|
تقييمٌ مَوضُوعي للوضع ِ الأمنِي في العراق
قاسم محمد الكفائي/ عراقي مقيم في كندا العَفويَّة ُ ما بَعدَ السُقوط ! ( 1 ) التاسعُ من نيسان لعام 2003 كان هو بداية ُ المشوار لحالةِ تغييرِ الوضع ِالأمني في العراق الذي تحَكمَت فيهِ العفوية، والتأثيراتُ بقطبَيها، الداخلي والخارجي . لقد تغيّرَ النظامُ الذي بنى ترساناتٍ كبيرة ً وشاهقة ً من الرُعبِ والخوف ِ والدم ِ والأجساد . فلما هوى تمثالُ ( الرَمز ) لتلك المرحلة، صَعدَ في حينها شأنُ الأنسان ِالعراقي الى فضاء ٍ أوسع ٍ من الحُريَّةِ ليجدَ قيمَتهُ الحقيقيةِ المُعَطلة، ويجدَ النارَ الملتهبَة َ في كيانهِ تحتاجُ الى تضحياتٍ بأبرع ِالوَسائل وأخلصِها من أجل إخمادِها بوقتٍ ليسَ بالقصير . أمامَ زحمةِ الأحتمالاتِ وفوران مَخاطرِ الوَضع كانت العفوية لأكثرِ من شهرين منذ بداية السقوط هي المحركُ الأولُ لأستتبابِ الأمن، وكان فيها الأنسانُ العراقي يسمعُ مكبراتِ الصَوتِ المُرتفعةِ على مآذن المساجدِ والكنائس ودورِ العبادةِ الأخرى، تدعوهُ الى الألتزام فيلتزم، وتطلبُ منه الحضورَ في مكان ٍعامٍّ فيَحضَر . في بدايةِ سقوط الصنم هرَع الناسُ من المُتحَمسين الى تحقيق ِحلم ِالسقوط، والذين لا يمتلكون الفهَم الحقيقي لمعنى الألتزام بالمُواطنَة الى َنهبِ الممتلكاتِ العامةِ وجلبوها الى بيوتِهم إعتقادا منهم أن هذا العمل هو الكفيل بسَدِّ ضمئِهم وحقدهِم على الطاغوت صدام . ولما دعاهُم داعي الأيمان من خلال مُكبراتِ صوتِ المآذن وطلبَ منهم إعادة َ كلّ الأشياء المسروقةِ وتأمينهَا في المَساجد، بعدما بيَّن حقيقة َ الفعل المُنكر، ومعنى المواطنَة، وكيفية الالتزام بها خدمة ً للصالح العام . في حينها أعادَ الكثيرونَ منهم ما بحوزتِهم الى مساجدِ مناطقِهم عملا بأحكام النداء الذي غلق بعضَ المنافذِ بوجهِ المُخططاتِ الأمريكيةِ التي دَعَت للأنفلاتِ والنَهبِ ( الفرهود ) كخطوةٍ أولى سَبقت خطواتٍ قامَت بها أو ستقومُ دوائرُ العَسكرِ الأمريكي واستخباراتهُ . غيرَ أنّ الأشرارَ من البعثيين الصداميين والمُجرمين كان لهم الدورُ البادىء والأهم في أحداثِ الفرهود لتوسِعَةِ حالةِ الفوضى، وتعميمِها، وكانت بداية َالمرحلةِ الأسوأ التي مرّت على العراق . فهذه العَفوية قد بيّنت بشكل جَلي هوية َ الأنسان العراقي، دينا ومواطنة، ولولا أولائكَ الشرذمَة لكانت حالة العفوية كفيلة ً بتمرير تلكَ المرحلةِ المظلمةِ التي عاشهَا العراقُ والعراقيون خارجَ سيطرة ِالقانون، ليسَ للجندي الحكومي فيها وطأة ُ قدم، ولا لرجل الشرطةِ عليها رقيب . غيرَ أن عيونَ أهل العراق من المُخلصين في الداخل، والقادمينَ من الخارج ما كان بوسعِهم عملُ الكثيرَ على كلِّ المستويات، في الامن، وتشكيل الحكومةِ، والجيش، أو الشرطة بسببِ أحكام ٍ دوليةٍ فرضَها مجلسُ الأمن الدَولي في عهدِ صدام البائد وتبنَّت الولاياتُ المُتحِدة العملَ بها ما بعد السقوط . في آخر المِشوار صارَ بريمر الأمريكي سيىءُ الصيت هو الرجلُ الأول الذي يحكمُ العراق، ويشكلُ الحكومة التي يريد، ويصنع القوانين، ويحلّ مجالسَ ومؤسساتٍ ووزاراتٍ، فيستبدلهَا بما يتفقُ وأهدافِ مُهمَتهِ الأمريكيةِ التي هوَ حاضرٌ من أجلِها . كانَ دورُ المرجعيةِ الدينيةِ التي التزمت العقلانية َ في حركتِها وسكونِها هو الأكبرُ في تحديدِ كوارثِ الأحتلال، وجرِّ كلِّ الطوائفِ على اختلافِها الى ظروفِ المعايشةِ والتحابُب، فتكلف العراقُ الكثيرَ من الخسائر بالأموال والبُنى التحتيّة، وتكلفَ العراقيون الكثيرَ من الخسائر بالأرواح، كما تكلفت المرجعية ُدواعيَ صبرِها ومَسؤوليتِها . أما دوائرُ المخابراتِ العالميةِ والأقليميةِ المنسجمةِ مع قواعدِ اللعبةِ الأمريكيةِ فقد خسرت الكثيرَ من أهدافِها، وُأحْبِطتْ أعمالهُا، فصارت تبحثُ عن مَخرَج ٍ لأسعافِ مُخططاتِها الشريرة، وإظهارِ مَعالم ِ خسائرِها بدَورِ البناء والأصلاح والتحرر . كانت هذه نظرة سريعة الى تلك المرحلة . والى حلقةٍ ثانيةٍ قادِمَة .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |