|
بين رفع الحصانة وسحب الثقة .. لا محاكمة للوزراء والنواب
مازن الياسري العراق اليوم لم يعد كما كان قبل عاميين .. فالواقع السياسي لهذا البلد بدأ يتسم باستقرار وإيمان بآلية التعددية السياسية .. كما ان تردي الوضع الأمني انحسر بشكل واضح، إلا إن إخفاقات ومشكلات عديدة لا زالت بحاجة الى حل .. ولعل الفساد هوالمشكلة رقم واحد والركن الذي تستند عليه جميع المشكلات الأخرى . فالعراق اليوم، وهويعتمد الديمقراطية والسير نحوالعالمية والتطور والانفتاح، ينخر من الداخل بواسطة المفسدين وعلى أكثر من صعيد فساد مالي وإداري ومحسوبيات ومحاصصات .. الخ . إلا إن توجه حكومي جديد استهل عبر مجلس النواب العراقي ولاقى استحساناً كبيراً لدى الشارع العراقي في محاولة (متأخرة لكن هامة) لمكافحة الفساد .. فقد شهد البرلمان العراقي مؤخراً استجواباً مثيراً لوزير التجارة العراقي (عبد الفلاح السوداني) لقضايا خطيرة متعلقة بفساد مالي وأداري . كما شهد الأسبوع الماضي، فض اللثام عن قضيه لا تخلوا خطورة وهي طلب مجموعه من اعضاء مجلس النواب رفع الحصانة عن نواب آخرين متورطين بالتعاون مع جماعات إرهابيه .. وعلى صعيد متصل، توالت الدعوات البرلمانية لاستجواب وزراء آخرين كوزير النفط والنقل والمالية والكهرباء لاتهامهم بالتقصير والفساد .. كما تعالت الاصوات وازدادت التواقيع لسحب الثقة من وزير التجارة العراقي بعيد جلست الاستجواب المثيرة التي جرت الاسبوع الماضي له . كل هذا الكلام يسعد اي عراقي يطمح بعراق جديد مستقر مبني على اساس المؤسسات المهنية، بعيدا عن المحاصصات والمنسوبيات وقضايا الفساد، عراق تسوده قيم العدالة والمواطنة والحرية .. عراق يخرج عن إطار العالم الثالث وبلدان التبعية ألاقتصاديه ليكون بلداً قادراً مقتدراً بذاته اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً . إذن في ضوء طموحنا هذا . هل سحب الثقة من وزراء فاسدون ورفع الحصانة عن برلمانيون متعاونون مع الارهاب هوكافً ووافً لخلق التغير المنشود .. ام نحن بحاجة للمزيد؟ بلا شك نحن بحاجه للمزيد، نحن بحاجة لمعاقبة المسيئون والمفسدون والإرهابيون حتى وان كانوا وزراء ونواب، فعراق القانون ليس فيه احد فوق القانون .. فما معنى ان تسحب الثقة عن وزير التجارة وفي ذمته ملايين الدولارات كما اشير في جلسة الاستجواب .. الا يفترض ان يحاسب قانونياً ويعيد اموال العراق لخزينة الدولة .. وفي موضوع البرلمانيون المتورطون بالتعاون مع الإرهاب، هل سيكفيننا رفع الحصانة، هل سنفعل كما فعلنا مع النائب الهارب محمد الدايني والهارب الأخر عبد الناصر الجنابي والثالث مشعان الجبوري .. هل تريد الحكومة هكذا, ام تريد الحكومة ان تتعامل مع وزير التجارة،كما الحال مع وزراء هاربين كثر كأيهم السامرائي واسعد الهاشمي . أليس هذا ضرب من الضحك على الذقون ومن استغفال الشارع العراقي، فالمفسد والإرهابي والمجرم لا يعاقب من خلال رفع الحصانة عنه وسحب الثقة منه .. ليسافر بمسروقاته الى الخارج! .. إننا نثني على التوجه الحكومي بمحاربة المفسدين والإرهابيين وسراق اموال الشعب، لكن المطلب الهام هومحاكمتهم تحت مظله القانون على ما اقترفوه، اما تركهم بلا عقاب بالاكتفاء برفع الحصانة وسحب الثقة .. فأعتقد انه تكريم لهم لا قصاص منهم، وليعلموا ان شعب العراق لا ينسى وان القانون هوفوق الجميع .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |