|
معوقات الديمقراطية .. (3)
هلال آل فخرالدين جذور الاستبداد ومعوقات الديمقراطية إجتثاث حزب الشيطان ودولة الطغيان في فكرالامام علي(ع) تميزت شخصية الامام علي بخصائص كثيرة إلا انها تفردت بسمات رئيسية منها: اولا:اندكاكها المطلق في النهح الرباني وذوبانه فيه بعدم اخذها في الله لومة لائم ثانيا:نفوره الذي ليس له حدود من الظلم والظالمين ثالثا:تمتعه بمؤهلات فريدة وعقلية جبارة ونبوغ فكري ينفذ الى مكامن الصح والخطأ واستشراف المستقبل رابعا:امتلاكه مخزون تجربة سابقة لطول جهاده طغام قريش وذئبان العرب وظرب خراطيمهم حتى اخلدوا للسلم واستسلوا للاسلام خوفا وطمعا ومعرفته اليقينية بما تنطوي عليه نفوس حزب الشيطان وان غاية اولئك الطغاة عند سنوح الفرصة هوالانقضاض بالرجوع الى سابق عهدهم من الهيمنة والاستعباد واذلال الناس وان جل مايملكونه لتنفيذ مكائدهم هوالغدروالقوة الباطشةووسائل الرعب والارهاب واستصفاء الجلاوزة... لهذه الاسباب الاساسية كان تصميم الامام الذي لايلين في مقارعته لحزب الشيطان وبلاهوادة لإجثاث الشجرة الخبيثة التي ليس لها من قرار(الشجرة الملعونة في القران) بني امية.. لذلك لم يألوا الامام جهدا في تنبيه الامة لعظيم فتنتهم وشديد خطرهم وما ستأول اليه احوالهم من كوارث ودمارعلى ايدى مافيا الطلقاء..وما على الامة إن ارادت الحياة ما لها الا ان تتصدى لهم وتقاومهم ولاتعطيهم غير الحسام شافيا حتى تسقط اسطورتهم ويظهرهزالهم ويستبين جبنهم وانجحارهم...فكان الامام (ع) يؤكد دائما بسحب بساط الرعب والارهاب من الظلمة بالتصدي لهم حتى قمع فتنتهم واطفأ نائرتهم...فهذا القانون عندما تحكمه الشعوب وتسير فيه تنتصرلامحالة وتذهب الانظمة الغاشمة الى الجحيم لان استمرار تلك الانظمة على غير الفطرة والنهج القويم محكوم بزوالها وان طال السرى كطلقاء بني امية والسلاجقة والعثمانيين قديما والانظمة الشمولية البوليسية والعنصرية والاستكبارية والعربية المتخلفة ...حديثا وكان الامام (ع)ينشد تحرير الانسان من عبودية وطغيان الظالمين وان يعيش عيشة حرة كريمة امنة وينشد العدالة للجميع والتسوية بين الكل في العطاء فلا طبقية ولاتمييز ولاعنصرية لذلك نلاحظ بوضوح كثرة خصوم الامام من الزعماء المتضررين وفرارهم الى معاوية لتعضيد جبهته من جهة وفي هذا الصدديكتب سهل بن حنيف عاملة على المدينة يخبره بالفارين فيجيبه الامام (ع)يصف فيها اولئك :(وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها ومهطعون إليها وقد عرفوا آلعدل ورأوه وسمعوه ووعوه وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة فهربوا الى الاثرة فبعدا لهم وسخقا!! وإنهم والله لم ينفروا من جور ولم يلحقوا بعدل وإنا لنطمع في هذا الامر أن يذلل الله لنا صعبه ويسهل لنا حزنه إن شاء الله والسلام) ومن جهة اخرى شن الامام الحرب الضروس التي لاهوادة فيها على كل الظلمة واذنابهم ولم يدخروسعا لمنازلتهم لاجل تخليص العباد من ربقة المستبدين وكان الامام(ع) يطلق على أولئك الظلمة وعلى راسهم شر الاشرار (معاوية) اتباع الشيطان ويصفهم بقوله:(آتخذو الشيطان لامرهم ملاكا وآتخذهم له شركاء فباض وفرخ في صدورهم ودرج في حجورهم فنظر باعينهم ونطق بالسنتهم فركب بهم الزلل وزين لهم الخطل فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه ونطق الباطل على لسانه ) وعندما يأس الشيطان من روح الله ومصانعة الامام ومهادنته حتى استنهض اتباعه لكن الامام كان له بالمرصاد قائلا :(ألا وان الشيطان قد جمع حزبه وآستجلب خيله ورجله وإن معي لبصيرتي مالبست على نفسي ولا لبس على .وآيم الله لافرطن لهم حوضا أنا ماتحه لايصدون عنه ولايعودون اليه) ويشخص الامام (ع)بعين البصيرة والتجربة العميقة سبب ضلال بني امية واستباحتهم كل محرم لاستكبارهم وتحجرهم وجهلهم :(لم يستضيئوا بأضواء الحكمة ولم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة فهم في ذلك كالانعام السائمة والصخور القاسية ..) وكان الامام (ع)دائما يحذر الامة من مغبة استفحال امر المفسدين وارباب الفتن من ال ابي سفيان الطلقاء وما سيجلبونه من اذلاهم واستباحتهم ونهبهم وجعل عبادالله خولا وماله دولا بما يشيعونه في الامة من خوف ورعب وارهاب بما لايتورعون به من الاسراف في القوة الباطشة والحاق الفناء بالبشر والدمار بالممتلكات ونشرالفساد مؤكدابقوله:(ألا وإن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني امية فإنها فتنة عمياء مظلمة عمت خطتها وخصت بليتها واصاب البلاء من أبصرفيها وأخطأ البلاء من عمي عنها وآيم الله لتجدن بني أمية لكم ارباب سوء عذاب بعدى..ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية وقطعا جاهلية ليس فيها منار هدى ولاعلم يرى نحن أهل آلبيت منها بمنجاة ولسنا فيها بدعاة ) وينبىء الامام ما سيؤول اليه سلطان بني امية من التجبر والطغيان وسحق الامة وسومها سوء العذاب وتشمل بليتهم جميع الناس: (والله لايزالون حتى لايدعوا لله محرما إلا آستحلوه ولا عقدا إلا حلوه وحتى لايبقى بيت مدر ولاوبر إلا دخله ظلمهم ونبا به سوء رعيتهم وحتى يقوم الباكيان يبكيان باك يبكي لدينه وباك يبكي لدنياه وحتى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيده إذا شهد أطاعه وإذا غاب آغتابه وحتى يكون أعظمكم أعظمهم فيها عناء أحسنكم بالله ظنا فإن أتاكم الله بعافية فاقبلوا وإن آبتلاكم فاصبروا فإن العاقبة للمتقين) قد ضرب الظلم بجرانه وخيم الباطل كابوسه حتى ان فراعنة بني امية لم يتناهون عن ارتكاب كل منكر ولايتورعون من فعل اي جريمة وتسير الناس في ركابهم وتبعا لمنهجهم والناس على دين ملوكها قد مسخت القيم يصف الامام(ع) عصرهم :(فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه وركب الجهل مراكبه وعظمت الطاغية وقلت الداعية وصال الدهر صيال السبع العقور وهدر فنيق الباطل كظوم وتواخى الناس على الفجور وتهاجروا على الدين وتحابوا على الكذب وتباغضوا على الصدق .فإذا كان ذلك كان الولد غيظا والمطر قيظا وتفيض اللئام فيضا وتغيض الكرام غيضا وكان اهل ذلك الزمان ذئابا وسلاطينه سباعا وأوساطه أكالا وفقراؤه أمواتا وغار الصدق وفاض الكذب وآستعملت المودة باللسان وتشاجر الناس بالقلوب وصار آلفسوق نسبا والعفاف عجبا ولبس الاسلام لبس الفرو مقلوبا) ويذكر الامام النهاية المحتومة للظلمة بذهابهم الى مزابل التاريخ ولعنات البشرية وهي نبؤة صدقت :(ثم يفرجها الله عنكم كتفريج الاديم بما يسومهم خسفا ويسوقهم عنفا ويسقيهم بكأس مصبرة لايعطيهم إلا السيف ولايجلسهم إلا الخوف ) ويخبر بما سيؤل اليه ملكهم من الخراب والتشتت(أفترقوا بعد الفتهم وتشتتوا عن اصلهم فمنهم من آخذ بغصن أينما مال مال معه على ان الله تعالى سيجمعهم لشر يوم لبني امية..) وفي مرة اخرى يخبر الامام عن النهاية المرة لبني امية بعد تفرعنهم الطويل وسعت ملكهم العريض يصبحوا في خبر كان وهو من الاخبار الغيبية التي انبأ بها وتحققت :(حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بني أمية تمنحهم درها وتوردهم صفوها ولايرفع عن هذه آلامة سوطها ولاسيفها وكذب الظان لذلك بل هى مجة من لذيذ العيش يتطعمونها برهة ثم يلفظونها جملة) ويخبر الامام عن نهاية جبروت بني امية المخزية (فأقسم بالله يابني أمية عما قليل لتعرفنها في أيدي غيركم وفي دار عدوكم ألا إن أبصر آلابصار مانفذ في الخير طرفه ألا إن أسمع آلاسماع ما وعى التذكير وقبله!) لذلك فقد احيى الامام في الامة سنة مقارعة الظالمين لقطع دابرهم فقد روى ابن جرير الطبري في تاريخه عن عالم العراق عبد الرحمان بن ابي ليلى الفقيه –وكان ممن خرج لقتال الحجاج ان قال فيما كان يحض به الناس على الجهاد:إني سمعت عليا رفع الله درجته في الصالحين وأثابه ثواب الشهداء والصديقين يقول يوم لقينا أهل اشام :(أيها المؤمنون إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فانكره بقلبه فقد سلم وبرىء ومن انكره بلسانه فقد اجر وهو أفضل من صاحبه ؛ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى وقام على الطريق ونورفي قلبه اليقين) الولويات قائد الاصلاح اذا كان عصر القائد المصلح عصر خيانات واطماع وارهاب فما عليه الا ان يشمر عن ساعد الجد ويبذل الجهد وتكون أول اولوياته مجاهدة الظالمين والمفسدين لاستأصال شأفتهم واراحة الامة من بغيهم والشريعة من دنسهم (لانقبن الباطل حتى يخرج الحق من جنبه )وفي مقدمتهم راس الظلال معاوية وحزب الادعياء حتى تتنفس الامة وتتذوق الحرية وتتنسم العدالة وتتفيىء بالامن والحياة الكريمة :(ولقد ضربت أنف هذا الامر وعينه وقلبت ظهره وبطنه فلم أرلي فيه إلا آلقتال او الكفر بما جاء محمد(ص) إنه قد كان على الامة والٍ أحدث أحداثا وأوجد الناس مقالا فقالوا ثم نقموا فغيروا )
فناء الامام في الحق ان بقاء القيم والمباديء مناط بالتضحية دونها والجهاد في سبيل اشاعتها بمقدار مساندتها ودعمها من الامة ...وهنا يظهر جوهر القائد الهمام في جهاد جحافل الطغاة وحزب الشيطان ولو بنفسه فقط لاجل ثبات مايدعوا اليه من القيم الرفيعة والدفاع عن المجتمع واستمرار مسيرة الاصلاح ولايمنع القائد المخلص الشجاع من مجاهدة الظلمة والعتاة والدفاع عن الامة والحفاظ على مستقبلها ولو كلفه بنفسه خاصة ولايجعل مباديئة شعارات اعلامية وللمتاجرة والفوز بالمطامع ولكن الامام كان مخلصا للامة وحريصا على نقاء الشريعة وثبات الحق وهذا ماروته مصادر التاريخ ان الامام لمابلغه اغارة اصحاب معاوية على الانبار فخرج بنفسه(ع) ماشيا حتى اتى النخيلة فأدركه الناس وقالوا:يامير المؤمنين نحن نكفيكهم فقال: (ما تكفونني أنفسكم فكيف تكفونني غيركم ؟إن كانت الرعايا قبلي لتشكوا حيف رعاتها وإنني اليوم لاشكو حيف رعيتى كانني المقود وهم القادة او الموزوع وهم الوزعة) وان نفس رسول الله (ص) الامام علي يؤكد:(ان الوفاء لاهل الغدر غدر وان الغدرباهل الغدر وفاء) فهل يرعوى ساسة العراق الجديد ؟!!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |