صفات انصار الامام المهدي عليه السلام

 

محمود الربيعي

mahmoudahmead802@hotmail.com

 مقدمة في ملامح الانصار وصفاتهم الروحية والمادية

للحديث عن الملامح الرئيسية والصفات العامة للانصار لابد ان نسلط الضوء على الروايات الصادرة عن ائمة اهل البيت عليهم السلام  وفي اطار تلك النصوص ، ويمكن بذلك ان نستخلص منها الصفات والسمات برؤية معاصرة تتطابق مع التشريع ولاتتجاوز حدوده على ان تكون تصوراتنا وفق اسس منطقية تتلائم وطبيعة الانصار المرسومة.

فهناك جانبين مهمين منها هما الجانب الروحي والمادي، ونقصد بالاول القيم والاخلاق والمبادئ والسمات والملكات النفسية، واما الثاني فيتعلق بالفعل والقدرة والاختصاص والوظيفة.

وقد بينا فيما تقدم امور متفرقة متعلقة بهما ونحن بصدد البحث في تفاصيلها اعتمادا على الروايات على ان لانؤسس لصفات لاتتطابق مع الواقع رغم اننا لم نضف شيئا في سياق كتباتنا مايخالف الواقع والمنطق حسب اعتقادنا لاننا نعتقد بان ينبغي ان يكون في حالة تكامل  بحيث تتناسب صفاته وقدراته مع حجم المهمات الكبيرة المكلف بها.

وبودنا ان نشير الى اختلاف بعض تصورات وأراء المفكرين التي تذهب الى اندثار عصر التكنولوجيا والعودة الى الحياة التقليدية خلافا لبعض الاراء التي تؤمن بالحداثة والتطور في عصر الظهور كما ذهب اليه عدد من المفكرين والباحثين امثال السيد محمد بن محمد صادق الصدر وسماحة الشيخ الاستاذ على الكوراني.

الصفات الروحية لانصار الامام المهدي عليه السلام

ووفق احدى الروايات الصادرة عن الامام جعفر الصادق عليه السلام وهي رواية ابن طاووس \ 145 في الملاحم  فان الصفات العامة والخاصة بالانصار تعطي ملامح واضحة عن طبيعتهم وخواصهم بشكل موجز وهي كما يلي:

اولا: جلهم رجال وبعض النساء ( وتعني المشاركة العامة): اي ان القسم الاكبر منهم من الرجال والقسم الآخرمن النساء وعلى كل حال فالنسبة غير واضحة تماما ولكن كما يبدو وجود اعداد لاباس بها من النساء قد يكون ثلاثة عشر وقد يصل الى الخمسين منهن.

ثانيا: لايعدو صوت احدهم سمعه (يتمتعون بقوة الشخصية): وقد يفسر ذلك من عدة وجوه احداها ان يكون ذو خلق جم ويتمتع بهدوء عالي، او قد يشير الى الصلابة الحديدية في الكتمان والاحتفاظ بالاسرار وعدم الفضول في الكلام او الاختلاط المضر.

ثالثا: لايعدو شحناءه بدنه (يتمتعون بالاتزان): فمن لسان العرب فان الشَّحْناء تعني الحقد او العداوة. وذلك يعني ان شخصيته رصينة وقادر على التحكم والسيطرة على انفعالاته النفسية فهوذو مزاج ثابت وغير متقلب.

رابعا: الخفيض عيشهم (يتمتعون بالاقتصاد والنزاهة): ومعناه الاقتصاد في المعيشة والمصرف وهي صفة المتقين عبر عنه كلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام  عندما خاطب صاحبه همام وبين له صفتهم.

خامسا: المنتقلة دارهم (تعبيرعن الحالة الحركية لهم) : وتعبير عن عدم الاستقرار في المكان الواحد.

سادسا: الذين ان شهدوا لم يعرفوا (تعبير عن زهدهم ومشاركتهم الشعبية العامة دون خصوصية خاصة): اي عند مخالطتهم الناس لايستطيع الناس ان يعرفوهم بشخصيتهم الحقيقية كونهم من انصار الامام المهدي عليه السلام، لبساطة عيشهم ومظهرهم على الرغم من ان تأثيرهم في الناس كبير.

سابعا: الذين ان غابوا لم يفقدوا (تعبير عن شدة تأثيرهم في الناس): ومعنى ذلك انهم وان تركوا اماكنهم بين حين وآخر الى انهم حاضرون في وجدان وضمير وعقل كل من عاش معهم وبينهم، يذكرونهم بما افاضوا من اخلاقهم وعلمهم وفضلهم رغم بساطتهم.

ثامنا: الذين ان مرضوا لم يعادوا (تعبير عن صبرهم وشدة تعلقهم بالله سبحانه وتعالى): ويعني ذلك انهم ان مرضوا لايزورهم احد اذ أنهم لايشكون من مرضهم ولايكلفون احدا من الناس، او قد يكون انهم من البساطة في الحياة بحيث لايفكر احدا بزيارتهم.

تاسعا: الذين اذا خطبوا لم يزوجوا (تعبير عن بساطة منزلتهم في المجتمع من حيث الجاه والمنصب): ذلك لانهم بسطاء زهاد قليلي المال ليس لديهم مناصب مهمة او وظائف كبيرة.

عاشرا: الذين ان ماتوا لم يشهدوا ( تعبيرعن عدم شهرتهم بين الناس) : اي ان الموت وهو الخطب الخطير في حياة الانسان ويقتضي حضور الناس للتشييع ولكن في حالتهم تكون صفة البساطة في الحضور والشهادة هي الغالبة.

احد عشر: الذين يتاوسون في اموالهم (تعبير عن جودهم وكرمهم وتعاونهم):  ويعني ذلك قدرتهم على العطاء رغم عدم امتلاكهم لثروة كبيرة واملاك وعقارات كما يمتلكها بقية الناس.

اثنتا عشر: الذين في قبورهم يتزاورون ( تعبير عن ان ارواحهم متصلة ومتواصلة لان منهم من تنطبق عليه صفة الرجعة حسب عقيدة الامامية): اي هي حالة خاصة بالانصار فان الله سبحانه وتعالى يجعل ارواحهم في تواصل وتزاور انتظارا لرجعتهم والتحاقهم بالامام المهدي عليه السلام وفق عقيدة الرجعة عند الفرقة الاثني عشرية الذين لهم ثوابت معينة بهذا الخصوص مستندين الى امكانية ذلك كما ورد في القرىن الكريم من رجعة اصحاب الكهف ومن احياء عيسى عليه السلام للموتى وغيرهم.

ثلاثة عشر: الذين لاتختلف اهوائهم ( ويعني وصفهم بأنهم أهل ثبات على العقيدة والمبدأ): اي انهم ذو آراء متطابقة في كل شئ ذلك لانهم يتوجهون بتوجيه الامام المهدي عليه السلام ولانهم ذوو سمات مشتركة في الاخلاق والسلوك والثقافة.

اربعة عشر: الذين هم من بلدان مختلفة ( وهي اشارة الى ان حركة الامام المهدي عليه السلام حركة عالمية): وهي اي ان انصار الامام المهدي عليه السلام من بلدان مختلفة وان كانت اكثرهم من دول محدودة كالعراق والشام وايران والحجاز ومصر لكن ذلك لايمنع من كون ان اعدادا لاباس بها ستكون مع الامام المهدي عليه السلام من بقية اقطار الارض كأفريقيا، بالاضافة الى اووربا.

قال الأمام الصادق عليه السلام في وصف أنصار الأمام المهدي عليه السلام الثلاثمائه وثلاثة عشر هم جلهم من الرجال وبعض النساء كما جاء في الحديث لايعدو صوته سمعه ولاشحناؤه بدنه الخفيض عيشهم المنتقله دارهم الذين أن شهدوا لم يعرفوا وأن غابوا لم يفقدوا وان مرضوا لم يعادواوأن خطبوا لم يزوجوا وأن ماتوا لم يشهدوا أولئك الذين في أموالهم يتواسون وفي قبورهم يتزاورون ولا تختلف أهوائهم وان أختلفت بلدانهم. (رواية ابن طاووس \ 145 في الملاحم).

حال الانصار حال الغرباء

في رواية للأمام الصادق عليه السلام انه ذكر في حق الانصار فقال: طوبى للغرباء: ويحتمل انه قصد ان صفاتهم في زمن ظهور الامام المهدي عليه السلام صفات نوعية متميزة لاتتناسب والسلوك البشري العام المنحرف للافراد، بحيث يتمتع النصير بمفردات سلوكية منضبطة لايخالف فيها شرع الله ولاتصدر عنه مخالفة سلوكية ضد الناس، يكون ملبسه وماكله ومشربه ومشيه الاقتصاد، كما لاتصدر عنه حالات عنف وظلم وعدوان مع محيطه الحياتي ويكون قدوة بين الناس.

ومن الطبيعي ان يتكلم الامام الصادق عليه السلام باختصار عندما يتحدث عن الانصار ويذكر اسمائهم الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا وامراة، ويذكر المدن التي سينطلقون منها او التي سيحكمونها اذ ان الموضع اوسع من يمر على جميع صفاتهم واحوالهم لكنه عليه السلام لم يفوت الفرصة ان ذكر تلميحات تشير الى طبيعتهم وظروفهم ووظائفهم، وقد استفدنا من التفاتة الامام عليه السلام في شانهم.

عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال :" الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء، فقلت: اشرح لي هذا أصلحك الله، فقال: مما يستأنف الداعي منا دعاء جديداً كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله ". من كتاب الغيبة للنعمانى ( باب أن القائم عليه السلام يستأنف دعاء جديدا ( وأن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباُ كما بدأ ).

 

الصفات والمميزات العصرية للانصار

ويتبين من ذلك ان صفات الانصار وفق المفهوم العصري تتميز بما يلي: المشاركة العامة في الاوساط الشعبية، كما يتميزون بقوة الشخصية والنزاهة وحسن السلوك والسيرة، ويتحركون داخل المجتمع ويؤثرون فيه متحملين المشاق والصعاب في سبيل تحقيق اهدافهم، ولاجل تطبيق العقيدة التي يتبنونها، وانهم لايركضون وراء شهرة او منصب، زاهدين في المال، كرماء بسطاء في اسلوب عيشهم وحياتهم.

ومن كتاب دلائل الامامة \ 311 نستخلص جملة من الخصائص الوظيفية وخصوصية الانصار منها:

اولا: التجارة والسياحة وطلب الحق وطلب العلم: فقد ورد في الرواية لفظ السياحة، والتجارة، وطلب الحق، وطلب العلم.

تعتبر التجارة من أرقى المهن التي تقوم شخصية الانسان وتعمل على صقل مواهبه، فهي المهنة التي تكسب مهارات التواصل بين الناس وتضيف الى الانسان طاقات معرفية وثقافية تمتلكها بقية الشعوب بغية التواصل معهم، كما تدفع الى تعلم لغات الاقوام الاخرى، وتساعد في تحسين السلوك والاخلاق وتقويم العلاقات الاجتماعية والثقافة العامة.

واما السياحة فهي احدى الوسائل التي توفر للانسان الراحة النفسية والاطلاع على حياة الشعوب ونمط العيش فيها، كما تدعوا الى تعلم اللغات المختلفة وتساعد في توفيرمدارك ومعلومات واسعة، وتهيئ فرصا للعمل وبناء العلاقات الاجتماعية وتساعد في في تنشيط الحركة التجارية وتحصيل المعلومات الجغرافية والعلمية والاطلاع على نمط حياة الشعوب.

وبالنسبة لطلب الحق فهو الهدف الاساس والعلة الاساسية في الوجود التي تجعل الانسان يبحث دائما عما هو صالح ومفيد، خصوصا فيما يتعلق بالعقيدة واصل الكون والحياة والمآل والمبادئ الصالحة التي تتوافق مع القيم الانسانية العادلة.

واما بالنسبة للعلوم فان طلب العلم يعتبر من اقدس الوظائف البشرية التي تجعل حصيلة الانسان ذات قيمة عالية، فالعلوم الانسانية واسعة الحدود والمساحة، وهي باختصار تدعو الى الايمان والعمل الصالح.

ثانيا: الكتاب والمثقفين: وورد في الرواية ايضا الفاظ ك... ( كاتب حديث، ومعرفة باختلاف الناس، ومن اهل المعرفة).

ونحن نقول ان الكتاب والمثقفين هم عادة خبراء وقادة لشعوبهم في العملية السياسية ويساهمون في تخطيط الحياة الاجتماعية ويرسمون الخطوط العريضة لسياسات بلدانهم ويعملون على رفع مستوى تفكيرواداء شعوبهم ومواطنيهم، فالكاتب يكتب وهو يفكر، والمثقف يهتم بكل حالة تساعد الانسان على تحقيق التقدم. فالكتاب والمثقفون يعملون دائما لاجل مجتمع راقي ودولة يساهم في بناءها كل من الفرد والاسرة والقادة والمسؤولين ويوفرون لهم خطوطا عامة ومهمة  تفيدهم في انجاز مسؤولياتهم خاصة اذا كانت ثقافتهم بناءة ومحترمة.

ثالثا: طالبي اللجوء: ورد في الرواية كل من لفظ (الهارب والمستأمن).

بناء على تطور وسائط النقل وطرق المواصلات العالمية، والتوسع في بناء العلاقات الدولية، وماحدث من تطور فكري وايديولوجي في ثقافات الشعوب تبنت بعض المجموعات سياسات خاصة معينة مارست من خلالها سلطات تلك الدول انواعا من الاضطهاد والقسر اكرهت شعوبها على الطاعة العمياء جعلتهم يهربون من تلك البلدان ويلجؤن الى بلدان اخرى توفر لهم فيها أمنا واستقرارا، ويحدث هذا الامر في العالم اليوم بشكل واسع حيث يلجأ اللآلاف من الناس الى ترك بلدانهم.

رابعا: الباحثون عن الحقيقة: حيث ورد لفظ (المتخلي) الذي يجول ليصل الى معرفة الامر.

وهؤلاء طبقة خاصة يلجؤن الى كشف اسرار اهم مايجهلونه ومن اجل الحصول على الحقيقة فيما يتعلق بحقيقة الحياة ومستقبلها، او يتعلق بالمجهول الذي فيه مصلحة عامة للانسان.

 

ومما يدعم ماذهبنا اليه ماجاء في الرواية من الالفاظ التالية بخصوص الانصار:

المرابط السائح: رجل من اصبهان من ابناء دهاقينها له عمود فيه سبعون منا لايقله غيره يخرج من بلده سياحا في الارض وطلب الحق.

ومن القاموس المحيط فان: الدِّهْقانُ، بالكسر والضم: القَوِيُّ على التَّصَرُّفِ معَ حِدَّةِ، والتاجِرُ، وزَعيمُ فَلاَّحِي العَجَمِ، ورَئِيسُ الإِقْلِيمِ، مُعَرَّبٌ
ج: دَهَاقِنّةٌ ودَهاقينُ، والاسمُ: الدِّهْقَنَةُ، وهي: بهاء، وقد تَدَهْقَنَ.
ولِوَى الدِّهْقانِ: ع ط بنَجْدٍ ط.
ودَهْقَنُوهُ: جَعَلُوهُ دِهْقاناً.

واما الطواف: لطلب الحق فهو رجل من اهل يخشب وقد كتب الحديث وعرف الاختلاف بين الناس فلايزال يطوف في البلدان لطلب العلم.

ومن لسان العرب : طاف بالقوم وعليهم طَوْفاً وطَوَفاناً ومَطافاً وأَطافَ: اسْتدار وجاء من نواحِيه.

الهارب: من عشيرته ببلخ فرجل من اهل المعرفة.

المتخلي:  بصقلية فانه رجل من ابناء الروم من قرية يقال لها يسلم فسيبنوا من الروم لايزال يخرج الى بلد الاسلام يجول بلدانها وينتقل من قرية الى قرية ومن مقالة الى مقالة حتى يمن الله عليه بمعرفة الامر.

ومن لسان العرب: وخَلا الرجلُ وأَخْلَى: وقع في موضع خالٍ لا يُزاحَمُ فيه. وتَخَلَّيت تَفَرَّغت.

الهاربان:  الى السيروانية من الشعب رجلان احدهما من اهل مدائن العراق والاخر من حبايا بجرجان الى مكة فلايزالان يتجران فيها ويعيشان حتى يتصل متجرهما بقرية يقال لها الشعب.

التاجران:  الخارجان الى انطاكية فهما رجلان يقال لاحدهما مسلم وللاخر سليم ولهما غلام اعجمي يقال له سلمونة.

المستامنة:  من المسلمين الى الروم فهم قوم ينالهم اذى شديد من جيرانهم واهاليهم ومن السلطان، فلايزال ذلك بهم حتى اتوا ملك الروم فيقصون عليه قصتهم ويخبرونه بما هم من اذى قومهم واهل ملتهم، فيؤمنهم ويعطيهم ارضا من ارض قسطنطينية.

ومن لسان العرب: اسْتأْمَنَ إليه: دخل في أَمانِه، وقد أَمَّنَه وآمَنَه.

النازلون:  بسرانديب وسمندار اربعة رجال من تجار اهل فارس يخرجون عن تجاراتهم حتى يسمعون الصوت ويمضون اليه.

المفقود من مركبه:  رجل بسلاقط من يهود اصبهان يخرج من سلاقط قافلة فبينا هو يسير في البحر في جوف الليل اذ نودي فيخرج من المركب في اعلى الارض اصلب من الحديد واوطا من الحرير، فيمضي الربان اليه وينظر اليه وينظر فينادي ادركوا صاحبكم فقد غرق فيناديه الرجل لاباس علي اني على جدد، فيحال بينهم وبينه وتطوى له الارض فيوافي القوم حينئذ مكة. انتهى.

 

في ملاحم ابن طاووس \ 145 جاء من قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.. قال امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام:  يبايعون على الايسرقوا ولايزنوا ولايقتلوا ولايهتكوا حريما محرما ولايسبوا مسلما ولايهجموا منزلا ولايضربوا احدا الا بالحق ولايركبوا الخيل الهماليج ولايتمنطقوا بالذهب ولايلبسوا الخز ولايلبسوا الحرير ولايلبسوا النعال الصرارة ولايخربوا مسجدا ولايقطعوا طريقا ولايظلموا يتيما ولايخيفوا سبيلا ولايحتسبوا مكرا ولا ياكلوا مال اليتيم ولايفسقوا بغلام ولايشربوا الخمر ولايخونوا الامانة ولايخلفوا العهد ولايحبسوا طعاما من بر او شعير ولايقتلوا مستأمنا ولايتبعوا منهزما ولايسفكوا دما ولايجهزوا على جريح ويلبسون الخشن من الثياب ويوسدون التراب على الخدود ويأكلون الشعير ويرضون بالقليل ويجاهدون في الله حق جهاده ويشمون الطيب ويكرهون النجاسة.

ومنه يتضح لنا الكثير من خصائص الانصار وكما يلي:

اولا:  يبايعون(البيعة): وتعتبرمهمة البيعة من اكبر المهمات واعظمها في نصرة الامام المهدي وتأييده.

ثانيا: يجاهدون في الله حق جهاده(الدفاع والاصلاح): وهي الصيغة العملية للمبايعة فالجهاد عملية تنفيذية لاوامر الله سبحانه وتعالى وهو بعبارة عصرية تصحيح لاوضاع المجتمع السيئة، ولايعني باي حال من الاحوال العدوان فمعانيه السامية هي رد العدوان ومنع اي اخلال بمقومات العدل والحق.

ثالثا: لايخونوا الامانة ولايخلفوا العهد(الاستقامة): الصفات المشار اليها هي اهم الصفات المميزة للشخصية المؤمنة الملتزمة بخطوط الايمان التي تجعل الشخصية متزنة وذات ثبات في تفكيرها ومنهجها، ولاتخلف اية آثار سلبية على مستوى العلاقات العقائدية والتنظيمية والحركية لافراد المجتمع.

رابعا: لايسرقوا ولايزنوا ولايقتلوا ولايشربوا الخمر ولايفسقوا بغلام(يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر): تعتبرالسرقة والزنا والقتل وشرب الخمر واللوط من الكبائر في الاسلام كونها مهددة للمجتمع وتعمل على تقويضه فالسرقة اعتداء على اموال الاخرين، والزنا تجاوز على الحياة الاسرية المنظمة والمنضبطة ويترتب عليه حدوث انهيار اجتماعي واختلاط للأنساب ويترتب عليه ايضا ضياع الحقوق الانسانية والاجتماعية، واما العلاقات الشاذة فانها لاتنسجم والفطرة التي فطر الله عليها الناس.

وهذه النقاط وبقية النقاط الاخرى التي سنتناولها تشير الى اهمية السلوك الانساني الراقي الذي يكون عليه الانصار من حسن الخلق والالتزام بالقيم والمبادئ الاصيلة التي تنسجم والفطرة الانسانية وتعزز من مكانة الانسان في مجتمع تعوزه هذه النخبة.

خامسا: لايهجموا منزلا ولايضربوا احدا الا بالحق(لايعتدون): ان كلمة الهجم هنا قد تكون الهدم ومعناه بشكل عام سواء باللفظ الاول الهجم او الثاني الهدم سواء بسواء يعني عدم العدوان وشن الهجوم على البيوت باعتبارها مأوى الاسر الآمنة ولها حرمتها وحرماتها، كما ان من صفات الانصار ان لايمارسوا العنف ضد احد لان اهدافهم السامية تدعوا الى الحق والعدل والحكمة والاخلاق السامية ولاعدوان الا على الظالمين.

سادسا: لايهتكوا حريما محرما ولايسبوا مسلما(حسن الخلق): ان من اوجب مايجب على النصير والصاحب للامام المهدي عليه السلام ان لايهتك حرمة، كما ان من كمال خلق المسلم العقائدي ان لايكون سبابا ولاطعانا ولافاحشا ولابذيئا فذلك يتناقض ومادعت اليه الشريعة السمحاء.

سابعا: لايقتلوا مستأمنا ولايتبعوا منهزما ولايسفكوا دما ولايجهزوا على جريح(أمناء اتقياء لايعتدون على احد): وهي مجموعة التوجهات السلمية التي تدعوا الى السلام وعدم التطرف وتحاشي منهج العنف، وكما ورد في مضمون الرواية قبول اللجوء وعدم متابعة تارك القتال وعدم قتل الابرياء اوالعدوان على العاجزين من الجرحى وهي صفات انسانية راقية تتوافق مع منهج العدل وتتقاطع مع منهج الظلم.

ثامنا: لايخربوا مسجدا ولايقطعوا طريقا ولايخيفوا سبيلا ولايحتسبوا مكرا(لايمارسون التخريب والارهاب والغدر): المجموعة التي تعمل في صفوف الامام المهدي عليه السلام من الانصار تتصف بصفات انسانية معتدلة لاتقبل التخريب ولاالعدوان ولاتمارس الارهاب ولا تخدع الناس لذلك فانها لاتخرب بيتا من بيوت الله او اية مؤسسة انسانية تعمل من اجل الانسان وسعادته، ولاتقطع الطريق على الناس الآمنين، ولاتمارس الارهاب ضد اي احد منهم لان من واجبها الايمان بالحوار والمنطق، ومن قيم هذه المجموعة ومبادئها انها لاتفكر ولاتخطط لاي عدوان على احد.

تاسعا: لايظلموا يتيما، ولا ياكلوا مال اليتيم(من اصحاب النفوس العالية): التشديد على هذه الحالة وان يرد ذكر اليتيم مرتين في الصفات المتعلقة بالانصار والتذكير بواجبهم الانساني فيما يتعلق بحقوق اليتيم يبدو انها تتلائم والحالة السائدة وقتئذ من انتشار حالة اليتم في المجتمع الانساني، والامر يسير باتجاهين الاول منهما مطلق انصاف اليتامى ومنع ظلمهم، والاتجاه الثاني الحفاظ على حقوق اليتامى ومراعاة ظروفهم.

عاشرا: لايحبسوا طعاما من بر او شعير( منصفين لايظلمون احدا وليس لديهم طمع): ولان المجتمع يمر احيانا بظروف مجاعة او حاجة  فانهم لايمارسون الحصار على الناس عندما تكون بين ايديهم نعمة بل يشاركونهم فيما يقع عليهم من الابتلاء.

احد عشر: لايركبوا الخيل الهماليج ولايتمنطقوا بالذهب ولايلبسوا الخز ولايلبسوا الحرير ولايلبسوا النعال الصرار(لايتكبرون ولايتمظهرون): ان من صفة النصير والصاحب ان يتصف بالخلق العالي وان يكون متواضعا لامتبخترا ومقتصدا في مشيه واستخدام مركبته الشخصية وان لايلبس الاشياء الثمينة ويتباهى بها كما يتباهى بها اهل الخيلاء والتكبر، والايلبس الا الملابس البسيطة التي يلبسها عامة الناس لااهل الشهرة، وألا يلبس الاحذية التي تظهره بمظهر كبرياء واستعلاء.

الهماليج: ومن لسان العرب: الهِمْلاجُ: من البراذين واحد الهَمالِيج، ومشيها الهَمْلَجَة، فارسي معرّب. والهَمْلَجَة والهِمْلاجُ: حُسْنُ سير الدابة في سُرْعة؛ والهِمْلاجُ: الحَسَنُ السير في سُرْعَة وبَخْتَرَةٍ؛ وهِمْلاجُ الرجلِ: مَرْكَبُه ونحو ذلك. وأَمرٌ مُهَمْلَجٌ: مُنْقاد.

يتمنطق: ومن لسان العرب: المِنْطَقُ والمِنْطقةُ والنِّطاقُ: كل ما شد به وسطه.

الخز: ومن لسان العرب: الخَزَّ، بالخاء المعجمة والزاي، وهو ضرب من ثياب الإِبريسم معروف.

الصرارة: ومن لسان العرب: الصرارة: شديدة الصَّوْت.

اثنا عشر: يلبسون الخشن من الثياب ويوسدون التراب على الخدود ويأكلون الشعير ويرضون بالقليل(متواضعين مقتصدين): فأن من صفات الانصار الاقتصاد في الملبس والماكل والمشرب وصفة القناعة التي هي كنز لايفنى، والتواضع الذي يرفع من شانهم عند الله وعند شعوبهم، تلك هي الاخلاق التي يتميز بها القادة الشرفاء الذين يستحقون ان يحكموا بها العالم ويحققوا بها احلام شعوبهم في تحقيق العدل والحرية والسلام والسعادة.

ثلاثة عشر: يشمون الطيب ويكرهون النجاسة ( رائحتهم طيبة ويحبون النظافة): واخيرا فان الرواية لم تنس الجوانب الجميلة التي يجب ان يكون عليها النصير من الاهتمام بمظهره العام كأن يكون نظيفا ويستخدم الطيب فذلك من خلق الانبياء.

بعض خصائص الانصار بالمفهوم العصري الحديث

وعليه فان خصائص الانصار تتركز في مناصرتهم وتاييدهم المطلق لقائدهم الامام المهدي عليه السلام، ومستعدون لبذل ارواحهم وانفسهم في سبيل انتصار حركتهم الاصلاحية، وقد تعاهدوا ان لايخالفوا ولايخلفوا وعدهم للامام عليه السلام وانهم حفظة لتلك الامانة التي عاهدوا الله على عدم خيانتها وانهم ملتزمون بما الزمهم الله من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مبتدئين بتطبيق ذلك على انفسهم والزام انفسهم بعدم سرقة الاموال اوالاعتداء على الاعراض، وان لاتمتد ايديهم الى منكر يفعلوه كقتل النفس المحترمة، والايجاهرون بعصيان وألايرتكبوا حرمة او كبيرة من الكبائر، وألايعتدوا على ممتلكات الناس وحرمات بيوتهم، وألايهددوا احدا، وألا يعتدوا عليه باهانة نفسية او معنوية او جسدية، وانهم سيكونون حماة للشريعة والسنة النبوية المطهرة ومحترمين لمنهج القرآن الكريم ولتعاليم الله سبحانه وتعالى، وانهم سيكونون حماة لكل مستضعف ولن يكونوا دعاة للتطرف أوالعدوان والظلم.

وانهم لن يكونوا على غير ماأراد لهم الله سبحانه وتعالى من عمارة المساجد، ولن يكونوا قطاع طرق او ارهابيين او غادرين، وانهم لن يظلموا فقيرا او مسكينا او ضعيفا، ولاياكلوا اموال اليتامى، ولن يمدوا أيديهم الى حرام، ولايمارسوا اي نوع من حبس الاموال والارزاق، ولن يتظاهروا بمظهر الترف والبذخ والتكبر والاستعلاء، وانهم وان كانوا من الزاهدين بزخارف الحياة لكنهم يفعلون كل ماهو محبوب في نظر الشريعة والناس..  يهتمون بالنظافة، واللياقة، وأستخدام الطيب وسائر الامور المباحة التي تحببهم الى الناس.

واتمنى ان نكون قد حققنا بعض الشئ بالقائنا الضوء على ماورد في الروايات التي تتناول القيم والفضائل والصفات والملكات والخلق الذي يحمله الانصار وهم يعدون انفسهم ويتهيئون للقاء بقائدهم وليمثلوه في حكم الامصار واقامة دولة العدل التام.

 ----------------------------

المصادر

قاموس عربي عربي

كتاب دلائل الامامة \ 311

ملاحم ابن طاووس \ 145

كتاب الغيبة للنعمانى 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com