مشكلة المياه في العراق عدم مطالبة المجلس و الحكومة بالحقوق

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

قال تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيئ حي)

وقال سبحانه: ( أفرءيتم الماء الذي تشربون، ءأنتم أنزلتموه من المُزن أم نحن المُنزلون)

وقال عزّ من قائل: ( هو الذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون)

وقال جلت قدرته: (والارض بعد ذالك دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها)

****************

عندما نقول (ماء) يعني نقول الحياة، حياة الانسان، وحياة الحيوان، وحياة النبات، وحياة الارض، وحياة الحضارة، وحياة الاقتصاد، وحياة الاجتماع، وحياة العلم، ..... اي نقول وجعلنا من الماء كل شيئ حيّ بصيغة اخرى، وإن قلنا لا (ماء ) يعني نقول موت بصريح العبارة والاشارة، ومشكلة المياه اليوم في العراق مشكلة سياسية مفتعلة من قبل دول الجوار العراقي، ومع الاسف بالاساس الجارتين الاسلاميتين تركيا التي تقودها الاحزاب الاسلامية صاحبت مشروع الامة الواحدة، وكذا جمهورية إيران الاسلامية صاحبت شعار نصرة المظلومين والمستضعفين في العالم، ومع ذالك تركيا تقطع الماء عن امتها في العراق، وإيران تقطع انهار الله الجارية منذ فجر الخليقة بين العراق وايران لتعطي للمستظعفين في الارض الدرس الصادق عن شعاراتها في نصرة المظلومين من جهة واعطاشهم لحد الموت في كربلاء من جهة اخرى !!.

بلد مابين النهرين ببساطة اخي المواطن العراقي قررت كل من تركيا وايران ان تلحقه بحياة التصحّر اولا، ثم بالابادة ثانيا من على وجه الحياة البشرية ليغادر فيما بعد الشعب العراقي او يلتحق باي بقعة من الارض شاء ليستذكر في المستقبل عراق مابين النهرين الذي كان في يوم من الايام موطنه الا انه اليوم صحراء جرداء تأكله الرمال لاغير !!!.

المشكلة ان العراق بالنسبة للعراقيين اكثر من أور وبابل ومملكة أشور وبقايا الاديرة في كربلاء والنجف !.

واكثر من شجرة ابليس التي هبط عليها من السماء في القرنة، او سفينة نوح التي رست في رحبة الكوفة، او قبر ادم ضجيع أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع في الغريّ !!!.

بل العراق هو الدين والاسلام هو الروح والتاريخ، هو المبدأ وهو المنتهى ....بالنسبة للانسان العراقي اليوم، ومن الصعب في هذه الحالة ان يفكر الانسان العراقي بترك العراق حتى وان جفّ من الماء باعتبار انه تركٌ للدين والاسلام والحياة والمبدأ والنهاية، وعلى هذا انا من الموقنين ان ارض العراق ستصبح اذا بقي الحال في مياهه على ماهي عليه من حصار مقبرة جماعية عظمى للشعب العراقي الذي يفضل الموت على ترك العراق !!.

الحقيقة ان هناك ثلاث محاور لمشكلة المياه في العراق :

الاول: هو الحكومة العراقية، ومجلس النواب .

فهذه الحكومة العراقية لهذه اللحظة لاتشعر ان سكوتها عن المطالبة بحقوق المياه العراقية المتشاطئة مع دول الجوار وبصوت عالٍ رسميا واعلاميا ودبلماسيا متحركا وظاهرا للعيان العالمي قد تسبب في دفع اعتقاد لدول الجوار والعالم ان ليس هناك مشكلة اصلا في العراق اليوم بالنسبة للمياه، وكذا يقال نفس الشيئ لاعضاء مجلس النواب العراقي الذي اقامهم الشعب على مصالحه فعاشوا في واد الصراعات الحزبية وتركوا مصالح الشعب العراقي وقوت يومه وماءه في واد آخر، ومادام ليس هناك مشكلة بالنسبة للعراقيين حسب ماتعتقده دول الجوار العراقي والعالم فلماذا هذا التبذير بالمياه الصالحة للشرب وللزراعة وللحياة التي تذهب اولا واخيرا للبحار المالحة بسبب عدم تحرك العراقيين لبناء سدود في جنوب العراق بالخصوص والبصرة بالتحديد تحفظ لهم مياههم العذبة والصالحة للحياة، وعليه فلم تقم بجريمة دول الجوار العراقي عندما منعت من تبذير المياه وارساله بكميات كبيرة الى بلد لايشعر بالمسؤولية امام قيمة هذه المياه ليرسلها هو بدوره للبحر يشربه بلا وخز ضمير من اعدامه مع المياه المالحة !!.

كما ان دول الجوار هذه (تركيا وايران وكذا سوريا) ايضا لاتسمع حسّا لحكومة ودولة العراق الممثل الشرعي للشعب العراقي حاليا يصرخ عاليا (عطش شعبنا) لتشعر هذه الدول ان هناك مشكلة حقيقية يجب الالتفات لها ومساعدة العراقيين على بقائهم احياء في ارض الرافدين، فهم على هذا المبنى لم يعتدوا على العراق وشعبه مادام العراق لايطالب بلسانه، ولايعترض ولايقدم شكوى للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ...، وباقي الدوائر الرسمية الاقليمية والعالمية، وعليه اذا لم تكن هناك شكوى علنية فلماذا يطالب الاخرون باستشعار الام العراقيين الذين هم انفسهم لايشعرون بها !.

الثاني : وهو محور الدولة التركية وتبعا لها سوريا الشقيقة التي تحاول ابتزاز العراق اقتصاديا من خلال التهديد له بابقاء شعبه حيّ ولكن مع شرب مياه اسنة ومتعفنة وغير صالحة للاستهلاك الادمي من جانب، او اقامت معادلة النفط العراقي مقابل الماء التركي من جانب اخر، وبهذا يكون لتركيا سيطرة كاملة على روح العراق الجديد، بل ولا نستبعد ان تركيا قد اعلنت الحرب على العراق مبكرا من خلال قطع المياه عنه ولكن بصورة الحرب الناعمة التي يكون فتكها انسيابيا كأنسياب مياه الانهر العراقية دجلة والفرات التي لايسمع لها صوتا ابدا !.

والحقيقة ان مازاد في وحشية الاصرار التركي على الاستمرار في هذه الحرب المائية على الشعب العراقي هو هدوء وصمت الحكومة العراقية والشعب العراقي ايضا، فكلما كان الصمت مطبقا والتجارة طبيعية، وامداد النفط مستمر ....... الخ، كلما قللّ الجانب التركي من قطرات المياه المرسلة عبر الفرات، حتى وصول العراقيين الى الاستسلام النهائي امام الرغبات والاملاءات والاوامر التركية التي ستفرض على العراق في المستقبل، وكل هذا والجانب التركي ليس هناك اي شيئ يرغمه على مجرد التفكير بشيئ اسمه العراق الذي بجانبه وهو يموت عطشا، فليس هناك حركة ولا اعلام ولامسؤولين عراقيين يتحركون على الحليف التركي (اميركا) للضغط على تركيا بقضية مياه العراق ولاشعب عراقي يخرج بمظاهرات ملونية ضد التصرفات التركية الهادفة الى قتل العراقيين عطشا وموت ارضهم جردا، ولامؤسسة سياسية عراقية تمتلك اوراق ضغط على تركيا لتجبرها على احترام العراق كالتهديد بأحتضان القوى الكردية المسلحة المناهضة لتركيا فهذا ممنوع دستوريا ولا ......الخ، ثم ليس هناك خسارة للجانب التركي ان هو قام باغلاق نهائي للمياه المرسلة للعراق، وتحويل جميع المياه للاستثمار الزراعي في بلده، وعلى هذا كله قل لي بربك لماذا تُعِير تركيا اي اهتمام لبلد او شعب اسمه العراق الى جانبها الشرقي الجنوبي وهو يموت عطشا اذا كانت كل الامور طبيعية بالنسبة له ؟!.

الثالث : المحور الايراني الاسلامي، وهو المحور الحسّاس بالنسبة للشعب العراقي، والذي لايرغب لاقادته ولاشعبه في الحقيقة ان يلحق الاذى بالشعب العراقي او ببلده الذي هو اولا واخيرا بلد مقدسات الشعب الايراني المسلم ايضا، ولكن المشكلة الايرانية في قطع المياه عن الارض العراقية هي اولا واخيرا ايضا تعود لشعور الايرانيين ان العراقيين بغير حاجة حقيقية لتلك المياه المرسلة من قبل الجانب الايراني، مضافا لذاك ان الدولة الايرانية دولة مؤسسات سياسية وفيها الكثير من التيارات القومية والمادية .... التي تعمل وتخطط وتبني لصالح ايران فقط بغض النظر عن العلاقات الدينية او العاطفية او الاستراتيجية بين ايران والعراق او ايران والعالم، مما دفع بالتفكير الايراني الى الاستفادة من انهارهم العذبة زراعيا وتحويل مياهها الى خزانات عملاقة تحتفظ بهذه النعمة الالهية العظيمة من المياه الصالحة للحياة، وقطعها عن الجانب العراقي الذي يبدو انه غير معتني ان يشرب شعبه ماءا صافيا وصحيا وقابلا للاحترام، وهذا ايضا يرجعنا للمربع الاول من مشكلة العراقيين انفسهم بعدم مطالبتهم بحقوقهم الطبيعية في المياه المتشاطئة مع العراق بصوت عال وعال جداً، واستسهال الدولة العراقية ومجلس نوابها الموقر لحقوق شعبهم وصمتهم الغير مبرر للمطالبة بهذه الحقوق الطبيعية، فلا الاعلام الرسمي اثار هذه المشكلة لارسال رسالة الى الجانب الايراني ان هناك ضرر الحق بشعب العراق من جرّاء السياسة المائية لجمهورية ايران الاسلامية، ولاكذا تحرّك الشارع العراقي نفسه ليعبر عن غضبه عن تلك السياسة الايرانية ليوصل رسالة الى صاحب القرار الايراني ان المعادلات اذا اريد لها ان تكون مصلحية فلدى العراق اوراق كثيرة بامكانه ان يحركها ضد هذه التصرفات المسيئة للشعب العراقي، ولا اقل من ورقة التجارة والزيارة فمثل هذه الاوراق نعتقد انها كبيرة جدا بيد الجانب العراقي لارغام الايرانيين الى الالتفات لمصالح ووجود الشعب العراقي في هذه الحياة !.

أما سياسة السكوت والصمت التي تنتهجها الحكومة والشعب العراقي تجاه جيرانه (ربما بسبب الاحترام وعدم افتعال الازمات الاقليمية مع العراق الجديد) فاعتقد انها مضرّة اكثر بكثير من فائدتها المخمنة على المدى البعيد لاسيما ان تفسير هذا الصمت غالبا مايفسر على اساس انه عدم وجود مشكلة حقيقية ورضا بالنصيب المكتوب من عطش العراقيين وموت اراضيهم في مقابل تخمة غيرهم من المياه العذبة !.

نعم على الشعب العراقي رجاله ونسائه واطفاله وشيوخه، وحكومته المنتخبة ووسائل اعلامها المقروءة والمرئية والمسموعة ومؤسساته المدنية والحكومية .... وجميع مايمتلكه العراقيون من ادوات فعل، عليهم الصراخ عاليا وعاليا جدا في المحافل الدولية ومنظمة الامم المتحده ومجلس الامن الدولي والولايات المتحدة بالخصوص: ان تضغط على دول الجوار العراقي لفتح قنوات الرحمة الالهية من مياه السماء والارض التي جعلها الله للانسان بماهو انسان بعيدا عن وسخ المصالح والسياسات التي تنتهجها دول الجوار مع العراق اليوم لتخضعه باساليبها الدنيئة لرغباتها النفعية على حساب مياهه الاقليمية والطبيعية التي خلقها الله لتجري في نهري دجله والفرات في كتبه المقدسة قبل ان تجري في قنواته الطبيعية التي ولد فيها الانسان الاول في بداية الحياة، والتي ستنتهي عند ضفاف هذا الوطن الحياة في نهايتها في آخر المطاف !.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com