|
لو لم يكن هناك نظام آل سعود ..
د. حامد العطية (لو) حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، هكذا كتب سيبويه، ولعل (لو) وليدة الفضول العقلي بأعلى درجاته، كما ليس هنالك أعذب ممما يختزنه حرف (لو)، فهو المفتاح لكل أحلامنا، والباقي متوقف علينا، فأما نجعل الأحلام منطلقاً للعمل أو مرتعاً للحسرة وخيبة الأمل، المؤرخون استهوتهم (لو) فكتبوا بحوثاً فيما لو لم يكن هنالك نابليون أو حرب عالمية أولى أو ثانية او أسلحة ذرية. لو لم يكن هنالك نظام آل سعود فكيف سيكون عالمنا؟ سؤال افتراضي، لكنه يستحق الإجابة، بموضوعية، على قدر الاستطاعة. لو لم يكن هنالك حكام من آل سعود لوؤدت الحركة الوهابية في مهدها، فمن المعروف تاريخياً بأن أهل نجد رفضوا دعوة ابن عبد الوهاب، بما في ذلك أخوه سليمان الذي له مؤلفان في الرد على اخيه، هما (الصواعق الالهية في الرد على الوهابية) و(فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب)، ولم تجد الدعوة الوهابية إذناً صاغية إلا عند آل سعود، حكام قرية الدرعية، وقد تحالف الطرفان لبلوغ أهدافهما باستعمال القوة: آل سعود في التسلط على رقاب العرب والمسلمين وآل عبد الوهاب في نشر مذهبهم. لو لم يكن هنالك آل سعود لما تسلل المذهب الوهابي إلى الكيان الإسلامي، ولما ظهرت الحركات التكفيرية بين المسلمين السنة، ولما أقصيت الفرق السنية فيما عدا الوهابية الحنبلية، ولما اضطهد الصوفية المعتدلون في الحجاز، ولما تعمقت الهوة المذهبية بين السنة والشيعة، لذا نستطيع الاستنتاج بأنه لو لم يحكم آل سعود جزيرة العرب لكان المسلمين أكثر توحداً وأشد قوة ومنعة. لو لم يتحكم آل سعود ببلاد نجد والحجاز والمنطقة الشرقية بالسيف والقهر لكان للأماكن المقدسة وشعائر الحج والعمرة دوراً كبيراً في توحيد المسلمين، ورص صفوفهم بمواجهة التحديات، وتعاونهم في بلوغ أهدافهم المشتركة في الاستقلال والوحدة والتنمية. لو لم يكن هنالك آل سعود لما هدمت قبور الائمة وأزواج النبي والصحابة، فهل من المفيد للاسلام والمسلمين طمس ذكرى أولئك الناس الذين اخلصوا لدين التوحيد وافنوا أعمارهم في نشر وإيصال الرسالة والحفاظ عليها؟ ولم يكتف الوهابيون المنحرفون بذلك فأغاروا على مراقد الائمة في العراق في كربلاء والنجف الأشرف، فدنسوا القبور وقتلوا ونهبوا. لو لم يستولي آل سعود على الحكم لكان العرب والمسلمون أقوى بمواجهة الدول الاستعمارية ومشاريعها للهيمنة على المنطقة وثرواتها، فلا يخفى تحالف النظام السعودي مع الحكومات الغربية وأولها أمريكا، وتقديمه التسهيلات العسكرية واللوجستية للقوات الأمريكية في المنطقة، وإذعانه الكامل للإملاءات الأمريكية والغربية، وتسخيره لثروات بلاده لتنفيذ مخططات ومشاريع الامريكان المعادية لمصالح العرب والمسلمين، ودعمه النظام الاقتصادي الأمريكي المتهاوي من خلال شراءه سندات الحكومة الأمريكية. لو لم يأت آل سعود للحكم لكان الفلسطينيون والعرب أقوى بمواجهة الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، وقد كان حكمهم ولا يزال وبالاً على القضية الفلسطينية، فلا احد يذكر لهم موقفاً مسانداً للقضية سوى ايقاف تصدير النفط لفترة وجيزة بعد حرب 1973م، وقد كان مجرد اجراء رمزي لم يجني العرب منه سوى اتفاق كامب دايفيد المشؤوم، وكان آخر مواقفهم المخزية والمناهضة للفلسطينيين والعروبة والاسلام سكوتهم على المجازر التي اقترفها الصهاينة في غزة، واصطفافهم مع بقية عملاء أمريكا في التحريض على استئصال حركة حماس. ولن ننسى حقد آل سعود الأعمى على حزب الله وسعيهم المحموم لإضعافه وتهميشه، فهم ارسلوا عملائهم من آل الحريري للوقوف بوجه مجاهدي حزب الله، فتحالفوا مع عملاء الكيان الصهيوني وسفاحي الحرب الأهلية، وبذلوا لعملائهم في لبنان الأموال الطائلة لهذا الغرض، لو لم يكن هنالك آل سعود لما شن الكيان الصهيوني حربه على حزب الله في 2006م، والتي انتهت بهزيمة الصهاينة وحلفائهم في المنطقة وعلى رأسهم آل سعود، وكلنا نتذكر الرسائل الخفية التي ارسلوها للصهاينة لحثهم على القتال. لو لم يتسلط آل سعود على رقاب أهل الجزيرة لعمت فوائد ثرواتها وأموالها عليهم أجمعين، بدلاً من أن ينهبها آل سعود، ويستأثروا بحصة كبيرة منها ليبذروها على ملذاتهم وفسوقهم وفجورهم وحاشيتهم الفاسدة وبطانتهم المشبوهة، ثم يمنعوها أو يقتروها على أكثر الناس استحقاقاً لها من أهل المنطقة الشرقية التي فيها منابع النفط. لو لم يتحكم آل سعود برقاب المسلمين في الجزيرة لربما استعملت الثروات التي حبا الله بها أهل الجزيرة لمصلحة العرب والمسلمين، ولكنهم اختاروا مدفوعين بولعهم بالسيطرة والافساد استخدامها لزعزعة استقرار الدول العربية والاسلامية، ويشهد تاريخ لبنان وسوريا والعراق والأردن واليمن والباكستان وأفغانستان والسودان وغيرها على ذلك. لو لم يكن هنالك آل سعود لما كانت هنالك تنظيمات القاعدة الارهابية وطالبان المتخلفة وفتح الاسلام المخربة، التي شوهت صورة الاسلام، وأفشت الأفكار الفاسدة في عقول السذج، وارتكبت المجازر بحق المسلمين الأبرياء العزل، مما أضعف الأمة الأسلامية برمتها. لو لم يات آل سعود للحكم لما تجرأ الطاغية صدام على قتال إيران الإسلامية، التي فاق عدد ضحاياها المليون، وآل سعود واتباعهم شركاء في المسئولية عن كل قطرة دماء سفكت في تلك الحرب، وهم يتحملون أيضاً وزر الويلات التي جرتها الحرب على العراقيين. آل سعود وأموالهم وفتاوى كهانهم الوهابيون وراء كل مصيبة حلت بالعراق منذ احتلاله، فهم اثاروا الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، وارسلوا المئات من المهووسين الوهابيين لقتل الشيعة العزل، وهم الداعون لحرمان أكثرية العراقيين من حقوقهم السياسية المشروعة. من دون أموال آل سعود لكسدت أسواق المومسات والقوادين ودور المجون والفسق والحانات وصالات القمار ودور النشر والصحافة المأجورة في الدول العربية وغيرها. خير الناس من نفع الناس، وآل سعود هم أكثر الناس اضراراً بالعرب والمسلمين لذا هم يقيناً شر البرية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |