|
أمة العرب في توّحدها هزيمة وفي أختلافها نصر!
حميد الشاكر من أغرب المعادلات التي صادفتها في حياتي هي معادلة أمة العرب، وهي الامة الوحيدة في العالم البشري اليوم يكون في أتحادها وتوحيد كلمتها هزيمة وذلّة وتخاذل وضعف وهوان ......، بينما يكون في تفرقها وأختلافها وتشرذمها أنتصار وعزّة وتقدم وكرامة ؟!. في اتحاد كلمة العرب وصعود مدها القومي العصبوي الجاهلي خسرنا فلسطين، وخسرنا اوطاننا بعد ذالك وخسرنا حريتنا وتأخرّنا في النهضة بين الامم والشعوب، واستعمرت ثرواتنا، وتحول زعمائنا العرب الى موظفين في دوائر السي اي اي كعملاء من الدرجة الاولى، وامسينا كأعراب كل قبيلة بما لديهم فرحون، واستعبدتنا اسرائيل، وضربتنا واهانتنا، واصبحنا هزءاً لترسانتها العسكرية كلما شاءت انشاء مجزرة هنا ونكبة عسكرية عربية هناك فعلت ذالك وهي من الامنين!. وأما بعد التسعينات من القرن المنصرم عندما تفرقنا، بدت لنا ملامح طريق وأفق أمل، سوريا كشفت اللعبة فذهبت الى مصالحها وانشأت علاقة مع امة الفرس الصاعدة في المنطقة، وحزب الله درب عسكره ونضم صفوفه واستعد للاستعداد على نفسه، وليبيا ادارت ظهرها للمشرق العربي وذهبت جنوبا الى افريقيا ...... وهكذا، الى ان تفجرت المنطقة في 2006م في حرب تموز بين اسرائيل ولبنان، فتفاجأ العالم بأنتصار حزب صغير مؤمن على اسرائيل التي لاتقهر، فكان اول شعور للعرب بالانتصار والعزة والكرامة وأخذ الثأر!. لكنّ في المقابل خرجت طائفة من العرب ( المعتدلين ) بعد ان شكلوا محورهم مع اميركا واسرائيل ليقفوا الى جانب اسرائيل ضد اخوتهم العرب!. ازددنا تفرقا وتشتتا وتمزقا ....، وانتبهت مجموعة من فلسطين الى قوّة الاختلاف والتشرذم فبادرت الى زيادة الاختلاف، وقوّة التشرذم في معادلة امة العرب، وقامت بعصيان في غزّة لتخلق بذرة الاختلاف وديالكتيك التشرذم لتحصل على القوّة والنصر!. فاندلعت الحرب الاسرائيلية على غزة في 2008 م، ولمدة اقل من شهر صمد الغزيون في المعركة، واندحرت اسرائيل، وشعر العربي بالعزّة رغم جراحه وبالنصر رغم المجازر الصهيونية!. وايضا في المقابل انحاز بعض من العرب المعتدلين الى الصهاينة وساهموا في العدوان على غزّة، وحاصروا المقاومين وقطعوا الامدادات عنهم على امل كسر شوكتهم وهروبهم مع الهاربين!. أليست غريبة هذه المعادلة العربية ؟. كلما كان تشتت وتفرق وتناقض وتصادم كلمة امتنا العربية اكبر كلما سهل انتصار بعض اطرافها على اعتى القوى العسكرية في المنطقة والعالم ؟. وكلما توّحدت كلمة هذه الامة وانسجمت مكوناتها السياسية كلما سهلت نكبتنا وتعمقت هزيمتنا وأذلت كرامتنا وفقدت حرياتنا اكثر فاكثر!. فياترى ماهو السر في قيام معادلة العرب المجرّبة في : الاختلاف قوّة والاتحاد ضعف وذلة ؟. يبدو انه لاجواب على هذه الانقلابية المفاهيمية في القيم العربية الا : كون ان العرب صنفين : الاول : صنف يحاول النهوض بالامة وارجاع كرامتها المسلوبة وارضها المحتلة ومشروعها الضائع!. الثاني : صنف يعمل على الضد من الاول بالتمام، فهو يحاول افشال اي مشروع نهضة عربي، ويجهد نفسه في بقاء هذه الامة ضعيفة ذليلة مقهورة بين الامم، ولايبقي وسع في اجهاض اي امل يريد ان يتنفس لينعش حركة هذه الامة المغلوبة على امرها!. وهذان الصنفان هما صنف المعتدلين الموالي لمشروع بقاء امة العرب على ماهي عليه من مهانة وذلّة وتخلف وانهزام!. وصنف المقاومين الممانعين الذين يحاولون تلمس المخرج من مأزق الضعف والتخلف والانبطاح والتراجع بين الامم والشعوب!. ومثل هذين الصنفين على الحقيقة اتحادهم كارثة بالنسبة لامة العرب، من منطلق ان معنا الاتحاد هنا هو تنازل صنف المقاومين لخرائط ومشاريع صنف المعتدلين لاغير في اجندة الاعتدال العربي!. أما في اختلافهم فهو عبارة عن الحفاظ على المنجز صاحب مشروع الامل الذي حقق النصر في لبنان، وانعش الحياة والصمود في غزّة، ومثل هذا الاختلاف هو قوّة مابعدها قوّة لامة العرب، والتجربة اثبتت ان العرب خيرهم في اختلافهم عندما انتصروا وليس باتحادهم عندما استسلموا، لأن ربط الجرباء المعتدلة قرب الصحيحة المقاومة هو خطر على الصحيحة وليس على الجرباء التي سوف لن تخسر شيئا بعدوى جميع من بقربها من الاصحاء، امّا ان عزلت الجرباء واعني خط الاعتدال العربي في حجر صحي وانماز الخبيث من الطيّب فإن مَن سوف يربح في الاول والاخير هو خط المقاومة والممانعة العربية لانه سيتحرر من وهم الخوف والضعف والاستكانه الى الاخر، والاعتماد على النفس وتجربة البطولة والمخاطرة والمقاومة ....، ومن ثم استذواق حلاوة النصر وغريزة الكرامة، وسهولة الطريق نحو التغيير!. نعم على هذا الاساس يكون واضحا ان اختلاف امة العرب في مرحلة محور الاعتدال العربي الاعوج هو اختلاف رحمة وكرامة وعزّة وتقدم.....، بينما يكون الاتحاد والاجماع والوحدة في الكلمة والموقف والتوجهات اساس ضعف وخدعة ذلّة، ومحاولة انهزام جديدة تضاف الى ارقام قائمة الاتحادات والجمعيات والانسجامات العربية المتكررة!. فاهلا باختلاف النصر وتشرذم التقدم وتشتت العزّة والحرية والانعتاق!. ولامرحبا بوحدة الكلمة، واتحاد الهزيمة، وتجمع التخاذل والذلّ، وانسجام الرجعية والتخلف!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |