|
خطاب أوباما .. هل هو تغيير في التعبير؟ أم في السياسة؟؟
فائزة عبد الله/ تونس في الولايات المتحدة الأمريكية هناك مؤسسة لاتقل أهمية وخطورة عن وزارة الدفاع (البنتاغون)، بل ربما أصبحت تفوقها فاعليّة من حيث النفوذ والدور والأثر الذي تتركه في الواقع والأحداث، وأقصد مؤسسة الإعلام والدعاية التي تغوّلت في عصر " عولمة " المعلومة وسرعة الاتصال، الى حدّ باتت تتبوّأ فيه المرتبة الأولى لدى صناع القرار، بدل المرتبة الرابعة . خطاب اوباما الذي صنعته هذه " الماكينة " وقيل عنه الكثير حتى قبل ان يتم إلقاؤه، كان عنوان دعائيّ كبير وكذبة كبرى، لم يمنع تولي رئيس الولايات المتحدة إلقائه بنفسه من ان تطرح حوله نقاط استفهام كثيرة؟. بعضها جاء في اطار قراءات وتحاليل علمية معلنة، والبعض الآخر تم تسريبه عبر وسائط وأبواب ليملك مفاتيحها غير العارفين بزواريب السياسة في أمريكا . ولعلّ أهم ماروّج عن هذا الخطاب وحوله، كون (كاتبه) ليس إلاّ المؤسسة الاقتصادية المحكومة بقوة ونفوذ اللوبي الصهيوني هناك حيث يتحكّم بعصب الاقتصاد والمال الذي هو في الأخير نقطة قوّة، وضعف أمريكا في نفس الوقت وهو ما أكدته الإحداث خلال " أزمة العالم المالية 2008 " وما تلاها, والتي اندلعت أمريكية, وامتدت ليدفع العالم كله ضريبتها. ويقال أيضا ان جهاز المخابرات وبعض المستعربين لديه هم من قاموا بصياغة جلّ فقراته وانتقاء الآيات القرآنية التي تضمّنها، الى درجة بدا فيها " التغيير في التعبير " واضحا ومحكما، على عكس السياسة التي بقيت ضمن الخطاب وعلى ارض الواقع كما هي لم تتغيّر ؟ . فالنقاط السبع التي ارتكزت عليها إستراتيجية بوش العدوانية، بقيت هي نفسها، بل ربما زاد عليها اوباما في خطابه ما هو ألعن، وهو ما تجلّى من خلال الفقرة التي رأى فيها البعض دعوة الى "عبرنة" المنطقة من خلال تحريض مسيحييّ مصر ولبنان على الفتنة الطائفية، وهي مقدّمات لمشروع التفتيت والبلقنة على طريق "الشرق الأوسط الجديد" هذا إذا ما أضفنا الى كل ذلك ما يحدث في العراق المحتل والسودان واليمن وما نلمسه هناك من مقدمات للفوضى الفتّاكة التي أعدّت لتعصف بوطننا قطرا, قطرا. اوباما الذي جاء يخطب من على المنابر العربية لإنقاذ سمعة الولايات المتحدة الأمريكية، وإنقاذ اقتصادها، تحدث عن ثلاثة ألاف أمريكي "ضحايا إحداث 11سبتمبر"، ولم يتحدث عن مليون ونصف المليون عراقي سقطوا ضحية العدوان الامبريالي الأمريكي على امتنا؟؟؟ . ان أمريكا التي خاضت، وتخوض " معركة بلا نهاية " على رأي الأستاذ هيكل، ومعركة بتكلفة هائلة، ومعركة بغير ميدان، ومعركة بلا شعار يمكن شرحه للناس بطريقة مقنعة . جاءت الينا وقد خسرت "الحرب" تريد ان تستعيد أنفاسها، ولا اقول تستريح استراحة المقاتل، لان عدوانها على امتنا كان عدوان ضد الإنسانية " ومعركة غير شريفة ولا نبل فيها " لذلك فشلت، نعم فشلت كمؤسسات في عهد بوش، وفشلت في اختيارها للشّعار الذي تحته قادت حملتها " الصليبية " على العرب والمسلمين، شعار " الديمقراطية ومحاربة الإرهاب؟؟". وهي اليوم تقف على الطريق المسدود كونها تخوض معركة خاسرة. لذلك جاء اوباما، وبمعنى اصح جيء به ليمثل دور المنقذ للمؤسسة الرأسمالية الأمريكية التي رأت فيه رجل المرحلة، وشخصية قادرة ان تحكي وتبرع في إلقاء خطاب " عقائدي " … اما من يحكم فذلك حديث اخر . إنها إذا نظرية التلازم بين المال والسياسة التي حكمت وتحكم أمريكا منذ ان وقف (برنارد باروخ) ممثلا للمؤسسة المالية الصناعية، بجانب (روزفلت) ووصولا الى مايحدث اليوم في المؤسسات التي يديرها متنفذيّ المال الصهيوني هناك، ويرفض أصحابها ان تكون مصالحهم عرضة لأهواء السياسة حتى وان كان حاملها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، باراك اوباما السّاطع نجمه . وعلى كل حال، نحن كمواطنين عرب، نقول لاوباما "اذا ما افترضنا حسن النية في ما دعا إليه من حوار"، على دولتك - أمريكا - وربيبتها "اسرائيل" ان تكفّ العدوان على امتنا أوّلا، وترحل عن وطننا أرضا وبحرا وجوّا بجيوشها وقواعدها وعلى رأسها "الكيان الصهيوني" وأعوانها وعملائها وإتباعها من الطغاة والمستبدّين، ثم لتكن بداية التغيير في السياسة الأمريكية من مكانها الصحيح، من(الكونغرس) ومن منابر ودوائر صنع القرار لديها، لا من جامعة القاهرة . وحينها لامانع لدينا من الحوار، على قاعدة التعاطي الحضاري بين الأمم الذي تستحقه امتنا، لا على قاعدة "الأمة الغنيمة" التي تتعاط بها دولتك معنا .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |