|
لا غدر للصحوة
أحمد عبد الأمير إن أحدا لا ينكر دور الصحوات في جلب الاستقرار بالمناطق التي كانت توصف بالساخنة في العراق، حيث قدمت هذه المجموعات التي انقلبت على تنظيم القاعدة الكثير من التضحيات وساهمت بشكل فاعل في تحجيم دور هذا التنظيم ونشاطاته الإرهابية في العراق، التي تستهدف في المقام الأول الأبرياء من المدنيين. والصحوات، حالها حال أي قوة غير نظامية، تشكلت في ظروف استثنائية، لا تخلو من اختراقات هذه المجموعة الإرهابية أو تلك أو حتى فلول البعث، إذا ما استثنينا طبعا تنظيم القاعدة الذي يعد العدو رقم واحد لهذه الصحوات كونه المتضرر الأول من تشكيلها. وعلى هذا الأساس يحاول من العديد من العناصر المحسوبة على الطرف المضاد للصحوات اختراقها بغية تشويه سمعتها أمام الرأي العام العراقي الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض شعبيتها واضمحلالها في مناطقها، وهو الشيء الذي لم يستطع لا السلاح ولا الرجال المنتمين لهذا الطرف فعله في الصحوات. إلا أن ما نراه ونسمعه اليوم من بعض وسائل الإعلام التي تبنت الخطاب التحريضي وربما الطائفي، ضد ما يجري اليوم في العراق من عملية لفرض القانون وبسط هيبة الدولة، يعد أمرا غير مقبول. وتجدر الإشارة هنا إلى مقال للسيد طارق الحميد، وهو رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط، نشر على الصحيفة المذكورة بعنوان "... والآن نرى الغدر بالصحوة"، بتاريخ 13-4-2009، إلى أن الصحوات في العراق باتت " هدفا سهلا لتنظيم «القاعدة» وميليشيات «أخرى»، وكذلك هدفا للحكومة العراقية"، واصفا ما يحدث اليوم مما سماه بالاستهداف المنظم للصحوات وقياداتها، من اغتيالات واعتقالات، بـ "الغدر". وهنا لا نريد أن نكون في موقف دفاع عن هذا الطرف أو ذاك، أو حتى بشأن العملية السياسية التي شابها ما شاب الصحوات من اختراقات، ناهيك عن تغليب المصالح الضيقة والطائفية على المصلحة الوطنية العليا، غير أننا نسأل الأستاذ الحميد.. لماذا كل هذا الحرص على العزف على الوتر الطائفي الذي رفضه ويرفضه معظم العراقيين بكل مكوناتهم؟ فقد ورد في مقال الأستاذ الحميد انه "بات استهداف هؤلاء الشباب العرب السنة، والذين هم من مكونات العراق، على قدم وساق". ألا يعلم الحميد أن في تعبيره هذا تحريض ومحاولة لإيقاظ الحس الطائفي لدى بعض المتحمسين والمتشددين، ليس في العراق فحسب، بل على صعيد العالم الإسلامي، والذي خسر العراق ما خسر من أرواح بريئة كل ما فعلته انها تنتمي لهذه الطائفة أو تلك، إلى جانب الخسائر المادية والمعنوية والنفسية التي أصابت النفس البشرية العراقية جراء ممارسات هؤلاء المجرمين بحق الشعب، والذين قدموا للعراق بحجة مقاومة المحتل التي انقلبت إلى محاولة تدمير العراق وتشتيت النسيج الاجتماعي فيه القائم على أساس التآخي والتآلف بين جميع مكوناته عبر مئات السنين. إن الأمر الذي غاب عن بال السيد الحميد هو أن السيد أحمد أبو ريشة، صرح أن الصحوات مخترقة خصوصا تلك الموجودة في بغداد، وهذا التصريح نشرته صحيفة الشرق الأوسط نفسها وعلى الرابط التالي حيث ورد أن " أحمد أبو ريشة، شقيق مؤسس الصحوة الذي اغتيل. وقال إن الحكومة ذاتها كانت على صواب تماما في قمع المقاتلين في بغداد والقبض على زعيمهم. ويقول أبو ريشة: «لا أحد فوق القانون»". كما أن أمر الاختراق موجود حتى على صعيد وزارة الداخلية العراقية باعتراف وزيرها السيد جواد البولاني الذي اشار إلى طرد الالاف من عناصر وزارته بتهمة الفساد والصلات بالمجموعات المسلحة. ان فرض سلطة القانون في أي دولة لا يعد أمرا معيبا، بل هو من أولى أولويات أي حكومة تريد لشعبها الاستقرار والرخاء وإشاعة روح العدل بين مواطنيه، فما بال العراق الذي لازال يخطو خطوات جريئة نحو بسط هيبة الدولة وسلطة القانون، و لا أحد فوق القانون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |