تعطيل القوانين الضرورية .. لمصلحة من؟!

 

غفار عفراوي

iafrawi@yahoo.com

 كثرت الاحاديث عن عمل مجلس النواب العراقي الحالي، ورغم ان هناك رضى نسبي ووجود بعض الاعضاء والكتل والتيارات التي اثبتت وطنيتها ونزاهتها، الا ان اغلب الاراء المطروحة في الشارع العراقي هي باتجاه انتقاد عمل المجلس عموما وعدم القناعة بما تحقق وهذه الانتقادات موزعة ما بين المهتمين بالشان السياسي من كتاب وباحثين ورجال دين وصحافة، وبين الفرد العراقي نفسه ، فقد اتفقوا على ضرورة بذل اعضاء مجلس النواب جهودا اكبر من اجل تنفيذ ما وعدوا به في حملاتهم الانتخابية .

وهناك عدة نقاط سجلت على عمل المجلس وهي نقاط جوهرية وحيوية وحساسة ومن اهمها اغفاله او تغافله او(تأجيله) اقرار عدد من القوانين المهمة جدا والتي لا تحتمل التاخير في مقابل اسراع المجلس في اقرار كل القوانين التي تنظم حياتهم الخاصة من قبيل الحمايات والايفادات والرواتب والحصانة ، او ضحكهم على الام الشعب المجروح بتضييع الايام والاسابيع بمناقشات واحاديث وتشكيل لجان وهيئات لاقرار قوانين بعيدة عن تطلعات المواطن الفقير او حياته اليومية كقوانين ثقب الاوزون او الانضمام الى منظمات الرفق بالحيوانات الزاحفة او المنقرضة او تشكيل وفود (رفيعة) المستوى للسفر الى بلدان عالمية من اجل الاحتكاك بها وبتجربتها الديمقراطية مثل السودان والنبيال وجزر القمر (بضم القاف والميم)!!

اعتقد كما تعتقد الاغلبية (المسكينة) ان هناك قوانين كان يجب اقرارها منذ الايام الاولى لعقد جلسات المجلس مثل قانون تاسيس الاحزاب الذي نصت عليه الفقرة اولا من المادة (39) والذي تكمن اهميته في ان جميع مآسي والام وعذابات المواطن العراقي هي بسبب التاسيس الفوضوي لكمّ هائل من الاحزاب والحركات والتنظيمات بدون معرفة مرجعيتها الاصلية او تمويلها الاساسي او افكارها واهدافها الحقيقية ، وهذه من اكبر المشاكل التي من الممكن ان تقوض العملية السياسية برمتها وتدعو للقلق والخوف على مستقبل الديمقراطية في البلد، فليست كل تلك الاحزاب والحركات مخلصة ووطنية وانما هناك دلائل كثيرة اشارت الى ان تاسيس بعضها جاء بدفع خارجي من دول لا تريد بالعراق خيرا، مستغلة عدم وجود القانون الخاص بها.

وكم شاهدنا وسمعنا من مصادر مسؤولة في الدولة ان هناك ارتباط بين بعض الاحزاب السياسية الموجودة في السلطة وبين تنظيمات ارهابية وبعثية غايتها ارجاع العراق الى مربع الظلم والحرمان والعذاب.وكما صرح مؤخرا القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة العامة بان عددا من محصلات الفساد الكبرى تصب في تمويل بعض الاحزاب السياسية ودعم انشطتها فالجدير بتلك الاحزاب ان تحمي الوزراء والنواب والمدراء الفاسدين والتابعين لها لانهم مصدر دخلها وتمويل عملها الحزبي.

اما القانون الثاني المهم جدا والذي لا اعتقد انه سيشرع في الدورة الحالية فهو قانون تنظيم الحملات الانتخابية الذي يساعد على معرفة مصادر تمويل الاحزاب وكيفية صرف الملايين في الدعايات الانتخابية وكم جميل لو اخذ مجلس النواب بمقترح هيئة النزاهة في هذا الشان والذي يشدد على ضرورة ان يقدم رئيس الحزب ومؤسسه كشفا بمصالحهم المالية الى الهيئة حال تأسيس الحزب والزامه بوضع جميع الاموال النقدية بحساب مصرفي لا يجوز الانفاق الا من خلاله وان تخضع لتدقيق ديوان الرقابة المالية وان يوضع نص يعاقب اعضاء الحزب عند استخدام نفوذهم في التاثير على القطاع العام.

القانون الثالث المهم والمعطل دوما والمرتبط بمكافحة الفاسدين والمفسدين هو قانون الجنسية الذي نصت عليه الفقرة رابعا من المادة(18) والذي يلزم من يتولى منصبا سياديا او امنيا رفيعا التخلي عن أي جنسية اخرى مكتسبة..واعتقد ان هذا القانون لا يحتاج الى مزيد شرح وتفصيل فالحوادث كثيرة والامثلة عديدة حين تستر المفسدون بجنسيتهم الثانية وفلتوا من العقاب وسط ذهول وحزن المواطن الذي ذاق الويلات منهم، ولا داعي لذكر الاسماء كي لا اتهم بانني السبب الرئيس في خراب الديمقراطية والحرية في العراق.

وفي الختام اقول ، ان المدة المتبقية من عمر المجلس قصيرة جدا ولكن باستطاعة الاعضاء المخلصين والحريصين على سمعتهم وسمعة احزابهم وتياراتهم وعراقهم ان يقلبوا الطاولة في هذه الفترة بالعمل الدؤوب والمستمر والعمل على اقرار كل تلك القوانين والقوانين الضرورية الاخرى التي تهم حياة المواطن ، فقانون النفط والغاز يهم الفرد العراقي خصوصا اذا شعر بان له حصة في ارضه وخيراتها، وقانون حماية الصحفيين الذي طال انتظاره كثيرا ولا اعتقد ان هناك ما يعيق وهو يهم شريحة واسعة من ابناء البلد المثقفين، كذلك قانون التقاعد وقوانين النقل والنقابات والمرور والسفر وغيرها الكثير ما يلامس الحياة اليومية للمواطن.

ايها البرلمانيون .. فرصتكم الاخيرة لتثبتوا انكم عكس ما يشاع عنكم ، استغلوا الاشهر المتبقية ولا تفوتكم فانها تمر مر السحاب واعلموا ان المواطن العراقي مثلما وضعكم في اماكنكم فهو القادر على ازالتكم او ابقاءكم.

فما انتم فاعلون؟!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com