|
وجهة نظر صديق مادي :الاسلاموية لاتصلح للفرد العراقي! حميد الشاكر
جلسنا سويّا وجه لوجه وبلا ثالث لنا لنتجاذب الحديث حول ( حكم الاسلاميين والاسلامويين والاحزاب الاسلامية ... واخيرا الاسلام نفسه للعراق اليوم !.) ليطرح صديقي المادي هذا السؤال : ياسيد حميد الشاكر هل تعتقد ان العراقيين ومنذ فجر الخليقة حتى اليوم هم من الشعوب التي تصلح ان تسودها الافكار الدينية وتحكمها شرائع العدل السماوية، وبما فيها معادلة حكم القادة الاخلاقيون لمثل هذه الاديان ؟. أم ان الشعب العراقي شعب صاحب تركيبة ذهنية وفكرية ونفسية وروحية .... معقدة يتطلع الى شيئ إلاّ انه يؤمن لحكم الحياة بشيئ آخر مخالف لجميع تطلعاته الكبيرة والعظيمة والسامية ؟. قلت ياسيد مادي : سؤالكم هذا فيه الكثير من العمومية والاشارات الى افكار ( الازدواجية ) الاجتماعية العراقية، وغير ذالك من أشارات كأنما أوحت لي انك تتحدث عن شعب مختلف عن باقي شعوب العالم والدنيا، ولهذا اسألك انا بدوري عن مضمون هذه الفكرة وليكن الشرح بصورة دقيقة رجاءا !؟. قال صديقي المادي وهو يبتسم : نعم ساشرح الفكرة على أمل إيجادها لاذن صاغية وأجري على ابا عبدالله الحسين !. اولا : عندما ذكرت ان الشعب العراقي وفرده كيانات انسانية مختلفة عن الاخر لا لأشير ان هناك ( ازدواجية شخصية ) في الفرد العراقي او شيئ من هذا القبيل، وأنما هدفت الى الاشارة : ان جميع تاريخ الفرد والشعب العراقي يدلّ على هناك نمطية فكرية خاصة للعراقيين، تقدس الدين وتحترم الانبياء والرسل والاولياء والمتقين، وتشعر بالود قُبالة الكتب السماوية ومافيها ....، وهكذا حتى نصل الى ان من ميزة الشعب العراقي انه لايستطيع الحياة بدون مقدس ودين وولي وأمام وغير وذالك، ولكن بجانب هذه الميزة في الشعب العراقي الاصيل وعلى طول خط تاريخه الزمني البعيد، هو يمتاز ايضا بميزة لايستطيع الشعب العراقي الحياة بدونها، وهي ميزة : قتل المقدس ثم البكاء والندم عليه الى مالانهاية !. وكأنما هناك في داخل الكينونة العراقية شيئ اقوى من المقدس يدفعهم للبحث عن الالم والحزن والاحتراق والتوبة والندم ... وباقي المفاهيم التي تصنع من الشخصية العراقية شخصية تعبد الحزن والالم اكثر من عبادتها للابتهاج والفرح، ولذالك تجد ياصديقي الاسلاموي : ان هناك وفي تاريخ العراق الطويل دائما ابداع في جنبه بالتمام هناك نكسة وغباء في شخصية الفرد العراقي، او تجد ان الفاصل بين التأله والكفر في شخصية الفرد العراقي فاصل لايكاد يرى بالعين المجردة ولايفهم من خلال المنطق والتعقلن والتفكير المنظم، حتى وصلنا نحن الدارسين لهذه الشخصية الى قناعة ان الانسان العراقي لايمكن له ان يعيش بدون خلقة الفطرة الالهية المتصارعة التي يقول عنها قراءنكم الكريم :(( ونفس وماسواها الهمها فجورها وتقواها ..)) كتعبير ربما يكون مختص الاهيا بالانسان العراقي لاغير في جوانبه الاجتماعية والحياتية المتعددة !. بمعنى آخر ياسيد حميد الشاكر الاسلاموي : نحن نعتقد ان الانسان العراقي كتلة تاريخية مضخمة جدا جداً من اجتماع نقيضين في حيّز واحد على طول خط حياته الفكرية والروحية، لالنقول كما قال الوردي وغيره ان هناك ازدواجية، لا وانما لنقول ان الانسان كلما تعتّق في التاريخ كلما صنعت له هذه الخلفية التاريخية القديمة تركيبة شخصية فطرية وقابلة للتناقضات ومرحبة جدا بالتضادات، لترى انها لاتعيش بلا ايمان بالله ولكن والى قُرب هذا الايمان وبجانبه شك وكفر لاتستطيع هذه الشخصية التخلص منه في حياتها الانسانية، وكذا قسّ جميع المفاهيم الانسانية المتقابلة في الصدق والكذب في الشجاعة والجبن في الذكاء والغباء في الكرم والبخل في الجد والكسل .. وهكذا سترى ان الانسان العراقي لايستطيع الحياة اصلا بلا وفاء مفرط من جانب وخيانة لايلبس عليها ثوب من جانب آخر !. هكذا هم العراقيوم يعشقون ابراهيم الخليل الذي كان يعيش بين احضانهم الا ان صفة التمرد وحب الشعور بالذنب وحرقة ولوعة الندم على الماضي دفعتهم لطرد ابراهيم من وطنهم بعد ان حاولوا قتله ولم يفلحوا، ليكون ابراهيم بعيدا وتخلق حالة الندم والشعور بالتعاسة والبكاء على الاطلال داخل شخصياتهم التي اذا لم تجد الالم تحاول صناعته وان كان بارتكاب جريمة عظيمة كحرق ابراهيم او نفيه من الوطن الى مالانهاية !!. طبعا العراقيون لم يقتلوا الحسين بن علي لحسن طالعهم الا انهم احد اهم المساهمين في صناعة المأساة الحسينية باعتبار انهم دعوه للثورة وكلهم يقين ان جانب الشجاعة في شخصيتهم هو الذي سيستمر مع الحسين الى مالانهاية، ولكن وعندما نصب نمروذ الزمان تنوره لحرق الحسين بن علي كان اول من جمع الحطب وهو يبكي بحرارة وصدق على هذه المأساة هو الانسان العراقي نفسه لتبرز صفة الجبن وتنتصر على صفة الشجاعة التي كانت في نفس الشخصية العراقية الا انها في يوم العاشر فقط تلاشت تماما من شخصية هذا الانسان ليصبح اجبن خلق الله على الكرة الارضية هذه، وبعد حادثة ابادة اهل البيت بساعة استعادة هذه الشخصية العراقية الشجاعة التي لاتهاب الموت او اي شيئ اخر، وبالفعل رمت نفسها الشخصية العراقية على الموت وهي مبتسمة في سبيل الحسين وكأنما شجاعة هذه الشخصية العراقية لم تكن غائبة في داخل هذا الانسان وانما منتظرة لرؤية كيفية قتل الظلمة لحلم العراقيين وقداستهم المجسدة في الحسين، ثم بعد ذالك تنتفض بقوّة وهي متحصنة بفكرة القهر والظلم والالم المضاعف لهذه الشخصية المعقدة !. لااريد الاطالة ياسيد حميد الشاكر لكنّ عندما نقول : ان الاسلاموية لاتصلح للشعب العراقي من منطلق اولا :ان الاسلاموية بحاجة الى شخصية ذات حركة واتجاه موحدة في العمل، وليس بحاجة الى شخصية مركبة لاتستطيع الحياة بلا صراع داخلي !. وثانيا : ان اول مَن سوف يقتل الاسلاموية قبل ولادتها في الحياة العراقية هم الاسلاميون انفسهم، وسادتك ترى ان اكثر الفاسدين في الحكم في العراق هم الاسلاميون لاغير، وهذا ليس انتقاصا او اتهاما للحركات الاسلامية العراقية، وانما هذه رؤية ترى ان الشخصية العراقية لاتستطيه ان تكون نزيهة على طول الخط الانساني سواء كانو مسلمين ام يهود، المهم ان الشخصية العراقية غلبن الاسلاموية العراقية عندما مارست الفساد، لتنتقل غدا لتصبح هي اول من يطالب بمحاربته وهكذا !!!. وهكذا نستطيع ان نفهم لماذا الفرد العراقي لايصلح للاسلاموية كالفرد الايراني، كما ندرك لماذا دائما يؤمن الفرد العراقي بشيئ ومع ادراكه يمارس غيره ثم ليعود بشعور ندم وحزن والم قاتل يبكي قليلا على حظه العاثر، وبعد ذالك ينسى ويستأنف دورته الحياتية الطبيعية بين كفر وايمان صدق وكذب خيانه ونزاهة عدالة وظلم ......!. فهل فهمت يا أسلاموي لماذا انا مطمئن ان الحياة في شخصية الانسان العراقي شوطين شوط قصير لكم وشوط قصير لنا ؟. وهل فهمت انه من المستحيل ان يستمر الفرد العراقي بالسير مسافة طويلة في طريق واحد ؟. وانه لابد ان يتحرك في حلقة بدايتها هي النهاية ونهايتها هي الابتداء ؟. فهل وعيت وجهت نظري المتواضعة !. قلت بعد ان شعرت ان هناك شيئ منطقي في هذا الطرح : وجهة نظر لابأس بها !!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |