|
توجهات قائمة نينوى محاولة لتأجيج الصراع القومي
محمد علي محيي الدين أفرزت نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة إفرازات جديدة في الساحة العراقية حيث طوحت ببعض القوى المهيمنة على أدارة المحافظات العراقية إلى قوى جديدة كانت مهمشة أو جانبية في أدارة تلك المحافظات ،وما يجري من صراع ظاهري ومنظور يدعوا الى النظرة الموضوعية بعيدا عن الرأي المسبق أو القناعة الثابتة،لقد لاحظنا أن قائمة ائتلاف دولة القانون استحوذت مع القوى المتحالفة معها على مجالس المحافظات الوسطى والجنوبية بموجب الاستحقاقات الانتخابية ، والتغيرات الطارئة لم تكن لها تأثيراتها المشابهة لما يجري في الموصل لأن النسيج السكاني لهذه المحافظات يكاد يكون نسيجا متكاملا رغم وجود الاختلافات الحزبية والسياسية التي سيكون تأثيرها أخف وطأة مما يجري في الموصل لذلك سنحاول في هذا المقال مناقشة ما جرى في الموصل وتأثيراته المقبلة على العملية السياسية في العراق والانعكاسات الخطيرة التي ستشكل مؤثرا له تداعياته على الأمن والوحدة الوطنية. أن الصراع الجاري في الموصل الآن ليس وليد اللحظة أو نتيجة سقوط النظام البعثي ،فالموصل عبر تاريخها لها توجهاتها القومية الضيقة وكانت ولا تزال بؤرة للانعزال القومي وإثارة الخلافات والتي ظهرت جلية واضحة بعد ثورة 14 تموز المجيدة ،وقيام العناصر القومية- الإقطاعية – الرجعية بانقلابها المعروف الذي أدي إلى سفك الدماء البريئة من قبل القوى الرجعية والإقطاعية المرتبطة بالنظام السوري ونظام عبد الناصر وكانت تلك المذبحة التي راح ضحيتها خيرة أبناء الشعب العراقي نتيجة للصراع مع ثورة تموز ومحاولات عبد الناصر وحليفته سوريا إسقاط الثورة الفتية وبسط الهيمنة على العراق من خلال عملائه المبثوثين في مفاصل الدولة العراقية وفي مدينة الموصل بالذات،لذلك كانت الموصل مدار اهتمام السلطات القومية والبعثية المتعاقبة بعد الانقلابات القومية االبعثية وكانت لهم حصة الأسد في القيادات العسكرية والحصة الكبيرة بين ضباط الجيش ،حتى انفراد صدام بالسلطة حيث همش بعض قادتهم وأسندت المسئوليات الكبرى لأبناء العوجة وتكريت،ورغم ذلك كان لهم حضورهم في القيادة العسكرية و دعمهم المطلق لصدام بما جبلوا عليه من عقلية راضخة للسلطة التي توفر لهم الوجود المكثف في الجيش والدوائر المختلفة،لذلك ما أن سقط النظام وتغيرت بنية الجيش العراقي ليكون موزعا بين مكونات الشعب المختلفة حتى رأينا أنهم قد فتحوا أبوابهم لعصابات القاعدة والمخابرات السورية والعربية المختلفة بأمل العودة إلى سالف العهد قادة وأمراء للجيش العراقي ،وكان موقفهم رافضا للعملية السياسية ومساندا للتكفيريين والصداميين وأستمر الوضع الأمني في تدهوره لكثرة الحواضن في الموصل ولكنهم في الانتخابات الأخيرة نزلوا بثقلهم في محاولة للاستحواذ على السلطة عن طريق الآليات الديمقراطية بسبب وحدتهم القومية والأخطاء الكردية التي مورست في أدارة المحافظة ،فكان أن حصلت قائمتهم التي ضمت الكثير من العناصر البعثية أو الممالئة للنظام السابق على أكثرية في المحافظة بمختلف الطرق ،وبذلك حاولوا الإنفراد بقيادة المحافظة ذات النسيج الاجتماعي المختلف قوميا ودينيا ومذهبيا ،ونهجوا نهجا دكتاتوريا في توزيع المناصب رغم أنهم كان لهم ممثلهم في تشكيلة المحافظة السابقة خارج الاستحقاق الانتخابي لأن الديمقراطية بأبسط أشكالها لا تعني إهمال الأقلية أو تهميشها وبالتالي فأنهم من خلال آليات الديمقراطية نهجوا نهجا أقل ما يقال فيه دكتاتوريا متناسين أن المكونات المختلفة في المحافظة يجب أن يكون لها موقعها في أدارة المحافظة ولا يجوز لقومية واحدة أن تهيمن على السلطة في محافظة فيها قوميات مختلفة وطوائف دينية ومذهبية ،مما دفع تلك القوميات والطوائف إلى الإعلان عن رفضها لهذه التوجهات والطلب بإلحاقها بمكونها القومي والديني بما يتوافق والدستور الذي جعل للمدن المتنازع عليها الحق بطلب العودة إلى تبعيتها الإدارية السابقة قبل التغيرات التي أحدثها النظام ألصدامي والتي تهدف إلى محق المكونات العراقية وهيمنة المكون الواحد،وكان لتصريحات رموز القائمة المعبرة عن شوفينية مقرفة أثرها في حدوث النفرة وأتخاذ مواقف متشنجة من الطرف الآخر. أن ما تحاول الوصول إليه قائمة نينوى المتآخية هو أحداث حرب قومية دينية ،وتعطيل العملية السياسية بما يخدم التوجهات الخارجية الرامية إلى عودة الحكم الدكتاتوري المقيت لأن نشوب الخلاف القومي في هذه المرحلة ستكون له أثاره المدمرة على وحدة العراق وبناء الدولة العراقية القوية القادرة على الوقوف بوجه القوى الهادفة إلى تمزيق وحدته،وتطبيق لأجندة بعثية تحاول النفاذ إلى السلطة من جديد عن طريق أثارة النزعات بين أبناء الشعب،وهو نهجهم المعروف عبر تاريخ العراق الحديث. وكانت تصريحات المسئولين الجدد تحاول وبكل صلف الإعلان عن أهدافها وكونها القوة الوحيدة الحاكمة واضطرارها لاستعمال القوة وإرغام الآخرين على الانسياق خلفهم بعقلية لا تؤمن بوجود الآخر متناسين أن الأقضية الرافضة للتهميش تمثل مكونات لها تأثيرها الفاعل في اتخاذ القرار،ولها توجساتها الحذرة من التحرك الجديد المعتمد على التطرف القومي الذي ذاق من وراءه الشعب الكردي الويلات،وما مورس من قتل وتدمير بحق المسيحيين والأيزيدين من قبل العناصر التكفيرية المدعومة من أطراف القائمة،مما يوجب على الحكومة المركزية ألتحرك لوأد الفتنة التي يحاول المتعصبين أذكاء نارها لإحراق العراق بأتون حرب قومية - دينية لها خطورتها على الأمن والاستقرار في العراق ،وأن التعصب البعثي لقائمة نينوى ظهر واضحا في اعتمادها العلم ألصدامي الذي ظهر بارزا خلف مسئوليها وهم يهددون الآخرين،بما لذلك من دلالات واضحة على إن البعث سيكون له تأثيره في سياسة البلد وهو ما ظهر في توجهات البعض ممن يحاولون التفاوض مع قاتل العراقيين عزة البوري،وعلى العراقيين الانتباه والحذر من هذه التوجهات التي ذاقوا ويلاتها خلال سنين البعث العجاف.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |