|
تازة دماء الشيعة تازة!
د. حامد العطية كل يوم تسفك دماء الشيعة، إن لم يكن بالمئات، فبالعشرات، أو الآحاد، وهو أضعف الإيمان عندهم، حتى أصبحت الظاهرة أشبه بالقانون الطبيعي، ونحن الشيعة لا نزال بانتظار ظهور عالم علامة مثل نيوتن، صاحب قانون الجاذبية، ليكتشف لنا قانون قتل الشيعة، ويبين لنا الدوافع الكامنة، ويصف لنا هوية المقترفين المجهولين. دماء الشيعة تسفك، ولا حساب إلا للموتى، فلم نسمع يوماً بأن قتلة الشيعة قد اقتيدوا إلى المحكمة، وبأن احكاماً بالاعدام قد صدرت بحقهم، أو على الأقل بعقوبات مخففة مثل السجن المؤبد، أو الرفع بالفلقة، أو بضع ضربات بالمسطرة، بجانبها العريض بالطبع لا حرفها الحاد، لئلا يتألمون، ويضجون بالشكوى لشركائهم في رؤوس الجبال، أو محرضيهم في الفيافي والقفار، وإن ثقلت على قلوبنا الرحيمة معاقبتهم جسدياً فلنكتفي بالعتاب، وليكن عتاباً ثقيلاً لا رقيقاً، تسكب خلاله العبرات، ولا بأس بقليل من اللطمات، لا على خدودهم أو صدورهم، وإنما على خدودنا وصدورنا، فنحن معتادون على اللطمات والإهانات، ولا تطالبوهم بالديات لأنهم بالتالي سيقتطعونها من أموالنا، بالفصل السابع الأممي من عوائد نفط الجنوب، أو الفصل الثالث من ميزانية المالكي. اخبروهم بأننا حرمنا الهوسات، حتى لا يقال عنا عدائيون، ولم نعد نمتطي الخيول ولا حتى البغال لئلا يظنون بأننا نعد لهم ما استطعنا من قوة نرهب بها الأعداء، وطمئنوهم بأننا لم نعد شيعة، وإن كنا ندعي ذلك، بل نحن على دين البوذية، بالفعل إن لم يكن بالقول، لأن البوذي لا يؤذي كما يقول المثل السعودي، وبما أننا لا نؤذي فنحن بالتأكيد بوذيون، وإن لم يرق لهم هذا فقولوا لهم نحن على منهج هابيل، الذي لم يدافع عن حياته ضد أخيه الشرير القاتل، لذا فنحن كلنا مستعدون للفناء، وإن لم يصدقوننا فلندعي بأننا من أتباع المهاتما غاندي الذي يؤمن باللاعنف، بل نحن أكثر مسالمة منه، لأننا لم نقاطع المنتجات الأمريكية والبريطانية فهي أعز امنياتنا، وقد استلمنا مع جزيل الشكر وفائق الامتنان هدايا الأمريكان من الأحذية القديمة المهترءة، ولا زلنا نشتري بطيخ سامراء، أحمر قاني مثل الدم، وبارد مثل جدار مرقد الإمامين العسكريين قبل التفجيرين، وهل من المعقول أن تعاف نفوسنا برتقال ديالي أو نستنكف عن تناول من سماء أربيل والسليمانية؟ ولو أهالوا علينا بقليل من الماء لنكونن من الشاكرين. قولوا ما تشاؤون وافعلوا ما تريدون، أو بالأحرى لا تفعلوا شيئاً، لكني اسائلكم بأي منطق تسمون القتلة أخوتنا؟ فهل كان معاوية أخاً لعلي أو يزيداً للحسين؟ ولا تدعوا إلى رص الصفوف، فلم تعد هنالك صفوف بعد أن اخترقوها بالتفجيرات، وشتتوها بالجدران الاسمنتية، نحن جميعاً نعرف القتلة، بالاسم والطائفة والعنصر والمحافظة والمدينة والمحلة والشارع ورقم المنزل، ولكننا نؤثر الصمت، وكل ساكت على دماء الأبرياء هو حتماً مشارك في سفك المزيد منها، وأولنا الحكومة العراقية والأحزاب الشيعية المشاركة فيها، فالسكوت تحريض، والتهاون في العقوبة تفريط، وما أشبهنا بالباعة المتجولين، وقد خرجنا إلى أسواق القتلة من العنصريين والطائفيين مسترزقين، وكلنا صوت واحد منادين: تازة دماء الشيعة تازة!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |