كيفَ عرفَ المشرقيّ أدبا مغاربياً؟

عبداللطيف الحسيني  .

 alanabda9@gmail.com

مَنْ يكتب عن الأدب المغاربي يجبُ عليه أنْ يتسلّحَ بالمعرفة الكافية عنه، و إلا سيتخطى حدودَ المباشرة ليصلَ إلى هاوية الترّهات. ما يعنيني هنا أني تعرفتُ على الأدب المغاربيّ من أفضل ِ الموارد له، أقصدُ كتابَ عبد الكبير الخطيبي: (الاسمُ العربيُّ الجريح) الذي فتحَ أمامي أبواباً كانتْ موصدة فيما سبق، لأدخلَ تاليا إلى الشعر المغربي، لأنّ مُترجِمَه إلى العربية شاعرٌ: (محمد بنيس) . ما كان ينقصني (على المستوى الشخصي البحت) أنني كنتُ بحاجة إلى الدقة في الكتابة، فوجدتُ أنّ مَنْ يهديني إلى ما أبتغيه هو: (الأدب المغاربي) .

(الاسمُ العربيُّ الجريح) لا يتناولُ الفكرَ بحسٍّ مباشر, بل يتناوله بكثير من العناية, حتى وإنْ كان موضوعُ عبدالكبير الخطيبي هامشيا ( مثالا على ذلك: الوشم أو الخط) هذا العِلمُ الوشميُّ (الخطيُّ ) لم يتناوله أحدٌ بالتحليل و التدقيق إلا الخطيبي . من هنا أتتْ مقدّمة ( رولان بارت ) الذي تقاسمَ مع الخطيبي  أشياءَ في منتهى المتناهي في الصغر . لكنها تعني جوهرَ الإبداع كما جاء في مقدمته للكتاب . هذا الكتابُ دلني إلى البحث عن محمد بنيس نفسه، دلني على كتابه: ( حداثة السؤال)  الكتاب النقدي الذي  يتناول حداثة الشعر العربي بطريقة غير التي تدارسناها  في النقد  العربي، هذا إذا استثنينا ( أدونيس ) .

محمد بنيس عرّابُ الشعر و النقد المغاربي في كلِّ مكان . هكذا بدا لي . خاصة الملفات التي كانتْ مجلةُ (الكرمل)  تخصصها للأدب المغربي . بنيس يحتلُّ الصدارة فيها .

ليس من المُستغرَبِ أنْ يعرفَ المشرقيُّ الأدبَ المغاربيّ من خلال محمد بنيس، كأنه الصوتُ الوحيدُ الدّالُّ على الشعر و الفكر و النقد المغاربي، ربما لم يقرأ المشرقيُّ كتاباتِ (عبدالله العروي)  إلا من خلال حوار بنيس معه،

حين يعرفُ قرّاءُ المشرق أدبا مغربيا من خلال بنيس يعني أنّ التأثير سيُمارَسُ عليه، مهما تغاضى عنه، لأنّ بنيس بثقافته العربية الكلاسيكية و بتحليله  لأيّ نصٍّ، من خلال تطبيقه لأحدث المناهج النقدية الفرنسية  على النص المدروس يجعلُ الدارس له مأخوذا به .

عرفَ المشرقيُّ شاعرا مغربيا اسمه: ( أبو القاسم الشابي ) الذي يستظهرُ قصيدته أيُّ طالب سوريُّ في المرحلة الإعدادية . أعني قصيدته الأشهر ( إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة ) .

السنواتُ تقتحمُ الحياة، فبطريق الصدف الأدبية الجميلة أستدلّ على نصوص شعرية من خلال مجموعتين شعريتين لنوارة لحرش ( الجزائر ) و فاطمة الزهراء بنيس ( المغرب )  . كتبتُ عنهما، ما أريدُ أنْ أعنيه أنّ ثمة كلاسيكية تتحايلُ على النص الشعريّ  المغاربي، ربما هذه الكلاسيكية الصلدة و العنيفة، واللذيذة تحدُّ النصوصَ المغاربية، و أحيانا تمتنعُ هذه الكلاسيكية المغادرة عن النصَّ المغاربي .

الحصيلة: لم يمرّ يومٌ إلا وأقرأُ فيه نصاً مغاربياً ( شعراً أو قصة أو مقطعا فلسفيا، أو جزءاً من رواية أو نقدا أو مواكبة صحفية.. ) .

( استفتاءٌ أجرته الشاعرة الجزائرية  نوارة لحرش لصحيفة النصر )

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com