|
نفلونزا الفساد .. تدمر العراقيين
الشيخ خالد عبد الوهاب الملا رئيس جماعة علماء العراق/ فرع الجنوب لاشك أن كل باحث وناقد وكاتب في الوضع العراقي الحالي يقف دائما عند نقاط حساسةٍ ومهمةٍ يُحركه في ذلك إحساسهُ الوطني والديني الذي يدفعه كي يساهم في بناء هذا البلدِ الجريح الذي عانى ما لم يعانيه أي بلد آخر ودفع شعبه ضريبة كبيرة من الجهد والأنفس والأموال ما يجعله يحتاج إلى عشرات من السنين لبناء ما تهدم من هذه الأنفس وتلك المؤسسات والله سبحانه وتعالى يقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ومثلما ضج الناس على الأزمة الوبائية التي غزت البشرية فعرفت بفلونزا الخنازير والتي تهدد دول العالم كله فأيقظت النائم ونبهت الغافل وحركت الساكن وهذا شيء يشعرك بالارتياح حين يقف الناس جميعا للوقاية من الأمراض الخطيرة. أما في بلدنا الجريح فنحتاج إلى أن يستيقظ جميع المخلصين في العراق للوقوف بجدية وشجاعة وبسالة مبتعدين عن المجاملة ضد سرطان الفساد الذي ينهش في جسدنا وجسد العراق دون رحمة ولا هوادة وهو بحق مرض عضال لا يقل خطره عن وباء انفلونزا الخنازير ويجب أن نسلك جميع الوسائل والسبل الصحيحة للوقاية من هذا الوباء (الفساد المالي والإداري) وأن نضع له علاجا شافيا وافيا مصححين مسيرة الاقتصاد العراقي المتعثر في بلاد الرافدين ولربما المطاردات والمطارحات الإعلامية القنواتية والتي تتجدد في كل يوم من أجل القضاء على الفساد وكشف ملفاته المستورة في غرف مزوية عن أنظار الناس تدفع العراقيين إلى أن يفتحوا آذانهم لكي يسمعوا دبيب النمل ويفتحوا أعينهم للذي يسرق أموالهم وآخرها ما أعلنته بعض القنوات الفضائية من فساد كبير في وزارة التجارة العراقية وأيد ذلك ما جاء على لسان الشيخ صباح الساعدي وهو مسؤول النزاهة في البرلمان العراقي وفي المقابل قرأنا ما صرح به السيد وزير التجارة حول دفاعه عن نزاهة وزارته ورده لجميع الاتهامات التي وجهت لمسئولي الوزارة وعلل الموضوع ووضعه في خانة الصراع السياسي الدائر في البلاد ولنا ان نسأل بعد هذه المطارحات والمناطحات من سرق المصحف واحرقه!! ومع كل هذا فلا بد للعراقيين أن يقفوا بجدية عند خطورة هذا الموضوع فالفساد المالي والإداري أكبر خطر يهدد الكيان الاقتصادي والتخطيطي والإداري والتنموي لبلدنا ولأي بلد في العالم ولهذا فقد حرم الإسلام الرشوة والاختلاس والتزوير والسرقة والغرر والربا وخلافه لذلك من كان في موقع عام وظهرت عليه بوادر الثراء السريع واللامحدود فان للوالي الشرعي الحق مساءلته تحت قاعدة ( من أين لك هذا) ونحن لسنا ضد أن يتمتع الموظف في امتيازاته الخاصة فهي حقه ولكننا ضد أن يأخذ من أموال خصصت لخدمة الشعب والتقليل من معانته فكل دينار يخصص للتنمية الاقتصادية ثم ينزله الموظف في جيبه الخاص يدفعه العراقي المسكين من قلة الخدمات وتأخيرها فتتأخر التنمية والبناء ويتدمر الجانب الاقتصادي بشكل مخيف للغاية ولك كل الحق أن تسأل أيها العراقي أين الكهرباء وقد دخلنا في صيف العراق الحار نعم نسمع من وزير الكهرباء انه تعهد أن يعطي المواطن اثنا عشر ساعة لكل يوم تصريح جميل ولكن كم يصل منها للموطن في الميدان العملي إذن صارحوا شعبكم وقولوا له الحقيقة لأنه هو الذي أوصلكم بصوته إلى كرسي الوزارة الذي سوف لن يدوم لأحد من البشر ولو دام لغيرك ما وصل إليك والفساد المالي معناه استخدام السلطة أو النفوذ لتحقيق المكاسب الشخصية. ولهذا فالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أرسل عامل الزكاة أي الذي يجمع أموال الزكاة من الأغنياء ورجع وقال هذا لكم!! وهذا اهدي لي!! فقال له الرسول( صلى الله عليه وعلى اله وسلم) هل قعدت في دار أمك لتنتظر هل يهدى إليك؟؟ نعم هناك مسألة مهمة جدا فالأصل في الإنسان البراءة ولا يجوز لأحد أن يشهر بإنسان دون التثبت من حاله إلا عبر قضاء نزيه وإذا أصدر القضاء كلمته عندئذ يجوز أن يدور الخبر بين الناس، أما التشهير والفضيحة فليس من خلق المسلم والتشهير ليس من المروءة الإسلامية والأخلاق النبوية وعلينا أن نفرق بين النقد البناء وبين التشهير بالناس ولكن في مقابل هذا على البرلمان العراقي أن يفعل دوره في تحريك وتشريع القوانين الرادعة والتي تحد من الفساد المالي المستشري في البلاد باعتبار أن من أمن العقوبة أساء الأدب فذلك أمر مشروع في مكافحة الفساد بل يجب أن تتحرك هذه القوانين في أروقة القضاء العادل لتتمكن من وضع العقوبة المناسبة لسراق المال العام أما طريق التشهير فهذا طريق مسدود ومظلم وخلق يجب أن لا نشيعه في مجتمعنا العراقي علما أن الفساد المالي يؤثر بشكل كبير على الشريحة الفقيرة صاحبة الدخل المحدود وبتالي يزداد عندنا معدل الفقر وهذا ما نشاهده من كثير من العوائل العراقية التي أصبحت تعيش تحت خط الفقر وهي بنسبة أربعين بالمائة فالفساد المالي يحول بينهم وبين مستحقاتهم وتحقيق الخدمات المرجوة لهم كما انه ينتهك مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وذلك بتقليله من فرص المساواة في الحقوق والواجبات فيجب محاسبة المقصرين ضمن الضوابط القانونية المعمول بها وفق الدستور العراقي الجديد على مستوى اتخاذ القرارات الصارمة والشجاعة ضد المتلاعبين في المال العام وان تنفذ هذه القرارات وتتابع من قبل المتخصصين في الجانب القضائي وإذن فإذا عملنا هذا سوف نقف عند نظرية الوقاية من الفساد المالي والإداري ومحاسبة المتجاوزين على أموال الشعب ومعاقبة الذين تثبت إدانتهم ثم عرضهم أمام الشعب العراقي ليكونوا عبرة لغيرهم وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |