خريجون وضياع المستقبل


ابراهيم زيدان/ صحفي وكاتب عراقي

ebdajiz@yahoo.com

اعتادت جامعاتنا ان تخرج الآلاف سنويا في اختصاصات اضطر بعض الطلبة والطالبات مكرهين للدراسة فيها بسبب نظام القبول الذي يعتمد معدل الطالب (هذا في الظروف الطبيعية)، وكثيرا مايكون ظرف الطالب او الطالبة صعبا مما يكون سببا في ادخاله فرعا لايرغب فيه، ومن هنا تكون الحصيلة تخريج الآلاف بوصفهم ارقاما لاكونهم مبدعين، لان الجامعة العراقية لاتزال تسير على وفق النظام المتخلف في القبول والذي ماعاد اليوم يواكب روح العصر، بينما غادرت الكثير من الدول هذا الاسلوب واتجهت لرعاية واحتضان الموهوبين ليكونوا بعد تخرجهم نافعين وبناة حقيقيين، واليوم يواجه الخريجون مشكلتين اساسيتين تتمثلان الاولى في شرط الخدمة (سنتان) لدى دوائر الدولة للاستمرار في دراستهم العليا، والكل يعلم بقرار ترشيد الانفاق الذي اوقف التعيينات (التعيينات مفتوحة لاصحاب النفوذ ودافعي الرشوة فقط)، وقد وصل توقيع احد السادة الوزراء في بورصة التعيينات لدى الوسطاء المتنفذين الذين يستغلون قربهم من الوزير هذا وغيره الى عشرين ورقة نعم (عشرون ورقة) وقد اقسم ذلك المواطن اغلظ الايمان وهو يخبرني بانهم طلبوا منه هذا المبلغ للحصول على وظيفة في تلك الوزارة،والورقة كما تعلمون تساوي ( 100 ) دولار عدا ونقدا، وكثيرون ممن صادفتهم دفعوا هذا المبلغ او اقل منه لضمان فرصة التعيين، مع يقيني بأن هذا الوزير لايعلم بما يجري وهو يوقع احيانا على قائمة وليس على طلب تعيين مواطن واحد، وهذا يعني ان القضية دسمة جدا .

ولاتزال الارصفة تعج بالكثير من الخريجين الذين ضاقت بهم السبل فاضطروا الى البيع على الرصيف، وقضية ايقاف التعيينات التي لجأت اليها الحكومة بسبب انخفاض سعر بيع النفط في الاسواق العالمية هي واحدة من المشاكل التي تواجه الملف الامني، اذ ان الآلاف لايزالون عاطلين عن العمل، وبذلك تزداد نسبة البطالة بسبب هذه الاجراءات من دون اي صوت يعترض على الاتجاه الخاطىء الذي سارت فيه الحكومة، وقد اعطت الفرصة لهؤلاء المستغلين القريبين من السادة الوزراء بصفتهم وسطاء في التعيينات الى رفع السعر في البورصة بحجة عدم وجود تعيينات بأمر من الحكومة وهنيالك يامن تحصل على وظيفة ولو بعشرين ورقة.

ويحضرني بهذه المناسبةالحديث الذي دار بين رئيس المصري محمد حسني مبارك ووزير التخطيط في الحكومة المصرية الذي نقل الى مبارك مشكلة الوزارة في تعيين الآلاف من الخريجين الذي لاتحتاجهم الوزارات، فجاءه جواب الرئيس بالموافقة على تعيينهم على الرغم من عدم الحاجة اليهم لكي لايكونوا صيدا سهلا لعصابات الجريمة او للجماعات الارهابية المتطرفة فيتهدد الامن المصري، ومصر كما تعلمون تعيش على المعونة الامريكية ومواردها من السياحة، اما العراق ففضلا عن النفط الذي صار نقمة على العراقيين فلديه موارد كثيرة اهمها السياحة الدينية ومع ذلك ترمي الحكومة لدينا الخريجين وبقية ابناء الشعب العراقي على الارصفة من دون ان تنتبه الى خطورة هذا التوجه في ظرف نحن فيه احوج مانكون الى ترصين الجبهة الداخلية التي تتعرض الى هزات امنية بين حين وآخر .

ولكن قبل هذا على الحكومة ان تقضي على الفساد حقا، واي فساد نعنيه ؟ انه الفساد السياسي الذي يشترك فيه الجميع!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com