آراء وأضواء على الإنتخابات اللبنانيّة

 

د. مؤيد العابد

mouaiyad@gmail.com

تعتبر الإنتخابات اللبنانيّة عند الكثير من السياسيين والإعلاميين وأصحاب القرار مهمّة بشكل كبير عكس ما يتصوّر بعض الناس. ولبنان الآن غير لبنان الذي كان قبل أكثر من 30 عاماً حيث كان لبنان الدولة ولبنان الكثير من الشعب لا يرغب في الدخول في عالم التصارع السياسيّ على أسس كتلك الأسس التي يتّبعها في الوقت الحالي سياسيّو العالم ومنطقة الشرق الاوسط خصوصاً. لقد كان لبنان خارج إطار التصارع العربي العربي والعربي الاسرائيلي بل وخارج التصارع الدولي الدولي! لقد غيّرت هذا البلد الكثير من الظروف السياسيّة والامنية والجيوسياسية علاوة على التغيرات الاقتصادية المهمة على مستوى العالم ومستوى المنطقة. أصبح لبنان لا ينفصل عن كلّ التحوّلات الاقليميّة إن لم يكن هو لاعب أساس في هذه اللعبة! ولا تخلو غرف السياسة على مستوى العالم من الاهتمام في وضع لبنان. لقد حدثت تحوّلات في فلسطين وسوريا والعراق وايران وليبيا والسعودية ومصر وكلّها تشاركت في التأثير على الوضع اللبنانيّ. فبعد دخول سوريا الى لبنان بطلب لبناني قد كان هذا الدخول قد إنعكس على كلّ الافرقاء آنذاك وعلى الحاليين من قريب أو من بعيد. فسوريا تطوّق لبنان جغرافيّاً فلا يمكن عزلها عن القرار المشترك رغم اللعب الذي يقوم به الوضع العالمي والتأثير على قوى معيّنة داخل لبنان على إعتبار أن لبنان له سيادة غير سيادة سورية. بينما تلاحظ السياسيين والدبلوماسيين يتدفقون على سوريا كلّما أرادوا أن يتحدّثوا عن الوضع اللبنانيّ فيفهمها بلداء السياسة على أنّها تدخّلات سورية في لبنان!! وهكذا يمكن أن نشير إلى أنّ الوضع الاخير في الانتخابات كان ولم يزل يلقي بظلاله على الذهن السياسي الطائفي والمناطقي في السعودية ومصر وغيرهما.

لقد قلنا وما زلنا نقول أن الوضع اللبناني لا يمكن عزله أو فصله عن أيّ تحوّل أو قضيّة في المنطقة. فلا يمكن أن ننسى إلى أنّ لبنان يقع في موقع مهم وخطير كدولة مواجهة على حدود فلسطين المحتلّة. وهذا الموقع قد أثّر ويؤثّر على كلّ الوضع اللبنانيّ السياسي والامني والاقتصادي، بل وحتى الفكري والثقافي.

لقد جرت الانتخابات السابقة في عام 2005 تحت تأثير كبيرمن المحيط العربي  جعل وأثّر على قوى عديدة لدودة إضطرّها أن تدخل في تحالفات مهمّة على مستوى الداخل ما لبثت أن تصارعت لتصل إلى مستوى خطير تحت تأثير ظروف إقليميّة واضحة من العراق والسعودية ومصر. واليوم وبعد أن نضجت العديد من الظروف والتصارعات الخفيّة ما بين مصر والسعودية من جهة وسورية وايران وقوى مقاومة المشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة من جهة أخرى، نلاحظ اللعب الواضح الذي بات على المكشوف بين من يؤيّد التدخّل الامريكي الصهيوني في لبنان وبين الطرف الآخر.

لا أحد يجادل ما لدور سوريا فيما يخصّ القضايا العربية وأكثروما لدور ايران في تشكيل هذا التحالف القومي والاسلامي في مواجهة المشروع الاستبدادي الامريكي الصهيوني الرجعي العربي. رغم أنّ من القوميين الشوفينيين(خاصّة من أرباب سوابق الانزواء الى المشروع المستبد كقوى النظام العراقي السابق والذين يجاهدون بكلّ قواهم في الوقت الحالي مع ابواقهم الاعلامية من (الشرقية) الى غيرها للإيهام بعدم إشتراكه في المشروع الذي خلط فيها المشروع نفسه الاوراق بين من كانوا متصدّين للمشروع وبين من يوهمون الناس هذه الايام وهم تحت وصاية أفكار هذه الثلّة!)  من يقوم بالتصدي للمشروع المقاوم الحقيقي بالهجوم ونشر الكراهية ما بين العرب وبين من أخذ على عاتقه التصدّي للمشروع الصهيوني الامريكي في المنطق(ولك مثال على ذلك من يقوم بقتل الناس في العراق بحجة المقاومة لتشويه المقاومة الحقيقية للمشروع المستبدّ). فتراهم يحاولون إسقاط التصدي الايراني السوري اللبناني المقاوم من وجدان ابناء الامة بشتى الصور( الالتفات الى ما يصدره اصحاب فتاوى آل سعود ضدّ المشروع المقاوم).

 

لقد توجّهت كلّ القوى الرجعية في المنطقة الى التصدي لنمو كبير يحصل في المنطقة لرفض المشروع الصهيوأمريكي والدفع بالمال والاعلام وغير ذلك الى التهديد والتصدي المباشر احياناً لقوى المشروع التنويري في لبنان والمنطقة. فما قام به حزب الله والمقاومة الابية البطلة في ضرب مباشر لمشروع امريكا واسرائيل بل والتهديد للقضاء على دويلة اسرائيل بسبب كونها اساس التخريب الذي يلحق بالمنطقة من قريب وبعيد.  وقد لاحظ المراقبون هشاشة الموقف لقوى الرابع عشر من آذار رغم التأييد المستمر والدعم الخرافي لهؤلاء ولكن مازالت القوى الشعبية تصرّ على الموقف المبدئي للتصدي للمشاريع الاستسلامية. نلقي نظرة بسيطة على نتائج الانتخابات لنرى ذلك.

فمن مليون ونصف المليون ناخب لبناني قامت نتيجة مذهلة رغم التهديدات الامنية والاقتصادية والسياسية وحركة الترهيب الصهيونية فقد كانت الارقام839371 صوتاً للمعارضة أي ما يعادل 54.7% تؤيد مشروع المقاومة وقوى الثامن من آذار، مقابل693931 صوتاً أي ما يعادل 45.3% تؤيد الآخرين! ولولا سياسة التخطيط الطائفي والتوزيع اللاعادل في المعادلة اللبنانية على مستوى توزيع النواب في البرلمان لكانت الاغلبية في الشارع وفي مجلس النواب. ولا ننسى ما صرّح به السيد حسن نصر الله من استعداد لبناء الجيش اللبناني القوي حين الفوز في الانتخابات فكانت النتيجة أن لا جيش قوي في لبنان إنّما جيش ضعيف على حدود الدويلة السرطانية.

ماذا كان نصيب الفوز الشكلي لقوى الرابع عشر من آذار؟ حيث صرفت مبالغ خياليّة وتصريحات من ذوي التأثير على الناخب الشاكّ في الوضع اللبنانيّ بالاضافة الى الاموال التي دفعت الى اللبنانيين في الخارج من وجهة معيّنة للذهاب والتصويت المشروط الى قوى معروفة على الوسط اللبناني.

والسؤال الآن: هل يذهب هذا الدعم الاسطوري لهم هباء ام يكون مقابله شيء كبير؟ بحيث يدفعون الثمن من اجله لانّهم لم يحققوه بالسهولة الممكنة؟!

 لقد أخذوا على عاتقهم الكثير ممّا لا يمكن أن يحققوه للمشروع الامريكي في المنطقة. هل ستسكت غرف توجيه القتل من امريكا و(اسرائيل) عن تخاذل قوى الرابع عشر من آذار لتحقيق ما أريد لهم أن يحققوه ما بعد الانتخابات؟! هذا ما ستكشف عنه الايام والشهور القادمة!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com