|
كلنا أميون! د. حامد العطية كلنا أميون، أنا وأنتم أيها القراء الأعزاء أميون، لا تتعجبوا ولا تستغربوا ولا تستنكروا، نعم نحن أميون، ثلثنا على الأقل لا يعرف القراءة والكتابة، اليوم وفي زمن الفضاء والعولمة وثورة المعلومات والاتصالات هنالك ما يقارب نصف مليار مسلم أمي، أي أن من بين كل ثلاثة مسلمين يوجد أمي واحد، ولو طبقنا الحديث النبوي الذي يشبه المسلمين بـالجسد الواحد على هذا الواقع الأليم لتوصلنا إلى نتيجة بأن ثلث كل واحد منا أمي، لذا يصح القول كلنا أميون.
لماذا لا نقرأ؟ اقرأ أول كلمة نزل بها الوحي على الرسول الأكرم، وتكرر الأمر الرباني بالقراءة في نفس السورة: (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم) وفيها وصف الله نفسه بالأكرم لأنه علم الإنسان القراءة والكتابة، فما أكرم ربنا وما أعظمها من نعمة. وفي سورة أخرى كرم الله الكتابة والقلم فأقسم بهما: (ن والقلم وما يسطرون)، فما أسمى هذا التكريم. وبين الرسول الأعظم لنا الأهمية البالغة للقراءة والكتابة عندما استن فدية غير المال لأسرى بدر من مشركي قريش، على الرغم من حاجة المسلمين الشديدة للمال آنذاك، فأجاز أن يفتدي كل أسير نفسه بتعليم عشرة من أولاد الأنصار القراءة والكتابة، أي أن حياة وحرية الأسير تساوي إنقاذ عشرة من الأمية، فما أثمن القراءة والكتابة التي تعادل في قيمتها الحياة والحرية، ومن أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً. طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، هكذا قال الرسول الكريم، ولنتذكر هنا بأن الصلاة توصف بالفريضة أيضاً، ولا سبيل للعلم غير القراءة والكتابة، فهل تعلم جميع المسلمين القراءة والكتابة ليستفيدوا من هذه النعمة وامتثالاً للأمر الرباني وتعاليم رسول الإنسانية جمعاء؟
من المسئول؟ من المسئول عن محو أمية نصف مليار مسلم؟ سيرد البعض بأنها الحكومات، فهي تمتلك الأموال والموارد، ولكن ماذا عن دور الفرد المسلم؟ هل تنتفي مسئوليته بمجرد تعلمه هو ومن يعيله القراءة والكتابة؟ الجواب نجده في(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وفي هذا الموضوع بالذات، أي تعلم القراءة والكتابة، بينت لنا السيرة النبوية بأننا جميعاً، الأميين والمتعلمين، مشتركون في المسئولية، فيروى بأن الرسول الأعظم لدى سماعه بأن قوماً قد تعلموا وتركوا جيرانهم في جهل قال: ( ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم، ولا يفقهونهم، وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون، والله ليعلمن قوم جيرانهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم أو لأعاجلنهم بالعقوبة) والواضح من هذا الحديث الشريف بأن من الواجب على العارفين بالقراءة والكتابة تعليم أخوانهم المسلمين الأميين، كما أن على الأميين طلب هذه المعرفة وبذل الجهد في تحصيلها واكتسابها. نحن مسئولون ليس فقط عن أمية نصف مليار مسلم بل أيضاً عن كل السلبيات الناتجة عنها والمقترنة بها من فقر ومرض وجهل وخرافات وتقنيات عمل بدائية، ومن المعروف بأن المجتمع الذي تكون نسبة الأمية فيه مرتفعة يكون غالباً أشد فقراً وأقل تطوراً وابطأ نمواً. لا أحد يستطيع أن ينكر بأن الأمية في المجتمات الإسلامية مشكلة كبرى وبأننا لم نفعل ما فيه الكفاية لحلها، فهل سننتظر نصف قرن أو يزيد لكي تختفي هذه المشكلة؟ كما أننا مسئولون بصورة جماعية عن مشكلة الأمية فكذلك نحن مطالبون بالمشاركة في حلها.
ماذا تنتظرون؟ لن نؤجل فقد تلكأنا طويلاً، ولن ننتظرغيرنا ليقوم بالعمل، ولسنا بحاجة لمعونة المؤسسات التعليمية الحكومية أو مساعدة الحكومات الأجنبية أو إسناد المنظمات الدولية لكي نعلم الأميين من بيننا، كما لا يتطلب ذلك تأسيس جمعيات أو بناء مدارس أو جمع تبرعات أو غير ذلك. وليس ضرورياً أن نكتسب مهارات وأساليب التعليم الحديثة، فهل تردد أحد منا في تعليم أولاده الصغار القراءة والكتابة قبل دخولهم المدارس، فإذا كنا نرى في أنفسنا القدرة على تعليم الصغار فإننا قادرون على تدريس الكبار أيضاً. لا تنتظر أحداً ليقول لك ماذا تفعل، كن أنت أيها المسلم المتعلم رائد هذا المشروع، خذ زمام المبادرة بيدك، عاهد نفسك على بذل كل جهد مستطاع في سبيل تنفيذه، وعلى الأغلب ستجد آخرين لا يقلون عنك حماساً واستعداداً للعمل على تحقيق هذا الهدف فلتكون معهم فريقاً، تتوزعون بينكم العمل والمسئوليات، يؤزر بعضكم بعضاً، وإن لم تجد أحداً فلا تدع الإحباط واليأس يتسرب لنفسك بل امضي قدماً في تنفيذ المشروع لوحدك وبالتوكل على الله، والنجاح مضمون متى ما توفرت الإرادة والاستعداد لبذل الجهد، وكلنا نمتلك رصيداً كبيراً من ذلك بفضل الله.
ما العمل؟ المطلوب بإختصار هو جمع عدد من الأميين ليحضروا دروساً في محو الأمية أسبوعياً وبصورة منتظمة ولمدة أشهر معدودات ليكتسبوا بنهايتها مباديء القراءة والكتابة والحساب، ولا توجد طريقة واحدة مثلى لتحقيق ذلك، كما يتبين من تجارب الدول المختلفة، ولكن المطلوب بالتأكيد حماس المعلم للمهمة وكذلك إقبال المتعلمين على التعلم وأداء ما هو مطلوب منهم وتهيئة بعض المستلزمات الأساسية. ليكن القرار والتخطيط والتنفيذ بيدك- أو بأيدي الفريق الذي شكلته، ولكي تصل إلى النتيجة المطلوبة اقترح عليك اتباع الخطوات التالية: 1. استكشف عدد الأميين في القرية أو الحي الذي تعيش فيه، إبدأ بأفراد عائلتك، فهم الأولى بالمعروف، ثم جيرانك ، وقد لا تتطلب هذه الخطوة سوى الاستفسار من أفراد عائلتك وأصدقائك ومعارفك، وهكذا ستتعرف على عدد الأميين وتوزعهم جغرافياً. 2. اتصل بعدد من اخوانك الأميين المستهدفين وبين لهم بأن تعلم القراءة والكتابة واجب على كل مسلم ومسلمة، واشرح لهم ما تريد انجازه وتأكد من استعدادهم لحضور الدروس واستفسر منهم عن الأوقات المناسبة لهم. 2. هل يحتاج العمل لموافقة من مكتب حكومي محلي؟ إن كان ذلك مطلوباً فقدم طلباً ولا أظن بأن أحداً سيجرأ على رفض طلبك. 3. اختر مكان الدروس، وهنالك عدد من البدائل المناسبة: في المدرسة الحكومية أو قاعة إجتماعات أو غرفة مستأجرة، أو حتى في غرفة في منزلك ليكون ثوابك أعظم. 4. احصل على الكتب والقرطاسية اللازمة، ولتبدأ بحتك عن الكتب المطلوبة لدى الإدارة التربوية المحلية. 5. حدد جدول الدروس ووزعه على المجموعة. والآن أنت مستعد لبدأ العمل .
ماذا تقترحون؟ هذا تصور أولي لكيفية تنفيذ مشروع محو أمية المسلمين، ومن المؤكد بأن لدى البعض مقترحات أو تساؤلات يريدون طرحها للنقاش، لذا أدعو المؤيدين لهذا المشروع والمستعدين للمشاركة في تنفيذه للتفضل بتزويدي بأفكارهم ومقترحاتهم ليتسنى تلخيصها ومن ثم طرحها للمناقشة على الجميع والاستفادة منها، وعلى البريد الإلكتروني التالي: كما أرجو منكم إيصال هذه المقالة إلى اصدقائكم ومعارفكم ونشرها على صفحات الإنترنت وفي المنتديات لكي يطلع عليها أكبر عدد من القراء على أمل تحقق الفائدة المرجوة منها إن شاء الله.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |