|
كركوك النار الازلية .. استراتيجية امنية جديدة؟
حميد الشاكر ماذا يعني تجدد العمليات الارهابية في العراق ؟. سؤال اذا ما استطعنا الاجابة على ابعاده الحقيقية والواقعية نكون بذالك قد قطعنا اكثر من نصف الطريق لتشخيص الخلل في عمل الاجهزة الامنية الذي من خلاله لم يزل الارهاب في العراق مستمرا !. ان احداث كركوك بالامس وسقوط هذا الكمّ الهائل من الضحايا على يد العمل الارهابي الجبان والغادر الذي ضرب داراً للعبادة واحياءا للسكنى امنه يحتم علينا دوما ان نرجع لنبحث بسؤال : لماذا تتجدد الاعمال الارهابية بين الفينة والاخرى على غفلة من اجهزة الامن العراقية ودقة مراقبتها للوضع وسلامة تحليلها للمعلومة الامنية ومن ثم استباق العمل الارهابي وكشفه قبل ان يقع على رؤوس الامنين من الناس ؟. ولماذا بين الفينة والاخرى يبرز للعيان عمل ارهابي صحيح انه ليس بحجوم الاعمال الارهابية السابقة الا انه يبقى عملا مخلاّ بالامن وقاتلا للنفس العراقية التي حرّم الله سبحانه قتلها، ومعيدا للاذهان صور الرعب والقلق بين الناس ؟. ثم بعد ذالك ماذا يعني هذا التجدد في روح الاعمال الارهابية التي تضمر قليلا ثم بعد ذالك تنشط وتنفجر فجأة بوجه الابرياء من هذه الامة المبتلية بقدرها هذا ؟. طبعا هناك من الجانب الارهابي الاخر لاسيما الهاربين منهم في دول الجوار العراقي مَن يحاول ان يسأل بالنقيض لذالك ليطرح : كيف لنا من ادامة هذه الاعمال الارهابية في العراق ليبقى الوضع الامني المتردي على ماهو عليه ؟. ومثل هذه الاسألة والبحث عن الكيفيات في التخطيط والتمويل والتدريب والتأمين ....... الخ لاستمرارية الاعمال الارهابية والتخريبية والاجرامية داخل العراق، تستهدف اولا واخرا احراز مكاسب داخلية واقليمية خارج العراق على حساب العراق وشعبه ودولته ووضعه السياسي الجديد، ولكن المهم هو ليس معرفتنا كعراقيين بلماذا يخطط هؤلاء القتلة الاجراميون بحقد على انتزاع ارواح العراقيين من اجسادهم النحيفة !. ولا ماهي الاسباب التي تدفعهم للتخطيط وارتكاب الجرائم ليُقال لنا كعراقيين ان هناك اشكالية عراقية عراقية داخلية هي السبب في مثل هذه القلاقل الامنية ويجب على الحكومة والدولة ان تسارع الخطى في المصالحة مع الارهابيين الصداميين والقتلة القاعديين ليضمن العراقيين بعد ذالك شرور هؤلاء الاشرار من المنافقين عندما تشترى كفاية شرّهم بان يعودوا لممارسة السلطة من جديد في العراق !. لا ليس هذا مهما على مستوى معرفتنا في الجواب على سؤال لماذا ؟، وماهي الاسباب ؟. انما مايعنينا كعراقيين معرفته على وجه الدقة والتحقيق هو جواب سؤال : ماذا يعني تجدد هذه الاعمال الارهابية ونشاطها بين الفينة والاخرى بالعمل الاجرامي ؟. مثل هذا الجواب هو الذي سيضيئ للجهات الامنية والشعبية العراقية زاوية مظلمة من عملهم الذي ينبغي تسليط الاضواء على مكامنه القاتمة، ومن ثم لتلتفت هذه الجهات الامنية لتحريك عملها على استراتيجية اخرى ومختلفة في تعّقب الاعمال الارهابية والتخريبية لاجهزة الدولة العراقية الاستخباراتية والامنية ايضا ولتفّكر فيما بعد هذه الاجهزة الامنية في كيفية القضاء على الارهاب من الجذور وليس من الاطراف كما هو حاصل الان والذي يتسبب بين الفينة والاخرى بخروقات امنية كارثية !. نعم وكما نعتقده جوابا على ما تعنيه تجدد هذه الخروقات الامنية الكبيرة، نقول اننا نعتقد ان هذا التجدد والنشاط الفجائي في العمل الارهابي داخل العراق ثم كمونه ثم حركته مجددا ...، كل هذه الظواهر الارهابية ليس لها معنى الا شيئ واحد لاغير هو : (( ان مركز القيادة والادارة لهذه الاعمال الارهابية في العراق هي واحدة، وانها لم تزل في مأمن وبعيدة من تناول ايدي الاجهزة الامنية العراقية من القبض عليها، ولهذا هي قادرة على ادامة حركة الارهاب وضخ روح الاستمرارية فيه !)). ولعل هذا الجواب لسؤال ما يعنيه استمرار الارهاب في العراق سيفتح افاقا جديدة لتخطيط واستراتيجيات عمل اجهزتنا الامنية العراقية، بل ويقدم لها خطة عمل ودراسة جديدة لاعادة تقييم اعمالها الامنية في ملاحقة الارهاب وقواعده الحقيقية ومراكز حركته الاصلية، بعد ان شاهدت هذه الاجهزة الامنية ومن خلال التجربة : ان ملاحقة الارهاب من خلال البحث عن فروعه او تطويق انتشاره، او حتى احراز بعض النجاح في افشال مخططاته الجهنمية ...، هو عمل ذهب او جاء لايكون اكثر من معالجة آنية كانت ربما ضرورية فيما مضى لعراق ضربت الفوضى جميع مفاصله السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، الا انه يبقي عمل يستطيع ان يحجم من ظاهرة الارهاب في العراق الا انه مهما بلغ من نجاحات فانه سيبقى اقل بكثير من الوصول الى ثمرة القضاء على الارهاب نهائيا ومن جذوره الحقيقية والواقعية والاساسية !. ومن هنا نقول ان على مخططي الاستراتيجية الامنية داخل العراق اليوم ان ينتقلوا بعملهم الامني من الاهداف المحدودة والصغيرة التي كانت في يوم من الايام هي الممكن المتاح في العمل الامني داخل العراق لمعالجة مايمكن معالجته من خروقات امنية تلاحق هنا وهناك مجموعات ارهابية موزعة على مناطق متفرقة في العراق، الى وضع استراتيجية أشمل تتطلع الى الوصول الى مركز القيادة والادارة الحقيقية في تحريك العمل الارهابي بصورة كاملة داخل العراق !. صحيح ان هناك من سيقول : ان نظرية وجود قيادة موحدة ومركز اداره عام للعمل الارهابي في العراق هي نظرية قابلة للصحة وللخطأ، لكنّ وباعتبار ان الظواهر تدلّ على مسبباتها في الحياة السياسية والاجتماعية، فلايمكن لنا رفع نظرية : ان استمرار العمل الارهابي تقوده جهة منظمة وقادرة على الاستمرار والسيطرة الفعلية داخل الارض العراقية على حركة الاجرام الارهابي وتنظيم سيره ومده باسباب الحياة والانتعاش بين الفينة والاخرى، والا لوكانت النظرية الاخرى هي الصائبة في ان العمل الارهابي داخل العراق عمل فردي ومشتت وليس له ادارة موحدة وتخطيط متماسك ...، لكان العمل الامني العراقي قد نجح تماما في القضاء على ظاهرة الارهاب، باعتبار ان استراتيجية العمل الامني واجهزته الاستخبارية قائمة على نمطية الملاحقة السريعة للخلايا المتحركة لوجستيا لادامة الفعل الاجرامي الارهابي !. ولكنّ وبما ان الاعمال الارهابية لم تزل مستمرة مع وجود استراتيجية امنية لملاحقة الخلاية المتفرقة من الارهابيين، هذا يعتبر دليلا على ان هذه الخلاية المتفرقة التي يضربها كل يوم جهاز الامن في العراق، ليست هي في الواقع الممون الرئيس لادامة هذه الاعمال الارهابية، كما انها ليست هي المخطط والمدير على الحقيقة لعملية استمرار الارهاب داخل العراق !. وعليه لم يبقى امامنا لفهم ماهية استمرار وتجدد الاعمال التخريبية الارهابية الاجرامية في داخل العراق الا نظرية ان هناك مركز قيادة موحد وادارة شاملة لتنظيم سير وحركة الارهاب في العراق هي التي بالفعل قائمة على كل العملية الارهابية والممتدة لاكثر من ست سنوات داخل العراق !. الآن : هل ان مركز القيادة الارهابية هذا والمفترض انه هو المدير لكل العمل الارهابي داخل العراق لم يزل داخل العراق ومشكل من قيادات الاستخبارات العسكرية والمدنية وضباط الجيش وحزب البعث من بقايا نظام صدام المقبور ؟. أم ان مركز القيادة الارهابي هذا هو متمركز في دول الجوار العراقي وخارج رقعة الارض العراقية، وبمساعدة امنية ومخابراتية ومالية من هذه الدول الغير معترفة بالعراق الجديد، لضمان عدم وصول الايدي الامنية العراقية لهذا المركز الارهابي القيادي الذي يحرك خيوط الارهاب داخل العراق من خلال الخارج ؟. ايّا كانت النتيجة للجواب فعلى الدولة العراقية ان تضع بحساباتها الامنية انها بحاج لتغيير استراتيجيتها الامنية في الاولويات في هذه الحقبة من العمل الامني في ملاحقة جذور الارهاب الحقيقية وليس الغرق في تفاصيل وشبكات وخلايا هذا الارهاب الطاعوني المتحرك !. ونعم اكثر من ذالك يجب على اجهزة الامن ان تعمل على كلا الاتجاهين في ملاحقة الخلايا الارهابية المتحركة والضاربة بعنف لاستقرار العراق وقتل ابنائه، وان تعمل ايضا في تتبع مراكز القرار الحقيقي في هذا العمل الارهابي والممون له والمحرك الفعلي لشروره، ولكنّ على الدولة العراقية بمؤسساتها الامنية ان تدرك :(( انه في حال عدم معالجة الدولة العراقية لمراكز القيادة والادارة للارهاب سواء كانت داخلية او خارجية في دول الاقليم، فان عملها سيبقى مع كونه مستهلك لكل الجهود الاقتصادية المالية والبشرية والسياسية العراقية بلا فائدة وثمرة حقيقية للقضاء على الارهاب ونهائيا، هو كذالك عمل باهض الكلفة ولايتجه بشكل مباشر الى أُسّ البلاء الارهابي داخل العراق والمحرك من قبل قيادة وادارة مركزية له !!)). الحقيقة انه هناك اختلاف جوهري في الاستراتيجية الامنية العراقية وتوجهاتها التخطيطية والعملية بين تشخيص الداء الفعلي لمرض الارهاب في العراق، وبين ملاحقة عوارض جزئية لهذا الارهاب ربما تكون يوميةً ومتحّركة على الارض، الا انها تبقى ليست هي الفاعل الحقيقي لدوامة الارهاب داخل العراق !. وتمام عندما قررنا وجوب تغيّر استراتيجية ملاحقة الارهاب في هذه المرحلة من الزمن العراقي الجديد، وانتقاله من الملاحقة الجزئية الى الملاحقة الكلّية، فنحن لانغفل القول :(( ان ملاحقة الارهاب بشكله الاستراتيجي الجديد لضرب مراكز وقيادة الارهاب بشكل مباشر لايعتمد فقط على الجانب الامني من هذا العمل الكبير، وانما يدخل فيه الشقّ السياسي ايضا باعتبار ان فرضية وجود مركز قيادة الارهاب في خارج العراق وارد بقوّة، ويحتم على العراق العمل دبلماسيا وسياسيا ايضا لمحاربة الارهاب خارج العراق بعدما قامت اجهزة الدولة العراقية الامنية بمحاربته من الداخل !؟)). وعليه تتكوّن الاستراتيجية الجديدة في محاربة الارهاب بصورته الجذرية في العراق اليوم من جانب أمني داخلي وهو في الحقيقة الاضعف في المعادلة باعتبار انه ليس قادرا بصورة واقعية على القضاء على الارهاب نهائيا مهما بلغ من قوّة، وجانب سياسي دبلماسي عمله الرئيس استئصال الارهاب الوافد من مراكز القيادة والتخطيط والتموين في خارج الوطن، وهذا الشق هو الاساس في معادلة التخلّص من الارهاب بصورة نهائية وجذرية توفر الكثير من الجهد البشري العراقي والاقتصادي ايضا !. الخلاصة هو القول : يجب على الدولة العراقية بمؤسساتها السياسية دعم المؤسسات الامنية المناهضة للارهاب بأن تساند استراتيجية امنية شاملة لمرحلة العراق الجديدة الان بأن تقوم المؤسسات السياسية بملاحقة مراكز القيادة في خارج العراق بشكل جدي وصريح وتخاطب دول الجوار العراقي الراعي لمراكز قيادات الارهاب لديه : ان سبب عدم استقرار العراق هو وجود مراكز لقياداته في داخل دول الجوار هي التي تسهر على ديمومة الارهاب في داخل العراق واستمراره وتمويله مما يطيح بجميع جهود اجهزة الامن العراقية في بسط الامن، ويكلّف العراق اقتصاديا وبشريا الشيئ الذي لايطاق لاي دولة محترمة وتحاول ان تبني للمستقبل والاستقرار !. وهذا لايعني ايضا ومن جانب اخر رفع نظرية وجود هذه المراكز للقيادة الارهابية داخل العراق لاسيما ان هناك معلومات تؤكد على عدم وجود الدولة بمؤسساتها الامنية والخدمية الى هذا اليوم في الكثير من مناطق العراق لاسيما منها المناطق الغربية مما يوفر الكثير من الجغرافية الامنة لقيادات ومراكز قرار وادارة ارهابية داخل العراق وليس خارجه، والمهم هو ان نعلم ان موت الارهاب داخل العراق رهين بضرب قيادته ومركز القرار فيه وليس فقط ملاحقة شبكاته وعصاباته ومافياته الصغيرة والمتحركة على الارض التي كلما قطعت اجهزة الامن من روؤسها البارزة ولدت الجذور مرّة اخرى رؤوس ارهابية اكثر حقدا على العراق وشعبه !!!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |