التبشير بموت الاسلام سياسياً وهم أم حقيقة!

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

(( في عالم يعيش على موائد الوهم وخداع النفس من الصعب صناعة الحقيقة والحياة )).

*********

ماهذه الظاهرة التي برزت للسطح الثقافي العراقي العلماني بالعموم الاشتراكي النفعي بالخصوص مؤخرا باسم (( موت الاسلام السياسي )) من خلال كتابات تشبه كثيرا لافتات الاعلانات التجارية التي تعلق على الجدران وفي الطرقات وفوق المباني العالية ليراها كل الناس، ولكنّ في مواقع الانترنت هذه المرّة وبشكل ماشتات لافتة للنظر توقع تحت عنوان : موت الاسلام السياسي ؟.

وهل حقا ان الاسلام السياسي بالعموم يحتضر الى هذه الدرجة بحيث بعض كتابنا الاعزاء من العراقيين وعلى مثل (دق الطبل خفاً يرجليه ) عندما قرأ لكتاب عرب امنياتهم بالتخلص من الاسلام في الحياة دقّ مسامير التابوت لدفن الاسلام السياسي العراقي هو ايضا بلا رجعة ؟.

أم ان كتابنا الاعزاء باعتبار ان اكثر ميولهم هي فنية أشتراكية، ولهذا السبب لايستطيعون العيش بلا وهم فني ينتشلهم من الواقع ليعيشوا في خيال توبيا التخلص من الاسلام وأقامت المأتم على روحه المنتهية ؟.

تُذكرنّي هذه العقلية العراقية المبشّرة بحتمية موت الاسلام سياسيا، او التي اعلنت حتى بدون ان تبشرّ اصلا بحدث مستقبلي قادم بفعلية موت الاسلام في شقه السياسي، بالعقلية الاعرابية السعودية التي تحيك الوهم والخداع ثم أول من يصدق هذه الكذبة هو من حاكها على الحقيقة، وحاله في ذالك حال المضحك (جحى البغدادي) الذي يكذب الكذبة ليعود بتصديقها عندما يرى جميع الناس قد صدقت كذبته !.

في الصحف السعودية تقرأ المنشيت الصحفي التالي :(( الايرانيون اليوم يختارون بين موسوي او ولاية الفقيه !)).

او ذاك السعودي الذي يكتب في احد الصحف عنوان حول الانتخابات اللبنانية مفاده :(( اللبنانيون ينتخبون الخيار السعودي على الخيار الايراني !!.)) .

وكأنما هناك رغبة في الايحاء : ان انتصارا على الابواب ينتظر المنهزمين دائما سيقلب معادلة الشرق الاوسط لصالح تيار نفعي سياسي على تيار قائم بالفعل هو الاسلامي، ولهذا شُبه لبعض الاقلام السعودية انهم قاب قوسين او ادنى من انتصار اول ماتصنعه اوهامهم ثم بعد ذالك يتحقق على ارض الواقع فيما بعد لتشرق الشمس في صباح يوم هادئ لنرى ايران في قابل الايام بلا ولاية فقيه، وكذالك نرى لبنان بلا مقاومة بزعامة فتى السلام سعد الحريري السعودي، وهكذا نرى عراقا بلا حكومة شيعية، وشرق اوسط بلا رجال ..... الخ !!.

نفس النمطية الفكرية تلك مع الاسف زحفت وبائيا على بعض كتابنا العراقيين ليتعلموا من المنهزمين كيفية الانتصار من خلال صناعة الوهم والتطبيل له واعتبار ان الواقع تابع للوهم، وبهذه الطريقة يتحقق النصر ويهزم الجمع ويوّلون الدبر !.

ان عناوين من قبيل :(( موت الاسلام السياسي )) او (( الاسلام السياسي على شفير الموت )) او (( حتمية موت الاسلام السياسي ))..... الخ، كل هذه العناوين وغيرها تدخل في حيز صناعة الوهم ومن ثم الترويج له ببلاهة على امل بعد ذالك من انتاج هذا الوهم لواقع يقلب المعادلة رأسا على عقب لياتي الصباح على العراقيين وبالفعل كلهم يحضرون جنازة الاسلام السياسي وهي تشيّع في بغداد لمقبرة جامع براثا او عبد القادر الجيلاني او ارسال المرحوم الى النجف الاشرف ليوارى الثرى اخيرا !.

لكنّ ومع الاسف مثل هذه الاوهام الفنية الجميلة سرعان ماستصطدم بحائط الحقيقة التي تؤكد عنوان واحد حقيقي وواقعي لاغير مفاده :(( ان الاسلام بكل اوجهه وشقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ....)) هو اليوم وحده من يقود الحياة حتى بلا سلطة او دولة او سلطان!.

نعم انها الحقيقة الواقعية التي تربك كل احلام الحالمين واوهام الصانعين هي تلك التي تقض مضاجع الفنانيين لتعلن :(( ان الاسلام هو المنتصر على الحقيقة، وهو المولود الذي ولد بالامس ليعيش في الحياة الى الابد، وهوالواقع الذي وصل الى عقول وقلوب الناس رغم كل مايبذل في تشويه صورته بزرع الوهابية لتقتات على دمه واسمه، او النيل من تاثيره الكاسح بتحريك ماكنة الاعلام ضده، وانه هو المارد الذي خرج من قمقم الزجاجة لاليعود مجددا اليه بل ليفرش جناحيه على جميع البشر ولو كره الجاحدون )) !.

بهذا المعنى والعنوان والماشيت الكبير للاسلام السياسي تصنع الحقيقة ويتغير الواقع ويبشر بحياة الاسلام المستمرة، امّا أوهام الواهمين فهي كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئ ووجد الله عنده ليوفيه حسابه !.

نعم كنّا نتمنى ان تكون عقول مثقفينا وكتّابنا العراقيين اكثر حصانة من لوثة الاوهام وأقوم قيلا من صناعة المستحيل والترويج لبضاعته الفاسدة، وأسلم تقييما للواقع الذي يؤكد حياة الاسلام وموت غيره، واكثر اعتمادا على الحقيقة التي لاتحتاج الى من يدافع عنها لوضوحها، الا ان ليس كلّ مايتمنى المرء يدركه وربما تجري الرياح بما لاتشتهي السفن .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com