تهويد القدس! 

 

نهال قاسم

arabicbloggersunion@googlegroups.com

فى ظل الهجمة الشرسة التى تتعرض لها مدينة القدس، ومحاولات التهويد، وتزييف التاريخ المستمرة منذ عام 1967، والتى يسعى الكيان الصهيونى حاليا إلى وضعها على لائحة التراث الثقافى العالمى، كمدينة يهودية، حتى يكتسب وضعا ثقافيا دوليا عن طريق منظمة  اليونسكو، وتعميم الزعم الإسرائيلى بأنها عاصمة أبدية لإسرائيل، فضلا عن محاولة منع وعرقلة الإحتفاليات الفنية والثقافية التى سوف تقام فى كل من القدس والناصرة بمناسبة إختيار القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009، لأنها تعتبر تلك  محاولة لإثبات السيادة الفلسطينية على المدينة المقدسة، وإثبات عروبيتها، لذا فقد حذر الباحث الأردنى، والمنسق بوزارة الخارجية الأردنية د.عارف الوريكات، فى اللقاء الثقافى الذى عقده منتدى القانون الدولى جامعة القاهرة، من السياسات الإسرائيلية التى تمارس يوميا على أرض القدس، وإبتداع السلطات الإسرائيلية المحتلة، قوانين وأساليب عديدة للإستيلاء ومصادرة الأراضى، منها قوانين تم وضعها منذ أيام الإنتداب البريطانى، قبل قيام الكيان الصهيونى، مثل قانون الطوارىء، وقانون الغياب الذى يفقد المواطن الفلسطينى حقه فى الإقامة نهائيا بالقدس، إذا غادرها لأى سبب من الأسباب لمدة سبع سنوات، كذا فى حالة تملك أى فلسطينى مقيم بالقدس جنسية غير الإسرائيلية، فإن ذلك كفيل بطرده من القدس، وإسقاط جنسيته، فضلا عن عمليات الإبعاد بحق العشرات من المواطنين المقيمين بالقدس، تحت حجج أمنية واهية، على غرارما حدث خلال الأيام القليلة الماضية، حين قام اليهود بعمليات طرد واسعة النطاق للفلسطينين داخل القدس، شملت الإستيلاء على 88 منزلا، وتشريد 1600 فلسطينى فى حى البستان، فى بلدة سلوان فى القدس الشرقية !

 

مؤامرة !

 إستعرض " الوريكات "، بعض الحقائق الجديدة التى طرأت على أرض الواقع فى عام  2008، أخطرها كان قضية الإستيلاء على أملاك كنيسة الروم الأرثوذكس المقدسية، التى تسمى ( أم الكنائس )، والتى تعد من أقدم، وأعرق كنائس القدس، فقد تم تشييدها عام 1050م، وهناك عدد كبيرمن الأقباط المؤمنين يتبعونها يقدرعددهم حاليا ( 400 ألف شخص )، وقد تعددت، وإتسعت أملاك هذه الكنيسة أيام الإنتداب البريطانى، تصل إلى حوالى 75 %، من إجمالى مساحة القسم الغربى من القدس القديمة، تمتلك الكنيسة منها الآن 20 % فى القدس الغربية، ومساحة  18% فى القدس الشرقية .

 

 تهويد القدس !

 كما يشير " الوريكات "،  إلى الوضع الفريد، والنادرلهذه المؤسسة الدينية، التى تخضع إلى القوانين الأردنية نظرا إلى أن الطرف الأردنى كان يديرمنطقة الضفة الغربية، حتى قررالأردن فك الإرتباط بالضفة عام 1988، مع الإحتفاظ بوزارة الأوقاف، تحت إدارته، حتى لا تستغل إسرائيل الفرصة لملاء هذا الفراغ، وقوانين الطرف اليونانى، وهوسبب المشكلة الرئيسية التى تعانى منها القدس حاليا، نتيجة السياسات الخطيرة التى إتبعها الإحتلال الإسرائيلى لعقد العديد من الصفقات الخفية، المستترة، بالتواطوء مع وزارة الخارجية اليونانية، التى أشارت على البطريرك اليونانى " أورميوس "، عام 1948، بتأجير( 400دونم )، من أراضى كنيسة الروم الأرثوذكس فى القدس، للوكالة اليهودية عام 1948، والتى قام البطريرك بعد قيام حرب 48، بالتنازل عنها، والتى يقام عليها الآن الكنيست الإسرائيلى، ومنزل الرئيس الإسرائيلى " شمعون بيريز "، ورئيس الوزراء الأسبق "إيهود أولمرت "، وقد تلت هذه الصفقة صفقات أخرى أكثر خطورة، منها صفقة بيع جبل أبوغنيم، لإقامة مستوطنات يهودية عليها، والتى غضب العرب حين علموا بها، متهمين البطريرك بالتصرف فى أملاك عربية، مما دفعه إلى إدعاء عدم علمه بالأمر، وإن هذه الصفقة غير قانونية، لأنها تمت بموجب قوانين المصادرة، ولكن حين تم رفع دعوى لمحكمة العدل الإسرائيلية، وجد القاضى توقيع البطريرك على وثيقة البيع، فقرر توقيع غرامة مالية عليه لتعكيره الصفوالعام !

 كما قامت الكنيسة ببيع ميدان عمر بن الخطاب عام 2005، الملاصق لمنطقة حرم المسجد الأقصى، التى شملت 23 محل تجارى، و3 فنادق، وقد أدعى البطريرك أيضا عدم علمه بالأمر، ولكن المديرالمالى للبطريركية قدم الوثائق التى تثبت إدانته، لافتا إلى التحقيقات التى أثبتت أن الملحق العسكرى بالسفارة اليونانية، والذى كان مقربا من تل أبيب، طلب من البطريرك تعيين هذا المديرالمالى اليونانى الأصل فى البطريركية، حتى يقوم بإتمام  هذه الصفقة، إستكمالا لسياسة تهويد المدينة المقدسة !

 أما أخطر الصفقات التى يتم الحديث عنها الآن، هى صفقة بيع أملاك يهودى مصرى يدعى ( إيليا شماعة )، الذى عرض على الكنيسة مبلغ ( 38 مليون )، عام 1927، مقابل مساحة ( 30 دونما )، من أرض الكنيسة، التى كانت تعانى من أزمة مالية، وقد دفع " شماعة "، منها  ( 8 مليون )، وكان من المفترض أن يسدد الباقى على أقساط سنوية، لكن ظروف حرب 48، قد جعلته ينقطع  عن دفع باقى هذه الأقساط، عند ذلك قامت إسرائيل بمصادرة هذه الأرض، يأسف " الوريكات " إلى عدم قيام البطريرك برفع دعوى لإسترداد أملاك الكنيسة، مشيرا إلى قراره المفاجىء عام 2008، بإسقاط الدعوى، وإبلاغ المحكمة بإنه قد تمكن من تسوية الأمورمع عائلة " شماعة " التى لا يوجد لها أى أثر سواء فى إسرائيل، ومصر!

 

تحديات ! 

من ناحية أخرى يشير الباحث سمير مرقص – رئيس مؤسسة المصرى للمواطنة، والحوار، إلى محاولات الكيان الصهيونى المستمرة منذ عام 1967، لتهويد القدس على الصعيد التاريخى، بالحديث تارة عن القدس الكبرى، والصغرى، وتارة أخرى يتحدث عن القدس الشرقية، والغربية، وثالثة عن قدس ما قبل 48، وقدس ما بعد 67، فى محاولة لتشويش، وتفتيت، الحديث عن القدس، وطمس المعالم التاريخية، والدينية للقدس، من خلال التوسع فى بناء المستوطنات اليهودية، وجدارالفصل العنصرى، فضلا عن الصفقات المشبوهة للإستيلاء على أراضى المدينة المقدسة، والدورالذى لعبته القوى الغربية، والأمريكية خاصة، التى أضفت شرعية للكيان الصهيونى، بعد إعلانها أن القدس عاصمة موحدة للدولة الإسرائيلية، وعن عزمها نقل سفارتها إلى القدس، التى تعد - على حد زعمهم - المركز الروحى لليهودية العالمية !

كما يشير" مرقص "، إلى الدورالأردنى فى المحافظة على المقدسات الإسلامية، والمسيحية فى القدس، بدء من قيام الأردن فورعلمها بصفقة ميدان عمربن الخطاب بعزل البطريرك " أورميوس "، وتعيين آخر جديد " تيوبلوس"، الذى تحاول إسرائيل حاليا إبتزازه من أجل إستكمال الصفقات التى وعد البطريرك المعزول بإتمامها، ومطالبة البطريرك الجديد بتشكيل مجلس مختلط يتكون من علمانيين، يكون له حق الإشراف، والمراقبة، والحفاظ على أملاك الكنيسة، فى محاولة لإعادة التوازن ما بين سلطات البطريرك، ومصالح رعايا الكنيسة من العرب الذين كانوا طوال الحقب التاريخية، المختلفة، على خلاف مع القساوسة اليونانين، الذين تم فرضهم على الكنيسة منذ الإحتلال العثمانى للقسطنطينية عام 1453، والتى منحت البطريرك سلطات واسعة فى التصرف فى أملاك الكنيسة الأرثوذكية المقدسية، لكن هذا المجلس قد توقف عمله مع قيام حرب 1967

 

قبل فوات الآوان !

أخيرا دعا د. على الغتيت – نائب رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولى، العرب الفلسطينين إلى توثيق أملاكهم فى القدس، حتى يمكن ملاحقة إسرائيل قضائيا فى حالة تعرضهم إلى البيع بالتهديد، والإكراه، مؤكدا على أن جميع القرارات الدولية منذ عام 1969 – 2006، تثبت حق الفلسطينين بالقدس الشرقية، التى يتعرض أهلها حاليا إلى التهجير، سواء بالطرد، والتهديد، حتى تتمكن إسرائيل من توطين اليهود مكانهم، وفرض حقائق جديدة على أرض الواقع، فلا يكون لهذه القرارات الدولية أى قيمة تذكر، كما يشير" الغتيت " إلى محضرمجلس الجامعة العربية فى عام 1948، الذى حذرمن خطورة إستمرارالوكالة اليهودية فى شراء الأراضى العربية الفلسطينية، وقرارإنشاء صندوق عربى عقارى - الذى لم يتم تنفيذه - وكانت مهمته شراء أراضى العرب فى القدس الشرقية، الذين يريدون بيعها، لسبب، أولآخر، مطالبا بالتحرك السريع، العالمين العربى، والإسلامى، وعلى جميع الأصعدة، والمستويات، بداية من الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمرالإسلامى، ورابطة العالم الإسلامى، وتفعيل الدور الشعبى، ومؤسسات المجتمع المدنى، للتصدى للمخططات الإسرائيلية التى تسعى إلى تهويد القدس الشرقية منذ عام 1948، ومواجهة الخطرالمحدق بالقدس قبل فوات الآوان !  

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com