ربيع طهران قد هبت نسائمه ............ فمتى يابغداد يلتحق الركب

 

عماد خليل بله

ekbelah@yahoo.com

قد يصح القول ان مايحدث في ايران يجد صداه في العراق قديما، لكن من الواضح انه صحيح ومتبادل بعد دخول البلدين في الاسلام.

تمكنت حركة رجال الدين من قطف ثمار ثورة الشعب في ايران 1979 وتحكمت منذ ذلك الوقت بالسلطة فيه، وليس ما يتناقض بهذا مع مسيرة التاريخ فالاسلام مكون اساسي من المكونات الاجتماعية الثقافية في ايران، ويعتبر كثير من المتابعين ان القيادة الاولى للسلطة كانت تهدف بقناعاتها الى بناء نموذج دولة اسلامية تحقق درجة واضحة من العدالة الاجتماعية مستلهمة الثقافة والفقه الشيعيين، غير انه وكما يحدث غالبا في تجارب الشعوب تنحرف الثورة عن اهدافها عندما يتمكن منها المتطرفون والانتهازيون لتبتعد في ممارساتها عن مصالح الشارع الواسع وفي واحدة من صورها تستبدل بناء الانسان والاقتصاد لترفيه حياة المواطن بمشاريع التسليح والعظمة الفارغة ، لتتشكل عوامل الصراع بين السلطة والشعب الذي يشعر بالخداع، وفي ايران لم يبتعد الزمن كثيرا منذ سقوط الشاهنشاهية لتنطلق مظاهرات الاحتجاج ضد حكومة الولي الفقيه وتمثلت بتظاهرات فقراء طهران ضد قرار السلطة المرتجل  بازالة مساكنهم  عام 1989 .     

في سنوات البداية للتغيير الثوري يمكن تبرير الاخطاء تحت يافطة عدم وجود خبرات كافية في ادارة الدولة ولعدم امتلاك برنامج سياسي لقيادة البلاد كمعظم التنظيمات السياسية ذات الطابع الديني غير ان استمرا رالمسيرة وباصرار على الاخطاء وتراكمها يؤدي الى تاكل الاسناد الشعبي للقوى الحاكمة. ان رياح التغيير اخذت طابعا منظما منذ رئاسة خاتمي وان كانت ضمن حركة اصلاحية داخل محيط الثورة  -ان صح التعبير- وكان لهذه الحركة ان تحد من امكانية ظهورتيارات تمتلك توجها كامل الاختلاف لو تمكنت من قيادة البلاد. وحدث العكس اذ ازداد التطرف منذ  تسلم نجاد لرئاسته الاولى وكثرت الازمة بين حكومة ايران والمجتمع الدولي كما تفاقم الصراع الداخلي ليجد له تعبيرا متقدما في احتجاجات الرفض المتواصلة لنتائج الانتخابات الاخيرة وحتى لو صح وفاز احمدي نجاد ب60% من الاصوات فان باقي المئة يقترب من نصف الشعب ويؤشر الى تصاعد مستقبلي لحجم قوى الاصلاح.

يقول الولي الفقيه في رده على التظاهرات هي تحركات لعملاء الغرب ، وقد تلقف رجال السلطة العبارة  ليبدؤا تحضيراتهم لعمليات قمع تفاقم من عدد الضحايا وعمليات التخريب اذا ما تمت في الايام القريبة. اذن هي نفس التهمة الجاهزة للاستخدام من قبل الانظمة الشمولية للهروب من مواجهة الحقيقة وعدم رؤية الاخطاء في البلد ، اذ ليس من المعقول ان تتحرك كل هذه الالوف من المواطنين بتوجيه اجنبي ويفضح ذلك قول خامنئي نفسه بان كل المرشحين للرئاسة هم ضمن خط الثورة، بمعني لا عميل للاجنبي بينهم. وما هذا بغريب فدائما ما يلجأ الحكام الى الهروب من معالجة الواقع باتهام الاخر والاساءة اليه ان كان محليا او غير محلي ، فقد اتهم انور السادات احتجاجات فقراء مصرعام 1978 وسمى متغابيا ثورتهم بانتفاضة الحرامية ، وليس صدام عنكم ببعيد فقد كانت انتفاضة الشعب العراقي في 1991 في تصوره حركة غوغائية.

 من المؤكد ان توازن القوى الحالي ليس لصالح الشارع التحرري فما زالت جبهة المحافظين تمتلك ادوات قمع قوية كافية لقمع الحركة التي يمكن وصفها بالتمرين الكبير قبل التغيير المنتظر. ينسى المتسلطون دائما ان تحكمهم لن يدوم الا سنوات هي في عمر الشعوب قصيرة. ورغم ان حركة المعارضة ممثلة يقياداتها  محاولة اصلاحية في مسيرة الثورة لكنه ايضا من الواضح الانشقاق الفكري بين اركانها ولقد اخطأ الولي الفقيه بانحيازه الى جانب صناع المخاطر التي نتيجتها خراب البلاد وفقد امكانية لعب دور الوسيط للخروج من المازق.

وبما ان التشابك بين وضعي العراق وايران على سعة كبيرة فهل يتعض لاعبوا السياسة العراقيون مما يحدث في الدولة الجارة ، خاصة مستخدموا الغطاء الديني ليتجنوا خسران التاريخ؟ هل من الممكن ان يكون التحرك الجاري لاعادة تشكيل الائتلاف بداية للاصلاح؟ هذا الاصلاح الجد ضروري لاستعادة المصداقية و استعادة الثقة التي احرقت معظم وشائجها مع الشارع. والاصلاح بحاجة الى شروط عدة وصعبة القرار يمكن ان يكون منها الانتماء الثابت الى العراق شعبا وارضا ، و العمل خلال برنامج يخدم مصالح الشعب العراقي نصا وروحا ، والتخلص من السيطرة الغاشمة لعنصرية قومية ضيقة فرضت بدون حق تمثيلها لشيعة العراق، وعدم حصر تمثيل المكونات العراقية الاخرى بتشكيل سياسي واحد، ومن المهم اعادة واستعادة ثروات العراقيين المنهوبة خلال الحكم الحالي والسابق والبدا بالنفس اولا. قد تكون هذه من مقومات السير في الطريق الفعلي لاستعادة الذات الفكرية والعقائدية المغيبة وليس الترقيع التضليلي.

ورحم الله الراحل رشدي العامل حين قال ( والشارع مهما يندحر الشارع ينتصر... والموت) 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com