نيسان .. يوم إسقاط هبل
 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

كان يوم 9 نيسان 2003 بمثابة ولادة جديدة للعراقيين، وقد ذكّرني هذا الحدث ـ ولحسن حظي فقد قُدّر لي أن أكون موجودا في هذا المقطع الزمني التاريخي المهم ـ بأفلام الأطفال التي تظهر عالما يهيمن عليه ساحر ودجال ومجرم، عالما أسود قاتما لا نبات فيه ولا ماء، وما أن يموت حتى يتغير كل شيء وتدب الحياة في كل مكان، صحيح أننا كعراقيين لا نزال نعاني هنا وهناك من بعض الأصنام (الأقزام) والقائمة على القومية والعنصرية والطائفية مستغلين تعابير النزاع والصراع وتفتيت الهوية العراقية، إلا أن الصنم الكبير الذي كان قابعا في ساحة الفردوس قد سقط بأيدي العراقيين وأصدقائهم وأحبّتهم من قوات التحالف، فإن الطريق بات معبّدا لبناء المشروع الوطني العراقي.

هذه الصورة الجميلة والزاهية شابتها تشوهات وضباب بفعل البعثيين القذرين والتخلف المعمّم ـ من الذين يتبنون خطاب المقاومة والإرهاب ـ وبفعل أحزاب "نازية" تريد إيهام العراقيين أن هناك مناطق (يجب التنازع عليها) وأن هناك فئة قومية وطائفية هي التي تضطهد الآخر، والحقيقة هي أن الدكتاتورية لا دين لها والطاغية مستعد أن يذبح كل خصومه حتى لوكان هذا الخصم صهره وإبنه، كما فعل صدام حينما قتل أقرب أقربائه.

مهما حاول أؤلئك الذين يتلقون الأموال والدعم من الخليج وإيران الشيطانية (كما يفعل مقتدى الصدر)، من الدعوة إلى التظاهر والاحتجاج وإظهار الحزن ـ على إسقاط هبل ـ والصراخ والعويل ضد قوات التحالف، فإن الحقيقة لن تتغير ونحن أغلبية العراقيين ندرك حقيقة ما جرى في 9 نيسان، فقد كان بعض الملالي والمعممين (ومنهم الصدر الثاني أبومقتدى)، ينتقدون الحرية في الدول الغربية بينما لم يكن مسموحا لهؤلاء بأن يغشوا زوجاتهم بدون إذن أبوعدي وحزب البعث، والآن إذ جاءت الديمقراطية إلى العراق يحاولون تشويهها بمقاومتهم وإرهابهم وأفكارهم الرجعية.

وهناك حقيقة علينا أن لا ننساها، وهي أن الولايات المتحدة لولم تجد معارضة قوية للنظام البعثي من قبل غالبية العراقيين لما جاءت من وراء المحيطات لإسقاط الصنم، ولكن للأسف لم يستثمر كثير من العراقيين هذا التغيير الديمقراطي للعمل السلمي، فالمجتمع كان قد تم تفكيك علاقاته التعاقدية العقلانية ليتوجه المجتمع العراقي إلى العشيرة والرابطة القبلية، والتي يرى الأستاذ فالح عبدالجبار وقبله المرحوم علي الوردي أنها كانت لتكون مفيدة في بيئة مناسبة لهذه الطبيعة، لكن المجتمع العراقي في صميمه كان مجتمعا متوجها بقوة نحوالمدنية وإلغاء النمط القديم والمتخلف من العلاقات، لولا أن النعرة القومية وهي جرثومة فتاكة ـ بمعنى أنها لا تقتصر في العراق على العرب وحدهم ـ جرت البلد إلى حكم استبدادي غاشم، وقد أتاح الثالوث الرجعي "القومي + الماركسي + الإسلاموي" مزج قذارات هذه الأيديولوجيات والتي تلتقي مع بعضها البعض في كراهية الديمقراطية بحجة الرأسمالية والاستعمارية وأطاحت بالنظام الملكي بحجة المشروع الوطني.

ولا حلّ لبقاء العراق كدولة بدون ترسيخ الهوية الإنسانية للبلد وأن الديمقراطي الأمريكي والألماني والتركي والبريطاني أقرب للعراقيين من السعودي والإيراني والقطري والمصري والسوداني الذي لا يؤمن بالحرية والديمقراطية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com