|
المستشارية وجهاز المخابرات بين القصور والتقصير
بُراقْ حَيدَرْ مع التأييد التام للقرار القاضي بحل مستشارية الأمن القومي لترشيق الأجهزة الأمنية لتصبح أقل ترهلا وأكثر فاعلية وإنهاء عقد الشهواني كرئيس لجهاز المخابرات العراقية، إلا إن الإمكانية كانت قائمة لتحقيق لمسات إيجابية الى الملف الأمني من قبل المستشارية والجهاز والإضطلاع بدور أكبر، فيما لو كان رأس الهرم في كلا المؤسستين (الدكتور موفق الربيعي والسيد محمد عبدالله الشهواني) مستوعبين لتفاصيل العمل الأمني ومدركين لأبعاد القضية الأمنية وآثارها السياسية والإجتماعية. والأهم..! لو كانوا ملمّين بحدود صلاحياتهما دون التقافز والنطنطة خارج نطاق الإختصاص، على الأقل لتفادي مواضع الإحراج التي غالبا مايضعوا أنفسهم وقيادة بلدهم السياسية فيها أمام الرأي العام الداخلي والمجتمع الدولي على حد سواء. وكما هو متفق عليه فإن العمل الصميمي للقيادات الأمنية هو التعامل مع الأزمات قبل حدوثها ودرء الأخطار المحتملة بشتى السبل ضمن الإمكانيات المتاحة من خلال تنسيقها مع المؤسسات ذات الإختصاص، لكن المستشارية بالذات قد درجت على إسلوب مغاير للنظرية الأمنية متبعة إسلوب المعالجة الخطابية للحدث بعد فوات الأوان من خلال الفرقعات الإعلامية أملا في إخافة الخصم وحثه على عدم التكرار أما الجهاز فلم يحرك ساكنا على طول الخط لاقولا ولافعلا: أي تبني الحلول العائمة والمعالجات السطحية في تناول القضايا الأمنية الحساسة. التهويل أو التهوين أي السطحية في تناول المفردة الأمنية ومجابهة الحدث الإرهابي وإقتصار المعالجة على ترحيلها الى الفضاء الإعلامي. هو إسلوب إداء فاشل إتصفت به مستشارية الأمن القومي (ممثلة بشخص الدكتور موفق الربيعي) وبالمقابل الصمت المطبق فعلا وقولا لجهاز المخابرات أدى الى تنامي قوة الخصم الأمني وحثه للنظر بإستخفاف الى المؤسسة الأمنية عموما والمستشارية والجهاز بشكل خاص. وتعني السطحية فيما تعنيه الإفتقار الى إستراتيجية محددة للتعامل مع الأخطار المحدقة بالبلد وتوحيدها مع مثيلاتها (الرؤى المماثلة) لدى المؤسسات والوزارات المختصة، فيما إذا كان للآخرين رؤية محددة في هذا المجال، وذلك محل شك طبعا لدى المتابع لعمل هذه الأجهزة والوزارات (أي وجود خطط عمل متكاملة). ويتضح مانشير إليه جليا في إستحواذ العناصر الإرهابية على عامل المباغتة وعنصر المفاجأة, بعبارة أخرى، إفتقار هذه المؤسسات الى القدرة على التنبؤ بميقات وحجم الحدث الإرهابي على نحو من الدقة تحول دون تنفيذه. رغم الإمكانيات المادية الهائلة التي رصدت لتطوير أساليب مواجهة وإدارة الأزمة الأمنية في العراق التي لم تشفع لقيادات الأجهزة الأمنية والوزارات ومستشارية الأمن القومي والجهاز خاصة في تحسين أدائهما الأمني, ألأداء الذي بقي قاصرا بشكل واضح يمكن تشخيصه من أبسط المتابعين شأنا، ناهيك عن المحللين والمتخصصين في هذا المجال. الجدير بالملاحظة هو إن عملية تقييم أداء الأجهزة الأمنية لابد أن ينطوي على تناول جوانب عدة أهمها جانبي (القصور والتقصير ) ليكتسب التقييم صفة الموضوعية. فالقصور: أي العيوب البنيوية الناشئة عن آلية تشكيل هذه المؤسسات والوزارات، و تتحمل المحاصصة الجزء الأكبر من هذه المسؤولية عن الإخفاقات الأمنية وغير الأمنية, ينطبق ذلك أيضا على رأس الهرم في مستشارية الأمن القومي وجهاز المخابرات اللذين تم فرضهما من قبل الحاكم المدني بول بريمر آنذاك. ولكن...!... ولكن لاتخلو تلك الإخفاقات المشار اليها من (التقصير) أيضا: بما فيه سوء المعالجة من قبل المسؤولين وأصحاب القرار في المؤسسات والوزارات والمستشارية والجهاز خاصة في التعامل مع القضايا الأمنية، وسوء إستخدامهما للسلطة تهوينا أوتهويــلا. والذي يستدعي مواقف جادة من قبل الأجهزة الرقابية وخاصة مجلس النواب العراقي للتحقق وإستجواب أصحاب الشأن في هذا المجال, إن لم يكن بخصوص القصور الواضح جدا والذي تتحمله الأطراف التي زجت بهذه العناصر الى الواجهة, فلا بد من المساءلة بخصوص التقصير الذي، وإن كان أقل وضوحا، إلا إن الدلائل والقرائن التي تدل عليه هي أكثر من أن تعد وتحصى وخاصة تلك المتعلقة بالأداء السيئ للدكتور موفق الربيعي والسيد محمد عبدالله الشهواني خلال السنوات الست الماضية في مستشارية الأمن القومي وجهاز المخابرات العراقية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |