|
ملف سما كرد ليوم الصحافة الكردية - الجزء الأول
إعداد: عبداللطيف الحسيني كانتْ مؤسسةُ (سما للثقافة والفنون) أمينة لكلّ وعودها، وفي كلِّ ما وعدتهُ من نشر وتوزيع الكتب وإعداد ملفات كهذا الملفّ الذي أطلقَ الموقعُ دعوة للكتّاب للمشاركة فيه منذ أكثرَ من عشرين يوما. ويسعدُ مؤسسة (سما كرد) أنها أولُ موقع كرديٍّ نشرَ إعلانا للاحتفاء بيوم الصحافة الكردية، وتخصيص ملفٍّ بهذه المناسبة التي لا تقلُّ عن الاحتفال بأيّ عيد آخر. حتى أنها جعلتْ (ليكنْ شهرُ نيسان يومَ الصحافة الكردية) شعارا لها، ومما يسعدُ أيضا أنّ ثمة مَنْ يقرأ ويتصفحُ موقعَ (سما كرد) من الكتاب العرب الذين يحملون همّا إنسانيا وفكرا نيرا، فما كانَ من هؤلاء الكتاب إلا أنْ يحتفلوا مع الكتّاب والصحفيين الأكراد بيوم الصحافة الكردية، حيت نجدُ ضمنَ الملفِّ مشاركاتٍ لكاتباتٍ من الجزائر وفلسطين والعراق، ومما يسعد أيضا أنّ مدير مؤسسة سما الاستاذ عارف رمضان رئيس الجالية الكردية في الإمارات يشارك في هذا الملف. وارتأى مُعِدُّ الملفّ أنْ تكون كلمةُ الأستاذ عارف رمضان مقدمة للملفّ. فلنستمعْ إلى الشعراء والكتاب والصحفيين: ****************************** (1)مقدمة عارف رمضان ينبغي علينا - نحن الكورد - أنْ تكون لنا أكثرُمن وقفة، وألا نفرّطَ بهذا اليوم – يوم الصحافة الكوردية - كأيِّ يومٍ عاديٍّ، ونوليه الحقَّ الذي يستحقهُ، في ظلّ إضطهاد الشعب الكوردي وطمسِ هويتهِ بشتى الوسائلِ والتعتيمِ المستمرّ على وجودهِ، ومحاربةِ كلِّ مفكرٍ، وكلِّ إعلامي، وكلِّ كاتبٍ مهتمٍّ بالشأن الكرديّ، حتى تبقي الحقيقة مخفية عن الملأ، لا بل طالَ الاضطهادُ والمسائلة المواقعَ الالكترونية الكوردية وحجبها، والمكتبات الكوردية وإحراق الكتب، إضافة لتشويه الوقائع وتعريب وتتريك وتفريس"الفارسية"على كلِّ ما هومبدعٌ ورجل دين، وبطل أدارَ معركة وخرج منتصراً، فيما يسعون باستمرار إلى إطفاء أية شمعة تنير أيَّ جزء من أجزاء كوردستان، ووأد أيِّ حلمٍ كوردي في مهدهِ، بهدفِ تعتيم القضية الكوردية أمامَ الرأي العامّ وطمس الهوية الكوردية وإذابة وإزالة الخصوصية الكوردية، وانحلالها في بوتقة الشعوب الأخرى. ها هوشعاعُ الحرية ينبعثُ من جديد، ومن زوايا كثيرة ليسلط الضوءَ على شعبٍ مجردٍ من حقوقه، فبعد أنْ وصف الرئيس التركي الراحل توركت أوزال"كوردي الأصل"قبل عقدين من الزمن في ألمانيا بـ"أنَّ اللغة الكوردية لغة بدوية، ولاتوجد آدابٌ لدى الشعب الكوردي"، وحاربَ هووباقي تلامذة باني تركيا"أتاتورك"وأمثالهم على امتدادِ الدّول التي تقاسمت كوردستان، الشعب الكردي واللغة الكردية لعقود متتالية مما أراقوا دماءَ عشراتِ الآلاف من الضحايا والأبرياء الذين لم ينحنوا أمامَ آلة العدوّ. هاهم الأتراكُ أنفسهم يزيلون أخطاءَ الماضي، ويستسلمون للواقع، في إقرارهم لحقوق الكورد الثقافية والاجتماعية في المجتمع التركي، بالرغم من وجود أهدافٍ وسياساتٍ تطمحُ إليها الحكومة التركية من وراء ذلك، لكنْ مهما كان، فإنهم وغيرهم من دول المنطقة - كإيران - بهذه الخطوات يفندون نظرياتهم الكاذبة التي كانت تتدّعي بأنّ الكورد ليس لهم موطنٌ. وأنهم بدويون و... ألخ.. الحقيقة تقولُ بأنّ الثقافة الكوردية عريقة. فمن عباقرتها (أحمدي خاني وملايي جزيري وأساطير مموزين وفرهاد وخجه، وزمبيل فروش)، لم ولن ننسى تلك الروايات والقصص والقصائد التي كانتْ تترددُ في أنها العينُ الرقيب وصحافة تلك الأزمان، وبذلك سبقوا أمما وحضاراتٍ كثيرة، إضافة إلى علماء الدين من صحابة الرسول ابتداءً من بابا جاجان الكوردي إلى صلاح الدين الأيوبي مروراً بفرسان التحرير إبراهيم هنانوويوسف العظمة وسليمان الحلبي. الكورد هم شعبٌ محبٌّ للسلام، ولم يسجل التاريخُ أية حادثة تذكر على الرغم من الانتفاضات التي قادوها دفاعاً عن بقائهم وتشبثهم بأرضهم، ولم يسجل التاريخُ يوما أنهم أقدموا على أيّ عمل إرهابي كاستهداف مدرسة ومسجد واختطاف طائرة، إنما هم يرغبون في العيش المشترك مع الشعوب التي تتعايش معهم، فمن جبال جودي انطلقتْ حمامة السلام، التي عادتْ إلى سفينة سيدنا نوح الراسية هناك بغصنٍ من الزيتون، والذي أضحى فيما بعدُ رمزاً للسلام. لندعُ جميعاً إلى صحافة نزيهة خالية من الشتائم والسباب، وأن تتصف بالحوار الأخوي، وأن تكون على القدر العالي من المهنية، لإيصال رسالة واضحة إلى الطرف الآخر، بأننا دعاة سلام، ولا نبتغي سوى حقوقنا. ولنحتفِ بهذا اليوم، لنقولَ بأننا طلبة سلام، نمدُّ يدنا لشركائنا، لننعم، ونعيش بحرية، وبقبول الآخر والتآخي معه، ولنحطمَ سوية جدرانَ الوهم الذي بناه يدُ المغرضين، وطلبة الفوضى ومهزوموالتاريخ. عارف رمضان مدير مؤسسة سما للثقافة والفنون رئيس الجالية الكوردية في دولة الإمارات ****************** (2) (الذكرى الحادية عشرة بعد المائة على ولادة الصحافةالكوردية) تؤثرُ الصحافة تأثيراً كبيراً على الحياة الثقافية والاجتماعية للشعوب ولا يستطيعُ المرءُ التعرفَ على ثقافة أية أمة دون أنْ يكونَ هناك دليلٌ يدله عليها، وقد أصبحت الصحافة خير وسيلة تتيح لمعرفة ثقافات الشعوب وتعبرً عن كينوناتها، هذا من جهة ومن جهة ثانية تستطيع هذه الوسيلة الإعلامية توجيه الأمة نحوالعمل المشترك لأجل تقدمها وتطويرها نحوالأفضل. والصحافة الكوردية كغيرها من صحافة الأمم المجاورة ولدتْ مترافقة بيقظة الكورد السياسية والاجتماعية خاصة بعد أنْ تعرضتْ قضية الشعب الكوردي عبر كفاحهم المسلح للإحباط، وعانت الشريحة المثقفة أبشع أنواع التنكيل والاضطهاد من قبل العثمانيين، وحينها لاذت مجموعة من المثقفين الكورد بالفرار إلى مصر وأوربا ليكونوا بمنأى من بطش العثمانيين وكان منهم البدرخانيون الذين سعوا إلى استئناف نضالهم السياسي بعد إجهاض ثورتهم في إمارة جزيرة بوتان الكوردية. وإذ ذاك كانتْ في مصر مجموعة كبيرة من المواطنين الكورد الذين تمصّروا واستوطنوا في القاهرة إضافة إلى مجموعة كبيرة من الطلبة الكورد في جامعة الأزهر الشريف وكان قد برز فيهم مثقفون بارزون. وفي مصر تبين لتلك الشريحة وعلى رأسهم الأمير مقداد مدحت بدرخان نجل أميرة جزيرة بوتان، أنّ الكفاح المسلح ليس بالطريق الوحيد لإزالة المظالم وتحقيق الأهداف القومية، لذا غيّر أسلوب نضاله في طريق آخر، مناسب أكثر لتوعية شعبه الكوردي وتنوير أفكاره وعرض مطاليبه. وكانت الأوضاع السائدة في مصر مناسبة لعرض قضية شعبه بإصدار أول جريدة كوردية تحمل اسم"كردستان"في يوم (22 نيسان 1898م) باللغتين الكوردية والتركية. وصدرت من هذه الجريدة/31/ عدداً خلال أربع سنوات، الأعداد الخمسة الأولى صدرت في القاهرة، طبعت الأعداد الثلاثة الأولى في مطبعة"الهلال"أما العددان الرابع والخامس منها فقد طبعا في مطبعة"كردستان"تلك التي كانتْ قد تأسستْ في القاهرة عام 1889م، والعائدة لفضيلة الشيخ فرج الله زكي الكوردي، بعدئذ انتقلَ مركزُ صدور جريدة"كردستان"إلى جنيف في سويسرا، ثم ثانية إلى القاهرة، ثم لندن وفولكستون في جنوب إنكلترا وأخيراً جنيف ثانية في عام 1902م. كانت أعدادُ هذه الجريدة ترسل إلى كوردستان عبر سوريا وتوزعُ مجاناً على الكورد، وكان هدفها تنويرياً بحتاً، حيث نشرتْ فيها مقالاتٌ حول الأحداث العالمية والاكتشافات العلمية والحديث عن التعليم وحثّ الشعب الكوردي على الوحدة والوفاق، وتحسين علاقاته مع الشعوب الرازحة تحت نير السلطة العثمانية كالشعب الأرمني واليوناني والعربي. مراكز الصحافة الكوردية: إذا ألقينا نظرة سريعة على واقع مسيرة الصحافة الكوردية من خلال أكثر من مئة عام مضت، يتبين لنا بصورة عامة إن العراق (كوردستان الجنوبية)، كان ولا يزال مركزاً رئيسياً للصحافة الكوردية لأسباب عديدة، وكمثال على ذلك: في البداية كان مركز صدور الصحف والمجلات الكوردية خارج كوردستان أي في المهجر مثل: القاهرة – استانبول – لندن – باريس – جنيف – فولكستون. في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي صدرتْ بعضُ الصحف والمجلات في بعض مدن الشرق الأوسط مثل: دمشق – بيروت – طهران – بغداد – يريفان عاصمة جمهورية أرمينيا وبعض المدن الكوردية مثل: السليمانية – أربيل – كركوك. بالنسبة لتركيا (كوردستان الشمالية) قلم تصدر فيها سوى جريدة"آكري"الناطقة باسم ثورة آرارات عام 1930م. أما في إيران (كوردستان الشرقية) فقد صدرت فيها خمس صحف ومجلات في عهد جمهورية مهاباد الكوردية عام 1946م. ومنذ عام 1968م صدرت في سوريا عدة مجلات دورية، وكذلك في لبنان، ناهيكم عن الصحف والمجلات التي صدرت وما تزال يصدرها الكورد المهاجرون في أوربا. في حين صدر في العراق منذ صدور أول مجلة كوردية 1913م، إلى يومنا هذا أكثر من مئتي صحيفة ومجلة كوردية خاصة في الفترة الأخيرة بعد انتفاضة آذار المجيدة عام 1991م. غالباً ما كانت لغة الصحف والمجلات الكوردية ثنائية أي كوردية – عربية وكوردية – تركية وهكذا.. ومعظمها تحتوي كنزاً لا ينضب من المعرفة في تاريخ كوردستان وجغرافيتها وعلاوة على ذلك فأنك تجد فيها نصوصاً شعرية قديمة وحديثة، كما رعت هذه الصحف والمجلات المواهب الشابة وقدمت كماً هائلاً من الوثائق والمعلومات التراثية. بهذه المناسبة سيحتفل الشعب الكوردستاني في الداخل والخارج (المهجر) يوم 22 نيسان 2006م بالذكرى الثامنة بعد المائة للصحافة الكوردية، حيث ستقام المهرجانات والفعاليات الثقافية الواسعة بسائر مدن وقصبات كوردستان؛ تشمل تنظيم حفلات خطابية وندوات تُطرح فيها مختلف جوانب مسيرة الصحافة الكوردية عبرة أكثر من قرن مضى، كما ستفتح عدة معارض تشكيلية وفوتوغرافية للفنانين الكورد، وسيتم تكريم بعض الصحافيين الكورد الذين خدموا الصحافة الكوردية. وأخيراً أقول؛ سيرددُ الكورد اسمَ (القاهرة) كثيراً وخلال تاريخهم لأنها مهدَ للصحافة الكوردية ومهد طباعتها أيضا. ************************* (3) صحافة الأطفال... وتجربة مجلة"هوار" لقد بات الاهتمام بقضايا الطفولة، والعمل على تحقيق متطلباتها في عصرٍ تتضاعفُ فيه المعلومات سنوياً، من أهم القضايا التي تشغل المهتمين, وأصبح السعي إلى الارتقاء بمنابر الطفل الثقافية وتعزيز وسائلها، من أكثر الأمور إلحاحاً وأهمها على الإطلاق، وذلك بغية الإعداد المتكامل للطفل - عقلياً وانفعالياً واجتماعياً - ليصبح قادراً على مواكبة التطوّر العلمي والتفجّر المعرفي، وعلى تحمُّل أعباء المستقبل الذي سيملك فيه المتعلِّم مقومات السيادة على غير المتعلِّم، وليتمكَّن من الإسهام الإيجابي والفاعل في بناء وتطوير المجتمع الذي يعيش فيه.. ولا تتحقَّق هذه الأهداف إلا من خلال الاهتمام بجميع الجوانب التي تخصُّ حياة الطفل، وفي مقدمتها الجانب الثقافي. وتعتبر صحافة الأطفال وسيلة لتعليم وتثقيف الطفل، وتوسيع آفاق معارفه، ولتنمية مهاراته وإثراء خبراته، كما أن صحافة الأطفال تمتلك مقدرة استثنائية في صياغة الاتجاهات الإيجابية لديهم، وتزويدهم بالقيم - التي تدعوه لاحترام الإنسان والمجتمع - والمفاهيم والحقائق التي تتماشى مع العصر بطرق شائقة وأشكال مبسطة، بالإضافة إلى إمتاع الطفل وإدخال البهجة والسرور إلى نفسه، وتنمية التذوق الجمالي، وإشغال أوقات فراغه بما يعود عليه بالفائدة، وهي بذلك تسهم في تحقيق غايات التربية والتعليم. ولصحافة الأطفال نوعان فقد تكون الصحيفة من إبداع الأطفال أنفسهم، ومن صنع أيديهم، وهنا تتعاون مجموعة معيَّنة من الأطفال في إعدادها وإخراجها، وتحت إشراف المربّين، ويهدف هذا النوع من الصحافة إلى تدريب الأطفال، وإتاحة الفرصة لهم للممارسة العملية في التعبير عن أنفسهم، وإشغال أوقات فراغهم بما ينفعهم، ويسمى هذا النوع بالصحيفة المدرسية و"صحيفة الحائط"، أما النوع الثاني وهوالأكثر أهمية وانتشاراً فهي الصحافة التي تصدر لهم من قبل الكبار، ومن أهم أشكالها"مجلات الأطفال"، وهناك أيضاً الصفحة والركن المخصَّص للأطفال في صحف ومجلات الكبار، وهنا قد تكون المساحة يومية - كالجريدة التي تحتويها - وقد تكون أسبوعية وشهرية، لكنها غالباً لا تثير اهتمام الطفل كثيراً، ولا تشبع حاجاته، لاحتوائها على بعض المواد الارتجالية، إضافة إلى أنها غالباً تكون غير ملوَّنة. وبالعودة إلى الحديث عن مجلات الأطفال، فإن تاريخها يعود إلى منتصف القرن/ الثامن عشر/ وفي فرنسا تحديداً حيث كانت الولادة. ولابدَّ لمجلة الأطفال الناجحة أن تحتوي على أبوابٍ متعدِّدة وزوايا متنوِّعة، وأن تعمل على تجديد موادها وموضوعاتها باستمرار، حتى تستطيع أن تُشبع حب الاطِّلاع الذي يمتلكه الطفل بالفطرة، وأن تتوجَّه لأكبر شريحة عمرية من الأطفال، ثم أن تحقيق التنوّع الذي يعدُّ من أهم شروطها. ومن شروط مجلة الأطفال أيضاً يمكن أن نضيف.. يجب عليها أن تراعي الاعتبارات التربوية والاجتماعية من جهة، وأن تراعي خصائص الطفولة، وأن تلبي احتياجات الطفل المختلفة/ العقلية - الثقافية - السلوكية/ من جهة أخرى، حتى تتمكَّن بشكل أفضل من إثراء وجدانه، وأقدر على إثارة تفكيره، وإرواء ظمأه للمعرفة والاكتشاف بما تحمله من مواد. ومن ثم لا بدَّ أن تكون المجلة"متنوِّعة"بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالتنوّع هوروح مجلة الأطفال، وأهم مقتضيات تجدُّدها، لأنها بذلك تتنقل بالطفل بين المعلومة والقصة والمادة الطريفة، وتعرِّفه بأماكن لم يرها، وأخبارلم يسمع بها، وتُمتعه وتُرفِّه عنه من خلال اللعب الذي يحمل التنوّع منه القدر الكثير، ثم أن تكون المجلة قادرة على متابعة الأخبار، ورصد الحديث منها. كما ولا يجب أن نغفل عن الاهتمام بالرسوم الملوَّنة والعناوين وبالألوان وحجم الحروف في المجلة، وعن تكامل المواضيع وانسجامها مع بعضها البعض، وعن العناية بإخراجها وطباعتها ونوعية ورقها أي/ القالب والإخراج الفني للمجلة/ الذي يعدُّ الوعاء الذي يحوي بداخله جميع محتويات المجلة، فالطفل يمتلك المقدرة الفطرية لاصطفاء الجمال، ويحمل حسَّاً تذوّقياً رفيعاً في تمييز الحَسن من الرديء، ويستطيع ببديهته المرهفة معرفة الجميل من القبيح، فإما أن ينفر وينأى عن المجلة، وأن ينجذب وترتاح لها نفسه. وفيما يخصُّ صحافة الأطفال لدى الكرد فإن هذا النوع من أنواع أدب الأطفال لا يزال قاصراً متأخراً، ولم تستطع التجارب النادرة التي لم تستمر طويلاً، أن تبلور منهجاً خاصاً بها لدى الكرد في سوريا، للأسباب ذاتها التي أدَّت إلى تأخّر هذا الأدب عموماً، بالإضافة إلى قلّة العاملين والباحثين في حقله، وحداثة هذا النوع نسبيّاً. وحتى يتسنى لنا الإطِّلاع بالقدر الممكن، كان لابدَّ من تسليط الضوء على البدايات حيث كان من الصعوبة بمكان وجود صحافة خاصة بالطفل موازية لصحافة الكبار إلا أن بعض المجلات حافظت، ومنذ بدايتها على احتواء نماذج متميَّزة - قياساً مع تاريخ الفترة التي كانت تصدر فيها - خصَّت الطفل، وقُدمت له بمختلف الأنواع الأدبية، وكانت مجلة"هوار/ الاستغاثة"التي استحقت وبجدارة لقب - المجلة الشاملة - السبّاقة في هذا المضمار، حيث أن الكثير من أعدادها الـ/ 57/ والتي صدرت بين عامي/ 1932 - 1943/ لم تخلُ من مواد موجَّهة للطفل، وحافظت بشكل دوري على تخصيص مساحة للأطفال على صفحاتها. وبعرض لمجمل تلك المساحات في أعداد المجلة، نستطيع القول بأنها نشرت حوالي (13) قصة و(11) قصيدة، تناوب في كتابتها العديد من الأدباء الكرد وإليكم ذلك العرض: -/ العدد الأول/ الذي صدر في/ 15 أيار سنة 1932/: نُشر فيه قصيدة لـ:""mîr Celadet bedir xan/ للأمير"جلادت عالي بدرخان"بعنوان"Buhar/ الربيع"ص/ 4/. -/ العدد الثاني/ الصادر في/ 1 حزيران سنة 1932/: تم نشر قصيدة أخرى لـ:"جلادت"تحت عنوان"Tola Welat/ ثأر الوطن"ص/ 2/، وقصة بعنوان"Du Mêrxas/ البطلان"للدكتورKamîran 'alî bedir xan"/ كاميران عالي بدرخان"ص/ 5/. -/ العدد الثالث/ في/ 15 حزيران سنة 32/: قصيدة"Şeva We Xweş/ ليلتكم سعيدة"للكاتب نفسه -/ العدد الرابع/ في/ 3 تموز سنة 1932/: تبدأ المجلة بشرح بعض المفردات الكردية، وتوضيح معانيها -/ العدد الخامس/ في/ 20 تموز سنة 1932/: نشر جلادت قصيدة"Delaliya Zarwan/ رقة الأطفال لوالده"Emîn 'alî bedir xan/ أمين عالي بدرخان"، كما نشر قصيدته"Lorya Bedirxan/ لوريا بدرخان". - ابتداءً من/ العدد السادس/ الصادر في/ 8 آب سنة 1932/ تبدأ/ هوار/ بنشر قصص الأطفال القصيرة بكثافة، فنجد فيه القصص:"Mar û Mirov/ الأفعى والإنسان"و"Dîk û Rovî/ الديك والثعلب"للأمير"جلادت"باسم"Çîrok Bêj/ القاص"، وقصيدة ل"Qedrî can/ قدري جان"يحاور فيها قصيدة"لوريا بدرخان". -/ العدد التاسع/ الصادر في/ 30 أيلول سنة 1932/: قصة"Mîr û Mar/ الأمير والأفعى"لجلادت كتبها باسم"Koçerê Botan". -/ العدد العاشر/ في/ 23 تشرين الأول 1932/: قصة"Mîr û Kund/ الأمير والبوم"للأمير"جلادت"بالاسم ذاته، كما تفتح المجلة في هذا العدد باباً جديداً لليافعين باسم"Stûna Giştiyan". -/ العدد الثاني عشر/ في/ 27 تشرين الثاني 1932/ نجد القصص:"Kew û Qitik/ الحجل وطائر الفرّي"لـ"Mistefa ehmed botî/ مصطفى أحمد بوطي"، وقصة"Ker û Gur û Rovî/ الحمار والذئب والثعلب"لم تدوَّن بأيِّ اسم - في الغالب هي لـ"جلادت"- وقصة"Heyv û Stêr/ القمر والنجوم"للدكتور"كاميران بدرخان". -/ العدد الخامس عشر/ في/ 23 كانون الثاني سنة 1933/: قصة"Keroşk û Kosî/ الأرنب والسلحفاة"للكاتب Bekrî qotreş"/ بكري قوطرش"ص/ 4/. -/ العدد الثامن عشر/ الصادر في/ 27 آذار سنة 1933/: قصة"Şêr û Gayê Zer/ الأسد والثور الأصفر"لـ"مصطفى أحمد البوطي". -/ العدد الرابع والعشرون/ في/ 1 نيسان 1934/:"Çûk û Fîl/ العصفور والفيل"للكاتب ذاته ص/ 8/. -/ العدد الثامن والعشرون/ 15 أيار سنة 1941/ نجد: قصة"Şivan û Beran/ الراعي والكبش"لـ"Çiyayê Agirî"من أسماء جلادت بدرخان ص/ 6 - 7/ -/ العدد التاسع والعشرون/ الصادر بتاريخ/ 10 حزيران سنة 1941/: قصيدة"Rovî yê Jîr/ الثعلب الذكي"لـ:"Osman sebrî/ أوصمان صبري"ص/ 8/ -/ العدد الواحد والثلاثون/، الصادر في/ 1 آب سنة 1941/: قصيدة أخرى لـ"أوصمان صبري"بعنوان"Dîk û Rovî/ الديك والثعلب"ص/ 5/. -/ العدد التاسع والأربعون/ في/ 15 أيلول 1942/: ثلاث قصائد لـ"أوصمان صبري"وهي"Dibistan/ المدرسة، Buhar/ الربيع، Tevdîra Mişkan/ خطة الفئران". -/ العدد الواحد والخمسون/ في/ 15 تشرين الثاني 1942/: قصة"Mîr û Nîçirvan/ الأمير والصياد"لـ Mihemed emîn silêman"/ محمد أمين سليمان"ص/ 2/. -/ العدد الثاني والخمسون/،/ 20 شباط سنة 1943/: قصيدة"Rovî yê Kerr/ الثعلب الأطرش"لـ"أوصمان صبري"ص/ 10/. ومن الممكن أن تكون مجلات أخرى حذت حذو"Hewar"في تقديمها نماذجاً من أدب الأطفال، إلا أنها لم تبلغ المرتبة التي بلغتها في هذا المجال. ********************* (4) بمناسبة عيد الصحافة الكردية حينَ تَجف الأقلام وُترفع الصحف الجانب الثقافيّ لأيّ أمّة من الأمم له أهمّيّة بالغة إذ أنّه هوالذي يرسم مكانة الأمّة وقيمتها الحقيقيّة وهذا يعني بالضرورة نشاط علمائها وأدبائها. نعتقد أن العمل في أي مجال يبدع فيه الإنسان يكون صعباً،إلا أن الاستمرار في العطاء هوالأصعب من بين تلك المجالات،ولوحاولنا أن نتعرض إلى الوضع الثقافي الكردي لوجدنا أن هناك العديد من الأقلام التي برزت في فترة من الفترات وتوقعنا لها الاستمرارية في العطاء والإنتاج الأدبي والثقافي لكنها خيبت الآمال، خاصة وأن من بينها من كان متميزاً وموهوبا، يفرض علينا متابعة ما تجود به قريحته المبدعة لكن تمر فترة طويلة نسبياً دون أن نرى نتاجهم، وكنوع من إيجاد العذر لهم نقنع أنفسنا بأنهم يعدون أنتاجا جديدا، لكن تمر سنة وأكثر دون أن نرى شيء، فتصيبنا خيبة الأمل وتصل إلى ما يشبه القناعة بأن مرحلة إنتاجهم الثقافي كانت مرحلة مؤقتة، قصيرة ولن تعود من جديد وهي قناعة لا نريدها أن تتكرس في أذهاننا على أي حال. وفي محاولة لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تحول دون نشر الإنتاج الثقافي والأدبي لهؤلاء بالرغم من توفر الفرص سواء في الصحف اليومية والدوريات المتخصصة، نجد أن البعض طحنتهم عجلة الحياة اليومية، وآخرين صاروا صرعى الإحباط واليأس والشرود مما يؤكد على وجود أزمة حقيقية يمر بها العديد من الكتاب والمثقفين وهي إحدى التعبيرات التي تمر بها المنطقة من أزمة خانقة على كافة الأصعدة وخاصة الصعيد الثقافي، الذي يتطلب فسحة كبيرة من الحرية والمواجهة دون أن يفهم من ذلك عدم وجود من يعمل في مجاله في ظل الأزمة من أجل الثبات والبقاء وممارسة الدور الحقيقي للمثقف والكاتب. أن اختفاء العديد ممن يفترض تواجدهم على الساحة الثقافية قضية ثقافية وخسارة فادحة والاهم أنها باختصار تشكل نماذج تزرع اليأس والإحباط لدى قطاع كبير ممن يخوضون حقول الثقافة والفن والأدب من الجيل الجديد وفي مجتمع تصبح الحاجة ماسة لكل فرد منتج وخاصة في المجال الثقافي والإعلامي المستنير، في حين نجد إن من يقوم بمحاولة جر عربة التقدم للخلف كثيرون ومنتشرون في كل الزوايا وما أن تطرح القضايا المصيرية للمناقشة حتى تجد أقلامهم الجاهزة المنحرفة والمجرفة وراء مصالحهم الشخصية وقناعا تهم الذاتية تتصدى للرد وبشتى الوسائل. كان من المتوقع أن يزداد عدد المهتمين بالشأن العام الكردي في مجال الثقافة وخاصة بعد أن ازدادت المنابر الإعلامية والفضائيات والمواقع الالكترونية المختلفة إلا أن الواقع يخالف هذا التوقع، ويطرح تساؤلات عديدة: أهوعجز في الإنتاج أم هروب إلى الذات؟ نتيجة تفشي الذاتية والتقوقع على الهموم الفردية دون النظر في الهموم العامة وإنكار الذات في سبيل الجموع.ومن الواضح أن من اخطر الأمراض التي أصابت مجتمعنا الاستهلاكي مرض الذاتية وتفشي الفردية ويرى الكثيرون أن الأوان قد جاء لتجف الأقلام ولترتاح العقول، وتغيب في إجازة طويلة مستخدمة حجج واهية تحاول من خلالها أن تقنع نفسها، وهي أضعف من أن تكون مقنعة وبالتالي فالسبب الحقيقي واضح ومكشوف، فمن لا يمتلك البوصلة لا يمكن أن يستمر في الإبحار لأعماق تتطلب معرفة البحر والزمن والهدف وكذلك الجلد والصبر والتغلب على الهموم الذاتية. رغم ذلك فإن الفرصة مازالت متاحة لأولئك الذين ما زالوا يبحثون عن ذاتهم في خضم الأمواج العاتية حيث لا منقذ لعذاباتهم الذاتية سوى الانخراط في الهم العام والمساهمة مع الآخرين في سبيل وضع لبنة للبناء الصلب الراسخ للجميع وإلا فإن سبيل الخلاص الفردي طريق مسدود. ***************** (5) (البوح الأنترنيتي/ تيه الذاكرة لا أبوح سراً حين أقول، بأنني لم أستثغ يوماً الكتابة الأنترنيتية، فلم أكن يوماً عبداً لتكنولوجيا، وعلاقتي بهذا العالم الافتراضي على سعته {الإنترنيت} لا تتعدى بضع دقائق يومياً أتصفح خلالها ما يعنيني ضمن حدود حاجتي، وهنا لست بصدد أي هجوم وتهكم على كل من يكتب ويمارس الكتابة عبر الانترنيت، فلكل كاتب خياراته وقناعاته. وهذا لا يعني انعدام الجدوى والفائدة من الانترنيت، بل على العكس فتخطي الحدود والحواجز والتواصل والتفاعل كان سيبقى عصياً في مواجهة الموانع والرقابات، لولا هذه الثورة والفورة في عالم الاتصالات وتقنيات التواصل. لكن أنا حقاً من أشد المتعصبين للصحافة المكتوبة وللكتاب المطبوع، حيث استمتاع البصر والبصيرة، وملامسة روحية الكلمة بكل معانيها ودلالاتها وفلواتها، فمهما تطورت وسائل العلم والاتصالات وتقنياتها الألكترونية،يبقى الكتاب سفر الإنسان الخالد. والصحافة المكتوبة، كإحدى أهم وسائل الأعلام الحديثة، كونها الشريان الرئيسي في إي مجتمع كان، ينبغي أن تتوفر لها شروط دمومتها وأستمراريتها، كي تلعب الدور المنوط بها، وتدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها بحرفية أخلاقية لامتناهية في هذا العالم المتغير، وأول تلك الشروط ألغاء الرقابة عليها، سوى رقابة ضمير الكاتب ذاته وموضوعيته ومصداقيته. وكذلك رفع الحدود والحواجز أمام الصحافة والكتاب المطبوع، كي تتسنى لها لعب دورها وجدواها في رفع سوية المجتمع ثقافة ووعياً، عبر الكلمة المكتوبة والمطبوعة حرصاً على الذاكرة وأرثها المتراكم. في مقاربة غير متكافئة، بل ربما مفارقة تدعوللاستغراب أتساءل: ماذا لوكان الانترنيت متاحاً في عصر أحمد خاني وملا جزيري والحقب التي تلت عصرهما......؟ هل كنا سنمتلك ذات التراث المتراكم، وبذات الزخم كانت ذاكرتنا طافحة بإرثها التاريخي.....؟؟ بين تيه الافتراض ووهج الحقيقة والذاكرة، يبدوالمشهد الثقافي والسياسي بكل حراكه من مدٍ وجزر وبكل ما تحتويه من الإشكالية والالتباس على أرضية هشة، كون الانترنيت لا يمكنه أن يكون الحامل لذاكرة شعباً بكل موروثها الشعبي والثقافي والسياسي. ولا أتصور بأن ما يُكتب اليوم { على الانترنيت} سيُقرأ بعد نصف قرن على أنه تراث، هذا إذا ما بقي شيء مما يكتب اليوم إلى ذلك التاريخ. ********************* (6) في الذكرى الحادية عشرة بعد المئة على صدور أول جريدة كردية في 22 نيسان من كلّ عامٍ يحتفلُ الصحفيون الكردُ بذكرى صدور أول جريدة كردية (كردستان) في القاهرة، على يد الصحفي الكردي الأول مقداد مدحت بدرخان عام 1898. ففي هذه المناسبة العزيزة على قلوب كلّ الصحفيين الكرد لا بدّ لنا من وقفة أمام هذه الانعطافة في تاريخ الشعب الكردي السياسي والثقافي، حيث كان الشعبُ الكردي في أوج نضالاته التي كانتْ بحاجة لصوت ومنبر يوثق هذه التطورات التي كانتْ تحصل آنذاك وابرازها للعالم الخارجي، وكان لا بدّ من فضح تلك الممارسات الهمجية التي كانتْ تُرتكب بحقهم على أيدي السلطات العثمانية، فكانتْ جريدة كردستان بصفتها باكورة الصحافة الكردية المدونة لها دورٌ كبير في إيقاظ وتطوير الفكر القومي الكردي، وتوضيح الأفكار وأهداف الشعب الكردي الطامح للحرية والمساواة أسوة بالشعوب الأخرى، ودعوة لهذا الشعب لنيل حقوقه المغتصبة. فظهور جريدة كردستان في مصر لها دلالاتٌ عدة، أهمها: حرمان المثقف الكردي من التعبير عن رأيه على أرضه، هذه النخبة التي تشكلتْ بُعيد انتفاضة البدرخانيين ضد الإمبراطورية العثمانية، ونتيجة تلك الانتفاضة أُعدم وسُجن ونفي الكثيرُ من أبناء تلك العائلة من ارض كردستان وأُجبروا على الرحيل إلى العديد من المناطق البعيدة عن نفوذ السلاطين العثمانيين. فقد أصدرت الجريدة رغم البعد والمسافات البعيدة وجاءتْ لتدلّ على تواصل الإنسان الكردي مع وطنه وقضيته بالرغم من كلّ المحن والشجون فستظلُّ الرابطة بالوطن أقوي وأمتن من كلّ أساليب القمع والاستبداد. والناحية الأخرى لصدور تلك الجريدة هوحبُّ هذه النخبة من المثقفين والمولعين بالأدب والثقافة، لإبراز الحقائق رغمَ ما كان سينتج جراء ذلك، فقد ظلوا عرضة للملاحقات والمضايقات عليهم لكبح جماحهم ومحاولة لإسكات صوتهم، فقد بدا واضحاً أنّ العثمانيين وأسلافهم إلى اليوم يطاردون أيّ منبر كردي ويحاولون إغلاقه وإسكات صوته، فقد تعودنا ذلك، عبر تاريخ تركيا، فقد أدت الضغوطات التي مارستها السلطات العثمانية باستغلال نفوذهم على سلطة الانتداب الانكليزي آنذاك في مصر إلى إغلاق الجريدة وانتقالها إلى جنيف. ومن ذلك اليوم وإلى الآن حاولت السلطات العثمانية في البداية مرورا بالدول المنتدبة على كردستان ونهاية بالأنظمة الشمولية الاستبدادية بكلّ ما لها من نفوذ وقوة وسلطة على إسكات الكلمة الكردية الحرة وحاولوا بكل الطرق والوسائل أن يضعوا الخناق لإسكات صوت الحقيقة والحق، ولكنْ عبثا حاولوا دون جدوى فظلت الكلمة الحرة ناطقة، وأصحاب الكلمة الحرة ساروا رغم كل الصعاب والأهوال بقيادة صاحب الشمعة الأولى في مسيرة الصحافة الكردي (مدحت بدرخان) في طريق إعلاء صوت الحقيقة انطلاقا من إيمانهم بمبادئ الإنسانية والحرية وقضية شعبهم العادلة. وفي خضم هذا التلاطم في الأحداث والمتغيرات المتسارعة التي تعمُّ العالم والمنطقة الكردية، ولا سيما التطور التكنولوجي الذي طرأ على مسار الصحافة في العديد من النواحي خاصة من ناحية سرعة تداول الأحداث وانتشارها كالنار في الهشيم، يدفعنا إلى القول بأنّ الصحافة في الوقت الراهن تلعبُ دورا رياديا في كشف مواطن الخطأ وإبراز الصواب، ويبقى هنا السؤالُ الذي يطرح نفسه بشدة وهو: أين هي صحافتنا (الكردية) من هذه المتغيرات التي طرأت على الإعلام بشكل عام؟ بكلِّ تأكيد لم نصلْ إلى ذلك الدور المعهود الذي تلعبه الصحافة باعتبار صحافتنا ما زالتْ مقيدة في إطار النضال الدؤوب من أجل نيل الحقوق المشروعة للشعب الكردي، ولا تمارس ذلك الدور الرقابي على السلطات المختلفة ولا تجد طريقها إلى أنْ تكون كسلطة رابعة في البلاد باستثناء إقليم كردستان العراق الذي يعيش تجربته الفدرالية ويمارس فيه العمل الصحفي بنوع من الحرية رغم تابعية أغلبية المؤسسات الإعلامية للأحزاب السياسية. وفي الختام لا يسعنا إلا أنْ نقولَ بأن سفينة الصحافة الكردية التي أبحرت في تلك البحار الهوجاء ما زالتْ تبحرُ، ونطمئِن ربانها إلى أننا سائرون رغم كل العوائق، وستظل المنارة التي نهتدي بها للوصول إلى بر الأمان. في هذه المناسبة أنوجهُ بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أصحاب الأقلام الحرة في العالم وصحفيي كردستان بوجه خاص. ********************* (7)الصحافة بين رؤساء الدول,الملوك الظهور الإعلامي للرؤساء والملوك على القنوات التلفزيونية يبعث مزيداً من البهرجة الإعلامية الشخصية لهم وبنظرهم تجعلهم أقرب إلى قلوب الشعب حسب تصورهم, لكن الحقيقة أن الحاكم والملك لايمكن من تثبيت دعائم سياساته عبر الكذب والنفاق والضحك على اللحى بالشعارات الطنانة الرنانة في عالم التصريحات الإعلامية المرئية منها والصحافية منها, لذا تجدهم يبحثون عن الظهور المكثف في المقابلات الإعلامية التلفزيونية, والأهم هوالكتابة في كبريات الصحف التي تنشر بشكل واسع, ولنبدأ بأمريكا وعالم الكتابة الرئاسي أي منذ القرن الثامن عشر, وخاصة الرئيس الأمريكي الثالث في الترتيب الرئاسي بعد جورج واشنطن, ألا وهوالرئيس توماس جيفرسون, الذي رفع من شأن الصحافة عندما قال: "الصحافة هي خير أداة لتنوير العقل, ولتقدمه ككائن عاقل وأخلاقي واجتماعي"(1) وخلال قراءاتي عن حياته المثيرة جداً فقد"ولد توماس جفرسون (1743 - 1826)، وهومفكر سياسي شهير في العصر المبكر للجمهورية الأمريكية. كان أحد الآباء المؤسسون للولايات المتحدة والمؤلف الرئيسي لإعلان الاستقلال الأمريكي (1776) وبعدا أصبح الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية بالفتره من 1801 حتى 1809 وأحد أشهر رؤسائها". ويقول عنه:"الصحفي البارع، والناقد الاجتماعي المتميز كريستوفر هيتشنز:"في أن يقدم لنا قراءة جديدة وبالرغم من كونه كاتبًا بليغًا" و"قد تزوج من عبدة إفريقية وأنجبت له عدد من الأولاد, وقد كان أول سفير أمريكي في فرنسا". وللرئيس جيفرسون قصص كبيرة مع الصحافيين, ومن جيفرسون ننتقل إلى الكتابة في الصحف الأمريكية خاصة حيث نرى الرئيس جيمي كارتر الذي كان يقرأ أسبوعياُ كتابين, ويكتب المقالات وهويعتبر من أكثر الرؤساء الأمريكيين الذين كتبوا في الصحف الأمريكية ولم يكتب الرئيس ريغان الممثل والفنان الذي عمل في العشرات من الأفلام في هوليوود عندما كان رئيساً لأمريكا, وقد"كتب أكثر من مرة في جريدتين أمريكتين في ولاية كاليفورنيا"سكرامنتو"ولوس أنجلوس تايم"عندما كان حاكماً لولاية كاليفورنيا 1970- 1978, ولاحقاً نقده معارضوه واتهموه بأن مساعدوه كتبوا له, وكذلك بالنسبة لأوباما الذي يحدد النقاط الرئيسة ثم يكتب مساعدوه صياغة الخطاب السياسي". (2) ويقول تعتبر"صحيفة (الواشنطن بوست) هي من أهم الصحف التي يكتب فيها الرؤساء الأمريكيون, وأعضاء الكونغرس الأمريكي، ثم (لوس أنجلوس تايمز), ثم (وول ستريت) التي فضلها الرئيس بوش الابن"(3) وفي البلاد العربية كان الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل يكتب للرئيس عبد الناصر, وكذلك الصحافي رائد المثقفين العرب في التطبيع مع إسرائيل والذي اعترف لعشرات المرات بأنه كان هويوسف السباعي يكتبون للرئيس أنور السادات, وكتب الرئيس مسعود البارزاني أكثر من مرة في الصحافة الأمريكية, والجدير بالذكر هنا أن جميع الرؤساء العرب والملوك مهما علت ثقافتهم وقوة خطاباتهم وتحليلهم للأوضاع السياسية والاقتصادية فإن اللمسات الأخيرة والصياغة الأخيرة تكون لبعض أساتذة الجامعات, ولمستشاريهم السياسيين, وقد كان الرئيس بوش الابن يخطيء كثيرا في الخلط بين أسماء البلدان والأرقام وغيرها. ------------------------------------------------ (1) - الصحافة كمصدر للتاريخ – حسنين عبد القادر القاهرة (2) - صحيفة الشرق الأوسط - حين يكتب الرؤساء محمد علي صالح - الخميس 9 نيسان 2009 – العدد 11090 (2) نفس المصدر (3) – نفس المصدر *********************** (8) من المنفى إنّ الخوضَ في الصحافة الكردية- المدونة بالكردية- في سوريا، موضوعٌ شائكٌ من عدة نواح، وإذا ما سردنا منذ البدايات التي بدأتْ مع مجلة هاوار للمرحوم جلادت بدرخان وإلى يومنا الحالي. نجد الهوة بين أيام هاوار وأيام كلستان مثلا كمجلة كان يصدرها الشاعر الكردي الكبير جكرخوين، ولازالتْ تصدر من لدن رفاق دربه في القامشلي. نعم، أيام هاوار – هاوار المرخصة من قبل الحكومة السورية وقتذاك*- والتي تعد مرجعا للعديد من الصحف الصادرة الآن، ولكنْ للأسف قلدتْ شكلا، لامضمونا. وللأسف الشديد وإلى الآن لم يتسنَ لي وعلى حد علمي للعديد من أصدقائي من الاضطلاع على أغلب أعداد هذه الجريدة الغنية بكتابها ومقالاتها ولغتها الرصينة. ولنتخطَ مرحلة هاوار فأغلبنا يعرفُ تاريخها وكتابها ودورها في الوسط الكردي السوري حينذاك. ونصل إلى أيام كلستان والتي بدأتْ بالصدور سنة 1968 من قبل الشاعر المرحوم جكرخوين، الذي أصدرها رغم كلِّ الظروف الصعبة آنذاك. وكما أسلفتُ لازالتْ هذه المجلة تتابع مشوارها الكردي بنفس النسقية، وإنْ تطورت من الناحية الإخراجية وتراجعت من ناحية إصدارها الدوري لأسباب معلومة من جميعنا. وهذه الأسباب المعلومة تفتح بدورها الطريق إلى الموضوع الشائك الذي أشرت إليه. فسوريا، الغنية بقاطنيها من عرب وكرد وأرمن وآشوريين وشراكسة، تعدُّ بالفعل فسيفساء جميلة بهذه المكونات والثقافات التي تطلُّ على بعضها إنْ لم تكن قد تأثرتْ إلى حد بعيد ببعضها البعض، والتي تغني أولا وآخرا هذا البلد الغني بمكوناته. وإذا ما سلطنا بعض الضوء على حال الثقافة الكردية في سوريا، نجدها عاشتْ انتعاشا ملحوظا في الأربعينات والخمسينات من القرن المنصرم، كما أنها قامتْ بقفزة نوعية في أواسط الثمانينات والتسعينات أيضا، وكانت المجلات الكردية تصدر بشكل شبه علني حينذاك*. أما الآن فبات الخوفُ سمة لهذا النشاط، وهذا الخوفُ نابعٌ من الضغط المكثف من قبل الجهات الشوفينية على هذه المجلات، مما أدى إلى توقف العديد من هذه المجلات عن الصدور، وبعضها الآخر أجهضتْ محاولاتها، والبعض لم يتسنَ لها رؤية النور إلا من خلال عددين وثلاثة، كما أدى هذا الضغط إلى هجرة الكثير من الأقلام المبدعة إلى خارج الوطن، الذين يعدون بحق خسارة لمجتمعنا. وبهذه المناسبة أنحني إجلالا لروح المرحوم والصحفي المعلم مقداد مدحت بدرخان صاحب جريدة كردستان، ولأقربائه من البدرخانيين الذين قدموا الكثير في هذا المجال لشعبهم وقضية أمتهم. ………………………………. * جريدة الديمقراطي – العدد 523 – أوائل آذار 2009 * مجلة كولستان – افتتاحية العدد: سلمان حسو- العدد 37 – 2008 (في عام 1992 انعقدتْ جلسة بين الأستاذ عبد الحميد درويش والأستاذ كمال درويش مع وزيرالاعلام السوري محمد سلمان. حيث كانت المطالبة منهم بترخيص مجلة كردية في سوريا. فكان ردُّ وزير الإعلام: نحن لا نعطي التراخيص لأيِّ منشور حتى باللغة العربية، ولكننا متى منعنا إصدار مجلات كردية.؟)- مترجم من الكردية. ********************* (9) (معاني الاحتفال بعيد الصحافة الكردية) منذ أنْ وعى الإنسانُ ذاته كفرد في جماعة، ومنذ توفر ملكة العقل لديه، أراد التواصل مع أفراد جماعته، ليتداول معهم الأفكار والأحاسيس التي اعتقد أنها في صالحهم وصالحه، ومن هنا فإنَّ الصحافة كواقع ملموس قد عرفها الإنسان مبكرا حين عمل على إيصال رأيه إلى الآخرين لينبأ عن مسائل وأخبار تحتاج إلى تنبيه أذهان الآخرين إليها، وفي هذا المنحى فقد خط الإنسانُ القديم القضايا التي تشغل ذهنه على جدران الكهوف, ليدعوبها أفراد جماعته إلى التنبيه لمصاعب تواجه مصيرهم. فإذا كان الإنسانُ القديم قد أدرك أهمية الإعلام فمن الحري بنا أنْ ندرك أهمية الصحافة في حياة الشعوب والمجتمعات المعاصرة وبالتالي ندرك معنى أنْ تكون لنا صحافة عمرها تجاوز المائة عام،فهذا يدل على وجود رجال عظماء بين أبناء الشعب الكردي قد سبقوا عصرهم فكرا ووعيا وعقلا، ليجدوا بعينهم الثاقبة ضرورة تأسيس صحيفة كردية وكأنهم كانوا يتبصرون المستقبل ليجدوا أنْ هذه الأمة المقهورة سوف تحتاج إلى أسلحة الوعي والفكر حتى ترفع الظلم الواقع عليها، لأنهم أدركوا أنْ الصحافة جرس إنذار يدق في الضمائر كلما أصابها الفتور وإنها المدرسة التي تأتي إلينا تدق أبواب مداركنا ومعارفنا وتوزع علينا الثقافة والعلم وتنمي فينا القيم السامية والمثل العليا حتى ترسخ إيماننا بقضيتنا القومية وتقوي من إرادتنا في العمل من أجل هذه القضية، لقد كانت الصحافة من العوامل الأساسية في النهضة الأوروبية والعامل الرئيس في يقظة الوعي القومي لدى الشعوب الخاضعة للاستعمار التركي، لتنهض تطالب بحقها في الحرية وتقرير المصير, وقد كانت العائلة البدرخانية القديرة هي الأسبق إلى مقارعة الاستعمار التركي بالسيف والقلم حين وضعت كل اهتمامها في تعليم وتربية أبناء الشعب الكردي وإيقاظ شعوره القومي، وأننا نفتخر برواد يقظتنا المسلوبة هؤلاء الكبار وبالأخص الأب المعلم مقداد مدحت بدرخان مؤسس أول صحيفة كردية، ولا نريد الحديث عن فضائله ومناقبه إذ يكفيه فخرا وشرفا أنه أسس هذه الصحيفة وسماها كردستان، ولكن لنسأل أنفسنا منذ 1898 وحتى اليوم لماذا لم ننجح في إكمال رسالة أبوالصحافة الكردية ونحن كشعب مضطهد أحوج ما نكون إلى صحافة حقيقية تسلحنا بالعلم والوعي وتدافع عن حقنا أمام القوميات الغالبة وتنقل صوتنا إلى الأمم المتحضرة، لماذا صحافتنا تعثرت فلم تكمل المبادئ والقيم التي تأسست عليها الصحيفة الأم كردستان، لماذا عجزت صحافتنا الحزبية والمستقلة عن خدمة المسالة الكردية كما يجب أنْ تخدم، لماذا لم توفق في خلق رأي عام كردي منسجم متوافق سواء على المستوى الشعبي وعلى مستوى أحزاب الحركة الكردية، لقد عجزت صحافتنا عن الإتيان بثقافة جامعة،لافتقارها إلى ابتكار طرائق وأساليب جديدة في صنعة الصحافة واقتصارها على التقليد والتكرار واعتمادها طرق بدائية في صناعة الصحافة من حيث الوسائل التكنيكية والفنية والمواهب والكوادر البشرية المتخصصة، لتبقى متواضعة شكلا ومضمونا محدودة الانتشار محدودة التأثير، فلم تبني مذهب فكري – سياسي(كردايتي) تلتقي عليه كافة فعاليات المكون الكردي، لان صحافتنا ما زالت رهينة السياسات الحزبية الضيقة التي كثيرا ما تفشل في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب فيما يخص مهنة الصحافة وان وضعوه في مكانه المناسب فأنهم يضعون مقص الرقابة بجانب قلمه لاعتبارات كثيرة, فلا يستطيع تقديم ما لديه بالشكل الأفضل، فالصحافة في عصرنا الجديد تحتاج شروط كثيرة حتى تؤدي وظيفتها كما يجب، من توفر الكادر الصحفي والفني المتخصص إلى الجوانب التكنيكية إلى تجديد أساليب النشر والتوزيع، إلى رعاية العاملين في الصحافة ماديا ومعنويا إلى الإيمان بحرية التعبير عن الرأي واستقلالية الصحافة عن الأحزاب والزعماء. إن المعلم العظيم مقداد بدرخان لا يحتاج أنْ نشكره ونحتفل بثمرة عقله النير بل يطلب منا إن ننتهز هذه الذكرى لنراجع حصاد صحافتنا ونسأل أنفسنا هل أبوصحافتنا راض عن عملنا في أداء رسالته الصحفية هل نتمثل القيم التي أسس لأجلها صحيفته، لنتدارك أسباب النقص والقصور حتى تكون صحافتنا جديرة بأن تكون بنات للصحيفة الأم، ويؤسفني القول إن بدرخان غير راض عن عملنا. ************************ (10) يوم الصحافة الكردية (بين الكتابة والكآبة) حين يجلس احدنا ويمسك بالقلم والورقة ويفكر في الكتابة يفتح ذهنه وقلبه ولا يسأل عن كم ولمن ولماذا وماالمقابل بقدر ما يريد الإجابة وإفراغ ما يحمل من الهموم لدعوة قارئه في المشاركة أفكار كثيرة تدفعنا الإمام والأخرى تسحبنا إلى الخلف ربما إنا أرى من الحبة قبة والنفق كخرم الإبرة والطريق طويل يجرنا الواقع الأليم مرة نحوالحب ومرات نحوالبغض هذا الأمر الذي يجعل من المتعذر إن نصل بفكرنا إلى بر الأمان في الواقع التي تجري هوائها الغير الصحي بما لا تشتهي شهيق وزفير مجرى الروحي التي يتنفس منه الكاتب لذي إذا ذهب التصور بأحدنا إلى تطويع نفسه وعبر عن مشاعره بمستوى العادي من الكلام الدارج لصياغة نص ومقالة نتربص بهي كحراس الحدود عن الأخطاء اللغوية والكتابية مع إن الإنسان أصبح كالآلة ا ويريدون منه إن يكون كالآلة التي تعمل ولا يرى ولا يسمع ولا يقول في الوقت الذي لايجد الكاتب متسع من الوقت (ليحك رأسه) المشغول بلقمة العيش والأيام السوداء الذي يجعله أن يخبئ نفسه كالقرش الأبيض ومعلوم إن الكاتب الكردي لم يلجأ إلى الكتابة من الترف والدلال بل من الاضطهاد وإذا ما تصفحنا بعض المواقع المهتمة بنتاجاجات الكتابية مشكورة جهودهم وما بجدر الانتباه إلى تعابي رها المكثفة هن عزلة الفرد ويأسه والبؤس الذي يدفعه إلى الزوايا المنسية من عالمه أوالى البؤس وهذا ما يدركه الكتاب الأوفياء لرسالتهم منهمكين كأنهم في السباق مع الزمن ولا يخلى اقترانهم بالهامشين والمجانين وبالعبقريين وبالانبطاحيين وهوضائع بين من يعود لهم الحكم النهائي والكاتب لاستطيع مثل أي نتاجات فكرية ومهنية ومنية يأخز حكمه من القارئ كما يأخز السمان ثمن بضاعته إذا يبقى الحكم النهائي بيد من يمارس مهنته قبل لسقراط من هوضدك قال من يشتغل بمهنتي كالحلاق ضد الحلاق والنجار ضد النجار كذلك رأينا في الآونة الأخيرة إبداع كاتب ضد كاتب طبع مع احترامنا لقامات إبداعية ومقدراتهم التعبيرية التي يسعون من خلال نتاج اتهم إلى تقديم أفكار نبيلة وبغض النظر عن وضع الإبداع عموما وما يطرح من نظرات سطحية عن الواقع وانكساراته وبغض النظر عن المعارك المشتعلة حول البديهيات المتعارف عليها وهي بطبيعتها ليست بحاجة إلى التمحيص والتدقيق والمتابعة وما أكثرها في الفترة الأخيرة والحديث تتمة عن المواقف المختلفة التي يوضع الكاتب موضع اهتمام جدي عبر منابر متعددة ومنها طبعا تطوعك في مراسلة المعنيين في الكتابة عن يوم الصحافة منبر يستحق كل التقدير يا أخي عبد اللطيف وكل عام وانتم والصحافة بخير ************************ (11) الصحافة الكردية – الواقع والمأمول. تلعبُ الصحافة دورا بارزا ومؤثرا في الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي، الصحافة هي الرقيب الرصين على مجريات الأحداث في المجالات كافة،ولذلك سميت ب"السلطة الرابعة"، والصحافة في يومنا الراهن صحافة مقروءة هي الصحافة المطبوعة والورقية،وصحافة الكترونية هي الصحافة المرئية والإنترنيتية عبر المواقع والمنتديات والمدونات الانترنيتية وهنا لا بد من الاشارة الى أن صحيفة كردستان هي الصحيفة الكردية الأولى التي صدرت في القاهرة عام 1898 وكانت بتحرير مقداد مدحت بدرخان إذ ينتمي لعائلة البدرخانيين المعروفة. وتمَّ اصدارُ العديد من أعداد الصحيفة لغاية عام 1902 م وبالنسبة للشعب الكردي يهمه جدا وجودُ صحافة تتناول واقع وهموم الشعب وثقافته وتراثه الذي تعرض ويتعرض للتشويه والتحريف والسرقة والقرصنة والتجاهل، فالصحافة تقوم بدور التنوير والتثقيف والتوعية وتبيان الفلكلور والتراث والحفاظ عليهما، وتسليط الأضواء على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، والتركيز على نقاط الخلل والخطأ ووضع الحلول والعلاجات الناجعة، من أجل النهوض بالعملية الثقافية وبالتالي بالعملية الحضارية، للارتقاء الى مستوى الشعوب المتحررة والمتقدمة في العالم، والصحافة بالاضافة الى تسليطها الأضواء على الفلكلور والتراث تقوم بعملية متابعة النتاجات الحديثة – الاصدارات الحديثة – في مجال الأدب (شعر- قصة – مسرح -) وفي مجال الفكر (الفلسفة – الأيديولوجيا – السياسة) والصحافة تعطي لوحة واقعية عن مسيرة الثقافة الكردية محليا واقليميا ودوليا وليس خافيا على أحد أن الصحافة الكردية في سوريا تعاني العديد من المشاكل والعوائق التي تعترض سبيلها، ويعود سبب ذلك إلى عدم وجود صحافة مرخصة، ولا يوجد دعم مؤسسي ومالي لها، وكل المحاولات والجهود السابقة كانت جهودا فردية وحزبية افتقرت للتطوير الشكلي والمضموني وغياب رقعة القراء، ولذلك وجدناها تنقطع ولا تستمر في الإصدار، لكن الصحافة الالكترونية بدأت تأخذ الأضواء وتقوم بنشر النتاجات العديدة في غياب الرقابة الرسمية عليها، لكن هذه الصحافة تحتاج للصقل والرصانة والتأصيل، إذ يجب تخليص هذه الصحافة من الحالة الفوضوية الزائدة في النشر، فهي من ناحية تتيح النشر لمن لم يستطع النشر في الصحافة الورقية ولكن من اللافت للنظر هذه الفوضى واللامسؤولية في النشر إلى حد الوصول إلى المهاترات الثقافية والسياسية وذلك بعيدا عن المسؤولية الكتابية، لذا فإن الواجب يتطلب منا اقتراح ضرورة وجود هيئة للنشر في كل موقع انترنيتي مهمتها نشر الجيد واهمال الرديئ من النتاجات والمساهمات الواردة انترنيتيا. ************** 12))حلم الأعلام الكردي الحقيقي....؟ لا يُخفى على أحد ما قامتْ به الصحافة الكردية ودورها النضالي والتاريخي المميز ومنذ بداية إيقاد شعلتها الأولى على يد الأمراء البدرخانيين وعلى رأسهم الاميرالكردي مقداد مدحت بدرخان في أواخر القرن التاسع عشر لإيقاظ الشعور والوعي القومي والوطني لدى أبناء الشعب الكردستاني والإعلان عن أطلاق رسالتها الأولى بظروف صعبة للغاية بعيدا عن أرض الوطن وذلك بولادة أول عدد من صحيفة كردية باسم (كردستان) في 22/ 4/ 1898 في القاهرة بمصر... وها نحن نستعد للاحتفال بذكراها الحادية عشرة بعد المئة. لكنني هنا لن أدخل في سرد تفاصيل الأحداث والوقائع وما تكبدها الرواد الأوائل وإلى زمننا الحاضر من معاناة خلال تلك المسيرة النضالية الطويلة لإيصال الصوت الكردي المكبوت ومظلوميته على أيدي الأنظمة المتعاقبة على أرض كردستان وعبر كل هذه العصور إلى العالم الحر عبر وسائل إعلامية وبهوية كردستانية. وهناعندما نتحدث عن الإعلام الكردي الحقيقي فأننا نعني بأسطورة العشق وهواجس أحلام نتمناها ونسعى إليها دوما وأبدا من أجل حريتنا المكبوتة في مداميك هذا الزمان. ذاك الحلم الذي يقودنا إلى دروب ومسالك هذا الزمان وأيضا الكثير من الأسئلة في آفاق مناهلنا يتطلب الاهتمام الجدي بكل ما للكلمة من معنى من بحث وتخطيط مدروس على أساس علمي بحت بما يخدم الثقافة والمجتمع معا وأيضا من تبادل الرأي والنقد الأدبي البناء بأسلوب منهجي بغية تقويمه ومواجهته وقراءته تفصيلياً بكلِّ جوانبه وحتى جزئياً، لدراسته بإمعانٍ والمشاركة في تفسير مسيرة ذاك الحلم ـ الذي مازال خجولا في مضمونه لتحقيق أمانينا فيما نرنوإليه والتي لم يغدُ واقعاً ملموسا وحقيقيا حتى الآن....؟ فرغم هذه الطفرة والكم من وسائل الأعلام في ظل التطور العلمي والتكنولوجي الحديث وخاصة المواقع الالكترونية الكثيرة بالإضافة إلى وسائل الإعلام المرئية – المسموعة والمقروءة من صحف ومجلات والبعض من حرية الصحافة إلى حد ما في (جنوبي كردستان)... إلا أنه في غربي كردستان فهي مازالت خجولة ولاهثة وبطيئة جدا رغم أنّ الساحة الثقافية الكردية في غربي كردستان تضم الكم الكبير من أقلام جريئة وبآفاق ثقافية وأدبية واسعة إلا أنها تتقوقع في مسارات التحزبية الضيقة وتتخذ من التبعية السياسية وللمصالح الدعائية لهذا التيار وذاك فقط..هذا لواستثنينا البعض من اشراقات مستقلة وبشق الأنفس وباجتهادات لبعض أقلام المثقفين وعبر السنوات المنصرمة ومع الأسف لم يكتبْ لها الاستمرار سوى لأعداد قليلة من إصدارات تعد على أصابع اليد الواحدة لا أكثر وأن تقدر على متابعة مشوارها لسبب ولأخر...؟ وهنا يكمن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة على الساحة الثقافية الكردية في غربي كردستان هو: كيف الخروج من قوقعة التبعية التحزبية ومنهجيتها الضيقة نحوآفاق واسعة تفتتح الأبواب أمام إعلام كردي حقيقي بما يخدم الأدب والثقافة والمجتمع معا. أما آن الأوانُ أن نصحومن تلك الدوامة والخروج من المتاهة المفروضة علينا بمراجعة ذاتنا ونقيم فيه مواقفنا باستبصار بعيدا عن الأنانية والمصالح الذاتية وبالتالي الخروج من تلك الحلقة الفارغة التي صنعها البعض من المتسلقين والمتوارين خلف أجندة وهوامش تحت أقواس اللاءات متشبثين بهزيع ليل مكبلة نجومه في سراديب وأقبية القدر المفروض علينا بهالة من الضباب.....؟ آما آن الأوان لأنّ نتبصر عن ما حولنا ونلحق بركب العصر الراهن ومتطلباته لتحقيق أمانينا القومية ولخدمة وتطور الثقافة الكردية التي هي الركيزة الأساسية لبناء الأجيال القادمة بإستراتيجية مرحلية مدروسة تهدف إلى ترتيب منظم وبرؤى مستقبلية واضحة في ترسيخ المفهوم الحقيقي للإعلام ورسالتها الوطنية لخدمة المجتمع وتطويره. سياسيا واجتماعيا وثقافيا......؟ Kurdistan – Duhok- Royarê Tirbespîyê *********************** (13) الصحافة الكردية في عيدها الحادي عشر بعد المائة كان من المفترض أنْ اكتبَ هذه المقالة باللغة الكردية، ولكنْ للأسف الشديد لا أستطيعُ الكتابة بلغتي الأم بما فيه الكفاية وهذا تقصيرٌ من صحافتنا الكردية, و(حيونة) مني ليس إلا، نحتفلُ هذه الأيام بمرور 111 عام على ميلاد أول صحيفة كردية، على يد مقداد بدرخان في عاصمة الفراعنة, عندما نكتب عن الصحافة بشكل عام فلا بدَّ أنْ نعي بعقلية الكاتب المبتدأ، أننا نكتبُ عن قضية لوأشبعناها بحثا، فإننا لن نصل لمبتغانا إلى أخر كلمة، لقد أصبح العالمُ اليوم قرية صغيرة، حيث تتواصلُ المجتمعاتُ ذاتُ الثقافات والحضارات المختلفة، معتمدة على بعضها البعض، لم يعد الإنسانُ مواطنا في مجتمعه المحلي الضيق، بل هومواطنٌ في مجتمع دولي واسع الأفق، وأصبحَ يعيشُ في عصر سريع التطور، سريع المتبدلات التي لا يمكن اللحاق بها، مما يتطلبُ مهارات في تلقي المعلومات بالسرعة المطلوبة، تساعده على العيش في زمن الانترنت، من هنا ننادي بضرورة طرح مقرر في الثقافة الكونية، يساعد الكلّ على فهم العالم كمجموعة من النظم البشرية المتكاملة المتصلة والمعتمدة على بعضها البعض، للتعرف على ثقافة وعادات الشعوب الأخرى والاستفادة من تجاربها المختلفة، كيف يمكنُ أنْ نكسبَ ودّ الصحافة ونستفيد من ثمارها وعطاياها، عندما نسمع بأنَّ شخصا ما ناجحٌ في مهنته حتى لولم يكن مختصا أكاديميا في مهنة الصحافة، إلا أنه يمتلكُ الخبرة والموهبة، ولا يؤجل عمله إلى أجل غير مُسمى، ولا ينفش ريشه ليستر به خواءه الأجوف، كالبعض ممن يبحثون عن سرّ نجاح الآخرين وأكثرهم يشككون بقدراته العلمية والمهنية، كونه لا يمتلك اختصاصا أكاديميا، وعندما لا يرون بالمجهر أيّ خطا لغوي في أعماله الكتابية، تماما مثلما يفعل شرطي المرور يبحث عن مخالفة بأي شكل كانت حتى لواضطر إلى خلقها خلقا، فمهما كان السائق غير مخالف لقواعد السير إلا أنّ الشرطي يلصق به مخالفة تحت أية ذريعة، هؤلاء أيضا لا شغل لهم غير البحث عن هفوات الآخرين حتى يطعنوا فيها ليبينوا أنّ غيرهم غيرُ جدير بالعمل الصحفي، أما بالنسبة للأقلام فيا حبذا لويعلم أصحابها، ممن لديهم ضميرٌ حيٌّ ينبض بالأخلاق المهنية العالية والروح الرياضية النقية، أنْ يعلموا أنَّ حمل القلم يعتبر أمانة في عنق الكاتب فيحملها بمنتهى الجدية، لأنّ الكلمة التي يكتبها تصل إلى آلاف الناس وتؤثر في وعيهم ومداركهم ومواقفهم من الأحداث، وبالتالي أنْ يلتزم في كتاباته بشعار واحد وهوالكتابة من أجل منفعة عامة والتي لم تغب عن ذهن والدنا الأول المغفور له مقداد بدرخان طيب الله ذكره وعطر ثراه. الخلاصة هي أنْ يكونَ الصحفي مخلصا لرسالته مؤمنا بواجبه متفانيا في عمله وإلا ما هي فائدة عمل الصحفي إنْ لم ينقل الخبر كما هوعلى الواقع دون إخفاء الحقائق والوقائع، حتى تكون المعلومة في خدمة قضية الشعب والمصلحة العليا لمجتمعه، وبهذه المناسبة الجليلة أبارك كلَّ المخلصين ممن اتخذ طريقَ بدرخان سبيلا إلى خدمة شعبه ’ وشكر لكم على سعة صدركم لمطالعة مهاتراتي الخفيفة هذه، وأمنيتي أنْ نشهد قريبا تلك الساعة التي ننعمُ فيها بالحرية والمحبة ودمتم. ******************** (14)(حكي جرائد) على الرغم من مرور مئات السنين، على نشوءِ مهنة الصحافة، وعلى الرغم من اتسامها بالخطورة كونها تحاولُ كشفَ المستور، وعلى الرغم من قيام الصحافة بوظائفها الاجتماعية، كمهنة يستدعيها تطورُ المجتمعات، وعلى الرغم من نجاحها في كثير من الأوقات، في إسقاط الحكومات، وعلى الأقلِّ في استقالة بعض المسؤولين، والزجّ بالفاسدين إلى السجن، على الرغم من كلِّ ما ذكر، وما لم يُذكرْ، فإنّ هذه المهنة توصفُ في كثير من الأحيان، بعدم المصداقية. كثيرة هي الحالات التي نمرُّ بها في حياتنا اليومية، نُكذّب فيه خبراً، بأسلوب لبق، (مومعقول... كله حكي جرائد)، فإنْ قلتَ: (إنّ الصحف البريطانية قد استقبلت الرئيس الفرنسي السيد ساركوزي في أول زيارة له إلى لندن، بنشر الصور العارية لزوجته). سيرد عليك مُحاورك (اي مومعقول.. كله حكي جرائد)، وإنْ قلتَ: (إنّ زوجة السيد براون رئيس الوزراء البريطاني تستأجر فساتين السهرة لحضور الحفلات الدبلوماسية) فإنْ محاورك سيردُّ عليك (لا..لا.. موعقول.. كله حكي جرائد)، هذا بعد أنْ تكونَ قد شرحت لمحاورك، بأنّ حرية التعبير تعتبر حجر الزاوية في الديمقراطية الغربية، لدرجة أنها لا تقل قداسة عن الدين، فإنْ قلت أيضا: (إنّ رجال الدين عندهم لا يتبرمون من الملصقات التي تدعوإلى الإلحاد مع أنها تُلصق في باصات لندن). أيضا سيرد محاورك: (حط بالخرج... كله حكي جرائد) فإنْ حكيتَ عن المُنجزات العلمية في استخدام الطاقة النظيفة – للتخلص من منية الحكومة في دعم المازوت – (بأنّ اليابانيين اخترعوا سيارة تسير بالماء، وبأنّ الانكليز صمموا طائرة تُحلق ثلاثة أيام بلياليها دون توقف ودون وقود سوى الطاقة الشمسية، وبأن الأوربيين يُحولون مُخلفات الحقول الزراعية إلى سماد عضوي لاستخدامه في دورة زراعية تالية – أيضا للتخلص من منية الحكومة في دعم السماد). فإنّ محاورك سيرد: (مومعقول.. كله حي جرائد) فكيف الحال إن قلتَ: بأننا رابعُ دولة في إنتاج الفستق الحلبي، وإنّ سد الفجوة بين الأجور والأسعار في مقدمة أولويات الحكومة...؟؟؟؟؟؟ إن مَنْ يقرأ شيئا من مشروع اصدار الجريدة، والقيود الكثيرة التي تعترضها، بدءاً من ضرورة الحصول على الترخيص، مرورا بالالتزامات التي يأخذها الصحفي على عاتقه، التي منها: - نقل الأنباء بدقة دون تحريف وتشويه والتعتيم على بعضها - عدم الخلط بين الرأي والخبر - التحقق من صدق الخبر وعدم نشر معلومات زائفة لأهداف دعائية - امتناع الصحفي عن ما يسيء إلى مهنة الصحافة، بأن يفضل مصالحه على الصالح العام - أن يحترم الصحفي حقوق الإنسان ومبادىء التعاون بين الشعوب، وعدم الحض على الكراهية. إنّ مَنْ يعرف أنّ الإبداع الصحفي لا يملك ترفاً من الوقت في معالجة قضايا المجتمع، كما باقي الأنواع الإبداعية الفنية والأدبية، بل قُل إنه دائما في (بوز المدفع). وإنّ مَنْ يقرأ شيئا عن وظائف الصحافة، التي منها: - جمع وتقديم الأخبار بطريقة موضوعية. - تفسير الأخبار حتى يتمكن القارىء من فهم أعمال الحكومة. - تمثيل وجهة نظر الرأي العام في مواجهة الحكومة. - تشكيل الرأي العام من خلال تقديم القضايا التي تهمه، وإعلام الحكومة عن اتجاهات الرأي العام. - المشاركة في العملية السياسية من خلال تركيز الانتباه. وإن من يقرأ شيئا عن مُعاناة الصحفيين مع (حراس البوابة) في تمرير مادة صحفية لا توافق هوى هؤلاء الحراس. إن من يقرأ بعضاً من هذه الأشياء، سيراجع نفسه ألف ألف مرة، قبل أنْ يردد جملة (حكي جرائد)، ولكن هل نملك حقنا في انتقاد بعض القراء على هذا الرأي السلبي عن الصحافة؟ هل نلاحظ بأنّ عدد قراءات زاوية (أنت والنجوم) هي أضعاف أضعاف من قراءة ذكرى تاريخية مثلا؟ إنّ القائم بعملية الاتصال يدرك تماما، بأنّ الاتصال لا ينجح بدون احتوائه على العناصر التالية:(المرسل، الرسالة، المتلقي، الوسيلة، التأثير، رجع الصدى)، فإذا عرفنا بأنَّ ثورة الاتصالات قد يسّرت من تفعيل وتفاعل هذه العناصر، خاصة عنصر رجع الصدى، فما بال هؤلاء القائمين على الاتصال، لا يأخذون هذا العنصر بعين الاعتبار، ليغيّروا سياستهم التحريرية، ليكونوا أقرب إلى القراء منهم إلى الحكومة، وهل يدرك هؤلاء أنّ تحويل الإعلام إلى أداة دعائية؟، هوالسبب الرئيسي في ظهور جملة (كله حكي جرائد). ************** (15) الصحافة الالكترونية لعلّ من أبرز عطاءات الثورة المعلوماتية، هي ما نشهده اليوم من صحافة إلكترونية، باتتْ تستقطبُ الملايين من القراء من كافة أنحاء المعمورة، حيث اعتبرتْ بدورها ثورة كبرى على الصحافة التقليدية التي كانتْ تحتاجُ إلى وقت قد يطولُ حتى يتمّ إيصالُ الخبر إلى متلقيه. وإذا كانت الصحافة الالكترونية قد استطاعتْ كسر الرقابات – عالمياً- وباتتْ تشكلُ خطراً كبيراً على آلة القمع، أية كانتْ، حيث صار كما قال أحدُ الكتاب بإمكان كاتب، أينما كان أنْ يتحول إلى محرر، ورئيس تحرير، ومدير عام في لحظة واحدة، ولا يحتاج- بحسب قوله – إلا أنْ يضغط على الكيبورد كي تقرأ مقالته عالميا، من قبل الملايين في لحظة واحدة، بعد أنْ يفرغ منها كاتبها بثوان. ومن هنا، فإن الصحافة الالكترونية، باتتْ تشكلُ عنصرَ خوف وهلع وذعر لدى قوى الشر في العالم، أينما كانت، خاصة بعد استشراء الكتابة بالأسماء المستعارة التي تشكل لغطا ً كبيراً بين مدافع عنها في ظلِّ آلة الخوف، ومدين لها، لما يمكن لها من أنْ تلعبَ دوراً تلفيقياً في أكثر الحالات وتذهب في غير المنحى الذي قد يمنحها بعض الشرعية في ظل الحالة اللاديمقراطية. ولعلَّ الكردَ من الأوائل الذين استفادوا من الصحافة الالكترونية، بحسب صحفي كردي سماها السلطة الأولى بالنسبة إلى الكرد، حيث صار للكرد كلمة تُسمعُ، وصارتْ آراؤهم ومواقفهم يتمُّ الحديثُ عنها بل أنه صار لصحافتهم وزنها الكبيرُ في ميزان الصحافة الالكترونية، خصوصاً وأنه بمقدور أيِّ شخص أنْ يطلق موقعه الشخصي من خلال جهاز كمبيوتره، ولقد تمَّ الحديثُ عن أسرة كردية كان لأبنائها بضعة مواقع الكترونية متنوعة تتدرجُ بين الطفلية منها، فالأدبية، فالسياسية. لا أريدُ أنْ أستزيد خلال مساهمتي هذه، بل أدعوالاخوة الكتاب الكرد أنْ يؤسسوا لأخلاقيات معينة في عالم الصحافة الالكترونية، ويتبنو"ميثاق الشرف"في هذه الصحافة المهمة، ويبتعدوا عن تبادل الإساءات، ولعلَّ في بالنا جميعاً أسماء هؤلاء الذين استخدموا هذه الصحافة بشكل خاطىء، وأساؤوا لغيرهم، فخسروا الكثير، وباتتْ أصواتهم تتلاشى، وحضورهم يلفه النسيانُ، وهم بهذا أساؤوا لأنفسهم، قبل غيرهم. تحية أرفعها للصحفيين الكرد، أينما كانوا ـ لأنهم لعبوا دوراً مهما، إنه دورٌ لا يُنسى، وثمة محطاتٌ خطيرة أكد قلة من أبطال الصحافة الكردية دورهم الكبير، فكانوا بمثابة جيش عرمرم، بل أحزاب كاملة، ناضلوا بكلِّ شرف وتفان. ********************* (16) لهم فاتنتهم ولنا فاتنـــة.....أسماها أميرها كوردستان "ريشيليووالكازيت"ليسا عاشقين كلاسيكيين في مجتمع ارستقراطي مخملي وسط أوربة كما هي الحال بالنسبة إلى"روميووجولييت". ومثل"مم وزين"و"عبلة وعنترة"في شرقنا الباهت هذا، بل إنهما أكثر من ذلك بكثير بحيث أضحى الاثنان معا رمزا واحدا يضاهي وقعه في الآذان ذلك العظيم"مارتن لوثر"بما يحمله من أحلام، وانه يرقى في معناه إلى ذلك الطبيب والإنسان والرمز"ارنستوتشي غيفارا"ا و"كاوا الحداد"وشعلته البشرى ليوم جديد وأي شطر من روائع"ألخاني"و"بابلونيرودا". وحقيقة الأمر إن"الكازيت"لم تولد إلا على يد ذلك العاشق"ريشيليو"في العام 1631 م، وربما أنها قد تأخرت في ولادتها قرونا كثيرة فصلتها عن اختراع الأبجدية، وسنين عديدة عن اختراع مكنات الطباعة التي ظهرت نتيجة الثورة الصناعية، ولكن مهما يكن من أمر فان هذه الفرنسية الشقراء والتي اسماها"ريشيليو"بــ"الكازيت"تعتبر بحق باكورة الصحافة حول العالم. وإذا كانت تلك الفاتنة الشقراء الباريسية ذات العينين الخضراوين بكر الصحافة العالمية فان لنا سمراء شرقية ممشوقة القد حسناء، عيناها كعيني المها ساحرة نحتفل بميلادها الـ 111 هذه الأيام اسماها أميرها الولهان"بدرخان"بـ"كوردستان"وهي ليست أقل جمالا وسحرا وشانا من شقيقتها"الكازيت"إن لم تكن تفوقها في مفاتنها وإطلالتها لذا ترى العشاق من حولها كثر. صحيح أن"الكازيت"سبقت حسناءنا"كوردستان"التي ولدت على يد الأمير"بدر خان"في وسط"القاهرة"عاصمة الثقافة والفن والإبداع على ضفاف النيل العظيم في العام 1898 م، ولكن هذا الميلاد يعتبر حدثا بارزا وهاما بالنسبة للكورد إذا أخذنا بعين الاعتبار الوضع الكوردي وخصوصية قضيتهم وبذا تعتبر بحق ولادة"كوردستان"أكثر من مجرد حدث عادي، بل إنها الثورة تماما على كل الصعد في المفهوم الثقافي والسياسي والاجتماعي. والصحيح أيضا أن هاتين الحسناوين ومعهما مئات ومئات من شقيقاتهما حول العالم ولدن من اجل المحبة والحياة والإنسان ومن أجل كلمة حرة تقال هنا في زمن الطغيان. ولدن لتنقل تلك الكلمة إلى المشرقين حاملة معها الحب والسلام، لتقرا بكل الأبجديات واللهجات بحروف تنير الأذهان. ومن اجل التعبير عن رأي وفكر إنساني ومن اجل نقل كل الاكتشافات التاريخية والعلمية بكل صورها وفي كل الاتجاهات دون المرور على عتبة السلطان. في عيدك أيتها الحسناء"كوردستان"وردة حمراء إليك وأخرى للأمير بدرخان...... ****************** (17) يوم للصحافة والباقي للثرثرة؟! ربما يبدوغريباً هذا العنوان بعض الشيء.....ولكن دعونا من العنوان لندخل في الموضوع الصحافة الكردية والتي أنشئت في القاهرة كما يكتب معظم الكتاب الكرد باسم (كردستان في عام 1898) في الثاني والعشرين من نيسان....وهذه العادة أصبحت دارجة لنحتفل بها كل عام،ونمتشق أقلامنا ونحاول أن نتذكر بها صاحب الجريدة مقداد مدحت بدرخان (سليل العائلة البدرخانية في جزيرة بوطان .. وأصحاب البصمة في التاريخ الكردية .. من حيث الأصالة ومقاومة العثمانيين سواء .. أكانوا كتاباً وقواداً وأمراءً) ربما من السهل الكتابة الآن عن الصحافة الكردية؟ لا يلزمك شيء سوى أن تكتب الصحافة الكردية على (النت) وتضغط على زر البحث ليظهر لك مئات الخيارات وحينها تكتب ماتريد كتابته .. ولكن هل كانت الصحافة بهذا الشكل؟ وهل كانت الظروف بهذه السهولة؟ ولماذا بقيت الصحافة الكردية مرتبطة باسم العائلة البدرخانية لمدة طويلة من الزمن؟ بينما كان الكثير من الأمراء الأغوات والبكوات الكرد أقل شئناً منهم لا يحاول الاقتراب من الشأن الكردي سواء أكان هذا الشأن متعلقاً بالصحافة.....وبالسياسة؟ إذاً كيف يمكننا أن نتكلم عن الصحافة الكردية.....إنّ الاقتراب من الصحافة الكردية الصادرة في أجزاء كردستان يلزمها الكثير من الاطلاع على مايصدر منها في الوقت الحالي، فالأمور كثيراً ما تختلط بالحدود واللهجة المحكية (صوراني أوكرمانجي) بالإضافة إلى أن ما يكتبه الكرد في العراق وإيران يختلف عما يكتبه الكرد في سورية وتركيا لذلك سأكتب بقدر المستطاع عن الكرد في سورية مسلطاً الضوء على بعض الجوانب التي أجدها من اللازم علينا الوقوف عندها: ويمكنني في هذا المضمار تسجيل مايلي على ماتعنيه الصحافة الكردية في سوريا: 1- من جانب السلطة:عدم الاعتراف بوجود الشعب الكردي كثاني قومية تعيش جنباً إلى جنب مع الشريك العربي والقوميات الأخرى ويترتب على ذلك الكثير أهمها (أ- عدم وجود اعتراف رسمي من قبل الحكومات المتعاقبة على الحكم باللغة الكردية كلغة سورية موجودة يمكن أن ترفد التراث السوري وتصنع حضارتها – علماً بأن – هناك أقسام في الجامعات السورية ل(للفرنسية الذي كان استعماراً......والكرد شركاء في المقاومة – والانكليزية،وألمانية،والفارسية والتركية .. وحتى العبرية) ب- على كل ذلك يمنع طبع أي كتاب وجريدة أومجلة باللغة الكردية في مطبعة كانت ومايصدر منها إلى الآن هي بجهود شخصية....طبعاً ويعاقب النشطاء والمهتمين باللغة الكردية بالسجن في الكثير من الأحيان ت- عدم وجود أكاديميين وجامعيين أكراد خريجي قسم الصحافة (يكتبون باللغة الكردية) ومن تخرج من الصحافة يكتب باللغة العربية التي تعتبر مصدر رزق الكثيرين ث- ثمانين بالمئة من إصدارات الأحزاب الكردية تكون باللغة السائدة (العربية) وما يصدر منها باللغة الكردية لا يتعدى في أحسن الأحوال الباقي أن أردنا أن نكون متفائلين. ث- عدم وجود قراء أكراد إلا بنسبة قليلة جداً وتوجه الغالبية العظمى منهم للقراءة باللغة العربية (لأسباب) 1– سرعة الحصول على المعلومة 2ً- فهمه للغة العربية وعدم ضياعه بين المفردات والكلمات التي يضعها البعض من الكتاب الكرد لعدم وجود مجمع لغوي كردي يضع أسس وقواعد مشتركة للغة الكردية. 3- من جانبنا نحن: يمكن أن نسجل لأكراد سورية واحدة هي أكثر ايجابية من أي أمور كانت وحافظت على وجوده ولغته المستقلة بالرغم من تعرضها للمحاربة وهي (الأمهات......الأمهات الكرديات...والتي بقيت إلى الآن تلقن أولادها بشتى أنواع المفردات الكردية التي تجعل الكثير من أولادنا لا يتعلمون العربية إلا بعد الذهاب إلى المدارس.....طبعاً يمكن للأخر أن يعتبر أن هذا الأمر سلبي من ناحية التعلم في المدارس. ومن هنا أجد من الضروري عدم الاحتفال به ليوم واحد كعيد لولادة الصحافة الكردية وهويوم 22 نيسان والذي يعتبر كما أسلفت يوماً فقط لميلاد صحيفة كردستان الصادرة في القاهرة.....وتخليداً لذكرى مصدرها (الأمير مقداد مدحت بدرخان)......أما الأيام الباقية من العام فيجب علينا أن نحتفل في كل يوم بشكل من الأشكال ومنها: الاحتفال بمجموعة من الأكراد تعلموا الكردية بعد أن نسوها –الاحتفال بالكتاب والصحفيين الكرد الذين يستطيعون بناء جسور التواصل مع الأكراد في الأجزاء الأخرى ويبنون أواصر الأخوة مع الشعوب المتعايشة معها من)العرب والفرس والترك والأرمن) كما فعل الأمير مقداد مدحت بدرخان حينما أصدر صحيفة كردستان والتي جذبت الكثير من القراء وقتها بالرغم من الظروف – ويمكن الاحتفال لأيام حينما نجد أصدقاء لنا يتعلمون لغتنا الكردية محبةً فينا، ليحاول اكتشافنا من خلال التواصل. كما يمكننا الاحتفال إذا صدرت مجلة وصحيفة كردية واستمرت لعام بدون أن تتوقف.....ويمكننا الاحتفال أيضاً بمقال باللغة الكردية دون أن نستخدم (مفردات عربية وتركية) إذاً الأجوبة الممكنة على الأسئلة في المقدمة أتركها للسادة الكتاب بهذه المناسبة شكراً لكم سعة صدركم (لقراءتكم لهذا المقال). نبذة عن صحيفة كردستان: (أول جريدة باللغة الكوردية باسم (كوردستان) صدرت في القاهرة من قبل السيد مقداد مدحت بدرخان بتاريخ 22 نيسان 1898. الأعداد/ 6 -9/ في جنيف سويسرا و/ 20-22/ في القاهرة بمصروالعدد/ 24/ في لندن والأعداد/ 25-29/ في فولكستون والعددين/30- 31/ في جنيف بسويسرا ثانية(من قبل كل من/مقداد وعبد الرحمن بك/ باستثناء الأعداد(10-12-17-18-19)فإن الباقي محفوظ في مكتبة –ماربورغ بألمانيا. مجموع الأعداد وصلت اإلى/31/ عدداً استمرت في الصدور حتى عام 1902). ************************* (18)الصحافة الكوردية.. واقعٌ وآفاق صحافة كورد سوريا أنموذجاً عواصمُ عربية وغربية كثيرة احتضنت الشّتاتَ الكورديَّ، كي تحتضن الحلم الكردي، والألم الكردي، وتحظى بأنْ تكونَ مقارَّ ملائمة لإطلاق مشروع الصحافة الكوردية، ولعلَّ القاهرة تحديداً تُعدُّ"الانطلاقة"الأولى لهذه الصحافة، حيث ستصدرُ منها صحيفة الكورد الأولى"كوردستان"عام 1898 أي منذ مئة وأحدَ عشرَ عاماً من الآن، على يد رائد الصحافة الكوردية"مقداد مدحت بدرخان"، وتميزت الصحيفة الكوردية آنذاك بالخطاب المعتدل، واهتمتْ بالجانب التربوي. ثمة مَنْ يقولُ بأنَّ أعداداً سابقة وتجريبية للصحيفة ذاتها، أصدرتْ في اسطنبول قبيل الانتقال للقاهرة بحسب قول السيدة"روشن بدرخان". وإذا كانتْ عواملُ إصدار هذه الصحيفة تعود- كما هوواضحٌ - للضرورة وللظروف المحيطة بالساحة الكوردية، والشرق الأوسط عامة، آنذاك، فإنه يجوزُ الحديثُ عن صحافة اليوم، بأنه بعد صراعٍ مريرٍ مع الاستعمار بشكليه: القديم والحديث"العثماني – الأوربي"، أدركَ الكوردُ بأنه ثمة مفاهيمُ ما في هذا العالم ستتغير، وأنَّ لغة البندقية والمدفعية ستكونُ مشينة،ومحضَ استهزاء بالشعوب، ولابديل عن القلم، فحلبجة لن تتكررَ، في ظل المفاهيم الجديدة، والدور الفعّال للسلطة الرابعة، ولعله لوأدركَ مخططوجريمة حلبجة ما كان سيخلفُ جريمتهم تلك من استنكار كبير، وما تحظى به من اهتمام وسائل الإعلام"ولوفي الوقت الراهن"، لامتنعوا عن اقترافها. الصحافة الكوردية أخلاقية بإمتياز انتهجت الصحافة الكوردية ومنذ مهدها الأول الجانب التعليمي والتربوي"الأخلاقي"، أي أنها كانتْ تستهدفُ لتوعية أمة، والسعي للعمل على إدراكه كنه ما يحيط به من ظروف، وإلى ضرورة التآخي مع الشعوب المجاورة والشريكة. إنَّ الغلبة الظاهرة للجانب الأخلاقي على المهنية والحرفية لاتزال أحدَ معالم الصحافة الكوردية إلى اليوم، باستثناء التجربة الفريدة لكوردستان العراق، من حيث الهامشُ المتاحُ للصحافة الكوردية، فغدتْ أكثر مهنية. لمحة عن واقع الصحافة الكوردية استفادَ الصحافيون الكورد من المناخ السياسي السائد في كوردستان العراق، ودخولها عهد الحرية، وأيضا من قانون الصحافة الذي سنه المجلسُ الوطني في كوردستان العراق 22 نيسان 1998 بمناسبة الذكرى المئوية لعيد الصحافة الكوردية، كذلك القانون رقم"10"للعام 1993، كما تلقوا الدعمَ المباشر من الكاك مسعود البارزاني، الذي رفض منذ عامين من الآن التوقيعَ على اقتراح تقدّمَ به البرلمان الكوردستاني لتحديد مسؤوليات الصحافة، وتعريضهم للمساءلة القانونية. أما في تركيا، فواقعُ الصحافة لا بأسَ به في ظل الهجمات الشعواء ضد القضية الكوردية، فصحيفة"Azadiya Welat"والتي تعمل بشكل علني وبرخصة تخولها للعمل، إلا أنها تتعرضُ لشتى أنواع المضايقات والرقابة من قبل الحكومة التركية، فآخرُ حادثة سجلتْ هي حرقُ السيارة التي تقلُّ مطبوعات الجريدة للأسواق، وثمة صحيفة أخرى تصدر باللغة التركية"Gndem"في اسطنبول. وفي إيران منحت الحكومة الإيرانية هامشاً لا يكادُ يُذكرُ من الديمقراطية للكورد، فثمة إذاعاتٌ منها"راديوطهران"تبثُّ لمدة ساعة ونصف يومياً، إلا أنها في المقابل تجهشُ في حكمها على الصحافيين الكورد، وتنقضُّ على الصحفيين الكورد، وتفرضُ عليهم أحكاماً جائرة تتراوحُ ما بين المؤبد والإعدام، والسجن لمدة تجاوز الخمسة عشر عاماً. أما في سوريا، فقد كان دورُ الصحافة يقتصرُ على الأحزاب الكوردية من خلال إصدارها لنشراتٍ باللغتين الكوردية والعربية شهرية ونصف شهرية، مع تطور ملحوظ ولفترة محدودة لصحيفة"الحزب اليساري الكوردي"ولاحقاً"آزادي"إلا أنَّ صحيفة هذا الحزب عادتْ لتطبع كنشرات، نظراً للمناخ السياسي العام. ولقد صدرتْ في سوريا مجلاتٌ أدبية عديدة في سوريا كـ""Gurzek Gul التي أسسها كلٌّ من عبد الباقي حسيني وكوني ره ش، وزانين التي أسسها كلٌّ من الكتاب سيامند إبراهيم وحفيظ عبد الرحمن وسلام داري وصلاح برواري ورشيد حسو، لتتالى صحف ومجلات أخرى، من بعدها، وإن كان بعضهم سيصدر مجلة من عدد واحد، ولا يستطيع الاستمرار. ولقد كانتْ مجلة مواسم التي أطلقت تحت رعاية منظمة الحزب الشيوعي في الجزيرة و1992 وترأس تحريرها الكاتب والشاعر إبراهيم اليوسف، حافزاً لإصدار مجلات أدبية وحزبية ومستقلة من بعدها وخاصة: الحوار- أجراس، حيث قامتْ باحتضان إبداعات كوردية كثيرة، وإنْ تمت محاربتها حتى من قبل بعض المسؤولين في الحزب نفسه، من ضيقي الأفق، والعدمييين، لأسباب معروفة، ولا تُنكرمساندةُ قسم آخر منهم لها، ويتمُّ تجاهلُ دورها حين توثيق هذه الصحافة في سوريا، مع أنها مع الملتقى الأدبي كانت حاضنة لأسماء أدبية، صارت الآن كبيرة، منها مَنْ يعيشُ في الوطن، ومنها من هوخارج الوطن. فمجلة مواسم خلقت تظاهرة ثقافية في الجزيرة وعموم سوريا، وكانت منبراً للكثير من المثقفين والأدباء، وقدمت كثير من الأسماء المبدعة واللامعة، في عالم الكتابة بفضل الجهود الحثيثة التي بذلها هيئة التحرير. استمرتْ هيئة التحرير في نشر أعدادها الأخيرة على نفقتهم الخاصة، نتيجة خلافات مع الحزب الشيوعي السوري، وتوقفت بعد مدة قصيرة، ليقوم الحزب بالاستمرار في طباعة ثانية مستغلين أرشيف المجلة القديم، إلا أنها لم تحظ بالقدر العالي من القراء والتواصل.. وتطمحُ الهيئة الإدارية في إعادة إصدار المجلة، لكنْ في ظروف أكثر ملائمة.. ويأملُ الكورد في سوريا أنْ يعادَ النظر في مسوّدة قانون الأحزاب الذي لم يطلقْ بعد، وإصدار قانون مطبوعات عصري وألا يتمَّ تهميشهم، ليتمكنوا من تفعيل دورهم بشكلٍ علني، والمشاركة في المجالات الفعّالة في سوريا، وإصدار مطبوعاتهم دون قيد ورقيب. المواقع الالكترونية تأقلمَ الكوردُ مع الثورة الرقمية العالمية، ولم يتوانوا في إنشاء منابرَ لهم على الشبكة العنكبوتية، فتعددت المواقعُ الالكترونية، وظهر على الساحة كتابٌ كثر، لم يتحْ لهم المجالُ من قبل في الظهور، إلا أنّ كثيرين من بين الأسماء التي تظهر يومياً لا تتصفُ بالقدر العالي من الكفاءة والمؤهلات المطلوبة التي تخولهم للكتابة الجادة، وشاعتْ ظاهرة"الأسماء المستعارة"، التي تدفع الكاتب للكتابة دون مسؤولية، في بعض الأحيان، حيث تكثرُ الإساءاتُ المتبادلة، والحملاتُ الظالمة على جهات وأشخاص، من بينهم بعضُ الشخصيات والكتاب والصحفيين، مستفيدة من واقع استشراس الرقابة، فيما كثيرٌ من المواقع الالكترونية ترفعُ عن نشر ما يُرسلُ إليها من مهاترات، وهوما باتَ جلياً للقارئ من خلال المتابعة للمواقع الالكترونية. ويُذكرُ أنَّ هناك مواقعَ الكترونية أولى انطلقتْ في المهاجر، وأولُ موقع كوردي الكتروني أُنشىء وأُدير من داخل سوريا كان"Keskesor"في العام 2001. هل ستحتفلُ الصحافة العربية والعالمية بعيد الصحافة الكوردية يُعدُّ هذا اليوم، يوماً وطنياً، وذا معانٍ عديدة لشعب يعتبر شريكاً أساسياً في الشرق الأوسط والمنطقة، شعبٌ أغنى الثقافة العربية، وأرفدها بكتاب وصحافيين وشخصيات كبيرة، وشارك بإسهمات في الصحف العالمية، إلا أنه لم يلق من الطرف الآخر أيَّ استحسان، واهتمام. لكنَّ السؤالَ: هل ستحتفلُ وتهنئ الصحافة العربية والعالمية، الشعبَ الكورديَّ، والصحافيَّ الكورديَّ بهذا اليوم في هذا العام؟ حيث أنَّ هذه الصحافة قد تجاوزتْ من حيث عظمة الدور الذي تؤديه عظمة أسطورة كاوى حداد، لتكونَ السلطة الأولى لدى الكرد كما قال ذلك أحدُ الصحافيين الكرد.! الصحافة الكوردية وأداؤها لرسالة نشر اللغة الكوردية لمْ تلعب الصحافة الكوردية المطبوعة الدورَ المرجوَّ والمطلوبَ منها في أدائها لدورها الذي كان ينبغي أنْ تقومَ به وفقاً لتقديرات عالم الصحافة، ويكمنُ السببُ في تأثر الكورد - كلُّ على حدا - بثقافة منطقته من العربية والتركية والفارسية لأنَّ هذه اللغات كانتْ لغات الصحافة الرسمية والعلنية. إلا أنَّ الصحافة الالكترونية كان لها دورٌ بالغُ الأثر والتأثير في الاهتمام والنشر باللغة الكوردية، فغدتْ مراكزَ ثقافية الكترونية، لما كانتْ تقومُ به من لمِ شملِ الكتاب الكورد من مختلف أصقاع الأرض.. مستقبلُ الصحافة الكوردية تشيرُ كلُّ الدلائل بأنَّ حكومات بعض الدول في المنطقة تتجهُ صوبَ منحِ الكورد بعضَ الحريات، وحقهم في ممارسة عاداتهم والسماح بالتكلم بلغتهم الأم، بعد تجارب يائسة من قبلها، لم ولن تؤديَ إلى نتائجَ قد تحيّد الكوردي عن قوميته وخصوصيته. وهي في المرحلة الراهنة تهدفُ إلى إنشاء ودعم وجهات إعلامية تتماشى مع سياساتها وأهوائها، إلا أنها الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، متغاضية النظرَ عمن سيلعنه التاريخُ متاجراً بالحقائق، ويسعى لتشويهها. لذا سيتمتعُ الكوردُ بصحافة أكثرَ مهنية... وستبقى كما حكم عليها التاريخُ ضحية للاغتراب، ولا أعتقدُ بأنّ هذا الأمرَ سيستمرُّ طويلاً. ********************* (19)الإعلام الموجّه ضحية محاولات السيطرة عليه (أيديولوجيا) انتشر الإعلامُ بسرعة وبعمق نتيجة الرغبة الحقيقية التي تولدت لدى الإنسان في معرفة ما هوموجود على الطرف الآخر من وجوده, وما هوموجود من رأي آخر ينبغي الاهتمامُ به كرأي لشخص يختلف عنه ويعني هذا الاختلاف أولا وقبل كل شيء, الاستفادة من التجربة المختلفة افتراضا, ولذلك فلقد كان للإعلام القدرة على الانتشار في ظل وجود الرغبة لدى كل فرد في المجتمع للوصول إلى تلك الآلة القادرة على إيصال رأيه وصوته للآخرين،وبدأ التنافس على إبداع أشكال مختلفة للتعبير. الإعلام كأداة توجيه وسعت مع هذه الشخصيات الفردية الكثير من المؤسسات التي لها إستراتيجية وأجندة معينة إلى الظفر بوسائل الإعلام, والسيطرة عليها لإبداء مقترحاتها, وأهدافها, وآرائها فيما تعتني به من أمور وقضايا, لترافق تلك الوظيفة الإعلامية وتحيدها عن السهل من موادها التي كانت تعتمد على نشرها, إلى أن انتهى الأمر إلى انتباه الفئة المعارضة, والتي تمثلت غالبا بالدولة إلى خطورة هذا الأمر وبالتالي محاولة القضاء على هذه الفكرة الوليدة والتي استفادة منها الفئات التي لا تملك السلطة للتوجيه نحوها. لقد كانت تحاول تلك المؤسسات المغايرة لسلطة الدولة الاستفادة من الإعلام عبر التوجه نحوالجماهير الواسعة لكسب تأييدها وتوجيهها نحوما تدعوإليه, ولذلك بدأت الفئة المعارضة باستخدام نفس الوسيلة،بالإضافة لقمع الآخر للوصول إلى غاياتها في الحفاظ على وجودها في السلطة, وضد محاولات المعارض للسيطرة على منشأ التغيير الكامن في توجيه الرأي الجمعي نحوالتغيير والثورة. القسرية في ما هوموجه من إعلام إن معادلة التناقض بين هذا وذاك كانت تتمحور في أهداف معينة وتتمركز في الموضع الإعلامي وعلى صفحات الوسيلة الإعلامية, ولكن حالة التناقض والصراع القوي بين الطرفين أدت بكل طرف إلى إتباع الطرق غير الشرعية وخارج نطاق الوسيلة الإعلامية للتأثير على الآخر لا لتوجيهه عبر الإعلام بل محاولة إجباره على التوجه غصبا إلى ما يريده هذا الطرف والطرف الآخر،ولقد كانت السلطة هي الأقوى في هذا المجال لأنها هي التي تمتلك كل الوسائل التي من شأنها أن تجبر المواطن على التوجه نحوالرأي الاحتكاري الحكومي والابتعاد عن الرأي الداعي للثورة عليه ومحاربته, ولكن بقي من بين الجمهور من هم مقتنعون حقا بالتغيير فنشأت عملية الصراع بين المواطن وإعلام السلطة والسلطة بذاتها مم دفع بهذه الأخيرة إلى ممارسة كل وسائل الترهيب لإجبار هذا المواطن على الرضوخ لما تريده. كانت النتيجة من الصراع المتحول إلى طرفي المواطن والسلطة هونشوء مواطن غير قادر على المقاومة لأنه مرتبط بالنهاية بقوانين هذه السلطة ويخضع لعقوباتها التي بإمكانها في النهاية تجريده من كل ما يقتات عليه ويكسب منه معاشه, وكانت النتيجة ولادة الإنسان الذي يخشى من الإعلام لكونه الوسيلة التي ستكشفه في النهاية وتودي به إلى العقوبة التي لن يتحمل لا هوولا من يعيل وزرها. فقدان الإعلام للإنسان (المصدر والمتوجه) إن ولادة مثل هذا المواطن هوالوضع السلبي, الذي أدى إلى التأثير على الإعلام بشكل عام وخاصة منه الإعلام الموجه، فتلك القوى التي كانت تعتمد على الرأي الجماهيري الظاهر لطرح القضايا على بساط المناقشة،وكدليل لعمق المسائل العالقة فقدت شيئا فشيئا عناصر التحقيق الأساسية والتي كانت تعتمد بالأساس على أقوال وشهادات الناس الحية على الأحداث،ولكن الخشية المتولدة لدى الشارع أدت إلى انهيار هذه العلاقة الحميمة بين المواطن والإعلام, والذي أدى إلى تراجع ملحوظ في تدفق الرأي الجمعي نحووسائل الإعلام التي بدأت تشكل لسان حال الأحزاب والمؤسسات الحكومية والأهلية التي لا تنطق إلا بما يعنيها بعيدا عن هم الشارع, الذي غاب عن محور الصراع مم شكل ضربة قصمت ظهر الإعلام الموجه, فعدم وجود المواطن في عمق التحقيق والحدث الإعلامي يؤدي بهذا المنتج الإعلامي إلى إفراغ مضمونه وعدم قدرته على التعبير عن مستندات الواقع المعاش. إن فقد الإعلام لأهم عنصر فيه وهوغياب الشاهد الحقيقي والمصدر الإعلامي الموثوق, أدى إلى عدم قدرة المواطن نفسه على تقبل هذا الإعلام الشكلي والذي فقد مصدره وجهة توجهه, ففقدان المصدر غيب القدرة على فرز المصادر الإعلامية إلى مكوناتها الجهوية الأساسية وجهة الربط التي تنتمي إليها. فشل محاولات الترميم فما هوالإعلام الموجه وأين هوالإعلام الموجه في واقعنا الحالي؟ لقد استطاع صناع القرار الإعلامي وبعد اشتداد الصراع وانتفاء أهمية الصحفي والكتابة الصحفية على ابتكار مقولة(الحيادية) التي لم يتم الاتفاق عليها ومن ثم مصطلح(الموضوعية) التي أصبحت خاصية الصحفي الأكاديمي الذي لا يستمع إليه إلا القلة القليلة من الأكاديميين والإعلاميين،الذين يقال عنهم غالبا وينطبق عليهم المثل والمقولة القائلة بأن القانون من صنع الضعفاء, فالصحفي هوالمتقيد بأسس الصحافة ولكن أين هوالصحفي الذي استطاع أن يستند على هذه الأسس تماما دون انحياز ودون تلفيق وكذب هنا وهناك؟ ومن المؤكد بأنها هي المعايير من ما هومن شأنها أن تنتج إعلاما قادرا على التحرر من سلطة هذا وذاك, ولكن هي نفسها تلك المعايير التي من شأنها إبعاد الجمهور عن متابعة المنتج الإعلامي والمكتوب الصحفي لأنه لا يدغدغ مشاعر الناس في شرقنا غير المعتاد على التلاؤم مع هذه (المحسنات) كما يعتبرها غالبا وليست برأيه أسسا ضرورية بل علامات غير دالة سوى على عالم لا يستطيع هذا المواطن التمكن من الولوج إليه بسهولة،ولذلك يفضل التوجه نحوما سهل فهمه من رأي يطرحه هذا بشكل فج،ويطرحه الآخر بشكل قريب إلى أحاسيسه ورغباته. التأثير الطوباوي ولكن قد يوجه لنا السؤال التالي: ولكن ما هذا الإعلام الذي يؤثر في الناس أشد التأثير؟ وحينها ما علينا إلا الإجابة بأن ما هومؤثر من إعلام ليس إلا ذلك الإعلام الذي يكرس عملية الهروب من الواقع، فهذا الإعلام الاستهلاكي الذي ينشره الغرب،عبر المسيء من المنتج الإعلامي غير القادر إلا على التأثير في من يعانون من مشاكل في الوضع النفسي(الذي يعاني من أزمة عامة نتيجة سوء الظروف التي نعيش فيها) هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن الإنسان الموجود في شرقنا والذي يدّعي التأثر بهذا الإعلام ما هوإلا إنسان مؤدلج أساسا وغير قادر إلا على تقبل ما هومشابه لأفكاره, وبالأحرى ما هومطابق لها تمام التطابق فتبدولنا حالة التأثر التي يتم الحديث عنها وكأنها محض خيال يتستر به الكثير ممن يحاولون إظهار الواقع القبيح بأزماته على أنه أجمل ما أبدعه الله وحسنه. ******************** (20)تاريخ الصحافة الكردية تعود ولادتها إلى عام 1898 حيث ظهرتْ أولُ جريدة كردية سياسية (كردستان) في القاهرة ولم تظهر في هذه الفترة المنظمات الاجتماعية السياسية الكبيرة، إلا أنها شهدتْ بروز مجموعات وطنية صغيرة ومترقة وأضحت جريدة (كردستان) منبرا لها ولكلّ الأصوات الوطنية، إنّ أولَ مَنْ حرر هذه الجريدة هومدحت بك بدر خان (مقداد مدحت بك بدر خان) وقد تولى إصدارها من بعده شقيقه عبد الرحمن بدر خان ولعوامل سياسية غيرت الجريدة مرارا مركز إصدارها فطبعت في جنيف وفولكستون ولندن ثم في اسطنبول تحت أشراف ثريا بدر خان وانتقلت أثناء الحرب العالمية الأولى إلى القاهرة حيث أصبحت نصف شهرية (صدرت الجريدة في 22 نيسان عام 1898 ودامت إلى 14 نيسان عام 1902 وبلغ مجموع أعدادها (31) عددا من العدد (1-5) في القاهرة وترأس تحريرها مقداد مدحت بك بدر خان من العدد (6-19) في جنيف. من العدد (20-23) في القاهرة العدد (24) في لندن من العدد (25-29) في فولكستون – شمالي انكلتره. من (30-31) في جنيف، وترأس تحرريها عبد الرحمن بك بد رخان. وفي نهاية العقد الأخير من القرن التاسع عشر صدرت بعض الجرائد والمجلات الأخرى، اجتازت جريدة (كردستان) ظروفا قاهرة تشكل السمة العامة لكل الصحافة الكردية الدورية، فلم يتمتع المحررون بالحرية في كتاباتهم كما أنّ مخالفة أيديولوجية الطبقة الحاكمة للسلطة العثمانية، والقيام بحملات دعائية مضادة اضطرت السلطة المستبدة إلى اتخاذ موقف المرونة في سياستها، ولكنها راقبتْ بيقظة وارتياب الصحافة الكردية التي طرحت مسائل تغذية الوعي القومي وإنمائه. لقد بذل المثقفون الأكراد قصارى جهودهم لصيانة ومضاعفة إصدارات الجرائد والمجلات الكردية ولكي يبرهنوا على ضرورة إصدارات الصحافة بلغات أخرى، تذرعت هيئات التحرير بالحوافز الدينية في أغلب الأحيان وذهبت إلى أنّ الأكراد بما أنهم مسلمون أيضا أسوة بشعوب إسلامية أخرى فمن الأفضل أن تصدر المجلات والجرائد الكردية مثل (كردستان) 1898 (كورد) 1907، (روزي كورد) شمس الأكراد 1911، (بانكي كردستان) صوت كردستان 1913 باللغة التركية أيضا. منذ أواسط العشرينيات عندما تجزأت كردستان بين حدود سياسية انتهت الصلات والعلاقة بين هيئات التحرير المركزية للصحافة الكردية، وباتت الصحافة الكردية الدورية في تركيا ممنوعة بتاتا. لم تكن الصحافة الكردية الدورية موجودة تقريبا في إيران في العشرينات ما عدا بعض الإصدارات المتطرفة للأحزاب والتجمعات الكردية السياسية الصادرة بصورة سرية، وعندما اتسعت ونشطت الحركة القومية الكردية في مهاباد، ظهرت الصحافة الكردية الدورية ثانية في إيران خلال الحرب العالمية الثانية حيث صدرت في هذه الفترة في كردستان إيران بعض المجلات والجرائد الكردية ومن الضروري هنا التذكير قبل كل شيء بالمجلة الشهرية: (نيشتمانه) الوطن - التي صدرت في مها باد باللغة الكردية وبالحروف العربية، وصدر العدد الأول منها في حزيران عام 1943 والأخير في أيلول عام 1945 وكانت (نيشتمانه) لسان حال الحزب الكردي لبعث الأكراد. (خالا لا) الوردة - بدأ إصدار هذه المجلة وفي 21 آذار عام 1946 لسان رابطة الشبيبة الكردستانية في مدينة بوكان ودامت هذه المجلة إلى حزيران من العام ذاته. كما صدرت في التاريخ نفسه في مها باد مجلة: (هاواري نيشتمان) صوت الوطن، بالإضافة إلى مجلة: (عروعالي منال) تربية الأطفال، التي رأت النور في العام ذاته وقد استمر صدور هاتين المجلتين المذكورتين طيلة فترة جمهورية مها باد الكردية. وكانت الصحافة الكردية الدورية تصدر في العراق بصورة غير منتظمة وغالبا ما كانت تقف عن الصدور في فترات متقطعة من جراء مراقبة وملاحقة السلطة العراقية لها، ولم يسنح لها الدفاع بعلنية عن الطموحات القومية للشعب الكردي. وقد أثر صدور المجلات والجرائد الكردية منذ بداية القرن العشرين بحروف مختلفة على توزيعها بصورة ملحوظة في نطاق ضيق في أجزاء كردستان الأخرى والى العشرينات من القرن صدرت الصحافة الكردية في تركيا وإيران والعراق بحروف عربية لكن صحافة الأكراد المهاجرين من كردستان تركيا صدرت بحروف لاتينية. كانت كل هذه المجلات اجتماعية وسياسية وأدبية ولغوية في الوقت نفسه ولم تصدر جريدة يومية اجتماعية وسياسية في كل أجزاء كردستان إلى عام 1959 فقد ناضل المثقفون الأكراد بعناد ما بين فترة الأربعينيات والخمسينيات للحصول رخصة إصدار جريدة سياسية يومية، لكنهم لم يتمكنوا من إنجاز هذا الهدف إلا إن الحكومة العراقية الجديدة سمحت للأكراد بعد ثورة عام 1958 بإصدار جريدتين اجتماعيتين سياسيتين هما: ((أزادي) الحرية - لسان حال الحزب الشيوعي (صدر العدد الأول منها في أيار 1959 بمدينة كركوك) و(خه بات) النضال - لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني، صدر العدد الأول منها في 4 آذار عام 1959 ببغداد. وبعد مرور عامين على إصدار هاتين الجريدتين أغلق الباب أمامهما لكن صحافة كردية دورية كثيرة خرجت إلى النور في العراق بصورة غير قانونية طوال فترة الأربعينيات والخمسينيات من هذا القرن، وصدرت تلك الصحف بشكل غير منتظم ولا سيما في مرحلة الهجوم الصارم ضد الشيوعيين والوطنين الأكراد كان الدور الاجتماعي والسياسي لهذه الصحافة بارزا لأنها أضاءت المسائل الإستراتيجية والتكتيكية لنضال الجماهير الشعبية والصحافة السرية كانت جريدة: (شورش) الثورة - لسان حال الحزب الشيوعي الكردي وجريدة: (رزكاري) الخلاص - لسان حال حزب رزكاري كردستان) خلاص كردستان، وقد صدرتا في عام 1946 جريدة: (أزادي) الحرية الصادرة في 1945 التي استأنفت صدورها في عام 1956 تحت اسم (أزادي كردستان) حرية كردستان كلسان حال الحزب الشيوعي العراقي، جريدة: (خه بات كورد) نضال الأكراد في عام 1956 لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني، كان إصدار الصحافة الكردية الدورية بلغتين وثلاث لغات هي السمة العامة لها، لأنها أفادت المنظمات الكردية في إصدار دورياتها بلغة الدولة وبذلك لا ترتاب السلطات من محتوياتها ولا يثيرها الشك نسبيا. كما إن بواعث إصدار الجرائد والمجلات بعدد من اللغات الشرقية هي إن المنظمات الكردية وضعت نصب عينيها هدف التعريف بحياة وتاريخ وأدب وثقافة وحالة كردستان وكل القضايا الهامة المتعلقة بمجتمعات دول الشرق الأوسط صدرت جريدة: (بانكي كردستان) صوت كردستان - في السليمانية باللغات الكردية والفارسية والتركية، وكان الشخصية الاجتماعية المعروفة مصطفى باشا يامولكي يرأس تحريرها، كما كان الأديب البارز والصحفي رفيق حلمي محررا مسئولا عن القسم التركي وكان عالم الأدب على كمال بابير، محررا مسئولا عن القسم الفارسي وصدر العدد الأول منها في 2 أب عام 1922. وصدرت مجلة: (دياري كردستان) هدية كردستان في بغداد ما بين العامين 1925-1926 باللغات الكردية والعربية والفارسية وكان رئيس تحريرها الشخصية الحكومية المعروفة صالح زكي. لقد عكست المجلات والجرائد الكردية على صفحاتها طموحات وآمال الجماهير الشعبية الواسعة وإذا كان قد ظهرت فيها أحيانا مقالات ساذجة ذات طابع قومي بأفاق ضيقة فان هذه الحقيقة لا تشوه مطلقا النهج التقدمي العام للصحافة الكردية الدورية نعتقد أنه يمكن الاستشهاد هنا بما يقوله:ف.ا.لينين (من الضروري التمييز بين النزعة القومية للشعب المضطهد والنزعة القومية للشعب المضطهد، وبين التعصب القومي للقومية السائدة والتعصب القومي للقومية الصغيرة. في غضون الحرب العالمية الثانية وبعدها ولجت الصحافة الكردية مرحلة جديدة وارتقت درجة أعلى من التطور حيث صقل طابعها التقدمي في هذه السنوات وعولجت فيها قضايا نضالية تحررية من مواقع أكثر عقلنه وصحة ثم قدمت دراسات تحليلية شاملة وعميقة في الوقت نفسه منحت الصحافة أهمية فائقة للزاوية الأدبية على صفحاتها والجدير بالذكر أنه قد تم بعد الثورة العراقية. في 14 تموز عام 1958 نشر ترجمة العديد من إبداعات الكتاب والشعراء والشخصيات الاجتماعية الأوروبية التقدمية المعروفة كما أسلفنا القول سابقا وفي إيران صدرت جريدة كردية أسبوعية: (كردستان) بالأحرف العربية اتخذت هذه الجريدة موقفا سلبيا من المتبدلات والإصلاحات الاجتماعية ثم سعت إلى أضعاف نضال الصراع الطبقي والقومي التحرري في إيران والدول المجاورة لها، وسعرت العداء بين شعوب الشرق الأوسط، يبد أن المقالات العلمية والإبداعات الأدبية خدمت الثقافة الكردية والشعب الكردي، لأن المواد والنتاجات المطبوعة بلهجات كردية متعددة أسست أرضية وقاعدة لدراسة مسألة اللهجات الكردية ولغة الأدب الكردي، وأصول تدوينها وبقي أن نقول أن تطور الثقافة العمومية والمسائل اللغوية في هذه السنوات كانت على صفحات الصحافة الكردية الدورية مضيئة للغاية بحيث نشطت الصحافة الدورية ونشرت المؤلفات الكردية النادرة كما نشرت الأبجدية الكردية وكتاب القارئة للأطفال والأميين، ولابد أن نذكر هنا تلك المجلات والجرائد الكردية التي ضربت شهرتها على نطاق واسع وهي (زين) الحياة جريدة أسبوعية، تأسست في اسطنبول عام 1919م صدرت باللهجة الشمالية الكردية وبالأبجدية العربية وحررت الجريدة على يد فئة من المثقفين الأكراد القاطنين والدارسين في اسطنبول وصدر العدد الأخير (22) من الجريدة في 22 كانون الثاني عام 1920 وقد ألقت هذه الجريدة الضوء على المسائل النضالية للحركة القومية الكردية التحررية وبرامجها التكتيكية والإستراتيجية (زيانوا) البعث - (زيان)الحياة – جريدة أسبوعية صدرت باللهجة الجنوبية الكردية وبالأبجدية العربية ومن عام 1920 إلى عام 1926 صدرت تحت اسم (زيانوا) البعث – وبعدها أخذت اسما جديدا (زيان) الحياة – وكانت لسان حال مجلس بلدية مدينة السليمانية حتى عام 1934 وبعدها انتقل حق تحرير الجريدة إلى الشاعر الكردي المعروف – بيره ميرد -. لكن السلطة أغلقت الجريدة في 1938، ومنذ عام 1939 بدأ (بيره ميرد بإصدار الجريدة: (زين) الحياة التي كانت تعتبر من حيث الجوهر والأساس استمرارا لجريدة (زيانوا) البعث، وصدر العدد الأول منها في 26 كانون الثاني عام 1939 ودامت حياتها إلى يوم انقلاب 8 شباط عام 1963. قام بيره ميرد بدعابات ثقافية وتنويرية واسعة في الجريدة المذكورة (زين) حيث نشر فيها مقالات بخصوص الحياة الحضارية والنظافة وجمالية المدن، ولاسيما السليمانية منها، وعن الأعياد القومية، ثم وجه مقالات خاصة الى المرأة الكردية، كما حثت الجريدة الجماهير الكردية على الدراسة والعلم وأولت أهمية خاصة لتاريخ الشعب الكردي والتربية الوطنية وحب الحرية معتمدة في ذلك على الأمجاد البطولية الماضية. ثم نشرت (زين) موادا أدبية غزيرة، كقصائد لشعراء الأكراد الكلاسيكيين والمعاصرين وقصص ونفحات أدبية ونتاجات فلكلورية، وكتب الشاعر بيره ميرد بسخاء في الجريدة طرح فيها مسألة تطور الأدب الكردي الحديث ونطر أليه كجسد لا يتجزأ، وهي رؤية مهمة للغاية بالنسبة لأدبنا الكردي كان – بيره ميرد – يتقن جميع اللهجات الكردية ويلم ببراعة بالأدب الكردي الجنوبي والشمالي والكوراني. احتفظت الجريدة بنهجها حتى بعد غياب – بيره ميرد – عن الحياة عام 1950 وفي تشرين الثاني عام 1952 استلم الشاعر الكردي البارز والشخصية الاجتماعية المعروفة عبد الله كوران هيئة تحرير (زين) ومنذ توليه هذه المهمة الصحفية طرأ تحول جذري في نهج الجريدة وأمست صوتا علنيا للعمال والفلاحين الأكراد حيث روجت الأفكار النضالية بشكل واسع وحاد ضد الإقطاعيين الأكراد والقوى الرجعية في البلاد والإمبريالية العالمية وكان عبد الله كوران أحد مؤسسي لجنة الدفاع عن السلام في العراق ومناضلا لا يكل من أجل حماية وتمتين وشائج الصداقة بين جميع شعوب العالم كل هذا انعكس بصورة طبيعية في صفحات الجريدة المذكورة آنفا. لكن عبد الله كوران اضطر تحت ضغط الظروف إلى ترك الجريدة بعد مرور سنة ليحل في منصبه وريث – بيره ميرد – الذي أصر على السير على النهج السابق إن اتجاهات الجريدة (زين) ككل الصحافة الكردية الدورية اهتمت مباشرة بالحياة السياسية للبلاد، وبنهوض وإخماد الحركة الوطنية والاجتماعية التحررية إلى يوم انتصار الثورة العراقية في عام 1958 وحاولت الجريدة تحييد موقفها السياسي ولهذا السبب تحديدا امتنعت هيئة تحرير الجريدة عن الإفصاح عن أفكارها حول القضايا السياسية والقومية. بعد الثورة مباشرة أبدت الجريدة ديمقراطيتها وعبرت عن أهداف القوى الثورية وعن أفكار الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني في الوطن. ومنذ النصف الثاني من سنة 1961 عندما بدأت في البلاد ملاحقات علنية للقوى الديمقراطية واتخذت السلطة تدابير مضادة للمطالب القومية للشعب الكردي، اتبعت الجريدة ثانية نهجا مواليا للحكومة وبعد انقلاب البعث في شباط عام 1963 أغلقت الجريدة نهائيا و(هاوار) الصرخة - هي المجلة التي تتميز بين الصحافة الكردية بطابعها الأدبي واللغوي، أسسها الفيلولوجي البارع والكاتب جلادت بدرخان في عام 1932 صدرت المجلة مرتين شهريا باللهجة الشمالية الكردية ونشرت المواد في بداياتها بالأبجدية العربية واللاتينية، وبعدئذ غطت المجلة صفحاتها بالأبجدية اللاتينية. إن محرري المجلة جلادت وشقيقه العالم المشهور والشخصية الاجتماعية – كاميران بد رخان – كان بروفسور في باريس (توفي في عام 1979) اعبرا من إحدى وظائفهما نشر الأبجدية اللاتينية بعد أن اجروا عليها بعض التعديلان ولعبت المجلة دورا إيجابيا ومميزا في نشر هذه الأبجدية التي تتناسب مع فونوتيكية اللغة الكردية، كما أرست أيضا أركان اللغة الكردية المعاصرة وأولى المحرران انتباها فائقا إلى مسألة أتقان وجودة اللغة الكردية الأدبية وتحريرها من الكلمات الأجنبية وفق القوانين اللغوية وأضحت هذه المسألة في الثلاثينيات مدار نقاش ومعالجة حادتين لأنها كانت ذات صلة غير مباشرة بظاهرة التثقيف واقتراب الأدب من الجماهير الشعبية. نشرت (هاوار) غالبا باللهجتين الشمالية والجنوبية نتاجات شعرية كلاسيكية ومعاصرة وفلكلورية وقدمت تحليلات عن مستوى الأدب الكردي المعاصر ثم ناقشت بعمق قضايا ثقافية مختلفة. أما مجلة (كلاويز) الشعري – وهي مجلة أدبية شهرية صدرت باللهجة الجنوبية في بغداد منذ كانون الأول عام 1939 إلى آب عام 1949م فقد كانت أعدادها قد بلغت عندما أغلقتها الحكومة العراقية (105) أعداد. ساهم في هيئة تحريرها المثقفون الحياديون وأعضاء الأحزاب العراقية التقدمية فكانت المجلة تمثل النخبة الطليعية للمجتمع الكردي، وتجنبت توجيه انتقاداتها ضد الحكومة لتثبت لها أنها ليست مجلة سياسية، وكان رئيس تحريرها الشاعر والقاص الكردي المعروف والشخصية الاجتماعية التقدمية البارزة في العراق إبراهيم احمد. كتب المجلة للجماهير الكردية عن جوانب متباينة لحياة الشعب الكردي ولعبت (كلاويز) دورا مرموقا في تنشيط الحركة الأدبية، حيث ظهر في كل عدد منها نماذج من الأدب الكردي الكلاسيكي وقصائد شعرية وأعمال نثرية لأدباء معاصرين كما أعطت هيئة تحرير المجلة أهمية فائقة للأدب العالمي التقدمي فنشرت باستمرار ترجمات المؤلفين الروس والأوروبيين الغربيين واحتلت المؤلفات المشهورة للأدباء الروس من أمثال (ل.تولستوي – أز تشيخوف، م.غوركي) على صفحاتها مقعد هاما. إن هذه الترجمات وغيرها لأدباء بارعين قد أثرت، بلا ريب تأثيرا ايجابيا في نطور القصة والرواية الكردية الحديثة. سارت المجلة على نهجها السياسية دون تحفظ بعد الحرب العالمية الثانية وواظبت على النضال من أجل الأفكار الأممية، كما ألقت الأضواء بموضوعية على الأوضاع الداخلية في الاتحاد السوفييتي، وهي الأوضاع التي لم يكن يعرف عنها الشعب الكردي ألا النذر اليسير، ولهذه الأسباب بالذات بدأت الزمرة العراقية الرجعية في عام 1949 مدعومة من الإمبريالية الإنكليزية والأمريكية الهجوم على القوى العراقية الديمقراطية وأوقفت إصدار مجلة (كلاويز) (دنكي كيتي تازا) صوت العالم الجديد – مجلة اجتماعية سياسية أدبية شهرية أسسها القنصل الإنكليزي في أكتوبر عام 1943 باللهجة الجنوبية الكردية وكانت المجلة علميا لسان حال الحلفاء المحاربين ضد الفاشية ثم نشرت المجلة بصورة عامة موادا حول الأحداث الدولية وبما أنها كانت تصدر من قبل الإنكليز، فقد بان واتضح فيها دور انكلتره في النضال ضد ألمانيا الهتلرية. ويجب القول إن الكتابة حول الأحداث السياسية والحربية ونشر الوثائق الدبلوماسية على صفحات المجلة ساعد في أغناء اللغة الكردية وخاصة من ناحية بناء وتركيب مصطلحات جديدة. وكان أعضاء أسرة تحرير (دنكي كيتي تازا) مؤلفة من العالم الكردي المشهور واللغوي والمؤرخ توفيق وهبي، ومؤرخ الصحافة حسين حزني موكرياني وهما عالمان بارزان في ميدان الدراسات الكردية وشخصيتان اجتماعيتان تقدميتان. ظهرت في المجلة بشكل واسع مسائل تطور الثقافة الكردية، وأساليب تنويرية للشعب الكردي، واحتل الأدب الكردي فيها مكانا لائقا كمؤلفات الأدباء الكلاسيكيين والمعاصرين، ومقالات أدبية وفلكلورية وترجمات عن العربية والفارسية والأدب الأوروبي الغربي، كما نشرت المجلة مقالات اتنوغرافية فمنها ملاحظات وذكريات الرحالة الإنكليز، وللعلماء المستشرقين عن الأكراد ثم درست المجلة على صفحاتها مشكلة تطور اللغة الأدبية الكردية. عقب الحرب العالمية الثانية انتقلت إدارة تحرير المجلة إلى المحامي الكردي فائق توفيق، وبدأت (دنكي كيتي تازا) تصدر أحيانا كجريدة وأحيانا أخرى كمجلة. كرست (دنكي كيتي تازا) في هذه السنوات على صفحاتها مكانا واسعا للأدب الكردي، ولاسيما لنتاجات أدبية باللهجة الكورانية وحرر القسم الأدبي في المجلة الأديب والمترجم جميل باندي روزبياني – وفي عام 1947 أغلقت السلطة العراقية هذه المجلة أيضا أما مجلة: (روناهي) لمعان – أسبوعية صادرة في عام 1943 من قبل العالم الكردي المشهور والشخصية الاجتماعية البارزة – كاميران بدر خان – فقد كانت اجتماعية، سياسية، أدبية وعلمية، صدرت في دمشق باللغة الكردية وبلهجتها الشمالية، كما نشر في كل عدد منها قسم ضئيل باللغة الفرنسية وحررت المجلة بغزارة مقالات عن دول وشعوب الشرق الأوسط ولاسيما الأكراد، وكان النهج السياسي لمجلة (روناهي) تمثلها أيديولوجية البرجوازية الكردية الصغيرة التي استغلت فرصة الظروف القائمة أثناء الحرب العالمية الثانية في الشرق الأوسط من أجل نيل حرية كردستان كما كانت المجلة تتحدث عن وقائع الحرب التي كانت تعلنها دول الحلفاء وخاصة الدولة الفرنسية منها ثم أولت المجلة اهتماما بالغا الى الأدب الكردي المعاصر والفلكلور الكردي حاول المحررون فيها تقديم جميع موادهم إلى عدد أكثر وأوفر من القراء، وذلك من خلال لغة كردية سلسة، استمر إصدار المجلة بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1947 توقفت المجلة عن الصدور. والجريدة الاجتماعية السياسية والأدبية: (كردستان) لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني صدرت باللغة الكردية وبلهجتها الجنوبية في مها باد عاصمة الجمهورية الكردية وخرجت العدد الأول منها إلى النور في 11 كانون الثاني عام 1946 وبعد نكسة الانتفاضة الكردية، وانهيار الجمهورية الكردية عام 1947م، باتت الجريدة الناطق الرسمي السري للحزب الديمقراطي الكردستاني منذ عام 1947 تعززت العلاقة السياسية بين الوطنيين الأكراد والأذربيجانيين المهاجرين، وكاستمرار الجريدة (كردستان) بدأت تصدر جريدة: (كردستان – أذربيجان) باللغتين الأذربيجانية والكردية، حيث طبع العدد الأول منها في 6 كانون الأول عام 1947 وبلغ مجموع أعدادها (1337) عددا إن هذه الجريدة كانت إحدى الصحف الكردية الدورية الأكثر أهمية حيث نشرت الأخبار الثقافية والسياسية الجديدة في جميع أجزاء كردستان وفضحت سياسة الإمبريالية ومواقفها ومؤامراتها إزاء دول الشرق الأوسط وذلك بالاتفاق مع السلطات الرجعية التركية والإيرانية والعراقية ضد النضال الديمقراطي والحركة القومية التحررية في الشرق، وحررت الجريدة مواد أدبية منها القصائد السياسية ومقالات وقصص منوعة كان أغلبها يتميز بالطابع الدعائي توقفت جريدة (كردستان – أذربيجان) عن الظهور في آذار عام 1961م وذلك عندما انعقد كونفرانس لثلاثة أحزاب سياسية إيرانية، توحد فيه الحزب الديمقراطي الأذربيجاني مع الحزب الشعبي الإيراني (تودا) أما المجلة الأدبية الشهرية: (هيوا) الأمل – الصادرة في بغداد حتى انقلاب 8 شباط عام 1963 كلسان حال (منتدى التقدم للأكراد) فقد حررت باللغة الكردية وبلهجتها الجنوبية حررتها في البداية نخبة برجوازية كردية، وكانوا أعضاء في البرلمان العراقي، ولهذا ابتعدت مجلة (هيوا) عن الحياة السياسية في البلاد وبحثت الأمور الثقافية والأدبية بحدود ضيقة، بالرغم أن هيئة تحريرها حاولت تقليد المجلة الكردية الشهيرة (كلاويز) ونشرت مواضيع كردية أدبية نادرة. لكن المجلة تحولت بعد ثورة 14 تموز عام 1958 إلى لسان القوى الكردية التقدمية للمثقفين الذين دعموا نضال الشعبين الكردي والعربي من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي، إلا أن ملاحقة القوى الديمقراطية والتقدمية في البلاد، وقد بدأت في عام 1961، تركت آثارا سلبية على السمة العامة للمجلة وبالتالي أصبح إصدارها في الآونة الأخيرة بصورة ليست منتظمة. أما المجلة الأدبية النقدية الشهرية: (شفق) الفجر – فقد تأسست في كانون الأول عام 1958 بمدينة كركوك باللغتين العربية والكردية على يد مجموعة من الأكراد المثقفين التقدميين. أمثال الأديب الكردي (إبراهيم احمد) وساهم في تحريرها أيضا الأديب معروف برز نجي والمحامي عبد الصمد خانكا والمعلم عمر عارف والدكتور معروف خزنه دار والعقيد المتقاعد عبد القادر البر زنجي. وقد أفسحت السمة الكيفية التي تمتعت بها المجلة مكانا واسعا للأدب ونظريته ونشرت بشكل مستمر نتاجات أدباء وشعراء الأكراد وكرت المجلة بصورة خاصة صفحاتها للنثر الكردي، ولاسيما القصة منه كما كافأت المجلة مرارا على أفضل قصة رأت الحياة على صفحاتها استطاعت المجلة وبهذا الأسلوب أن تلعب دورا إيجابيا ملموسا في تطور الأدب الكردي الحديث. وبعد ثورة 14 تموز في عام 1958، أضحت المجلة اجتماعية وسياسية ثم انتقلت هيئة التحرير في عام 1961 إلى السليمانية كان دور الصحافة الكردية واضحا في الظروف الاجتماعية والسياسية المميزة لحياة الأكراد، فقد قدمت الجرائد والمجلات الكردية خدمة جليلة في تنوير الأكراد وكانت بالنسبة لهم ألف باء وكتابا تعليميا وتدريسيا، لأن الأطفال لم يكونوا يتعلمون باللغة الأم في المدارس (باستثناء بعض المدارس في العراق التي درست فيا بعض المواد باللغة الكردية) وبما أن هيئات تحرير الصحافة أدركت الوظيفة الأساسية لدورياتها وهي تطوير الثقافة القومية وصقلها على صفحات المجلات والجرائد، فأنها حررت بصورة منتظمة مخطوطات لنتاجات الكلاسيكيين الأكراد في مقدمة صحافتها كما أمست الجرائد والمجلات منبرا لشعراء وأدباء الأكراد المعاصرين، ولأول مرة ظهرت على صفحات الصحافة المقالات النقدية للأدب الكردي المعاصر كانت الجرائد والمجلات الكردية الوسيلة الأولى لتعريف الأدب الأجنبي بالقراء الأكراد، حيث نشرت فيها ترجمات أوروبية خلال اللغة التركية، بيد أنه في بداية القرن العشرين أصبحت الترجمة عبر اللغة الإنكليزية ولذلك يرتدي تعريف الأدب الأوروبي بالأكراد أهمية بالغة بالنسبة لهم، حيث وسع الآفاق وطور اللغة الأدبية والطرائق الفنية الجديدة لديهم وبلا ريب كان دور الصحافة على الصعيد الاجتماعي مهما للغاية أيضا لأنها كانت ناطقة ومعبرة عن آمال قومية واجتماعية للشعب الكردي وعن نضالا ته لنيل الحرية. وإن الثقافة الكردية استطاعت التوصل والتقدم فهي تقف اليوم على قدميها على مستوى المنطقة الكردية وعلى المستوى العالمي بشكل عام، وذلك من خلال الإصدارات التي تزيد عددها عن (50) مطبوع من مجلات وصحف ودوريات ثقافية وكتب وأبحاث، هذا التوسع الأفقي الذي طرأ على الواقع الثقافي الكردي يمثل مؤشرا صحيا ومشجعا لحدوث وبروز توسع عمودي مقابل - المسألة جدلية- فالتخصص بدأ يتبلور في كردستان وهناك في الأفق القريب توجه تخصصي كردي آتي، ولذلك فنحن نلمس صدور مجلات ومطبوعات تخصصية كالمجلات المتخصصة في الآثار والأدب والبحث الأكاديمي والأطفال والكاريكاتير، ومجالات أخرى عديدة ستطرح نفسها بقوة على الساحة الثقافية بدون شك بعيدا عن المبالغة ومنذ المرحلة التي تبلورت في التوجه العالمي الجديد نحوالقضية الكردية والتي لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا هي مرحلة تفاؤلية في الصميم وتبشر بحدوث تطورات ثقافية باتجاه أفق ثقافي كردي مفتوح هذا من الناحية الصحافية أما من الناحية الإعلامية فهناك العشرات من القنوات التلفزيونية والإذاعية المنتشرة في مدن كردستان يعمل فيها العشرات من الكتاب والصحافيين والمخرجين والمذيعين والفنانين والمعدين وهذا الواقع يمثل كينونة إضافية لرفد العملية الثقافية الكردية باتجاه كادر إعلامي متخصص، وهذا يؤدي لحدوث تطور في البناء الثقافي وعلينا أن نتسلح بالعلم والأمل والتفاؤل وبالنظر إلى المستقبل بعين باسمة ونفس متطلعة. المصدر: موجز عن تاريخ الأدب الكردي المعاصر للدكتور: معروف خزنه دار – الترجمة عن اللغة الروسية الدكتور عبد المجيد شيخو في الثاني والعشرين من نيسـان الجاري يحيي الشعب الكـردي يوم الصحافة الكـردية المتزامن مع يوم صدور أول جريدة كردية في العام 1898 في القاهرة، التي رأت النور بجهود وإرادة الأمير مقداد مدحت بدرخان، الذي اسـتطاع بوعيه وتنوره أن يدرك مدى أهمية إطلاع العالم على أوضاع الشعب الكردي عبر صوت ووسيلة إعلامية كردية. لقد كرس البدرخانيون بشكل عام منذ أواخر القرن التاسع عشر جهوداً جبارة لخدمة الشعب الكردي وقضيته في المجالين الثقافي والإعلامي، وإذا كان مقداد مدحت بدرخان صاحب أول صحيفة كردية، فإن أسماء بدرخانية أخرى تبرز بقوة في مجال الثقافة والإعلام كالأمير جلادت بدرخان والأمير كاميران بدرخان حيث كان لهم الفضل الكبير في نشر الثقافة الكردية عبر النشرات والمجلات والمؤلفات، ولهم أيادٍ بيضاء على اللغة والأدب والكتابة الكردية. إن الوفاء لهؤلاء الـرواد الأوائل من البدرخانيين، وفي هذا اليوم بالذات، يوم الصحافة الكردية، يحرّضنا جميعاً على متابعة مسيرتهم الخلاقة والتفاعل الحقيقي والجدي مع التطور الهائل للوسائل الإعلامية ومواكبة التقنيات العصرية للنشر والإعلام الذي يحقق التواصل الفعال مع الـرأي العام الكردي والرأي العام العالمـي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |