ديمقراطية العراق .. والعودة الى القوائم المغلقة 

محمد الياسري

mo_yasiree@yahoo.com

تتناهى الى اسماع المواطنين العراقيين البسطاء اخباراً ومعلومات عن نية الأحزاب السياسية الكبيرة في العراق الى اعادة صيغة القوائم المغلقة في الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي من المؤمل أن تجري نهاية العام الحالي.

وأن صح هذا التوجه من قبل هذه الأحزاب، التي يبدو انها عرفت وزنها من خلال انتخابات مجالس المحافظات التي اقيمت في وقت سابق من العام الجاري، فأن ذلك يعني اسقاط متعمد للممارسة الديمقراطية التي يفترض انها بدأت تخطو خطواتها الأولى في بلد عانى طيلة عقود طويلة من مقت الدكتاتورية.

لقد افرزت تجربة انتخابات مجالس المحافظات عدة معطيات لعل ابرزها واهمها توجه المواطن العراقي نحو الابتعاد عن التخندق الطائفي والديني الذي اختطه وتسعى لتكريسه الاحزاب الدينية، سنية وشيعية على حد سواء، وبحث هذا المواطن عن الاشخاص اللذين يعتقد أنهم ربما سوف يقدمون له جزءاً من متطلبات حياته، وماكان يحدث هذا الاختيار وصوابه لو كانت القوائم المشاركة بالانتخابات قد اخفت اسماء مرشحيها في قوائم مغلقة كما فعلت في الانتخابات البرلمانية الأولى.

لقد عانى العراقيون من الانتخابات الأولى ووصول اشخاص لم يسمع بهم المواطنون من قبل حتى جاءت الأيام ليخرج من بينهم من يدعم الارهاب- بل هو ارهابي بالفعل- كمشعان الجبوري وعبد الناصر الجنابي واخرهم محمد الدايني وربما يوجد اناس اخرون يعملون بذات المنهج داخل البرلمان المنتخب من الشعب، وفي البرلمان ايضا أشخاص – انتخبهم الشعب دونما يعرفهم- يفضلون مصالحهم الشخصية وملء جيوبهم على هموم المواطن ومعاناته واحلامه، وعند مجادلتهم سيقولون لك انه منتخب من قبل الشعب.

ان الاحزاب التي تلهث نحو السلطة وتريد الوصول لها لا ينبغي لها ان تكرر أخطاء الماضي- ومنها العودة الى القائمة المغلقة- بل عليها أن تجلس جلسة مراجعة لتعيد حساباتها وتناقش اسباب اخفاقاتها في الانتخابات المحلية ، والتي اعتقد جازماً أن من ابرز أسباب الاخفاق هو ذلك الاصطفاف الطائفي الديني المقيت، والرغبات الشخصية بالأستئثار بالمال العام والمناصب والمحسوبية و المنسوبية، واذا ما انتبهت هذه الأحزاب لأخطاء الماضي وعالجتها فهذا كفيل بكسب ثقة الناس دونما السعي الى اعادة صيغة مقيتة لاتقل عن مقت الدكتاتورية، الاّ وهي نظام القائمة المغلقة.

لا اريد أن اجزم ولكني ، ومن خلال التماس اليومي المباشر مع شرائح مختلفة من ابناء الشعب العراقي، اعتقد أن النسبة الأكبر من العراقيين ، اذا ما اعيد العمل  بصيغة القائمة المغلقة، سيقاطعون الانتخابات مما يعني وأد الديمقراطية التي يسعى الجميع لتعزيزها وتوطيد أركانها في بلاد الرافدين.

أن معالجة الأخطاء لا يعني بأي حال من الأحوال انتقاص من هيبة هذا الحزب او ذاك، ولا يعني أنه فشل وانتهى، بقدر ما يعني انه نكران للذات وتحمل المسؤولية المهنية و الأخلاقية و البحث عن مكامن القوة وتعزيزها، لأن الأساس في الحزب الذي يريد خدمة الناس،هو رضى هؤلاء الناس عن سياسة الحزب و الايمان بمبادئه، ومدى نجاح هذا الحزب لايقاس بمدى حصوله على مكاسب السلطة والأموال بقدر ما يحصل عليه من ايمان واسع من مختلف شرائح الشعب.

أن تطبيق ما يسمى بالقائمة المغلقة يعني قتل حرية الاختيار لدى ابناء الشعب اللذين يجب احترام رغبته وحريته باختيار هذا الشخص ورفضه لذاك الشخص وفقا لمعرفته بهؤلاء الاشخاص واطلاعه على سيرتهم الشخصية وبرنامجهم الانتخابي، اما اذا كان السعي للاستئثار بالكراسي بعيدا عن هموم وتطلعات الناس وبعيدا عن الهم الوطني و مستقبل البلاد، فلا يهم اياً كان الأشخاص الموجودين في القائمة سواء كانوا ارهابيين أم قتلة أم دعاة الطائفية والتهجير، سواء كانوا من اصحاب الكروش او الجيوب الممتلئة او أصحاب الارصدة  في البنوك الخارجية، وحينها تقرأ السلام على الوطن  و على ديمقراطيته التي تحبو وسط نيران الطغاة الجدد.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com