عداء إيران مَن المستفيد .. أبحث عن أسرائيل!
 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

في علم الجريمة دائما يطرح المحققون السؤال التالي كمفتاح او رأس خيط للوصول الى الحقيقة وهو : مَن المستفيد ؟.

في علم السياسة لااعلم لماذا بونابرت أطلق كلمته الشهيرة : أبحث عن المرأة !.

ربما لعله صاحب فلسفة بعيدة عن اتهام الشرقية والثقافة الذكورية المعادية للمرأة حسب ماترغب به بعض الجماعات في وصف الثقافة العربية، لهذا اطلق بونابرت كلمته وهو مطمئن لغربيته التي هي فوق مستوى الشبهات !.

الا انه حتى على هذا الاساس لانستطيع دفع نظرية التفاهة لقائد الحملة الفرنسية على الشرق، باعتبار ولع هذا الرجل بالمرأة التي حرم منها طوال عمره !.

على اي حال هناك مايشبه القاعدة التي تصلح في الكثير من تفسير وتأويل العلاقات والظواهر الانسانية وبما فيها السياسية يستطيع سؤال : من المستفيد ؟، على حلّ الغازها وتتبع بداياتها والنهايات أيضا !.

إيران دولة جارة للعراق وللعالمين العربي والاسلامي، فارسية القومية، في احد منعطفات التاريخ الصعبة انتفض شعبها بكامله ضد الظلم والطاغوت الشانشاهي الموالي لاميركا والغرب وإسرائيل المحتلة، ولكنّ مع ذالك لم تستطع هذه الدول العظمى حماية هذا الطاغوت الدكتاتوري، وسقط نظامه على يد الشعب الايراني بقيادة الامام الخميني !.

توجهت هذه الامة الى انتخاب نظامها السياسي التي تحاول صناعته، فجاء الاستفتاء على نظام الجمهورية الاسلامية كاسحا، وخطوة خطوة تشكلت ايران اليوم من خلال ارادة هذا الشعب ولهذه اللحظة ايران قائمة ومستمرة !.

الاّ ان ايران هذه القائمة ومنذ تاسيسها الى هذا اليوم هي في شدّ وجذب مع قوى الهيمنة الكبرى الموالية للنظم الدكتاتورية الفاسدة، والتي كانت هي الراعي الاساس للشاهنشاهية المقبورة، والتي يبدو انها فقدت الكثير في ايران عندما فقدت حليفاها الطاووس الشيطاني محمد رضا بهلوي، فناصبت العداء ومنذ قيام الجمهورية الاسلامية في ايران حتى هذه اللحظة هذا الكيان القائم في ايران !.

حاولت اميركا واوربا وحلفائها في المنطقة العربية والاسلامية اسقاط ايران الاسلامية وارجاعها الى ايران الشاهنشاهية بكل السبل المتاحة من خلال الحرب والمؤامرات والاعلام والحصار الاقتصادي .. الى ان وصلت الدول العظمى الى قناعة ان ايران سوف لن تسقط من الخارج ابدا، فبدأت بالتفكير باسقاط من الداخل على لغة حرب النفاق التي تنخر الاساس من الجذور ليقع البنيان على ساكنيه!.

والى هنا رأت القوى العظمى بمحرك دينموها الصهيوني في المنطقة ان امكانية اسقاط ايران من الداخل هو الامل المتبقي الوحيد اما لاسقاط جمهورية ايران الاسلامية، وأمّا على الاقل الضغط عليها لتقديم تنازلات جوهرية في سياساتها المتبعة، وخصوصا منها العداء للوجود الصهيوني المحتلّ الذي يأتي في المرتبة الاولى في اجندة العالم الغربي المهيمن، ثم بعد ذالك يجب ان تتوالى التنازلات في اشياء كثيرة في مقدمتها التنازل عن تطلع امتلاك التكنلوجيا النووية .... وهكذا !.

إيران ومن الداخل يعني ايران ومن نصوص الدستور القائم فيها، يعني من قانون الانتخابات وتداول السلطة في هذا البلد، والى هنا وجد اعداء ايران مبتغاهم من داخل ايران في دستور جمهورية ايران الاسلامية كمنفذ للدخول الى قلب ايران لقطع اوردته من ضخ الحياة للجسم الايراني، وكملعب اخير لابتزاز ايران واخضاعها للارادة الغربية الصهيونية !.

الا ان هناك ايضا مشكلة للقوى المعادية لايران من الخارج هي : كيفية التاثير على ايران من الداخل، وما موجود في الداخل الايراني هما تياران قويان جدا، الاول التيار المحافظ الثوري، والثاني التيار الاصلاحي المنفتح ؟!.

الحقيقة ان اشكالية الغرب واميركا والصهاينة مع ايران الاسلامية لاتختص بالتيار المحافظ المناهض ومنذ قيام الثورة حتى هذا اليوم للتدخلات الخارجية في الشؤون الايرانية الداخلية، وإنما ايضا للغرب موقف مناهض من التيار الاصلاحي ايضا والذي هو كذالك محسوب على فكرة الجمهورية الاسلامية في هذا البلد، حتى وان بدى ان الادارة السياسية في اميركا والغرب والصهاينة هم يميلون الى التيار الاصلاحي كمرحلة تكتيكية في الحرب على ايران، ولكن بالنتيجة فإن الثور الذي سيذبح بعد تخلص اعداء ايران من التيار المحافظ هو الخط والتيار الاسلامي بالجملة سواء كان اصلاحيا او محافظا في هذا البلد لتعود ايران الى سيرتها الاولى عند الشاهنشاهية القومية الايرانية الدكتاتورية لاغير، وعندئذ تصبح ايران زنبقة بيضاء وجميلة وناعمة بالنسبة للادارات الامريكية واسرائيل بسبب ضمان ولائها للمصالح الغربية لاغير !.

هذه المقدمة تهيئ لنا الارضية اليوم لنسأل مجددا : مَن المستفيد من حملة العداء لايران اعلاميا اليوم ؟.

ولماذا كلّ هذا الكمّ الهائل من الهجوم الاعلامي على جمهورية ايران الاسلامية ؟.

هل لان ايران دكتاتورية مثلا يشنّ عليها الاعلام الغربي والاميركي والاسرائيلي والعربي الموالي للغرب والصهاينة كل هذه الحملة لاسقاط ايران ونهائيا ؟.

أم بسبب ان ايران ضد مصالحنا العربية والاسلامية والانسانية لذالك نحن نرى ونسمع كل هذا الكمّ الهائل من النيل من وجود ايران في هذه الحياة ؟.

طبعا هناك من سوف ينافق حتى العظم لخداع البسطاء من الناس ليجيب : انه بالفعل من اجل الحرية والديمقراطية نحن نطالب باسقاط ايران الدكتاتورية التي تقيم انتخابات ومناظرات رئاسية في نظامها الاسلامي، ولهذا ودفاعا عن الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، وجمعيات حماية المثليين .... نحن نكتب ونعلن الحرب على ايران حتى ولادة ايران ديمقراطية وحرّة !.

ومثل هذا المبرر لبعض الاعلام والكتاب والاقلام التي تعلن الحرب على ايران لااعتقد انه صادق بما فيه الكفاية من منطلق ان نفس هذا الاعلام وتلك الاقلام وأولئك الكتّاب ماهم في حقيقتهم الا موظفين يعملون باجور مستقطعة لاعتى النظم الدكتاتورية البترولية الخليجية والبوليسية الامنية في منطقتنا العربية، ولو كانت الدوافع هي الدفاع عن الديمقراطية والحرية في منطقتنا العربية، فلماذا لانقرأ لهذه الاقلام ولانسمع لؤلئك الكتاب ولانشاهد لهذا الفضاء الاعلامي اي نقد او عداء او هجوم على اولياء نعمتهم الغارقين في الفساد والدكتاتورية وانتهاك حقوق الانسانية وتكفير الديمقراطية واعتبارها من رجس الشيطان ؟!.

لماذا لانرى المناهضين لانتخابات ايران هم ايضا مناهضين للنظم التي لاتعترف بشيئ اسمه انتخابات او وجود فكرة انتخابات في الحياة السياسية اصلا ؟.

بمعنى اخر : لماذا لانرى اعداء ايران ضد نظام مملكة ال سعود السياسي مثلا الذي لو اردنا وصف تخلفه ورجعيته وانتهاكه لحقوق الانسان، وتكفيره للديمقراطية، لما استطعنا استنفاد جميع المفردات التي يمكن استخدامها بوصفه ؟.

لماذا لايشير اؤلئك المعادين للنظام الدكتاتوري مثلا في ايران باعتبار انهم المدافعين عن الحرية والديمقراطية للنظام المصري الذي ليس فقط لايعترف بديمقراطية بل هو مكتسح لجميع التوقعات التي تفرض ان هناك تغييرا سياسيا ربما سيقع في المستقبل، فلماذا اذا لانسمع اعداء الدكتاتورية مدافعين عن الديمقراطية الا على ساحة ايران الاسلامية ؟.

لماذا لانرى حماة الحرية والديمقراطية تلاحق نظام تونس المخابراتي الذي جاء للسلطة من خلال انقلاب ؟.

لماذا ولماذا ولماذا ؟.

اخيرا : لماذا الادارة الامريكية والغرب والصهيونية العالمية لاتحترق غيضا على جميع نظم الاستبداد والدكتاتورية والجريمة البترولية الخليجية او العربية او الاسلامية العامة، وفقط ايران هي التي ليست ديمقراطية بسبب اقامتها لعمليات انتخاب ومناظرات سياسية ونتائج وتوقعات مستقبلية في عملية التغيير والسياسة ؟.

إذن مبرر ان اعداء ايران يشنون هذه الحملة المسعورة ضد جمهورية ايران الاسلامية بسبب دفاعهم عن الديمقراطية والحرية ربما يبدو انه شيئ اتفه من الالتفات اليه، اولا لنفاقية منتحليه وكيلهم بالف مكيال ومكيال، وثانيا ليس من حق من يدافع عن الدكتاتوريات البترولية والفساد السياسي في المنطقة العربية والاسلامية ان يشغل وظيفة الواعظ المحب في حقوق الانسان والحريات السياسية باعتباره اخر من يملك اخلاقية الدفاع عن هذه الاخلاقيات، وثالثا : كيف لدول غربية وادارة امريكية تساند الاحتلال الصهيوني وتغتصب ارض شعب عربي باكمله وتطرده من بيته وتساهم في تشريده وهجرته وتعذيبه بين البلدان، وتمنع القانون الدولي ان ينفذ ويأخذ مجراه بحق الدول المحتلة لارض الغير .... كيف لدول هذا ديدنها مع ارض الشعب الفلسطيني المحتل ان تتشدق بالحرية وحقوق الانسان ووجوب احترام القانون الدولي الذي اول من يعطل من مفاعيله هي هذه الدول نفسها بحق اسرائيل المستهترة بكل العالم باعتبارهم شعب الله المختار والباقي من العالم مجموعة من القردة والحيوانات حتى لاتستحق الاحترام او النظر اليهم بصورة محترمة !.

يبقى بعد هذا كله ان نجيب على سؤال : من المستفيد من العداء مع ايران ؟، ان نقرر حقيقة ان المستفيد الوحيد والحقيقي لهذه الحملة التي تشنّ ضد وجود جمهورية ايران الاسلامية هي الصهيونية العالمية لاغير !.

نعم أبحث عن إسرائيل !!.

هذه هي في الواقع الوصفة السحرية التي ستوضح للعالم الغافل جميع الطلسمات التي تختبئ خلف جدارية العداء لايران الاسلامية !.

وهذه هي التي تكشف لاي انسان لماذا يكتب هذا ويصرخ ذاك ويصيح اخر .... وهلم جرا ضد ايران هذا اليوم !.

تصوروا معي : لو كانت ايران بقرة شاهنشاهية حلوب للبترول مثل السعودية مثلا بعلاقاتها القوية مع اسرائيل واميركا، فهل سوف يتجرأ احد على وصف ايران هذه بالدكتاتورية او المنتهكة للديمقراطية ؟.

هل كان كتّابنا الاعزاء عراقيون وعرب ومسلمون لاحترقوا غيضا من ايران ولاية الفقيه لو كان الولي الفقيه محبا لدولة اسرائيل ومرحبا مثل الاعور الدجال بعلاقات مميزة مع اميركا ومتبخترا برقصاته الشعبية مع بوش او بلير او كلنتون او بيريس .. هل كان اؤلئك الكتاب ناقمين ايضا على نظام ولاية الفقيه ؟.

ام ان هذا الفقيه سيرشح لنيل جائزة نوبل للسلام ليصبح بابا اخر كله ابيض ماعدى قلبه فهو بلون مختلف ؟.

هذه في الحقيقة مجرد اسألة لاغير، وربما اجوبة بشكل اسألة تحاول ان تجيب على سؤال: لماذا نعادي نحن ايران ؟. وهل حقا من مصلحتنا الديمقراطية ان تسقط ايران الاسلامية لياتي بعدها نظام ولاية الملك الدكتاتور الذي رغم عيوبه التي لاتحصى الا انها تغفر امام فقط حبه لاسرائيل لاغير ؟.

على كل عاقل في هذا العالم لايقتنع بوجهة نظري هذه ان يجيب على اسألتي الواردة انفا واكون له من الشاكرين، ان اقنعي انه يعادي ايران لنفس السبب الذي من اجله احبّ اسرائيل !؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com