|
ابو سرمد (عرضحالجي) على صفيح ساخن؟
ذياب مهدي آل غلآم لم يعد لدي متسع لأنفاق أحلامي على قارعة الحياة..الى مجاهل روحي... أيها الغافل عن طحينك في الحقل.....الى أين امضي؟ كانوا الرفاق الانصار يناضلون في جبال كوردستان العراق وكنا في المدن المسبيه من الطاغيه وأدواته القمعيه؟ وكلابه في كل بيت وحاره وشارع وحتى في الدرابين الفرعيه؟تنتظر، تشم،خبرالصدأ القادم؟ كنا قاب قوسين او أدنى؟ من الموت.... بكلمة زيتونيه؟ وجرت قلم؟ وخط (منجفي) مائل؟ او وشايه من.......؟ ابو سرمد الذي رأى وعرف وقرأ...هو الذي ركب حصانا جامحا (أشقر؟) ووضع بصمته على رصيف طرقات النجف... وفي عرائض وطلبات الناس واوراق الفقراء... لكن مهرة احلامه لم تنهكها كل السجون والحروب؟ وهي تعدو نحو حصانها الجموح الأشقر الرماني ؟كم مرة أخطأته طلقة الرحمة؟وهو المتحرك...لايعرف السكون؟ سرمد أبنه... تلميذي في متوسطة السدير نقل لوالده شيء من حبي للتلاميذ وانا ادرسهم الرسم... وفي اليوم التالي ... سرمد: استاذ والدي يخصك بالسلام؟ يارب وهل أنت؟ نعم..... وضحكت ؟ العرضحالجي... (ختصاص الاقتصاد الماركسي من أحد معاهد موسكو)...يجلس في تلك الصباحات... مهما كان ذلك الفجر بردا قارصا ام حرا لاهبا....صفيحة (مطعجه) وطاولة خشبيه صغيره كأنها(كاروك النغوله) وثمة مظلة سوداء مجربت اللون أتعبت (أسيام)رفعها وعكازتها الصدأه... يشدها دائما بخشبة لرفعها اعلى... مثبته بحبل على (باية) احد ارجل الطاولة(ميز الخشب) والفضاء المسكون بالخوف والرعب والتوجس...كأنه يجلس على هرم وينظر الى البعيد البعيد...هو يحلم لكنه يعمل... الصفيحة المطعجة (تصل) في بردها شتاءا وتسخن من ذاتها في لهيب صيف النجف وتصحره وشمسها العموديه...يفور التنور ومن جلس عليه؟ لكنها الأرادة وخوف ذلة السؤال ومرضه وأرهاب الدولة(البعثفاشستيه) وحتى المقعد الاسفنجي لايشفع له ...صابر على أتقاد عجزيته المستقرة على (كفه) الصفيحة المطعجة ،المزنجره لزيت الراعي؟ هي تحمله وهمومه وأحلامه ويومه...قلبه ينشد الرحيل لكن العقل يذهب الى حدائق الحس واليوم المنشود... والآيادي تلوح للحياة...سلام عليكم ابو سرمد: اغاتي... يردها بأحسن منها..اتفضل اشرب شاي أمهيل...وتلك العجوز المهظومة والدة لقتيلين من ابنائها في الحرب الظالمة مع جار الظلم الشرقي؟ أحدهم ترك ثلاث صبية وأمهم(نجوى) قروية،جميلة، زاهية رغم سواد ملابسها والحزن بهالته الغامقة الزرقة... تؤطر عينيها الدعجاء...لم تتجاوز العشرين عام تركها...هو وحماها أخيه صرعا في وطيس القادسية المشؤومة... صدأ القلب منها حتى صافحت الكلاب التيجان..!؟ العجوز: "كواك الله يمه"... نظر ابو سرمد وهو يحتفي بهذه المنكوبه ... أتفضلي: العائلة افترشت الارض و الصبية عيونهم تتلصلص على عينيه الرماديتين...من أين لي هذا البهاء في هذه الصبيحة؟ مكانه مقابل بوابة عدالة النجف؟وهل فيها عدل ولحد الآن محكمة النجف!؟...في ساحة وصخه متربة في حوافها أزبال مشتته وعمال التنظيف يزيدونها تراكما حين يذرون الغبار في مكانسهم المصنوعة من خوص النخيل وضراعها(الربد) من اغصان الصفصاف...العائلة المنكوبة فقدت بوصلة الحياة... معيليهما... انا بالقرب منهم أأتيه بالاخبار، انقل له قسم منها، يتغافل عني وهو على يقين بأنني لا أكذب ... لكن حسه الآمني جعله يشك حتى في الحمائم والعصافير؟وحفظه لي من المراقبة المشددة عليه...كان يبتسم وكأنه يعرف بعض مما انقل له؟...هلا أغاتي: تأمرني: ادلل: خوش جاي: أحبيب:صار وعلى راسي: كلمات الترحيب والترغيب تسمعها مابين حين وحين وهو الذي تعرفه النجف كلها...ينظر في وجهي بكل حذر الواثق المطمئن وكأنه قريب من الحصان الجامح الاشقر...يستمع ويدون للعائله همومها ومصائبها...انجز عريضتها...يمه أبهامك الأيسر: مرره على اسفنجة صغيره فيها بلل من الماء ثم على (اسطنبة) للحبر البنفسجي هنا (أبصمي) أعطته المقسوم دنانير بالوزن وليس بالقيمة هكذا جعلها النظام البائد؟ امسكت العريضه وذهبت مع خيبتها؟ تجرجر ورائها(جنتها)ا نجوى واشبالها...الى مجاهيل المحكمة ودهاليزها والكل (مرتشي) من أعلى سلطتها الى بوابها... لكن ليس كما الآن مفاسدها؟ أخيارهم فسادهم...اراذلهم قادتهم... وكان طاغية واحد والآن طغاة باشكال متنوعه؟ وتلك العائلة لاتزال بهومها...!؟ فلقد ازيح ارهاب البعث وحكم العائله الطاغية الى مزابل التاريخ...فأزداد ارهاب البلاد بأشكال جديدة؟ قرروا أللغاء تقاعد ضحايا العوائل المستشهده ابنائها في تلك الحروب الدفاعية عن شرف الوطن العراق...لا عن الطاغية المقبور؟ في خدمتهم الألزاميه العسكرية...رحلت ارواحهم للسماء...وحكامنا بعد الاحتلال يصادرون حق دمائهم الزكية واقلها الراتب التقاعدي لعوائلهم... ابو سرمد يصغي الآن لحديثي وهمومي مع أهلي وحالتي والتوجس الذي ينتابني احيانا (فلقد وشى احدهم؟) وامسكت الأجهزه القمعيه الامنيه في الديوانية بأحد رفيقاتنا وانا على صلة بها...أريد ان اهرب خارج الوطن...تلفت بكل خوفه وحذره أبو محمد ديربالك على نفسك أنت لسانك (بلوه) قالها أبو سرمد: انا الآن لي دعوة مع اخي على ميراثنا من المرحوم الوالد...اكتب لي طلب للقاضي من اجل اصدار قسام شرعي لعائلتنا: تبسم وامسك قلمه ووضع نظارته من جديد وحلحله جسده قليلا فتزحزحت الصفيحة تحته واصدرت اصوات اقشعر منها بدني كأنه الأزيز... كتب أسمي و العنوان... الاوراق مستنسخه وجاهزه، فقط يضع الاسم والتاريخ والتوقيع واعطيه بخس دنانيره وأذهب حيث اشاء بها...بعد توقيعها . هل تأتيك أم ماجد: احيانا: كيف حال أم سرمد: بخير... بس الصحة موتمام؟ تلفت حول نفسه وهمس : ابو محمد هل تتصل (بالربع) اريد ان اللتقي معهم؟ وانا اعرف انه على اتصال مع الحزب وعلى يقين...ضحكت !؟ ابو سرمد: خليك في مكانك؟ أولئك اوقدوا النار في الوسائد...والتهب القطن وأطفأوا الماء في فم الظمأ...ضد أوامر من كيد جنرال الوهم؟ انها الحتوف وكأنه القدر...يالهذا اليوم من سفر طويل أتذكره... ابو سرمد مناضل يتنصت ويقود...وفي اشلائه ترتعد الكوابيس،خزانة الاسرار وطريق الشعب السرية... لم يطوح أحلامه والعرق الآن يرسم بقطراته على جبينه...بعد ان رفع (اليشماغ) كوفيته الذي (يتلكج) به صيفا، شتاءا وداعب بأصابعه عرقه كأنه يمسح غضبه وعدله او يمسح كلالة الأمس وهو في باب عدالة النجف محكمتها...ودعته... يدي الآن تبادلني المصير وتلوح لكلينا (ديربالك على نفسك) بصوت فيه شيء من الحشرجه وختنق بعبرته...وغافلتني دمعة رسمت على خدي طريق هروبي الى مجهول القدر مع علم المكان...وبعد الغربة وأنفراج هموم الوطن بالأحتلال!؟ ومن جديد يغرق بالفساد وأضمحلال الفكر وفوضى الأهل؟ والأحلام بين الحزن والأرهاب ...رغم ذلك تتبرعم الآن لغد عراقي جديد اغصان النضال وتدب الحياة رغم مايقال هنا وهناك!؟ لكن العراق للسلام ولوطن حر يرفل شعبه بالسعادة وهذا لامحال... وفي وحشتي تأتيني من صديقي ورفيقي ابو سرمد الآماني وتحيات الوصال ولي صديق (وديع) قال: يناجيني... تتدلى الأعناق/تتدلى الرفات /الشرفات يغزلن للموت أناقة أخرى/لا شأن للمارة بأكداس المحنة!/النفايات تحتضنها الأكياس السوداء/لماذا ترتبك أيها الألم؟ في الطريق اليك كان الشوك عدتنا للرحيل. تتدلى الكروم/يتدلى اللبلاب،والشرفات تغلق ستائرها/مع الموسيقى وقليل من الفطنة يذوب الشمع/ ينقشع جليد الحبال المتدلية/ من يصل لمن؟ الكروم الى الدنان/ اللبلاب الى الشرفة!/ سعيدا بك أيها الألم (الأمل) الذي يتلوى....... بكامل أناقته.... لفجر العراق الجديد *********************** ابوسرمد: محمد عبد الزهرة حموزي سكرتير تنظيم الحزب الشيوعي في النجف حاليا العرضحالجي: كاتب العرائض بأجره للناس وديع: وديع شامخ شاعر شفاف برقة الطفولة مغترب بأستراليا اسيام: مفردها سيم...اسم رافعات المظلة المطريه الربع: يقصد الرفاق في التنظيم السري الشديد والمشدد أناذاك
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |