جدلية اليوم الوطني العراقي

 

شوقي العيسى

Shoki_113@hotmail.com

 لكل شعب وامة يوم تفتخر به وتبتهج وتجعله يوماً وعيداً وطنياً حيال قضية شائكة، بحيث يكون هذا اليوم او العيد يفوق الاعياد والايام الغير رسمية التي يحملها الشعب.

ولو تمعنا النظر والتفحص الى الشعب العراقي لرأيناه بطياته وألوانه الزاهية يحمل العديد من الاعيام والايام الوطنية، حيث كل فئة او حزب يعتبر عيده هو اليوم الوطني العراقي ومن حقه ان تكون له هذه الروحية والنظرة في التمسك بامتداده العميق لاصول الشعب العراقي، وبذلك يتطلع كل عراقي حزب كان او طائفة ان يكون عيده هو عيد لكل العراقيين.

لقد تجاوز العراق وشعبه العديد والكثير من الاعياد الوطنية التي احتفل بها بتوجهاته أو احتفل بها رغماً عن أنفه، وللطوق الخانق من قبل الحكومات جعلت من هذه الايام اعياداً وطنية "وحزب البعث" الدليل الواضح لمصداق ذلك كله، فأصيب العراقيون بحالة الاختناق من تلك الاعياد التي أعتبرت أياماً وطنية.

جاء الاحتلال الامريكي للعراق وأزاح شبح دكتاتورية صدام بضلالها البغيض ومسح اسطورة الايام والاعياد الوطنية التي كانت ترغم العراقيين للاحتفال بها، فكان يوم التاسع من نيسان 2003 يوماً حافلاً بشتى المعايير رغم أن الشعب العراقي برمته يرفض الاحتلال الامريكي بتلك الشاكلة المقيتة والتي خلفت دماراً كبيراً وانهاء للبنية التحتية العراقية الا أن سقوط تمثال صدام وسط بغداد ووقفة أبو تحسين الرجل الكبير الذي أهان صدام وكل محبيه بتلك الطريقة الساخرة جعلت من ذلك اليوم يوماً مميزاً يذكره الجميع من المحبين والمبغضين على حدٍ سواء.

وتحول العراق من نقطة الى أخرى،صحيح ان البعض يرى مسألة الاحتلال مسألة كبيرة ولكن برؤية الشعب العراقي لها مدلولات عظيمة أولها : انهاء اسطورة المعارضة العراقية التي كانت ترفع شعاراتها باسقاط صدام على مدى عقود من الزمن، وثانيها: تخلص العراق من شبح كبير قد أرّق المساكين، وثالثها أن المعارضة العراقية هي من وافقت على دخول قوات الاحتلال الامريكي للعراق وهذا دليل واضح على ستراتيجية تلك الاحزاب التي فشلت فيما بينها ما ادى الى توكيلها الامر الى غيرها وهذا يقودنا الى قضية " يوم السيادة الوطنية".

لقد تم الاتفاق مع الحكومة العراقية من قبل القوات الامريكية بالخروج من المدن العراقية في يوم الثلاثين من حزيران 2009 ما حدى بالجميع اعتبار هذا اليوم هو اليوم الوطني العراقي "ويوم السيادة العراقية"، ولو تابعنا التصريحات التي أدلى بها الساسة في العراق لوجدنا أنهم يريدون أثبات أنهم من أخرج القوات الامريكية بقوة السلاح من المدن، صحيح أن هذه الخطوة يرحب بها الكثيرين من الخيرين العراقيين فهي نحو الطريق الصحيح ولكن هذا لايعدو بالنفع الى الساسة وهم يصورون بطولاتهم ويعتبرون هذا اليوم يوماً وطنياً عراقياً لانه وبكل بساطة لم تخرج القوات الامريكية من العراق نهائياً، وحتى وان خرجت القوات الامريكية من العراق فهو ليس باليوم الوطني لان العراق والعراقيين مكتوفين الايدي حيال تلك القوات وليس لهم اي دخل سوى الموافقة فقط.

اما اعتبار الثلاثين من حزيران 2009 يوماً للسيادة فهذه جدلية كبرى واشكالية ما منها اشكالية، فالاحرى بالعراق ان يعتبر اليوم الوطني هو يوم التاسع من نيسان 2003 لانه تحول جذري في تفكير غالبية العراقيين ((وتحررهم)) رغم ان هذه الكلمة من يعتبرها تعدياً على مسألة التحرير ولكن تحررهم من القيود الدكتاتورية الصدامية.

فكان تغيير الدائرة من قبل الحكومة العراقية واعتبار يوم السيادة الوطنية بخروج الامريكان من المدن العراقية فهذا ماهو الا صناعة مجد جديد واضافته للحكومة والساسة لاخفاقهم في كثير من الامور التي تهم الشعب العراقي واعتبار هذا المجد الجديد هو من صناعة حكومية عراقية انتخبها العراقيون، وتبقى هناك الكثير من الاشكاليات حول تحديد اليوم الوطني العراقي بانتظار من يحلها للجميع.  

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com