|
العلم العراقي ليس خرقة يارشيد خيون .. الاعلام والحرب!
حميد الشاكر
مرّة الحّ عليّ صديقي ابو محمد وهو يقرأ لي مقالاتي المتواضعة على صفحات الانترنت بأن أرسل هذه المقالات للصحف المعروفة عربيا اعتقادا منه ان فيها مضمون جيد ومفيد لجميع القرّاء، مثل الشرق الاوسط في الصحف او قناة العربية في الفضائيات المرئية، واتذكر ان جوابي كان : ان لاي وسيلة اعلام معينة سياسية توجه مما يطرح في داخلها لمصلحة هذا النظام السياسي او ذاك التوجه الايدلوجي او تلك الجهة الاستعمارية او هاتيك الراسمالية التجارية .... !. لكن صديقي ابو محمد لم يكد يعي هذه الحقيقة لطيب في فطرته وبراءة في دماغه، وبقي مستمرا على الاصرار السابق، فتعمدت ارسال مقالة لقناة العربية سعودية التمويل تمجد في التشيّع واهل التشيّع وفكر التشيّع واهل البيت .. فجاء الردّ سريعا سرعة الذهاب والاياب بالقول : نعتذر عن النشر لعدم موافقة المقال لسياسة الموقع !. عندها عرضت على الصديق مضمون الجواب فاقتنع بلعبة التسييس للاعلام، وارتحت انا ايضا من ضغط الصديق الطيّب ابو محمد !. بهذه المناسبة نفسها انا من المتابعين لكتّاب صحيفة الشرق الاوسط والبارزين في اعمدتها الاساسية من كتّاب المقالة، وطبعا لالازداد علما من هذه المقالات، ولا لتتمتن اخلاقية الوطنية الناقصة لديّ من كتّاب البترول الخليجي السعودي بالتحديد،فهذا التيار من الكتّاب من ابعد البشر عن الاخلاقية الوطنية والرمزية القومية او الدينية او العقدية، ولكن كي اذكر النفس كلما غفلت على نموذج من البشر او الكتّاب الذين يضحكون على انفسهم وعلى الناس وعلى كل شيئ من حولهم، فهم يكتبون مالايعتقدونه هم انفسهم من كتابة، ولكنّ التيار مرّة لهنا ومرّة لهناك، ولا اكثر اغراءا ونفعا من تيار البترودولار السعودي عندما تسمع رنين ذهبه الاسود الجالب للدولارات والشهرة وحتى المفرغ لشحنات الكراهية والانتقام لكل ماهو نظيف او لم يزل يتشبث بنوع من النظافة في هذه الحياة الفكرية الانسانية العربية والاسلامية !. نعم مايميز توجهات صحيفة الشرق الاوسط السعودية، او ما استخلصته من خلال تجربتي لقراءة الخط الفكري لهذه الصحيفة و بكتابها البارزين،وبغض النظر طبعا عن بعض الكتابات بين الفينة والاخرى التي تحاول ايهام الراي العام العربي ان هناك راي في هذه الصحيفة وراي اخر... انه التوجه الواضح الذي يستهدف كل الرمزية المحترمة التي لم يزل يحملها هذا الانسان العربي والمسلم في هذه المنطقة المنكوبة، سواء كانت هذه الرمزية دينية او وطنية او ثقافية او حتى اخلاقية، فالشرق الاوسط وظيفتها اضعاف او قتل روح الرمزية لدى الانسان العربي باسم الحرية والنقد ووجهة النظر الاخرى والواقعية .. وهكذا، ليصبح خاويا وسهل القياد وتائها وفي غيبوبة حقيقية عن مايريد او يهدف اليه في هذا العالم !. وصحيح استطاعت صحيفة الشرق الاوسط وغيرها من منابر اعلامية رخيصة ان تحقق نصرا في مشروعها الاستعماري هذا حتى حولت الانسان الخليجي تحت سلطتها الفكرية والسياسية الى خواء تذروه الرياح، وعجل له خوار من ريح تدخل من دبره لتخرج من فاه، وكل هذا بفضل كتابها الافذاذ الذين استطاعوا بيع ضمائرهم وكسب الادمغة الفارغة، او صقلها بشكل لايدرك معنى لمفردة رمز او مقدس او واجب او ,..... اي شيئ اخر في موقف وثبات ورائحة اخلاقية ثابتة !. لكن المشكلة في صحيفة الشرق الاوسط وغيرها من منابر اعلامية انها لم تكتفي بالمنجز البسيط والمحلي لاغير، بل انها تتطلع اليوم الى العربية وربما العالمية لنشر وباء ضرب الرمزية في العالمين العربي والاسلامي، وتستخدم لهذه المهمة لكل قطر اغنية ومن كل بلد كاتب يرّوج لسياسة اللاثابت واللارمزي واللامقدس في هذه الحياة ..، حتى ان الكاتب العراقي الدكتور رشيد خيون يعد من ابرز الناشطين العراقيين في هذه السياسة في ضرب الرمزية لدى الانسان العراقي في كتاباته وتحليلاته ومقالاته وبحوثه .... الكثيرة، لاسيما اخر ماطرحه الدكتور رشيد خيون من على فضائية الفيحاء العراقية عندما تناول موضوعة العلم العراقي وكيف انه لاينبغي النظر اليه على اساس القداسية او الرمزية او اي شيئ له قيمة معنوية عالية، بل يجب النظر اليه على اساس انه خرقة افضل مافيها انها تعبر عن السلام ( طبعا يقصد مع اسرائيل لامحالة ) او عن جميع المكون العراقي لاغير !. والحقيقة انا لم استغرب عندما اسمع من كتّاب صحيفة الشرق الاوسط الدائمين مثل هذا التقييم لاي رمزية وطنية او قومية او دينية او فكرية عربية، لكنني استغرب شديد الاستغراب عندما يقول عراقيا للعراقيين هذا الكلام وبلا وجل او حياء او خشية من اي شيئ على ممثل شخصيتهم ورمز معنويتهم الوطنية والسياسية والعراقية !. هل حقا ياسيد رشيد ان العلم العراقي ماهو الا خرقة بالية لايقدم ولايؤخر شيئا بالنسبة لجنابك ؟. واذا كان بالفعل كما تقول انه مجرد خرقة، وانه لايعني لسيادتك اي شيئ ذا قيمة، فلماذا تعرّج عليه بهذه الانفعالية التي طفحت على وجهك وانت تتحدث عن العلم العراقي وضرورة تغييره ووجوب تحسين صورته، وان يشمل جميع العراقيين لافئة واحدة او قومية معينة ؟.. وهل ما تعتقده ممثل لجميع فئات المجتمع العراقي يجب ان يكون شيئا تافها وخرقة بالية حتى تتحدث عن العلم العراقي بهذه الصورة المستفزة لمشاعر العراقيين ومن على منبر فضائية عراقية تتعمد في الكثير من الاحيان الى الاساءة للثوابت العراقية الوطنية ؟. نعم نحن ندرك ان المقصود ليس هو العلم العراقي بالتحديد بقدر ماهي كل رمزية وطنية او دينية او قومية لهذه الشعوب العربية وبمافيها العراق على وجه الخصوص، وندرك ان حرب القيم تبدأ باضعاف روح الوطنية ليصبح شعارماقبل العولمة ولاوطنية في زمن الاستحمار، وتزحف على رمزية المقاومة للصهاينة بالتحديد لتكون ارهابا وان السلام مع الصهاينة يصبح طريق الانبياء والصالحين، ومن ثم لتنتشر هذه الحرب ضد اي رمزية اخلاقية او دينية، لنرى انفسنا الوحيدين في هذا العالم الذي نعيش بلا ثابت ولارمزية تستحق التضحية ولامقدس يدفع الى قول لا للفروضات الاستعمارية الجديدة !. تمام نحن ندرك هذه الاستراتيجية الاعلامية التي تحاول بعض وسائل الاعلام الاستعماري الجديد ترويجها وادخالها بالقوّة الى ذهن الانسان العربي والعراقي كذالك، ولكن مالاندركه بالفعل هو كيف ان العقل العراقي الكاتب والباحث وصل الى هذه المرحلة من بيع الضمير والعقل والفكر حتى يصل به الحال الى الاعتداء على المقدسات العراقية وبنفس الوقت يشعر بالفخر لذالك !. نعم قولوا عنا ماشئتم، ونحن لم نزل نعيش في القرون الماضية وعلى فتاة الشعارات، ونتمسك بفخر برمزياتنا الوطنية والاسلامية، ونرى ان علم العراق رمزية معنوية مقدسة تحمل بين خطوطها ملامح وجه وطن وشعب، وان الاعتداء على العلم العراقي هو اعتداء على الشعب العراقي مباشرة، وان اكرام العلم العراقي هذا الذي يعتبره الاخ رشيد خيون مجرد خرقة هو هو اكرام للانسان العراقي بكل مكوناته الاجتماعية، وان من شرف علم العراق اليوم انه يحمل كلمة التوحيد الاسلامية العظمى ( الله اكبر ) التي تزين علم العراق وترفعه فوق كل طاغية ومتكبر!. نعم نحن لم نزل نرى ان الاعتداء على اي رمزية مقدسة وطنية او دينية او فكرية للشعب العراقي وبما فيها علم العراق، هي محاولة بائسة لتفريغ الانسان العراقي من الداخل كي يتحول الى دمية استهلاكية للمنتج الغربي لاغير، وتابع وذليل لباقي الامم المتقدمة صناعيا اليوم، وكائن يعيش في هذه الحياة بلا مبدأ او هدف سامي يستعد من اجله للتضحية والفداء !. ونعم ياسيد رشيد خيون انت تجاوزت على رمزية عراقية، يخلقها الانسان كباقي الرمزيات في حياته الاجتماعية كي تكون معبرا عن وجوده وذاته ولونه ورائحته في هذه الحياة، ولا ننتظر منك الاعتذار للشعب العراقي بسبب ان هذا الشيئ لايقدم ولايؤخر بالنسبة لهم، ولكن ننتظر من الشعب العراقي نفسه ان يعي من يحاولون النيل من رمزياته ومقدساته ومبادئه في هذه الدنيا لعزلهم عن ذاكرته الوطنية ونبذهم من ذهنيته الجماهيرية لاغير، ليعتبر الاخرون من الاجيال القادمة ان كل مايتصل بالرمزية العراقية هي شيئ يجب ان يحترم وان لايساوم عليه وان لايكون مادة للبيع لهذه الصحيفة او تلك الاستراتيجية السياسية هنا وهناك !. اخيرا : ليس المقصود من هذه المقالة النيل من شخص الدكتور المحترم رشيد خيون، ولا انا ممن يكتبون بدوافع شخصية، ولكن القضية اكبر من مجرد اراء حرّة او واقعية فكرية كما نراها نحن باجتهادنا المتواضع لقراءة الحركة الفكرية الجديدة في عالم مابعد الفوضى والراسمالية والليبرالية القبيحة، وانما هي استراتيجية اعلامية وفكرية كبيرة جدا هدفها الاول والاخير تفريغ انسان هذه المنطقة من كل مقدس ومحترم ومبدأ في حياته المعنوية !.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |