|
في اليوم العالمي للاجئين
محسن ظافرغريب في اليوم العالمي للاجئين يجري حديث منظمات الأمم المتحدة في العراق عن تحسين ظروف المجتمعات الأكثر تضررًا في العراق بغية إعادة تهيئة فرص العمل والخدمات لها، تساوقًًا وتسويقًا لسياسة حلفاء "صدام" بالأمس القريب، خلفاء عبث البعث العدمي اليوم، من بيادق رفاق القومية (العربية - الكردية) المتحالفة مع الأجنبي الطامع ضد سيادة وقيادة "جمهورية العراق" لإسقاطها ربيع 1963م والإجهاز عليها بعد حلم العراقيين وصبرهم لأربعين سنة في ربيع بغداد 2003م، بانتظار "عام فيه ُيغاث الناس" (سورة يوسف)، بعد سبع عجاف السباع (أخوة يوسف) الذين توافقوا ديمقراطيًا على محاصصة جيف وأسلاب الوطن العراقي ونسيان رفاق غربة الأمس القريب في المنافي، وحديثهم ( في ما سمي "وزارة المهجرين والمهاجرين") المنافقة المنافحة على ورق دورة المياه الشحيح الوردي، عن حديثي النزوح داخل (العراق الجديد - القديم!)، وفي جواره العزيز الذي استضافهم، كما استضاف هذا الجوار، وضمنه العراق ذاته، الأشقاء الأشقياء كالفلسطينيين!، وترك الأخوة ( الدعاة !) لحرائر العراق في المنتبذ الأبعد برعاية الغرب الكافر الذي مكنهم من حرة الدنيا مدينة السلام "بغداد" واصطفاهم واجتباهم لإنتخابات منذ أوج الإضطرابات في شهر شباط 2006م هناك حوالي 1.6 مليون نازحًا داخليًا في العراق، ما جعل العراق (ثالث) أكبر دوله في العالم من حيث عدد النازحين داخليًا، كما يستضيف العراق نحو 40000 لأجيء غالبيتهم من (الفلسطينيين والإيرانيين والأكراد الأتراك!!)، مما خفف من قسوة محنتهم على مر السنوات. وقد قال ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق (دانييل أندريس):" إن العديد من العائدين والنازحين داخليًا في العراق محرومون من المأوى المناسب والمياه الآمنة والرعاية الصحية. وبحسب متابعة المنظمة الدولية للهجرة فإن ُثلث النازحين داخليًا في العراق هجروا ديارهم جراء الخطر المحدق بحياتهم بينما أُجبر 40% منهم على الهرب بسبب انتماءاتهم أو خلفياتهم السياسية أو الدينية أو العرقية. و فيما يتعلق بالعائدين، عاد 2 من أصل 5 منهم إلى منازل مهدمة كليًا أو جزئيًا بينما يتوفر لدى 17 ٪ فقط مياه صالحة للشرب و 59٪ لا يستطعون تحمل كلفة الوقود (فضلا ًعن انقطاعات التيار الكهربائي في صيف العراق القائظ أصلا ً!) فيما 35٪ عاطلون عن العمل. وقالت القائمة بأعمال منسق الشؤون الإنسانية والمنسق المقيم في العراق (د. نعيمة القصير): " لقد شهدنا تحسنًا إجماليًا في الأوضاع الأمنية في العراق أفضى لحركة عودة ملحوظة عام 2008م وزيادة أكبر في أعداد العائدين عام 2009م، وبغية تشجيع وحماية العائدين، يتعين أن نطمئن العائلات من خلال توفير الخدمات الأساسية كالوظائف والمدارس والإسكان والرعاية الصحية لدى عودتهم، وقد قمنا بمضاعفة جهودنا لضمان توفير هذه الخدمات في الأجزاء الأكثر تضررًا في العراق". كما وكد (بيان الأمم المتحدة) تواصل دعمها حكومة العراق لإنشاء المرافق وخلق الظروف الملائمة لإعادة تأقلم العائدين العراقيين من خلال تقديم الخدمات الأساس للفئات الأكثر ضعفا وهشاشة ًً . وفي دول جوار العراق حيث يرزح زهاء 1.5 مليون لاجيء، ما فتئت الأمم المتحدة تعمل عن كثب مع الحكومات المضيفة لتكفل توفر الخدمات الاجتماعية الأساس والمساعدة للاجئين عبر تأسيس مراكز العودة وإعادة تأهيل المأوي وتوفير المعلومات عن العودة والنزوح ومشاريع المياه والصرف الصحي والمساعدات الغذائية وخدمات التعليم والرعاية الصحية الآنية لمن هم أشد عوزًا. وأعربت الأمم المتحدة في بيانها عن تقديرها لدول جوار العراق لاستمرار استضافة اللاجئين العراقيين الذين يقيم أغلبهم في الأردن وسوريا، وعلى الدعم والخدمات التي ما زالت توفر لهم. عراق الحضارات والخيرات والمقدسات الذي أنجب محرر القدس المسلم الكردي "صلاح الدين الأيوبي" كما أنجب سفاح سفح قنديل بشتآشان الرئيس "طالباني" و سلفه سفاح الدجيل "صدام المُدان"، لأولى ببناته وبأحراره أبناء مؤسس جمهوريته سنة 1958م ومؤسس جيش التحرير الفلسطيني والجزائري المقاتل في "جنين" و"كفر قاسم" سنة 1948م "عبدالكريم قاسم، عراق أنجب في شماله (عقرة) أمثال "أكرم بارزاني" مُستوطن القسطل في فلسطين، المُعجب بموطنه إسرائيل وبمواطنه الكردي الجنرال في جيش (الدفاع) الإسرائيلي "اسحق مردخاي"، وأيضًا أنجب جيل من شهود عيان، منهم من جنوبه، الكاتب المُهاجر "حمزة الحسن" الذي يروي من المنفى المنسى مُذكرًا: " بعد انهيار الحركة الكردية عام 1975 ودخول الجيش الى عمق المدن والجبال عثرنا في سجن كلالة على جنود وضباط أسرى تمت تصفيتهم على عجل وشاركت في حمل الجثث بنفسي وكانت الدماء لم تجف بعد وتمت المجزرة في اللحظات الاخيرة قبل الهروب والأمر نفسه في سجن جومان القريب من كلالة بعشر كلم تقريبا وتكرر في سجن رايات وهو سجن الشنق الرئيس حيث المشنقة تقع على الجهة اليسري من الطريق القادم من جومان الى رايات ـ ومن أوضاع الضحايا يتضح انهم اعدموا في داخل غرفهم بصورة جماعية وفي لحظة واحدة. وفي الوقت الذي كنا فيه أمام هول المذبحة في سجن بلدة جومان القريب جدا من مقر الاخوين ادريس ومسعود البارزاني الرجل الثاني في الحزب يومذاك، وصل ملازم مع سرية دبابات تابعة للواء الثامن المدرع ليكون شاهدا على بشاعة الجريمة مع الجنود والاكراد المتجمهرين، ومن قلب الحشد خرجت عجوز كردية مرسلة على الأرجح من الأهالي خشية من رد فعل لم يحدث أبدا وتوجهتْ الى امر اللواء الثالث العقيد الركن الغيور على حياة الجنود شاكر وجر الامارة قائلة:" لا تحسبها علينا يا ابني. هذا عمل جبناء". وكان تقرير جهاز البارستن عن تلك المعركة:( عن 230 جثة تركت في أرض المعركة وابادة كاملة للواء الثالث). وبعد عملية اعادة تنظيم عاجلة أعادونا الى تلك المناطق ودخل اللواء في معارك طاحنة جديدة في الجبال والغابات والوديان والكهوف وفي كل متر مربع ولمدة عام كامل من أربيل الى حاج عمران، اي 185 كيلومتر دم بين أوعر الجبال والمضائق والممرات بلغ ذروته في قتال التحامي على قمة جبل زوزك الشاهق في يوم عاصف بالحراب والقنابل اليدوية في قتال رجولي مشرف من الطرفين، ولكن عطب الثورة الكردية العضوي والبنيوي يكمن كمرض خطير في جبن وانتهازية وسطحية ونزويّة وقصر نظر قادتها السياسيين ـ بعض المعارك تمت في طقس جليدي غريب على جنود فقراء غالبيتهم من الجنوب. - بشتاتان تقع على سفوح جبال قنديل من جهة وفيها تم اعدام الاسرى الشيوعيين عام 1983( قرب مقرات الطالباني) وجومان تقع على السفح الآخر لقنديل من جهة جومان( مقر ادريس ومسعود البارزاني) وفيها اعدم الجنود والضباط عام 1975 ـ اي ان أمر الاعدام مركزي وقيادي مع سبق الاصرار، وقرب مقر ادريس ومسعود من مكان التنفيذ يوحي بأكثر من ذلك. - يقع مقر مسعود وادريس البارزاني في تلك الفترة 1974 ـ 1975 بنحو مسافة مئة متر عن سجن جومان, ويقع على الجانب الايمن من الطريق الرئيس القادم من كلالة الى جومان وحاج عمران: سياج المقر الخارجي مبني من الحجر بسمك نصف متر تقريبا ولا يرتفع بأكثر من متر ونصف( كي لا يلفت الانظار) والباب حديدي، وعند الدخول يواجه الماشي ممرا من الاسمنت بطول ثلاثين مترا تقريبا وبعرض متر ونصف يوصل الى الباب الداخلي، وعلى جانبي الممر حديقة من العشب فقط وتخلو من الاشجار (للتمويه والايحاء بوضوح المكان) لكن على الجانب الايمن من الحديقة بني ملجأ محصن تحصينا مضادا لأقوى القنابل وقتها ولا يمكن التعرف عليه للماشي فوق الممر أو من الجو اذ يبدو مجرد حديقة عشبية والدخول اليه يكون عادة من باب مغطى بنفس نوعية عشب الحديقة ويتم عادة برفع صخرة موضوعة على المدخل ويبعد عن جسر جومان بأقل من مئة وخمسين مترا وخلفه مباشرة موقع الاذاعة في كهف جبلي - المقاييس هنا تقريبة. لا أدري لماذا لا نضع الجنود وغالبيتهم من الفقراء كضحايا للاغتيال والاعدام وحين يتم ذلك يتم بصورة عابرة كحدث طبيعي؟. التشوه والادمان لأخطر على القتل والموت الرخيص. فمثلا: اعدمت القوات الامريكية بعد وقف اطلاق النار سنة 1991 اكثر من ستين الف من الجنود العراقيين الذين دفنتهم جرافات معدة لهذا الغرض في الصحراء تطلق كميات من الرمل من مسافة 500 "م". دفن الجنود احياء في ملاجئهم وقد اعترف السفاح ديك شيني ـ وزير دفاع يومها ـ بالجريمة في مؤتمر صحفي مبررا ذلك بالقول" من كان يعرف ماذا سيفعل هؤلاء؟" أي انهم قتلوا على شبهة. ان الذاكرة الانتقائية في الثأر لضحايا ابرياء هنا وطمس معالم جريمة لابرياء هناك هو جريمة أخرى وهذه الجرائم لا تسقط بتعاقب الزمن لان مفهوم الابادة الجماعية بسبب العرق والموقف والمعتقد وبدم بارد وتخطيط وقرار مركزي هو جريمة انسانية وفق كل المعايير والاعراف والاخلاق قديما وحديثا وهي تكشف خسة القاتل أمام عزلة الضحية. في اواخر عام 2002 وطبول الحرب تقرع كتبت مقالا عن موقف الاحزاب الكردية في المستقبل من تحولات وشيكة والخشية من نهج اسلوب الانتقام واسشهدت بمقولة لفرانز فانون يتحدث عنها أدوارد سعيد باعجاب وتقدير في كتابه( الثقافة والامبريالية) تقول:(ان القوميات الوليدة والمنتصرة عليها في لحظة الانتصار ان تنعطف، حالا، نحو الديمقراطية والمؤسسات وإلا ستتجه حتما نحو الفاشية) وكان كلام فانون قبل صعود النازية الالمانية والفاشية الايطالية، لأن القوميات الفتية الخارجة منتصرة من مرحلة صراع طويل ستحاول تقليد اساليب عدوها الاول بمهارة كتعويض عن عقدة الشعور بالدونية بل تتفوق عليه في الوحشية. وهذا بالضبط ما حصل بعد الاحتلال وحتى اللحظة لأن مثل هذا التحول في لحظة منعطف تاريخي مصيري لا يمكن ولا تقدر ان تقوم به عقلية مسطحة مصابة بقصر نظر وضيق افق معرفي تعيش اليوم سجينة ذهنية الملجأ والقبو والمخبأ والسلاح ـ عقلية المخبأ النفسي تخلق في كل مرة ظروف تهديد لكي تتوازن وتستمر في السيطرة بعد زوال المخبأ والملجأ والقبو المادي وتحطم جدرانه. نُشر المقال خلافا لكل التقاليد الاعلامية والاخلاقية في حقل (القراء) مبتورا ومشوها كوجه المحرر في الصفحة في جريدة (الزمان) يومذاك المعروف بـ(سجّان عدن) حيث فتح سجنا في عدن الاشتراكية لحسابه(قطّاع خاص) بدون علم الحزب الشيوعي العراقي لمعاقبة هاربين عراقيين وضحايا منفيين ومن يخالفونه في الرأي. تذكروا قول العجوز الكردية الحكيمة: "لا تحسبوها على الشعب الكردي لأن هذا عمل جبناء". لكن من هو القاتل؟ القاتل طليق - يتبجح - ويهدد - لأنه ذاق طعم الدم والصمت. القاتل جبان - ومتأنق - مسلح - ومطلوب. - تعرف اكراد جومان على جثة القيادي الكردي البارز فاخر ميركه سوري مع سبعة من أشقائه وابناء عمومته من بين المعدومين في مذبحة السجن قبل الهروب". كي لا ننسى النازح وقبله المُضيع المُهاجر على مدى جيل من زمن الإختلال الذي أفضى بحلفاء - خلفاء "صدام" إلى الإحتلال، لنذكر (حامل أسفاره) في اليوم العالمي للاجئين، بأعوام الغربة التي سقاها الله ورعاها الأجنبي!، فأينعت للدُعاة إلى الله!، وأجدبت على صفوة أحرار ومثقفي العراق، وهم .. هم ... حتفهم غداة غد، القريب كثورة إيران اليوم بعد جيل ثلاثين سنة خلت من الدعوة إلى الله، ولات حين مناص، ولات حين مندم، وسيعلم الذي إن تحمل عليه يلهث أو تدعه يلهث، وسوف يعلم ظالم أبناء جلدته وعرقه العراقي، والذاهب بمذهبه إلى منقلب، والسلام على من خشي عواقب المنقلب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |