|
استعينوا بالمغنية "أ" لإنقاذ العراقيين في سجون السعودية
د. حامد العطية هنالك عراقيون معذبون في سجون آل سعود، مهددون بقطع الرؤوس، ولا من معين إلا الله، فلا الحكومة العراقية ومؤسساتها المنتخبة تململت، ولا سلطة المحتلين الأمريكان "حامية الحمى" استنكرت، ولا مؤسسات حقوق الإنسان اكترثت، ولم ينتخي لنصرتهم سوى نفر من العراقيين النجباء، الذين لا يكلون ولا يملون من المناشدة والاحتجاج السلمي، ولا من مستجيب. في 1982م استشهد مسئول سعودي كبير أمامي بالمثل اللبناني: "فخار يكسر بعضه"، في تعليقه على الحرب العراقية على إيران الإسلامية، وهذا بإختصار تعبير دقيق عن مدى حقدهم على العراقيين والإيرانيين، وبالتحديد الشيعة، لذا لا يتوقع أحد منهم عدلاً أو رحمة وشفقة بالسجناء العراقيين المظلومين، وهم بالتأكيد لن يستجيبوا للضغوط الدبلوماسية أو المظاهرات الإحتجاجية أو المقالات الاستنكارية، لماذا؟ لأنهم يحملون صك غفران مفتوح من أسيادهم الأمريكان والصهاينة، ولولا ذلك لأبادوا نظامهم بعد الهجوم الإرهابي في 2001م، لذا لا يكترثون لمطلب أو مظلمة، إلا إذا كان صاحبه ذي قوة، أو كان من خاصتهم، فلو كان السجين من دولة غربية ومدان بأبشع الجرائم لأفرجوا عنه، بل لاشتروا له تذكرة ليغادر إلى بلده معززاً مكرماً، والحكومة العراقية وبإعتراف المالكي مؤخراً ضعيفة أمام السعوديين، بفعل حماقاتها المتكررة في التعامل مع الإرهابيين الوهابيين، إذ بدلاً من إعدامهم في الساحات الرئيسية للمدن العراقية قامت بتسليمهم لحكام آل سعود. المعروف عن آل سعود بأن لهم خواص، يستمعون لهم ويلبون مطالبهم، وهم قلة، من أهل نجد وغيرهم، وسأدلكم اليوم على أقرب الناس لهم، وللموضوع قصة. تعرفت عليه في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، عندما قصدت السعودية باحثاً عن عمل، بعد مغادرتي العراق هارباً من تعسف النظام الصدامي الطاغوتي، ومعارضاً لسياساته الرعناء، كان لقاءنا عابراً، والده سعودي متجنس، أصله فلسطيني، أثرى من التجارة حتى غدا من أصحاب الملايين، وله صلات قوية ببعض أمراء آل سعود، يمتلك سلسلة من المتاجر الضخمة والوكالات التجارية والمباني، وفي إحدى هذه المباني سكنت أسابيع معدودات، وهنالك التقيت بابنه، وكانت معرفة سطحية. بعدها بسنوات وصلني خبر حبسه بتهمة الاتجار بالمخدرات، وعلى ذمة الناقل للخبر، والمؤكد مكوثه في الحبس سنوات، بذل فيها والده الثري محاولات مضنية لاطلاق سراحه، لم يترك أميراً إلا قصده، ولم تنفعه التوسلات ولا الاسترحامات ولا كل الوساطات، وظل ابنه قابعاً في الحبس. تذكرته بعد سنين، فسألت عنه، أخبروني بأنهم اطلقوا سراحه أخيراً، بفعل وساطة، تهيأت بمحض الصدفة، أثناء لقاء أحد معارف السجين ومدير أعمال المغنية "أ"، وأثناء تبادلهما الأحاديث قال لمدير أعمال المغنية بأن لصاحبه السجين فضل كبير في نجاح المغنية، لما له من صلات واسعة في الأوساط الفنية، إذ إن مؤسسة والده التجارية وكيلة لإحدى كبريات الشركات اليابانية المتخصصة في صناعة أجهزة ومعدات التصوير السينمائي والتلفزيوني، وقد استثمر هذه الصلات لتهيئة الفرص لها، وانصت مدير الإعمال لبقية القصة، وبدوره قام الرجل بنقلها للمغنية، التي سارعت بإلاتصال بأمير أو أمراء سعوديين، ولم ينقضي وقت طويل حتى اطلقوا سراح السجين، بفضل وساطة المغنية الوفية. لم يفز الرجل بحريته لأنه بريء، ولا لأن الرحمة اقتحمت قلوب آل سعود فجأة، ولا شفقة بأبيه الذي أضناه الحزن على ابنه السجين، ولكن عندما اتصلت المغنية المشهورة أنصت حكام السعودية، ولم يرفضوا طلبها، ولو قارنا سلوكها بسوكهم لاستنتجنا بأنها انسانة أفضل منهم، فهي لم تجحد الجميل، بينما خان آل سعود الأمانة الكبرى والمسئولية العظمى التي تطوق اعناقهم بإطلاقهم سراح السجين المدان والمحكوم عليه بالحبس، فخالفوا أحكام الشرع والعدالة، وهم بذلك قد رفعوا شأن وأهمية المغنية فوق كل شيء، وسعوا لرضاها على حساب الدين والقيم العليا، واثبتوا خستهم وعدم استحقاقهم لتولي أمر المسلمين. باختصار شديد، لن ينقذ العراقيين المغيبين في سجون آل سعود سوى معجزة ربانية، أوالتخويف بالانتقام، والصاع بعشرة، أو وساطة مغنية أو راقصة مشهورة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |