|
الدم الشيعي يستباح في العراق .. ولا مستنكر .. !!! ( 2 ) صباح سعيد الزبيدي لقد أستغرق عقلاء الامة العربية والاسلامية ووجهائها في نومهم فلم يسمعوا صرخات الأستغاثة وما يتعرض له الشيعة في العراق من اضطهاد طائفي على مدى قرون طويلة، بل جرت امام بعضهم استباحة الدم الشيعي في العراق فصلا فصلا، وشاهدوا وقائع المذابح البشعة لشيعة اهل آل البيت في العراق، بنظرات ساكنة، وأعصاب باردة، وكان دورهم مقتصرا على المتابعة والمشاهدة باستثناء بعض التعليقات والإنفعالات الشخصية المحدودة التي ابداها بعضهم همسا وهويتابع ويشاهد هذه المذابح . ان استهداف الشيعة في العراق ماهوالا محاولة تستهدف فك عضد المسلمين وتفريق كلمتهم وتشتيت تطلعاتهم الإيمانية الصحيحة لان الشيعة منذ البداية حتى وقتنا الحاضر اعتمدوا على إحياء أمر الدين الإسلامي الحنيف وامتازوا بإعطاء المثل الطيب في التعامل الشفاف مع محيطهم الاجتماعي رغم مظلوميتهم. وعلى أيّ حال فقد انتشر التشيّع في العراق واتّسع بمجيء أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام إلى الكوفة واتّخاذه إيّاها عاصمة لحكمه. وقد تنعّم أهل العراق في ظلّ حكم أمير المؤمنين عليه السّلام ما يقرب من خمس سنوات، وكان خلال ذلك يخطب فيهم ويعظهم، فأثمر ذلك في انتشار الأفكار الإسلاميّة الأصيلة على أيدي أتباع أمير المؤمنين عليه السّلام وشيعته.. وذكّر هشام بن عبدالملك واليَه على العراق ( أي الحجّاج ) في رسالةٍ بعثها إليه، بحقيقة أنّ أهل الكوفة يدينون بالولاء لأهل البيت، ويدينون لهم بالطاعة . وتُشير الاحصائيات إلى أنّ أكثريّة العرب العراقيّين هم من الشيعة، خلافاً لما يُشاع من أنّ شيعة وهكذا نرى ارتباط الاسلام الشيعي منذ بدايته ارتباطا وثيقا بالعراق لأن العديد من الأحداث المكوّنه للتاريخ الشيعي وقعت هناك . ففي العام 661م , اغتيل علي بن ابي طالب , الخليفه الرابع والامام الشيعي الاول، في أحد مساجد الكوفه، وقتل الحسين بن علي، الذي طالب بالخلافه، مع صحبه في معركه وقعت في كربلاء عام 680 م . وأمضى العديد من الأئمه الشيعه الاثني عشر، شطرا، على الاقل، من حياتهم في العراق . وفي العراق توجد مدن العتبات الشيعيه الأربع، الأكثر قدسيه، وهي النجف وكربلاء والكاظمين وسامراء، ومنذ المراحل المبكره للتاريخ الأسلامي، كان الكثير من النشاط الأكاديمي الشيعي يمارس في مراكز العراق مثل الكوفه والحله وبغداد والنجف وكربلاء . وأخيرا كان العراق فيما مضى ارضا حكمتها سلالات شيعيه، أبرزها البويهيون ( 945 – 1055 ) . ( 2 ). لذلك فان التشيع في العراق تم على يد علي عليه السلام، ثم تعاهدها من بعده الحسن والحسين والائمة التسعة من ذرية الحسين عليهم السلام. والعراقيون دفعوا الثمن غاليا بسبب وفائهم لعلي عليه السلام .. فحين تم الصلح بين الحسن عليه السلام ومعاوية وتحقق الأمان والحرية الفكرية عشر سنوات، انطلق العراقيون يحملون رسالتهم لأهل الشام يعرِّفونهم بسيرة علي عليه السلام، وبأحاديث النبي صلى الله عليه وآله فيه وفي أهل بيته، وقد كانوا محجوبين عن هذه السيرة أيام الحرب، وأيام الخلافة القرشية . ثم تحول بلاط معاوية نفسه في هذه السنوات إلى منبر تذكر فيه سيرة علي وخصائصه. وكان مما نقله العراقيون لأهل الشام من سيرة علي عليه السلام ما ذكره ضرار بن ضمرة، حين طلب منه معاوية ان يصف له علياً عليه السلام، وكان وصافاً بليغاً . روى أبوعمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب قال : قال معاوية لضرار الضبابي: يا ضرار صف لي عليا، قال: اعفني يا أمير المؤمنين، قال: لتصفنه، قال: أما إذ لابد من وصفه: كان واللهِ بعيدَ المدى، شديدَ القِوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلا، يتفجَّرُ العلمُ من جوانِبِه، وتنطِقُ الحِكمَةُ من نواحيه، يستوحشُ من الدنيا وزَهرتها، ويأنسُ بالليلِ ووحشتِه، وكان غزيرُ العَبرة، طويلُ الفكرة، يُعجِبُه من اللِّباس ما قَصُر، ومن الطعام ما خَشُن. كان فينا كأحِدِنا، يجيبُنا إذا سألناه، وينبئُنا إذا استفتيناه، ونحن واللهِ مع تقريبِه إيانا وقُربِه منّا لا نكاد نكلِّمه هيبةً له. يعظِّم أهلَ الدين ويُقرِّب المساكين . لا يطمع القَويُّ في باطله، ولا ييئَسُ الضعيفُ من عدله، وأشهدُ لقد رأيتُه في بعض مواقفه، وقد أرخى الليلُ سدولَه، وغارت نجومَه، قابضاً على لحيته، يتململُ تململَ السَّليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غُرِّي غيري، أبي تَعرضَّتِ أمْ إليَّ تَشوَّفتِ. هيهات هيهات قد باينتُك ثلاثاً لا رجعة لي فيها، فعُمرك قصير وخطرك حقير. آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا حسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال: حزن من ذُبح ولدها في حجرها . أدرك أهل الشام من خلال ذلك أن معاوية كان ظالما لعلي عليه السلام في حربه إياه وتشويه سيرته . ولم تطب نفس معاوية بذلك، ولا بانتشار أخبار سيرة علي عليه السلام المشرقة، فخطط لتطويق ذلك وتطويق النهضة الفكرية التي أوجدها وقام بها علي عليه السلام، بل خطط للقضاء عليها، ومعنى ذلك هوالتخطيط تصفية التشيع في العراق مهما تطلب ذلك من ثمن . محنة العراقيين على عهد معاوية بعد وفاة الحسن عليه السلام: غدر معاوية بالحسن عليه السلام، فدس له السم بعد عشر سنوات، ونقض كل شروطه، وأعلن عن سياسته الجديدة التي تقوم على عدم ذكر علي عليه السلام بخير، والأمر بلعنه والبراءة منه بصفته ملحداً في الدين وتتبع شيعته وسجنِهم وقتلِهم وتهجيرِهم ونفيِهم . وقد روي عن الامام الباقر عليه السلام يصف محنة الشيعة بعد وفاة الحسن عليه السلام قال : (فقتلت شيعتنا بكل بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظِّنة، وكان من يُذكر بحبنا والانقطاع إلينا سُجن ونُهب ماله وهُدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه السلام). ( 3 ) . من هنا فإن ما يمارس بإسم الإسلام، وتحت عناوين الإغتيال والإرهاب والعمليات الإنتحارية مع مقدماته وبأشكاله المختلفة والذي يؤدي إلى قتل وجرح الأبرياء من أي فرقة من المسلمين - ومنهم الشخص الإنتحاري نفسه - حرام ولا إرتباط له بالإسلام. إن العملية الإنتحارية إضافة إلى كونها تؤدي إلى قتل الأبرياء، تعتبر نوعاً من تهلكة النفس، والتي نهى القرآن عنها بصراحة، والعقل أيضاً يدرك قبحها، والهدف الرئيسي من ممارسة هذه الأعمال هوتشويه سمعة الإسلام . فماذا يعني ذهاب بعض الشباب من الدول العربية والاسلامية الى العراق وتفجير سيارات مفخخة وسط منطقة مكتضة بالابرياء وتقديم هذه المفخخة مهرا لخطبة حورية في الجنة ! .. هل يعتبر جهاد ؟؟.. وهل تفجير هؤلاء البهائم انفسهم في اسواق مكتضة بالنساء والشيوخ والاطفال .. واثناء الزيارات الى العتبات المقدسة والتي أدت الى هتك حرمة العتبات المقدسة وحرمان محبي اهل البيت (ع) من أداء مراسيم الزيارات اضافة الى سقوط العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى والحاق الضرر الكبير بالكثير من المنشآت الخدمية المخصصة للزوار وممتلكات المواطنين العامة. هل تعتبر شهادة ؟؟.. اليست هذه الاعمال الجبانه هي اعمال اجرامية ... فبعض الناس الذين شوهت أفكارهم عن الدين الإسلامي قد تأثروا تأثرا كبيرا بالتصريحات التي تدعي أن الإسلام يجيز الهجمات الانتحارية، على الرغم من أنه دين سلام يحرم قتل الإنسان لنفسه وللآخرين. وقد وضح لنا الله عز وجل في القرآن الكريم أن الانتحار خطيئة وكبيرة من الكبائر : "وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" (النساء : 29). ويحذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من ارتكاب تلك المعصية قائلا : "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن شرب سما فقتل نفسه فهويتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهويتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " . ( 4). في حديث معتبر نُقل عن أبي الصباح الكناني أنه قال للإمام الصادق (عليه السلام): 'قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): إن لنا جاراً يجلس إلينا فنذكر علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) وفضله، فيقع فيه، أفتأذن لي فيه؟ فقال لي: يا أبا الصباح! أفكنت فاعلا؟ فقلت: إي والله، لئن أذنت لي فيه لأرصدنه، فإذا صار فيها اقتحمت عليه بسيفي فخبطته حتى أقتله، قال: فقال: يا أبا الصباح! هذا الفتك، وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الفتك، يا أبا الصباح! إن الإسلام قيّد الفتك' (الكافي، ج7، ص 375). مفردة 'الفتك' بمعنى الإغتيال. وبعد أن هيّأ سيدنا مسلم بن عقيل - مبعوث الإمام الحسين (عليه السلام) - مدينة الكوفة لدخول الإمام الحسين (عليه السلام)، وجاء ابن زياد إلى الكوفة بأمر من يزيد، ومن خلال البطش والإرعاب ومقررات منع التجوال، إستطاع أن يسيطر على الكوفة، كان من المقرر أن يأتي يوماً إلى دار هاني لعيادة شريك بن الأعور أحد زعماء القبائل، وشريك الذي كان من الشيعة إتفق مع مسلم أن يختفي مسلم في مكان من بيت هاني، وحينما يطلب شريك الماء يخرج مسلم ويغتال ابن زياد، وبالطبع كان يؤدي ذلك إلى أن تعود الأوضاع في الكوفة إلى صالح مسلم؛ ولكن مسلم لم يفعل شيء، وبعد أن إعترض شريك – لاحقاً - نقل سيدنا مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: 'إن الإيمان قيد الفتك، فلا يفتك مؤمن' (أعلام الورى، الفصل الرابع، ص 225)، والجدير بالذكر أن هذه الرواية قد نقلت بنفس الألفاظ في كتب السنة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم). ومنها في: مسند أحمد حنبل، ج1، ص 166، نشر دار الصادق، بيروت، وسنن أبي داوود، ج1، ص 631، نشر دار الفكر، بيروت، والمستدرك للحاكم النيسابوري، ج4، ص 352. المصادر : ( 1 ) - جغرافية التشيّع في العالم تاريخيّاً وإنسانياً – شبكة الامام الرضا عليه السلام ( 2 ) - شيعة العراق - المؤلف : اسحق نقّاش، ترجمة : عبد الاله النعيمي ( 3 ) - شيعة العراق/ التأسيس ـ التاريخ ـ المشروع السياسي/- العلامة المحقق السيد سامي البدري ( 4 ) – صحيح مسلم - من حديث أبي هريرة (رض) عن النبي (ص).
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |