات تمزق الائتلاف واخفاق العملية السياسية .. في العراق
هلال آل فخرالدين ان ما تشهده العملية السياسية في عراق ما بعد صدام من صراعات مريرة وتناحرات ظاهرة وخفية وبالخصوص تنظيمات وتيارات الاسلام السياسى الشيعي رغم ما تعرضت له من اضطهاد وملاحقة وحتى استاصال وما لحق شيعة العراق من اصناف العذاب والتهميش والتهجير وحملات الابادة الجماعية طوال مايقارب 1400 عام ما لم تشهد البشرية له مثيل .. وبعد سقوط النظام وعودة تلك التنظيمات وقادتها من المنافي وانخراطهم في العمل السياسي بغياب المشروع السياسي المحدد سواء على نطاق التشكيل الواحد او مستوى الائتلاف رغم خطورة وحساسية الاوضاع داخليا وخارجيا وما تخططه الادمغة المتمرسة والمؤسسات المتخصصة للعراق والشعبة من حبائل مفتولة ماكرة… وفي ظل تلك الاجواء المرعبة فما كان من المرجعية الا جمع شمل تلك التنظيمات وترشيد توجهاتهم فكان تاييدهم للائتلاف على اساس ان يعي ضخامة التحديات والمسؤلية الكبرى وما رافقها من دعم الشارع لها رغم كل المخاطر لا على اساس اصلاح تركة الماضى فقط بل والراهن عليها في تحقيق اماله وتطلعاته منطلقا من تقديرهم بانهم القمة في المبدئية ونكران الذات وتلبيت مطالب الامة الملحة والمستعجلة ومايجب ان تتحلى به من الحكمة السياسية والقيادة الادارية... وتحقق لهم ماهو ابعد من الحلم ففازوا بتلك المكاسب واستقروا على دست الحكم ..الا انه سرعان ما انفظ بيت العنكبوت وانجلت الغبرة وتأكلت الحمتهم وعادوا الى سابق عهد شتات المعارضة ونطاحها التى ما استقامة لها قناة في اشد ظروف المحنة خطرا... ولم يرعواالاحداث الجسام وما يعترضهم من مخاطركثيرة قد تكون ليس فقط فيها نهايتهم جميعا بل ومايتربص بالامة من كارثة محيقة مالم يتوحدوا ويشد بعضهم ازر بعض ...لكنهم ومنذوا البداية لم يولوا المصلحة الوطنية حقها وكما لم يلبوا ماقطعوه من وعود ملحة يجب النهوض بها للجماهير المحرومة فكان جل اهتماتهم منصب على استغلال كل مايصب في نفع ذواتهم ويخدم مصالح تنظيماتهم وكل واحد يسعى لسحب البساط من الاخر والغائه .. ولعل مرض (الانا) المزمن في نخب المجتمع الشيعي وتنظيماته السياسية ومؤسساته التبليغية والثقافية حيث يعتبر كل واحدا منه مرجعية لغياب الاكاديمية وافتقارالموضوعية اوينصب من نفسه معيار يجب الرجوع اليه ونفي كل ما سواه وهذا مما لايطاق منطقيا وعمليا وقد تنبه لها الاديب الشاعر الوزير الشيخ علي الشرقي بقوله قومي جميعا رؤوس ارأيت مزرعة البصل ورغم كونهم الاكثرية والاكثر عطاء ومظلومية لم يساعد في تصدرهم لزمام الحكم لجذور تشرذمهم كبنية مذهبية اثر في خنوعهم وتبعيتهم السياسية للتنظيمات السنية في العهد الملكي وما بعده واثر سالبا على نفسياتهم لما يتغلغل داخلهم بالدونيةوذلك يجعلهم يتذللوا للاخر طلبا لرضاه وان تبوئوا مقاليد الحكم بالطرق الديمقراطية وهذا مايؤشر الى اخفاقاتهم في الوصول الى السلطة او سدة الحكم رغم اكثريتهم المطلقة حتى بانماط الانقلاب ...هذا لايخرج عن الاطار العام من كون الشيعة و طوال القرون الخالية معارضة او تبع للفئة الحاكمة فلم يمتلكوا تجارب سياسية او خبرة القيادة وقدرة الحكم...وحتى في ظل قيام الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي كانوا مشتتين يدورون في فلك كل تنظيم او كتلة سياسية لم يحضوا بتأليف تنظيم سياسي او يجتمعواعلى مشروع سياسي الاما كان من ارهاصات لملمة شمل بعض شخصيات الشيعة والتنظيمات الدينية في زمن مرجعية الامام الحكيم هذا من جهة ومن جهة اخرى في سبب تشرذم التنظيمات راجع الى اسس الفكر الشيعي القائم على الاجتهاد وابداء الراي ومناقشة كل حادثة و الجدال في كل طارئة ونلاحظ ان كل جماعة تتعصب لرأيها وما توصل اليه تفكيرها وترى انه الصواب من دون الركون لمعيار محدد او الرجوع لمرجعية...كما في عصر الامام علي وما بعده من ثورات الشيعة الكثيرة وبالخصوص حركة التوابيين ....بعكس السنة حيث كانوا دائما هم الرؤوس والقادة ويلبوا مطالب جماهيرهم على حساب الاخر من دون خوف وجماهيرهم تعلم ان سر هيمنتهم تكمن في وحدتهم فينقادوا لهم ومن دون نقاش او جدال ولهذا تاصيل حيث تؤكد مدرسة السقيفة على الاذعان والطاعة العمياء للنظام مهما كان مجرما ومنحرفا وخارجا عن تعاليم الاسلام ويبقى هو الامام وواجب الاقتداء به والصلاة خلفة وان كان فاجرا فاسقا لاتجوز معارضته لان ذالك( فتنة) و(الفتنة اشد من القتل) وهذا الفكر اصبح ثقافة سارية عند جماهير السنة في التسليم للقيادة السياسية واتباع مرجعيتهم الدينية لاي نظام .. وظاهرة التشرذم والتفكك والتناحر في المعارضة الشيعية شيء غريب حقا يدعوا للتسائل ..فمن خلال استقراء كافة جماعات المعارضة والفئات المضطهدة في العالم وما عليه من التراص والتوحد فيما بينها والاطاعة لقيادتها غالبا ما تكون المصائب والكوارث قواسم مشتركة تزيد من تماسك وتشد من ازرالاقليات حتى انه ليكون شعارهم السياسي متفق عليه ومشروعهم موحد لان قضيتهم محددة والملاحظ ان هذه تكثف من تعاضدهم فما بينهم للحفاظ على الهوية والثقافة والتاريخ مثلا الارمن والشيشان والاقباط والتبتيين والسيخ والتاميل وو..وتتمثل الوحدة والتعاون والتفاني باجلى صورها في الشعب (اليهودى) سواء في السابق عندما كانوا في المنافي والشتات ام في الحاظرا حيث تراهم وعلى اختلاف افكارهم واعراقهم وطوائفهم واحزبهم شيء واحد و كانهم بنيان مرصوص لان مشروعهم واحد وما يجمعهم هدف واحد الا ..الا ..الا الطائفة الشيعية ماتزيدها الخطوب والنكبات والمذابح الا تفرقا وتباعدا وهذا بدوره ينسحب على التنظيمات الحزبية لتصل الى درجة التسقيط والتناحر ..!!! ولعل قسما منها راجع الى ان لكل جماعة او تيار مرجعيته واجندته ونظريته واسلوبه والياته المختلفة مع الاخر حتى ان هذا الاختلاف ليصبح العدو الحقيقي الذي يجب افتراسه…. حتى اصبح العراق قاب قوسين او ادنى من الانهيار التام من جراء تكالب هذه التنظيمات على النهب والفساد والطغيان وانعكاس ذلك على الشعب العراقي بما يقاسيه من الانفلات الامني وانعدام الخدمات وتعمق واتساع محيط الفساد المستشري في كل ميدان واهمها خطرا هو غياب منطق القانون والمحاسبة ..وهذا مايجعل المواطن يشعر بان مايجري الان لهو اشد وطأة من مافيات النظام السابق.. مما خيب الامال وعمق الاحباط لدى الامة المنكوبة .. اولا:ان التظيمات والتيارات الشيعية في خلافاتها لاترجع في حلها الى خيمتها والى منطق العقل او معيار محدد الا من معيار التبريراوالتأويل والقاء تبعات الفشل على الاخر لاختفاء المشروع السياسي المحتكم اليه. ثانيا :لاترجع ولاتراجع حساباتها ومستجدات الاحداث ليس فقط بالنقد او النظرة الموضوعية بل تسير في افق الطعن في الاخر بل وازالته واقصائه والدوس عليه وبكل عنف وشراسة ولايمانعوا من الاصطفاف مع القتلة و التحالف مع اعدائهم وذباحيهم من ان يتعاملوا ويتصارحوا مع شركائهم في الهدف او الائتلاف .. ثالثا:ان قيادات الاسلام السياسي مأزومة تعيش صراع داخلي بين مفاهيم الولاء للوطن والتبعية للاخر .وبين مباديء العقيدة والاعيب السياسة .وبين بريق الاطماع والاستئثار وشعاراتها في خدمة المحرومين ... فتلاحظ عليهم التزيي بالمقدس لنفي التلون ولاندفاع في احابيل السياسة ومكر الساسة ..فلاهم رجال دين يطمئن اليهم بوجه ولاهم رجال سياسة يعتمد عليهم بوجه وهذا تناقض يصب في مسار العملية السياسية .. والملفت للنظر في هذه التنظيمات ان الشخص المتزلف او المخطيىء يرقى ويعتمد عليه بعكس السيرة العقلائية من محاسبته او تجميده او فصلة.... ومن الغباء الالتفاف الى ما يضرب على اوتار المصالحة الوطنية مع الجلاديين وما تهيجه دول الجوار بهذا الاتجاه التي هي نفسها لحد الان تصادر كافة حقوق فئات كبيرة من مواطنيها عصبيتا وحقدا نلاحظها تطرح وبكل جرأة وثقل لهذه القضية بل وتجعلها ام القضايا وخط احمر لايمكن تجاوزه انطلاقا ايضا من عصبيتها المقيتة لاجل اشراك عصابات الابادة والدمار البعثي في العملية السياسية وانسياق البعض ودفعه باتجاهها على امل الحصول على مكاسب سياسية ..وهذه حماقة ما بعدها من حماقة وقصر نظر وسوف تكون عواقبها وخيمة ليس على حزب معين بل العملية السياسية برمتها وتصيب الامة بكافة اطيافها ومذاهبها مقتلا لايقل خطرا عن تقسيم العراق تحت مسميات وشعارات براقة… ومعلوم ان العراق بموقعه الاستراتيجي وخيراته وعمقه التاريخي كان ولايزال محط انظار القوى العالمية للسيطرة عليه والاستحواذ على ثرواته من خلال سياسة (فرق تسد)من جهة ومن جهة اخرى دور الوضع الاقليمي في العبث بالعراق واغراقه في دوامات من الصراع وكل طرف يبغى منه حصة الاسد ...وكذلك غياب الحس الوطني عند القادة السياسيين وانعدام التوافق على مشروع سياسي محدد من قبل النخب السياسية الفاقدة لكثير من الاهلية والحنكة السياسية حتى على صعيد حل المشاكل الداخلية ...الى ماهنالك من الاشكاليات الكثيرة التي تتعمق يوما بعد يوم حتى ليستعصي حلها لولوغ المفسدين في العملية السياسية مما جعل العراق على كف عفريت ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |