|
الفساد الإداري والمالي .. فريضة انتظرها العراقيون
عبد المنعم نايف عبوش تعتبر ظاهرة الفساد الإداري والمالي ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ إبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر. وأصبحت آفة فتاكة في حياة الشعوب إذ حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة باهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات، حتى أصبحت ظاهرة لا يكاد يخلو مجتمع أو نظام سياسي منها. لا أريد الدخول في مضمار تاريخ نشوء ظاهرة الفساد الإداري والمالي في العراق لأنها تحتاج إلى سرد ممل وطويل إلا انه لفت انتباهي ما نراه في أم أعيوننا وما تتحدث عنه التقارير العالمية عن صدارة العراق للدول فيما يتعلق بالفساد الإداري والمالي ولكن نبدأ من حيث لا ننتهي. لقد اتسمت المرحلة التي شهدها العراق إبان فترة الاحتلال بتزايد حالات الفساد التي عبرت عنها حالات متكررة من الانحراف في القيم الأخلاقية التي لم يعتد عليها المجتمع العراقي مثل القتل والاغتصاب والخطف والسرقة،لقد تجلى الفساد في هذه المرحلة بأوج عظمته وأصبح جزء من السياسة والثقافة العراقية وللأسف الشديد وكأنه أصبح من الفروض السماوية ابتداء من الفساد السياسي متمثلاً بمجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد والأحكام التي تنظم عمل الطبقة السياسية (المؤسسات السياسية) في الدولة وتتمثل مظاهر الفساد السياسي في: الحكم الشمولي ، وفقدان الديمقراطية، وفقدان المشاركة، وفساد الحكام وسيطرة نظام حكم الدولة على الاقتصاد وتفشي المحسوبية ،والفساد المالي الذي اخذ مظهر الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية كالجهاز المركزي للرقابة المالية المختص بفحص ومراقبة حسابات وأموال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات، ويمكن ملاحظة مظاهر الفساد المالي في: الرشاوى والاختلاس والتهرب الضريبي وتخصيص الأراضي والمحاباة والمحسوبية في التعيينات الوظيفية، ومروراً بالفساد الإداري المتمثل عدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت في قراءة الصحف واستقبال الزوار، والامتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية وإفشاء أسرار الوظيفة والخروج عن العمل الجماعي وانتهاء بالفساد الأخلاقي والمتمثل بمجمل الانحرافات الأخلاقية والسلوكية المتعلقة بسلوك الموظف الشخصي وتصرفاته. كالقيام بإعمال مخلة بالحياء في أماكن العمل أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون أذن أدارته، أو أن يستغل السلطة لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة أو أن يمارس المحسوبية بشكلها الاجتماعي دون النظر إلى اعتبارات الكفاءة والجدارة. وأخيراً فان العراق يعتبر من الشعوب التي تمتلك أرثاً حضارياً وأخلاقياً سامياً يتعالى عن هذه الظاهرة وبالتالي فهي لا تعد إلا نمطاً وسلوكاً دخيلاً على المجتمع العراقي ومما لاشك فيه إن كل من أتى هذه الفاحشة لابد يوماً أن يدفع كفارتها ويحاسب عليها عاجلاً أم أجلاً.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |