متى تُكره الحياة؟

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

هذا سؤال ربما لايخطر على بال الكثيرين ممن يرحبون بالعيش في الحياة على اي حال وبأي طريقة!.

وربما كان هو سؤال مَن يفكر في الحياة بصورة تحاول فهم معنى لهذه الحياة!.

وليس ببعيد انه ايضا سؤال من يحاول ان يجد المبرر العقلي والوجداني والنفسي والروحي تجاه هذه الحياة ليتخذ قراره الاخير بشأن الحياة وما اذا كانت تُحب او تكره ؟!.

(( متى تُكره الحياة ؟.)) جانب من صفحة وجه المعنى النائم على وسادة ارواحنا الخالية، أمّا (( متى تُحب الحياة ؟.)) فهو الجانب الاخر من ذالك الوجه الذي ينام بعين مفتوحة!!.

تُكره الحياة اذا اصبحت عديمة القيمة والمعنى والفكرة بالتمام لأي انسان منّا فقد لذّة الشعور بأي احساس جميل تجاه هذه الحياة!.

وتُكره الحياة اذا تحوّلت الى معنى حقير جدّاً وفاقدة تماما لاي رائحة يتنفس فيها الانسان الهواء النقي!.

وتُكره الحياة كذالك اذا تحولت الى مجرد سوط جلاّد قاسي جداً مهنته المفضلة تعذيب الاخرين والاستمتاع بآلامهم وصرخات تأوهاتهم العالية من الألم ؟!.

نعم تُكره الحياة عندما يُكرم فيها الدنيئ ويهان فيها الكريم، وعندما يتقدم فيها السيئ ويبعد عنها الحسن، وعندما يسود الظلم ويغيّب العدل وتجرّم مداولته!.

وتُكره الحياة عندما يُفتقد منها الاطمئنان على الغدِ في مأكله وملبسه ومسكنه، وتُشاع فيها روح القلق والتآكل وانقطاع الاسباب!.

تُكره الحياة عندما يسأل اي انسان فيها عن وجوده فلايدرك جوابا ثقافيا وفكريا يهبه ريشة فنانٍ ليرسم لها وجها جميلا ينظر فيه كل يوم كمرآة يعيد عليها اناقته كل صباح!.

تُكره الحياة عندما يسمع ايّاً منّا خطيبا يكيل الشتائم واللعنات على الحياة في كل لحظة، ويدعوا الى عدم الاغترار بها وما تعطيه وماتأخذ، بينما هو الوحيد الذي يتمتع بخيراتها ليعظ الفارغين منها على الحقيقة!.

تُكره الحياة عندما يدّعي ابناء الخطيئة والصدفة انهم وحدهم المدافعين عنها والمزّوقين لوجهها وحواجبها وشفتيها لتبدوا لهم جميلة، بينما تبدو لابناء المطر والرزق على الله وعمّالة اليومية انها مجرد عجوز امتصّت جمالها سنون التفكير، وانهكت قواها ايام الكدّ والتعب، وذهبت بشحوم عينيها لطمات الحزن والقهر والبكاء وانين آخر الليل على فراش الذكريات بفقد الاب والزوج والولد!.

تُكره الحياة اذا وصلت الى مرحلة استحالة ان ينال الانسان منها شيئا على الاطلاق!.

عندها لابد ان تُكره الحياة!.

لكنّ (( متى تُحبّ هذه الحياة المكروهة ؟.!)).

تحبّ الحياة اذا مشت على قانون :(( وابتغ فيما أتاك الله الدار الاخرة ولاتنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولاتبغ الفساد في الارض إنّ الله لايحبُ المفسدين )).

وتُحبّ الحياة اذا كان لها معنى واضح وبداية غير معقدة ونهاية ترضي الجميع!.

وتحبّ الحياة اذا أمنّت لي المأكل والمسكن والملبس والاطمئنان والحياة الكريمة والاحترام!.

وتُحبّ الحياة اذا ساد فيها العظماء الكرماء والشرفاء النبلاء، واختفى من واجهتها الؤماء الانذال الحُمقاء التافهين المنحطين المنفيين!.

نعم تُحبّ الحياة اذا كانت الناس فيها سواسية كأسنان المشط أمام القانون، ورفعت على اعلامها رايات العدل، وسُمعت من مآذنها تواشيح المحبة، وقيلت من على منابرها خطط توزيع الثروة على المحتاجين، وكتبت صحفها اخبار العظماء كقدوة بدلا من الفنانين المستهترين!.

إن الحياة حتما سوف تُحبّ اذا توفرت فيها زوجة صالحة ورزق كريم وابناء مشاكسين وجار ينتخي للمحبة والاصول، ومجتمع يغض الطرف عن الدنيّة ويذكر العالية السنية، وحكومة تحكم بالسويّة، وعامل نظافة يخرج كل يوم لعمله لالكي يلعن الحياة عندما يمرّ بدكان تاجر الذهب، بل ليشكر الله انه سوف يدخل الجنّة قبل الاخرين لانه اتقن عمله وجعل الحياة أجمل وأنظف!!.

هكذا تكون اجوبة :متى تُحبّ الحياة ومتى تُكره ؟.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com