|
ماذا لو سأل توني ادور شاؤول؟
نبيل يونس دمان عفواً ماذا لو سال الملاك توني قاتليه، باي ذنب قتلتموني؟ لقد وضعت ارجلي الناعمة للتو على سلّم الحياة الذي كنت ارغب في ارتقائه، لابلغ اعلى مراتب العلم والمعرفة، وانا اشرب من مياه النهرين واقتات خبزي من ارض بلادي، التي حرثها اجدادي بعرق جبينهم لتغدو حديقة غناء، اينما وجهت ناظريك ترى جبالاً شماء وسهولا خضراء. لكن الزمان غدر بهم، فاذا ورثتهم الجدد ناكري الجميل، يغرزون اظافرهم في جسدي الطري، انا حفيد الملوك حمورابي، سنحاريب، ونبوخذنصر، وقد كان العالم القديم رهن عقولهم النيرة وقبضاتهم القوية. يا قاتلي، اني لم ارتكب جناية، ولم ازعج احدا، اسالني عن امنياتي لاقول لك: كنت انوي استعادت وجه بلادي المشرق، فاجعلها قبلة الزوار والسياح من ارجاء العالم، كنت اجعل ارضها تدر اشهى الاثمار، وتكون مأوى لكل الحيوانات، وتسبح في فضائها اجمل الطيور والبلابل، ولاجعل السماء تضاعف مطرها! والقمر يسبح في مياهها، مغتسلا في ليال هادئة، امنة، تلهم المحبين، وتطلق قريحة الشعراء، لا حدود لامنياتي، لكنكم قضيتم عليها في ربيعها الخامس. يا قاتلي مهلا! فجذوري لن تنتهي ولن ينقطع نسلي، سيواصل تراب الرافدين عجن امثالي، بجمالي، بعقلي، بتطلعي، اما انتم، يا آفة الارض المخيفة، يا رجسها وادرارها، ستفقدون الى الابد طعم الحياة، سيظل شبحي يطاردكم، وستظلم الدنيا في وجوهكم. اني ذاهب لامثل امام ربي، هناك وانا ارتدي ذات الملابس التي صبغتموها بدمائي، لن اطلب منه ان يغفر لكم، لانكم ببساطة وبرودة دم سترتكبون جرائما جديدة بحق الابرياء من امثالي، لكنني ساطلب منه ان يمطركم بغضبه، فدمي عليكم وعلى اولادكم. ساطلب منه ان يعزز ويقوي جبهة الناس الطيبين، المتضرعين الى الاعالي، وحاملي اغصان الزيتون، على ايديهم تنظف ارض بلادي منكم، ويعود اليها سحرها وجمالها المعهودين، فتشع عيون الاطفال بالابتسامة وبريق الامل. وانتم يا اهلي، والدي الحنونين، ابناء شعبي، انا اغادركم رغما عني، لم ارغب ان تكون في تلك العجالة، وفي تلك الطريقة البشعة، والأمَر ان اترك في نفوسكم الالم والحسرة، ان ربي سينظر بعين العطف عليكم، ويعطيكم الصبر الجميل، ولي وصية اخيرة : لا تحزنوا كثيرا فانا لست الضحية الاولى بل انا رقم اخر في سلسلة الضحايا الذين سقطوا في الماضي القريب. عندما ارجع! وانا ارتدي ابهى الملابس والحلل، افتحو اذرعتكم لي، احضنوني فانا بحاجة الى محبتكم وحرارة قلوبكم، افرحوا وغنوا كلما آتيكم في احلامكم، انا واثق بان وطني سيرتقي في نهاية المطاف ليصبح اجمل واعدل الاوطان، عندها فقط تستريح عظامي الصغيرة في قبرها الاصغر.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |