|
لهن الجنان .. علي حسين البلداوي كثير من الامور تحدث في الحياة وكثير منها مايوصف بانه دائم او متغير... فاما الدائم فانه زائل واما الباقي فهو اصل الحياة ويكون منهجها السليم... ومن اهم هذه الامور هي الصداقة .. التي طالما كانت مؤثر قوي وفعال في تكوين الشخصية ... وهذه الشخصية عليها ان تكون في اصلب واقوى حالتها لكي تستطيع ان تكون فعالة وتاخذ دورها الحقيقي في المجتمع.. ولايمكن لشخص ان يكون ناجح الا بعد ان يمر بمصاعب ومشاكل تجوهر شخصيته وتبرزها وتقدمها للمجتمع .. فانت كيف تعرف ان هذا الشخص شجاع الا من خلال المواجهة او كيف تعرف ان هذا الشخص كريم الا عندما يجود بمايملك وهو في حاجة ماسة لمايملكه ولكنه يعطيه وهكذا.. فالذهب لايصبح ذهبا الا بعد صهره وحرقه بالنار وكذلك الماء ياتي سيلا جارفا ولكنه عندما يصتدم بجبل قوي فاما ان يذهب ويجري بجانبه ويحني مساره عن هذا الجبل او يتجمع ومن ثم يسيل على شكل شلال.. بعد كل هذه المقدمة والامثال التي تقرب الصورة.. اليوم اريد ان استعرض بعض النماذج للنساء العراقيات وغير العراقيات واللاتي اثرن في حياتي ومنذ بداية نشاتها.. اولها تعرفنا في ظروف جدا صعبة لايعلم بصعوبتها الا الله ... وكنت حينها مصابا بمرض خطير منعني عن اكمال مسيرتي الدراسية وكان هذا المرض هو معدي وكنت في فترة حجر صحي وكانت هي تاتي لي وتنقل لي الدروس وتصبرني وتشجعني وتعتني بي كاخ.. وبعد هذا من الله علي بالشفاء واستمرينا واحد يشجع الاخر وفعلا كنا المتفوقين بين اقراننا في الجامعة والسبب انها كانت تدفعني على الاستمرار بالعطاء العلمي وان اتفوق على اقراني وغالبا ماكان ينتابني شعور الكسل والعجرز او في بعض الاحيان اترك الدراسة ولكنها غالبا ماكانت تجبرني على الاستمرار وكنت احسها انها امي واعتبرها السبب الرئيسي لتفوقي العلمي (فوراء كل رجل عظيم امراة)... اليوم هي في امريكا ومتزوجة ولها طفلين احدهما على اسمي وفاءا منها لي .. هذا النموذج الاول .. واما الثاني فكانت زميلة لي في العمل غالبا ماكنت اراها تنشد الاستقرار وتبحث عن حنان الاب المفقود حيث اباها كان شهيد استشهد ابان سقوط الطاغية في 2003 وكانت المسكينة لم تسمع مني كلمة جيدة او حتى ان اتحدث معها في العمل.. والسبب طبعا ليس هي وانما اسباب منها كنت امر في ظروف قاسية جدا وكذلك ان الاشخاص في المكان الذي كنا نعمل فيه غير جيدين ولم تكن تفهم سبب ابتعادي عنها ولكن بعد ان تركنا نحن الاثنين هذا المكان ففهمتها جميع الامور وباتت علاقتنا اقوى وباحت ايضا لي ببعض اسرارها ومخاوفها وبقينا على اتصال واخيرا تعرفت على زوجها ايضا ومن صفاتها ايضا كانت تخطو خطوات اعتبرها جيدة وعاقلة ومنطقية في نفس الوقت ولكن يبقى عيبها الوحيد هو عدم اتخاذها قرار بمفردها مطلقا .. المهم اتسال لو تصرفت هذا التصرف مع شخص ثاني هل كان يفهمني او يعاملني نفس ماعاملتني به زميلتي طبعا لا الا مارحم ربي... اما النموذج الثالث فهو صديقة احمد الكردي (الروبرت الالي) فهذه كارثة حلت على راسي انا حيث اخذت مني صديقي الوحيد .. ومايصبرني عنها ويكبح غيرتي منها هو رؤيته سعيد جدا بها فهو تعرف عليها في ظروف استثنائية وقد تحمل الملام على معرفته بها وكيف يكشف نفسه لها وماعرف منها وقد لاموه الكثيرين الذين يريدون ان يتعرفوا عليه .. استكثروا عليه هذه الصديقة التي خرج بها من شبكة الاعلام العراقي .. فقد قومت تفكيره ونورت بصيرته وكاد ان يتخذ قرارات جدا خاطئة لولاها وهو اليوم سعيد جدا بها ولن يسمح لاي شخص او اي ظرف يحزنها وهو غالبا مايحاول ابهاجها وافراحها ويمازحها دوما وباستمرار حيث يرى الحزن في عينها والتعب والارهاق وهذه هي غير طبيعته بان يتحدث ان يسعد الاخرين ولم يتحدث مع احد بهذا الاسلوب مطلقا وانما معها فقط .. واستدل عليها باحساسه حيث الشي الجميل دائما مانستدل عليه باحساسنا والشي الغريب ان لهم صفات مشتركة كثيرة منها الحزن المشترك الدائمي وكذلك طريقة التفكير وحتى في اختيار الاشخاص لتكوين علاقات معهم وهنا عادت بنا الذاكرة لقول الامام علي عليه السلام (يعرف المرء من قرينه) .. ودائما مااتحاشى الكلام معه عنها ونكتفي بالقول (وللصداقة جنون) ... اما النموذج الرابع فهو كان فتاة من غير بلد وغير لغة وغير عادات وتقاليد ولكن ماجمعنا هو الدراسة حيث التقيت بها في سوريا وكان اسلوبنا الوحيد في التعامل هو الاحترام المتبادل والعطف الانساني وكذلك الشعور بالغربة حيث كنا نحن الاثنين غرباء .. وتعلمت منها الكثير من الامور.. ومن اهم ماتميزت به من الخصال هو العطف والحنان وكذلك سرعة التاقلم حيث كانت وبصورة عجيبة وسريعة تتاقلم مع المجتمع الذي تكون حاضرة فيه من كل النواحي سواء الشكل او اللبس او اللغة وتخيلوا ان البعض كان يظنها فتاة عراقية عندما تتحدث مع العراقين وكذلك مصرية عندما تتحدث مع المصرين وكذلك لبنانية عندما تتحدث مع اللبنانين.. وقد كنت صديقها الوحيد المقرب في سوريا ولكن افترقنا بسبب ازلام نظام تكريت المجرم ممادفعني الى المغادرة الى غير بلد.. وانقطعت عني اخبارها لحد هذه اللحظة واتمنى ان يصلني منها اي خبر... اما النموذج الاخير فهذا اعتبره اقوى النماذج التي ذكرتها مسبقا والسبب ان هذه الفتاة ذكية ولها سرعة بديهية وكذلك لها حكمة غريبة وعجيبة... هذه الفتاة لم تكن رفيقتي الا في رحلة عودتنا الى بغداد من سوريا.. حيث كانت محافظة الانبار تحوي المجرمين والقتلة وكنا نرى الجثث على طريق الموت الكيلو (160) .. وهذه الفتاة كانت قادمة معنا من سوريا مع والدتها فقط وكان معنا ايضا رجل شاب مع امه العجوز ايضا.. فاستوقفونا المجرمين وسالونا هل بكم (روافض)؟؟؟؟!!!! لم يجب احد وبدءوا هؤلاء بتفتيش المسافرين على اسماء الجوازات ويدققون باسماء العشائر.. ووصلوا الى هذا الشاب الذي انزلوه ووجهوا اسلحتهم عليه لكي ينفذوا حكمهم فيه فاذا بها تصيح عليهم وتقف بينه وبينهم وقالت لهم ان هذا زوجي !!!! وقالت اني لي اطفال منه فسالوها اين اطفالكم وتدخل السيارة لكي تنزل بطفلين من غير عائلة وبنفس السيارة وفعلا جاروها الاطفال بما كانت تفعل وقالت ان كان لابد فاقتلونا نحن كلنا انا والاطفال ايضا وليفتخر بكم الاسلام لانكم تقتلون امرة.. عندها لان قلب احدهم وركل هذا الشاب بالبندقية وقال له (اصعد ايها الكلب اكراما لهؤلاء الاطفال وامراتك تركناك والا تركناك للكلاب لكي تاكل بك).. وسارت القافلة ولاتعرفون كم هو مؤلم منظر ام هذا الشاب التي قامت بتقبيل اقدام هذه الفتاة التي انقذت ابنها من موت محقق.. وبدات اتحدث معها وظهر انها مطلقة وقد عانت تجربة زواج فاشل وعادت الى بلدها وهي ذاهبة الى بيت اهلها في (الكوت)... نعم هذه بعض النماذج للنساء حيث اختلفن بالمستوى الدراسي والعمر واللغة وحتى الديانة وانجمعن في اشياء كثيرة الا وهي الوفاء والاخلاص والعطاء.. هذا المقال كتب ردا على من لام احمد على صديقته واستكثرها عليه.. وشكرا...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |