إيران بين الديمقراطية والتطرف ..

 

محمود غازي سعدالدين
nelson_usa67@yahoo.com

لست مختصا وباحثا في الشأن ألإيراني لكن ومن خلال متابعتنا وقراءتنا المتواضعة لجل الوضع ألإيراني وتشابك العلاقات بين العراق وإيران وحكم الموقع الجغرافي لإيران وحدودها الطويلة التي تمتد لأكثر من 1500 كيلو متر مع العراق , تمتد من الخليج بتماس مع مدن كالبصرة والعمارة والكوة وأربيل و إنتهاءا بالسليمانية في أقصى الشمال العراقي جعلنا نخوض في هذا الموضوع ونسترسل فيه .

فإيران وعبر الـتأريخ لم تكن موطنا انبثق منه التشيع وأنتشر منها إلى العراق بل العكس صحيح وان المذهب الشيعي أنتشر من العراق إلى إيران ومن ثم إلى البلدان ألإسلامية ألأخرى فطالما قرأنا أن معظم ألإيرانيين كانوا من أتباع مدرسة أهل السنة والجماعة وكان فقهاؤهم يأمرون ويلعنون عليا على المنابر , حتى القرن العاشر الهجري أي القرن السادس عشر الميلادي وظهور الدولة الصفوية لتصبح مدينة أصفهان مركزا علميا كبيرا لنشر المذهب الشيعي إلى إن حلت الفوضى في إيران ومن ثم انهيار الدولة الصفوية وانتقال مركز العلوم إلى كربلاء ومن تحوله إلى النجف في القرن الثامن عشر لتبقى فيها ولحد ألآن , ولعل التقارب الذي حصل منذ ذلك الوقت بين شيعة العراق وإيران بحكم أداء الزيارات وزيارة المراقد ألمقدسة ودفن الموتى وطلب العلوم الدينية كان له أثره الواضح في هذه العلاقة ألأزلية.

لا شك أن دولة إيران بقيادة نظام ولي الفقيه قد ابتعدت كل البعد عن التشيع الحقيقي وهو الولاء وحب أل البيت وألإلتزام بكل ما كانوا يتصفون به من أخلاق عالية وإنسانية , ولعلي أستطيع القول إن التشيع أصبح فقط شعارا ترفعه دولة إيران أو ما تسمى دولة ولاية الفقيه تتخذ مظاهر وطقوسا من قبيل تنظيم احتفالات منظمة في ذكرى كربلاء لرثاء سيد الشهداء أبي عبدا لله الحسين وفي نفس الوقت تروج لأعمال مسلحة داخل العراق ليبكوا على الحسين ظاهرا ويقتلوا أصحابه في نفس الوقت.

قد لا يختلف معي اثنان إن لإيران بصماتها على الوضع السياسي والأمني العام داخل العراق وكان لتدخلاتها المتكررة أثرا واضحا في تلكؤ واستقرار ألأوضاع ألأمنية في مدن الجنوب طوال الثلاث سنوات ألأول من تحريره بدعمها لمليشيات مسلحة بحجة مقارعة وقتال ما سموه احتلالا , ولعلنا لا زلنا نستذكر أحداث مدينة النجف الدامية التي حولت المدينة إلى ساحة حرب حقيقية ولولا حكمة المرجعية والعقلانيين من التيار الصدري في حينه الذي حال دون جر العراقيين إلى حرب شيعية شيعية ومن ثم محاولات القاعدة لإشعال فتنة النار الطائفية بين السنة والشيعة وتأجيج الصراع القومي ولم تنجح كل تلك المساعي رغم ما وقع من إحداث دامية ومؤلمة وما نجم عن نزوح للعوائل من الطائفتين وطوائف أخرى من المناطق التي طالما تعايشوا فيها جنبا إلى جنب بمحبة وسلام ووئام.

جاءت نتائج ألانتخابات ألإيرانية على غير ما كان يتوقعه الشارع ألإيراني والتي حسمها الرئيس السابق (محمود احمدي نجاد) لصالحه بعد فرز معظم ألأصوات ألانتخابية حسب ما صرحت بها الهيئة العليا لمراقبة ألانتخابات ألإيرانية حيث أعلنت حصول نجاد على أكثر من 63- 65 % من ألأصوات , بعدما كانت جميع ألاستطلاعات ورأي الشارع ألإيراني تصب لصالح المرشح ألإصلاحي (مير حسين موسوي) .

لعلنا لسنا هنا لندعم هذا المرشح وندع ذاك ولم نكن من المقترعين لندلي بصوتنا لموسوي ضد نجاد ولكن ما يهمنا هو الشأن العراقي أولا وأخيرا ومن يخدم مشروع الديمقراطية في العراق وبشكل عام في الشرق ألأوسط ومن لديه خطاب مرن وواضح في أصل التعامل مع الغير ومع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة والتي ساعدت العراق في تحرره وتحرر شعبه الذي غالبيته من الشيعة.

خطاب محمود احمد نجاد المتطرف وسياسات ولي الفقيه المتعجرفة لم تجر سوى الخراب والدمار على دولة إيران أولا وعلى العراق ومساعي أنشاء دولة حديثة تتمتع بديمقراطية بسبب دعم ألأولى لتيارات شيعية وسنية متطرفة توالي توجهات ولي الفقيه وسياسات إيران في قتال ومحاربة المشروع ألإمبريالي الصهيوني حسب زعمهم !!

لسنا هنا لنفرق بين طوائف العراقيين ومللهم فبناء الدولة العراقية لابد أن يبتعد أي ولاءات أخرى خارجية ومن يدعم إلإستقرار ودعم الديمقراطية هو المهم لدينا وخطابات وشعارات من قبيل طرد ما يسمونه احتلالا ومصطلحات من قبيل عدم وجود السيادة هو تدخل سافر في الشأن الداخلي العراقي سواء كان من إيران وغير إيران.

جاءت نتائج ألانتخابات ألإيرانية لصالح نجاد وسرعان ما باركها الفقيه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وسرعان ما أيده أيضا معظم الزعماء الشموليين في أرجاء المعمورة وباركت فوزه المزمع .

فالمؤسسة ألإعلامية ألإيرانية التي توالي ولي الفقيه دعمت وروجت بشكل واضح الرئيس نجاد وحجبت جميع الوسائل التي كانت تروج للمرشح ألإصلاحي مير حسين موسوي وحظر معظم المواقع ألالكترونية كال face bock وtwitter عن الناخبين ألإيرانيين الذين أشارت ألاستطلاعات ألأولى إلى تقدم قائمة ألإصلاحيين على قائمة (المتطرفين) , وقال ألإعلامي المشهور من لندن السيد نوري علي زادة أن وزير الداخلية هنأ شخصيا المرشح مير موسوي عشية إعلان النتائج ثم ليفاجأ هو والجميع بظهور النتائج عكس ذلك , وما يؤكد ذلك أيضا هي المظاهرات الضخمة التي خرجت بعد إعلان النتائج معترضة على الخروق التي حصلت وعمليات التزوير في عدة محافظات إيرانية كانت الغالبية العظمى منهم تؤيد المرشح ألإصلاحي حسب استطلاعات الرأي التي أجرتها وكالات عالمية , ولتقابل السلطات هذه ألاحتجاجات السلمية بشتى أساليب القمع من تعتيم وطرد مؤسسات إعلامية واعتقال ألإعلاميين وقتل العشرات من المتظاهرين وزج المئات منهم في السجون والمعتقلات.

لعل هناك دليلا واضحا على أن الشعب ألإيراني في غالبيته كان يدعم فوز المرشح مير حسين موسوي ولعل من يتابع مباريات كرة القدم سوف يقف على هذه النقطة وأهميتها بالنسبة للحدث ورب سائل يسأل ما علاقة كرة القدم بالانتخابات ألإيرانية وفوز هذا المرشح وخسارة ذاك ؟؟

ولعل الجواب يأتي أن لعبة كرة القدم لعبة عالمية لها جمهورها الواسع ولعل حين أقامة أية مباريات حاسمة لأي منتخب وطني ولأية دولة (رغم إستغلال الدول الدكتاتورية والشمولية للرياضة عموما ولعبة مثل كرة القدم ذات الشعبية ألأكثر) يتحرك شعور داخل ألإنسان بدعم وتشجيع الفريق مهما كان من الضعف وقوة الخصم , ولعلي هنا أؤكد أن الشعب ألإيراني شعب تواق ومحب للعبة كرة القدم وللرياضة عموما ولعلهم أثبتوا عدم دعمهم لولاية ثانية للرئيس نجاد وسياسات دولة الفقيه .

ففي مباراته ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا مع فريق كوريا الجنوبية شاهدنا العفوية التي كان عليها جميع لاعبي منتخب إيران وطاقمه التدريبي والإداريين وهم يعلقون شارات خضر تشير إلى دعمهم للمرشح المعتدل مير حسين موسوي .

الديمقراطية الواعدة في إيران في مهب الريح فيما لو استمرت سياسات ألاعتقالات والقتل وقمع التظاهرات السلمية وفي ظل بقاء السلطة في يد المتطرفين بدعم من المرشد الروحي (ولي السفيه) التي هتف بها المتظاهرون (مرك برك خامنئي) ,لابد أن المجتمع الدولي المتمثل بالدول الداعمة لتحرر الشعوب وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والإتحاد ألأوربي عموما لن يقف متفرجا ومكتوف ألأيدي في ظل استمرار ألأزمة النووية ألإيرانية وما أستجد من انتهاكات لملفات حقوق ألإنسان وحرية التعبير بعد ألانتخابات ألإيرانية , المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية في خضم تحرك وعي الشعوب التي تطمح لنيل حريتها بعيدا عن الخطاب المتطرف ولغة العنف والتهميش والإقصاء .

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com