الفنانة التشكيلية امل بوتر: والعودة الى الجذور الأولى


حسين الهلالي

artart6@googlemail.com

كلما امسكت الفرشة وضغطتها على اللوحة جاءها نداء من خارج مرسمها ان احضري الى ندوة في الفن التشكيلي في احدى قاعات لندن للفن التشكيلي، اوجاءها نداء من مكتب الوزيرة البريطانية حول استشارة تخص المرأة في الشرق الأوسط كونها ضمن هيئة استشارية من مختلف الأجناس لوزيرة الشؤون الأجتماعية السابقة، وناشطة في حقوق المراة في الشرق الأوسط والمرأة العربية بالخصوص العراقية، ولكن هناك هنات في ليلها الطويل وعندما تطرح القلم جانبا تقترب من الفرشاة وتحتضن اللوحة وتدر الغيوم مطرا تحمل افكارا في ذهنها تكبر وتتماثل وتتشضى تريد ان تحتويها لتصبها على قماش اللوحة ليصبح موضوعا مزروعا في اذهان الناس وتكون اللوحة شاهد من شواهد العصر على عذابات الأنسانية او يكون هذا النتاج وتد المثابة للأرض المزروعة بالألغام لابد من الوصول الى هذة المثابة عن الطريق الأخضر للفن وان لاعصى ولا الغام في هذا الطريق الذي تسلكه البشرية المحبة للخير والحرية والعدالة الأجتماعية فكل لوحاتها التي رسمتها هي للمحبة والسلام بالرغم من رسمها للوحات الألم والتي تألمت لها وبكت لأحداثها وتفاعلت معها وكأنها في وسط الألام في الأنفجارات لافي لندن في مرسمها المهيأ لهذا الغرض.

لقد رسمت المرأة العراقية شامخة كشموخ نخل العراق تتطاول مع الأحداث ولاتنحي لها، رسمتها متوهجة بألوانها الدالة على ذلك، الوانها الخضراء لأن هذه المرأة محطة سلام ودعة ومحور يلتف حوله كل الأبناء الذين اصبحوا اعداء جمعهم نداء حليبها الذي ارضعتهم اياه من ثدييها الطاهرين، انها ام عراقية استمدت قوتها وثباتها من تربة العراق الطيبة، هذا هو سر لوحات امل بورتر التي تمثل النساء العراقيات والنساء العربيات.

ان مايشدها الى هذه الأرض كونها ولدت فيها ورضعت من لبانها، وتزوجت من اهلها وانجبت فراس الذي يقتخر به العراق كونه عراقي الأصل ومن مشاهير الطب الصيني في لندن، هي لاتعير أي اهمية الى جذورها الأنكليزية ولا الى جنسيتها ولن تتخلى عن جنسيتها العراقية انها عراقية احساسا وحبا عارما اليه تقول " صحيح ان نصف دمي انكليزي بارد والنصف الثاني عراقي حار دائما يغلب الدم العراقي على الدم الأنكليزي فتشتعل العواطف عندي لأقل حدث في العراق،ورغم الماسساة التي طغت على المشهد العراقي فهي ساهمت في تحرك الحزن والأستكانه الى عالم الصمود والصبر على المكاره واعطت الوانها اشراقة جديدة لمسقبل تسبح في فضاءه كل الأطياف، وفي صورها اهتمت بالرمز وجعلت اللون هو دالالة الرمز وهو المعلن عن نبوءة اللوحة التي تجمع الصرخة والأستغاثة ثم التهيأ العمل ثم الحلم حلم المستقبل لهذه المرأة في بلدها الذي يكبر بها وبأولادها كان شاغلها الوحيد وهي طالبة معنا، الدراسة وبعد تخرجها من المعهد مورست ضدها شتى الضغوط ان تترك هذا النهج وتتزوج بارادتهم وتبني لها بيتا كأي عائلة عراقية ميسورة الحال لكنها ابت ذلك وكافحت وقطعوا عنها المساعدات وقررت ان تعمل في حقل التعليم الأهلي الى ان تقرر يوم سفرها الى الأتحاد السوفيتي لنيل شهادة الماجستير بالفن فحصلت عليها وعادت الى العراق وعملت بمتحف الآثار في المرسم والترميم الى جانب ذلك قامت بتدريس مجموعة من الطلاب الرسم، وهاجرت الى بيروت ودرست الفن مرة ثالثة وحصلت على الماجستير وعادت الى العراق وتزوجت من المخرج التلفزوني الراحل يوسف جرجيس حمد مما اثار غضب عائلتها فقاطعوها لأنها تزوجت مسلم وهي المسيحية ابن المهندس الأنكليزي سيرل بورتر الذي جاءمع الحملة البريطانية لأستعمار العراق، لكنه احب العراق واهل العراق واصبح واحدا من اهل العراق بالرغم من التحذيرات البريطانية لكل الرعايا البريطانيين ان لايختلطوا بالسكان العراقيين استقال من الجيش وعمل لحسابه الخاص وتزوج مرتين من عراقيتين مسحيتين وانجب بنات واولاد ومنهم الفنانة المبدعة امل بورتر، ولمعارضة زوجها يوسف النظام السابق اطاله واودعه سجن ابي غريب \الرهيب وسجن اربع سنوات وبعد خروجه من السجن هاجر هو وزوجته في ليلة شتائية ظلماء الى لندن لاشيء معهما فقط الملابس التي تسترهما وغصن قداح وغصن برتقال وزيتون من ارض العراق كما تقول هي وتبعا ابنهما الوحيد فراس الذي يدرس في لندن، لم يمهل المرض يوسف من اثر السجن فبقى ثلاثة اشهر وتوفي هناك، فحزنت علية حزنا شديدا وبعد انتهاء مراسيم الحزن شمرت عن ساعديها وبدات تدرس من جديد وحصلت على الماجستير، في الفن من احدى الجامعات البرطانية ودخلت سلك التدريس في احدى الجامعات البرطانية وباحثة اكاديمية في الفن التشكيلي في معظم جامعات العالم حتى جامعة السلطان قابوس، الى جانب ذلك انكبت على دراسة فن شعوب الشرق الأوسط الفن الذي اتهمه الغرب بالفن البدائي فردت عليهم بكتابها الفن البدائي والذي يتكون من اثني عشر جزء، ودللت ان هذه الفنون هي اصل فنون العالم تمتاز بالأيحاء والجودة وحتى الحداثة في الفن، بدليل رجوع كبار الفنانين الى هذه الفنون امثال بيكاسو وماتيس وجاكومتي وهنري مور.

لكن امل يورتر لاترضي ات يتحدها احد وهي متأهبة دوما للرد والمنازلة، فعندما اساء لها احد الفنافين العاجزين من ابناء جلدتها بانها عاجزة عن رسم البورتريت وان دعايتها هو ظهورها في المنتديا والمحافل الدولية وهيئيتها المكتملة وكمحاضرة في الفن التشكيلي دوليا.

قالت اتحدى وقبلت التحدي امام الجميع من الفنانين وعشاق الفن فرسمت وعلى فترات هذه البورتريتات التالية :

1- امرأة زنجية وهي اللوحة التي ارسلتهالي كهدية احتفظ بها في بيتي، عرضت هذه اللوحة في معرض ( ) راعت فيها الأسلوب الواقعي واهتمت بالكونتراس باللون ومساقط الظل والنور عن دراية وخبرة متمرسة اظهرت الجو العام للوحة يميل اللى السواد
ويعمق ذلك المنحى (الباك راوند) الذي يتجه الى سيطرة اللوحة لكن ا للون الأخضر الطاغي وملابس المرأة الزنجية خفف من غلواء اللون الأسود المسيطر والبنفسجي المائل الى اللسواد في بشرتها وانتشل اللوحة من اغراقها في عتمة هذا اللون، اضافة الى ضربات اللون البنفسجي اللذي يميل الى البياض يمثل مساقط النور على تقاسيم وجهها وتؤكد لنا هذه التضادات 0 وفد اكملت الفنانه امل هذه اللوحة خلال ساعة في جلست عمل.

2- اما اللوحة الثانية فهي فتاة مغربية، هي لوحة اكثر اشر اقة وتعاملت معها بألوان البنفسجي الفاتح واللون الوردي الفاتح والوجه اكثر دراسة الوانه تميل الى اللون الجوزي ومشتقاته واللون الوردي بشكل دراسي اكاديمي وذات نظرات حادة تريد ان تقول شيئا تخفية معتمر في صدرها، ا ن امل موفقة الى حد كبير في رسم هذه الوجوه.

3- المغنية البريطانية التي رسمتها من التلفزيون باللون الأزرق المعبر، انها رسمت روح هذه المراة ونظراتها وهمومها التي تريد تشرك بها كل انسان لأنها هموم انسانية تدخل الفرح والبهجة الى قلب كل انسان، اضافة الى اظهار امل التعب على وجهها من خلال مسيرتها الفنية الطويلة هي دائما تبهج قلوب البشر في اغانيها وهي صديقة للفنانة امل بورتر0

كانت تقول: ارسم بالألوان الزيتية لوحاتي ولن اقترب من الوان الكريلك لأن هذه المادة تتطلب مني السرعة وجاهزية الموضوع او تحريك العقل الباطن بالضربات العشوائية، انني لاافارق رومانسية الرسم بالزيت فهو يمنحني الأسترخاء ويقودني الى الحلم وعندما انطلق مع اللون احس باوتار قلبي تعزف موسيقى سامية مع اللون أي بشكل آخر كلما احرك فرشاتي اجد شيء مشتركة مع احاسيس روحي وهي حالة تقترب من السمو والأبداع .

والوان الزيت هي عندي تاريخ ترتبط مع مسيرتي الفنية فكلما حركتها ارجعتني الى يد فائق حسن الذي علمني كيف امسك الفرشة واسيطر على ضربات اللون بعد مزجها وذكرتني (بخيوله اليتيمةالموضوع الذي كتبه الزميل حسين الهلالي ) وكيف اعطانا فائق حسين منهجا ودرسا لايتكرر عند غيره، الوان الزيت التي ارجعتني الى قسم الرسم في معهد الفنون الجميلة ونحن مثل الطيور الملونة في عمل دائب ومرح وفرح ورومانسية عجيبة.

انها الجذور الأولى التي غذتنا بمقومات الفن وحب العراق وحب الأنسانية وشدتني الى ذلك العالم عالم الصفاء والحلم والمعرفة الجيدة على يد امهر الأساتذة فائق حسن وجواد سليم وحافظ الدروبي وغيرهم.

اما نشاطاتها الأخرى فقد قامت بتحرير وتعريب كتاب (العراق مابين الحربين العالميتين) من خلال رسائل سير بورتر والد الفنانة المذكورة انه كتاب شيق يتحدث عن العراقيين والعرب بروح ايجابية بل انه احب العراق والشعب العراقي وتعلم اللغة العربية واللهجة العراقية وادمن في هذا الحب حتى تزوج امرأتين مسحيتين وانجب منهما اولاد وبنات ومنهم الفنانة امل بورتر واوصى بدفنه بكنيست مار يوسف لقد كتبت الرواية والشعر وانجزت رواية دعبول البلام طبعتها دار الجمل واعيد طبعا مع روايات اخرى وكتب مؤخرا في الأردن.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com