|
لولا انقطاع التيار الكهربائي.. إبراهيم زيدان نادرا مانجد ضابطا في الجيش أو في الشرطة يتقبل الرأي الآخر ويتفاعل مع معيته لإيمانه بحرية التعبير وان كان يكفلها الدستور الجديد بحكم ميله للدكتاتورية في إصدار قراراته، وقد كشفت لنا تجربتنا خلال تأديتنا للخدمة الإلزامية الكثير من هذه العقليات التي تأثرت بالمؤسسة العسكرية إلى حد مسخ شخصيتها فصارت تطيع الأعلى منها رتبة عسكرية طاعة عمياء من دون أي نقاش أو رأي سديد يخدم الهدف، وهذا النوع من الشخصيات تتصف بالوصولية وحبها ل (القيل والقال) والنفاق لتداري نقصا في شخصيتها أو لعجز في إمكانياتها فتلجأ إلى هذا السلوك الشائن وان تضررت أطراف أخرى بسبب ماينقله المنافق وفقا لتصوراته المريضة وعند ذاك تبنى تصورات الضابط هذا على ماينقل إليه لاما على يراه، وقديما قال الإمام علي عليه السلام (مابين الحق والباطل أربعة أصابع) بمعنى توخي الدقة، فليس كل ماقيل حقيقة، وقد حذر الله تعالى من ذلك بقوله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم (ياايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين) صدق الله العظيم . ومع ذلك يظل الكثير من أصحاب هذه العقليات المريضة في غيهم سادرين، وبعضهم لايصحو من سكرة المنصب الوظيفي إلا بزواله، وعند ذاك لاينفع ندم، وبعد انهيار النظام السابق انخرط الكثير من هؤلاء الضباط بما فيهم ذوو الاختصاصات العلمية والهندسية في صفوف الأحزاب السياسية والدينية للوصول إلى مواقع المسؤولية مجددا منسلخين عن ماضيهم بلباس جديد يؤمن لهم مايبتغون . ومن جبل على شيء مات عليه وان كانت ميتة جاهلية، فهؤلاء الضباط الذين اعتادوا على نمط الحياة العسكرية القائمة على تنفيذ الأوامر من دون إبداء أي رأي وان كان الرأي هذا سديدا يخدم الهدف، وقد تسلق بعض هؤلاء بدعم من أحزابهم الجديدة أو بدعم من طائفتهم أو علاقاتهم الشخصية سلم المصالح فوصلوا إلى مناصب المسؤولية من دون أن يغادروا نمط الحياة العسكرية التي عاشوها بكل سلبياتها لينقلوها مجددا إلى المؤسسة المدنية، فترى هذا الضابط القديم قد عاد إلى أسلوبه الشائن ذاته في جعل العاملين معه مخبرين سريين يراقبون بعضهم بعضا، لتذكرنا هذه الأفعال بممارسات النظام السابق التي جعل فيها المجتمع مؤسسة بوليسية يراقب فيها المواطن أخاه المواطن الآخر انطلاقا من نظرته إلى المواطنين القائمة على الشك، وبذلك تكون هذه الوزارة وتلك واعني الحكومة قد دمرت المؤسسة المدنية حينما أناطت ببعض الضباط وان كانوا مهندسين منصب المدير العام أو وكيل الوزارة حتى وربما منصب المفتش العام كما في بعض الوزارات . وقد افرز واقعنا الكثير من الممارسات السلبية التي يشجع عليها أمثال هؤلاء في إدارتهم لمؤسساتهم المدنية، وكان على الحكومة أن تتوخى الدقة في اختياراتها للمناصب الحكومية، إذ كان بالإمكان الإفادة من اختصاصات هؤلاء الضباط في مواقع تنسجم وكفاءتهم وخبرتهم، لكون المؤسسة المدنية غير العسكرية . وقد فشل الكثير من هؤلاء في إدارة مؤسساتهم فلجأوا إلى أساليب وضيعة بعيدة كل البعد عن القيم السماوية لتغطية عجزهم وفشلهم هذا، وبعضهم لجأ إلى خلق الأزمات وحارب موظفيه في أمور أضرت بالمصلحة العامة ولدينا أمثلة كثيرة، وكان بودنا أن نسلط الضوء على واحد منها لولا انقطاع التيار الكهربائي .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |