"العمّال والخدَم" .. ورشةٌ للباحثين عن ضمير
 

جلال القصاب/كاتب بحريني/

عضو جمعية التجديد الثقافية

info@tajdeed.org

"زيدُ بن حارثة" تخطفه عصاباتُ المتاجرة بالبشر من يد والدتِه بإحدى القوافل، ويببعونه بسوق عكاظ للنخاسة بسنّ ثماني سنين، يُشتُرى ويُهدى لخديجة، فيُربّيه محمّد(ص)،... بعد سنين، يجيء أبوه المفجوعُ وعمّه يتوسّلان محمّداً(ص) لإعادة ابنهما ويفديانه بمالٍ عظيم، الحبيبُ محمّدٌ(ص) يرفض المال ويعرض عليهما بدلاً- تخيير زيدٍ نفسهِ، فيُوافقان...

فيقول محمد(ص) لزيد: إني أخيّرك بين أن تذهب مع أبيك وعمّك وبين أن تبقى معي.

فيُجيب: بل أبقى معك ما حييتُ.

فيُعنِّفه أبوه: ويحك زيد.. أتختار "العبودية" على أبيك وعمّك؟!

يُجيبه: نعم، قد رأيت مِن هذا الرجل ما لا أختار عليه أحداً، ولقد كان لي نعمَ الأب والعمّ!

عندها.. يُعتقه النبيّ(ص) ويُناديه بابنه، فيقرّ بالُ الأب والعمّ.

حرص النبي(ص) على صيانة كرامة "العبيد"/الخدَم، فيُوصي: (هم إخوانُكم، فمَن كان تحت يدِه فليُطعمه ممّا يأكل، وليُلبسه مما يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإنْ كلّفتموهم فأعينوهم)، وأمَر بإحسان "تأديبهم" و"تعليمهم"، ثمّ كرّس ثقافة تصحيح المفاهيم: "لا يقلْ أحدُكم عبدي ولا أمَتي، ولكن ليقلْ فتاي وفتاتي"، ثم طوّرَها ليُنادَى واحدُهم: "أمة الله" و"عبدالله"، وسهّل إجراءات عتقهم، ومعونتهم ماليّا، ليُصبح توصيفهم أخيراً: "المولى"، "الأجير" و"الخادم". فما هو إسقاطُ وانعكاسُ هذه القيَم على عصرنا؟!

يحتفي العالم بشهرنا (مايو) بعيد "العمّال"، تذكيرًا بحقّ العمّال في الاحترام الإنساني والعدالة، بما يعنيه من تحسين أوضاعهم وأجورهم، وبكلّ ما يستلزمه من جهاد، سواء بنصب آليّاتٍ و"تشريعاتٍ" وتشكيل نقابات، أو بتغيير" ثقافات" تُحسّن "الضمير" الإنساني.. وبالأخصّ ضمير "السادة" أرباب وربّات العمل.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com